حسن المصطفى موفد quot;إيلافquot; إلى لبنان: المكان الذي استهدفته القذائف الإسرائيلية ظهر الخميس 10 آب، لم يكن بذي أهمية استراتيجية أو لوجستية. منارة قديمة، وهوائيات إرسال علقت عليها، فلا جديد في نوعية الهدف المدمر، خصوصا أن أهدافا مشابهة كثيرة قصفت منذ بداية الحرب وحتى الآن.
الجديد في العملية، هو الموقع الجغرافي الشديد الحساسية. فبيروت المستهدفة هذه المرة، وفي عمقها، في الدائرة الواقعة بين قريطم ورأس بيروت.
ساعة القصف، اهتز مبنى السفارة السعودية، وكان الدوي شديدا حيث كنا في مكتