أسامة العيسة من القدس : تخلت الصحف الإسرائيلية اليوم، عن اندفاعها الحربي، بعد مقتل 15 من الجنود الإسرائيليين، في معارك الامس في جنوب لبنان، وانفردت الصحيفتان الرئيسيتان بخبر عن قرار إسرائيل بتعليق توسيع عملياتها البرية في جنوب لبنان، بعد اقل من 24 ساعة على قرار مجلس الوزراء المصغر للشؤون السياسية والأمنية، الذي صادق عصر أمس، على توسيع حجم العمليات البرية في جنوب لبنان وصولا إلى نهر الليطاني وما بعده .

وذكرت صحيفتا يديعوت احرنوت، ومعاريف، أن القرار الإسرائيلي بتعليق العمليات، جاء لإفساح المجال لجهود أميركية لإيجاد حل دبلوماسي للازمة . ونسبت الصحيفتان انفرادهما إلى مصادر سياسية مسؤولة في تل أبيب، أما صحيفة هارتس فذكرت أن العمليات البرية تطبيقا لقرار المجلس الوزاري المصغر، من المرجح أن تبدأ في نهاية الأسبوع الحالي .

نيران عدوة وأخرى صديقة

وتصدرت الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي أمس، عناوين الصحف الإسرائيلية اليوم، وأشارت هذه الصحف إلى مقتل 15 جنديا إسرائيليا واصابة 10 آخرين بجروح مختلفة، 6 منهم جراحهم خطيرة .

وذكرت يديعوت احرنوت أن القوات الإسرائيلية العاملة في جنوب لبنان، تلقت ضربتين مباشرتين من القذائف المضادة للدبابات، ووصفت يوم أمس بأنه كان يوما عصيبا جدا . وأشارت الصحيفة إلى أن جميع القتلى هم من جنود الاحتياط، 10 منهم قتلوا في قرية دبل، بعد أن أطلق مقاتلو حزب الله قذيفة مضادة للدبابات على منزل تواجد فيه الجنود، وقالت بان الجيش الإسرائيلي شكل لجنة تحقيق في الحادث، لمعرفة ملابسات وجود الجنود في أحد منازل القرية .

وتحدثت عن مقتل 4 جنود بانفجار لغم في إحدى الدبابات، زرعه مقاتلو حزب الله، واعتبرت هارتس مقتل الجنود أمس، بأنه اخطر حادث يتعرض له جنود المظليين من الاحتياط، منذ بدء المعارك.

وحاولت الصحف الإسرائيلية التخفيف من حجم الخسائر الإسرائيلية، بالقول، بان الجيش الإسرائيلي تمكن من قتل نحو 40 من مقاتلي حزب الله أمس الأربعاء . ولم تكن خسائر الجيش الإسرائيلي كلها بسبب نيران حزب الله، فصحيفة معاريف تقول بان اثنين من الجنود قتلا بنيران صديقة، كشفت عن اسم أحدهما .

وتحدثت الصحف الإسرائيلية عن الخطورة المتصاعدة التي يشكلها وجود قاذفات مضادة للدروع بأيدي حزب الله، ونقلت عن مصادر عسكرية قولها، بان هذه القذائف هي من صنع روسي، أعطتها دمشق لمقاتلي حزب الله . واعترفت المصادر العسكرية الإسرائيلية، بعدم جاهزية الجيش الإسرائيلي لمواجهة هذه القذائف، رغم إدراك الجيش للخطر الذي تشكله، وان أسبابا اقتصادية حالت دون أن يستثمر الجيش الإسرائيلي بما يكفي في معدات لمواجهة خطر القذائف المضادة للدبابات القاتلة .

وتحدثت معاريف على أن أحد المصابين بإصابات خطرة في المعارك التي جرت أمس، هو ابن شقيق موشيه يعلون، رئيس هيئة الأركان السابق .

وقالت بان ابن شقيق يعلون، أصيب بجراح بالغة في رأسه، ونقل بمروحية من جنوب لبنان، إلى مستشفى رمبام في حيفا، وان الأطباء في هذا المستشفى يشيرون إلى انه في وضع حرج للغاية .

اولمرت قطع الاتصال
ومع استمرار الخسائر البشرية، تتزايد الأصوات المطالبة بوقف الحرب، ونشرت صحيفة يديعوت احرنوت خبرا عن رسالة احتجاجية بعثت بها عشرات من زوجات الجنود على الجبهة، إلى ايهود اولمرت رئيس الوزراء طالبنه فيها بالكف عن الاستهتار بأرواح أزواجهن، حسب رأيهن، وإيقاف هذه الحرب المدمرة .

ولكن اولمرت يبدو انه لن يستجيب لنداء الزوجات، فهو أعلن انه إذا لم تفلح الجهود الدبلوماسية والسياسية بإيجاد حل للازمة، فان إسرائيل ستواصل حربها لتحقيق أهدافها، حتى لو كان الثمن غاليا، وتدرك الزوجات أن هذا الثمن سيكون ببساطة أرواح أزواجهن .

وكتب الصحافي ناحوم بارنياع مقالا تحت عنوان (اولمرت يقطع الاتصال) طالب فيه بوقف الحرب، محذرا من نتائجها .وقال في مقاله في صحيفة يديعوت احرنوت quot;ما نراه من جنوب لبنان في العمق اللبناني لا يراه الضباط والسياسيون في غرف القيادة، نحن ننزلق إلى الهاوية، سعيا إلى نصر لا يلوح في الأفقquot;.

أما الصحافي اليكس فيشمان كاتب افتتاحية يديعوت فقال في مقاله quot;يوجد في جنوب لبنان، ما بين 3-4 آلاف مقاتل لحزب الله، مئات منهم قتلوا في المعارك البرية، والباقي ينتظرون جيش الدفاع ليحاربوه على شكل عصابات، سيختفون في المغر والمخابئ، وسيضعون الألغام، وسيطلقون القذائف ضد الدبابات، وسيستخدمون القناصة، ستكون حربا ضروسا بالنسبة لجيش الدفاع، أمام عدو على استعداد لان يضحي بنفسهquot;.

ولكن القيادة العسكرية الإسرائيلية حتى الان لا تستمع لأراء كتابها، وتستمر في خططها، وذكرت معاريف بان الجنرال موشيه كابيلنسي، نائب رئيس هيئة الأركان، الذين عين مندوبا للهيئة في القيادة الشمالية، جال على مقر القيادات في محاولة منه للاتصال مباشرة مع الجنود .

وقالت يديعوت بان الخطط جاهزة لاستمرار الحرب، وان العمل يجري لتحديد تحركات الجيش، وترتيب الطواقم القتالية، ودراسة المحاور في جنوب لبنان، للدخول في معارك شرسة مع عدو على استعداد أن يضحي بنفسه .

ونقلت الصحف الإسرائيلية عن قيادات في الجيش قولها بان إبعاد حزب الله من جنوب لبنان سيستغرق شهرا ونصف الشهر، وستسقط خلال ذلك خسائر كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي .

وأضافت هذه القيادات بأنها تقدر وجود 3-4 آلاف مقاتل لحزب الله في الجنوب، وان كل مائة وخمسين مقاتلا يتمركزون في كل قرية، بحوزتهم صواريخ مضادة للدروع من طرازي تاو وساغر إضافة إلى صواريخ حديثة مضادة للدروع روسية الصنع تم نقلها من سوريا .

وزير لبناني في صحيفة إسرائيلية

صحيفة يديعوت احرنوت نشرت تصريحات للوزير اللبناني طارق متري الذي يمثله بلاده الان، وخلال هذه الأزمة في الأمم المتحدة، وصفتها بأنها أول مقابلة لمتري لصحيفة إسرائيلية، مشيرة إلى أن مراسلي الصحيفة التقوا متري في ردهات الأمم المتحدة، واجاب عن أسئلتهم بعد علمه انهم من إسرائيل .

واعرب متري، كما ذكرت يديعوت، عن اسفه لوقوع إصابات في صفوف العائلات والأطفال في إسرائيل، مشيرة في الوقت ذاته إلى ما وصفه استخدام الجيش الإسرائيلي القوة المفرطة في لبنان .

وقال متري انه يأمل في الا يسقط مزيدا من القتلى في الجانبين، داعيا إسرائيل إلى إجراء الحوار مع لبنان، بشان المسائل العالقة .

وأشارت صحيفتا يديعوت احرنوت ومعاريف، إلى مقتل عناصر من الحرس الثوري الإيراني في الجنوب اللبناني، وذكرتا بان الجيش الإسرائيلي سحب عشر جثث لمقاتلين إيرانيين، إلى إسرائيل وانه أمكن التعرف إلى هوياتهم من خلال أوراق عليها كتابة بالفارسية، واوشام على أجسادهم، وكذلك من ملامحهم .

خسائر بشرية واقتصادية

قدرت صحيفة يديعوت احرنوت الخسائر الاقتصادية جراء الحرب على لبنان حتى الان بنحو 5 مليارات شاقل . وقالت بان صواريخ حزب الله، أصابت حتى الان نحو 11 ألف مبنى، وقتلت 122 إسرائيليا، بينهم 83 جنديا، وانه سقطت على شمال إسرائيل اكثر من 3200 قذيفة، بينما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي نحو 9300 طلعة جوية في لبنان . وأدت صواريخ حزب الله، إلى إحراق نحو 750 ألف شجرة من البلوط والفستق والصنوبر وشجر السرو وأحراش أخرى .

وقدرت أوساط إسرائيلية الأضرار المباشرة نتيجة هذه الحرائق بنحو 36 مليون شاقل وأن تكلفة الإعمار الشامل وإصلاح الأرض والبنى التحتية للغابات يقدر بنحو60 مليون شاقل . وبسبب نقص المراعي، تسللت نحو 100 بقرة إلى لبنان بحثا عن أراض خصبة، ولم يستطع أصحابها إعادتها، ويأملون أن تعود من نفسها إلى ديارها .

وقرر وزير المالية حسم 9% من ميزانيات الوزارات الإسرائيلية، أي نحو ملياري شاقل ستحول لتمويل الحرب على لبنان، وتم استثناء وزارتي الرفاه الاجتماعي والصحة من الخصم .

ويبدو أن حملة التبرعات التي تروج لها الصحف الإسرائيلية، أعطت ثمارا، فحسب مصادر إسرائيلية فان صندوق المخرج الأميركي ستيفين سبيلبيرغ، تبرع بمبلغ مليون دولار لصالح سكان شمال إسرائيل والمستشفيات في حيفا ونهاريا، وقالت هذه المصادر بان هذا المبلغ سيخصص لتمويل نشاطات أطفال نقلوا من المنطقة الشمالية إلى الوسط، ولتجهيز المستشفيات في حيفا ونهاريا بنوافذ ذات زجاج مقاوم للرصاص فضلا عن إمداد العائلات في الشمال بالمواد الغذائية .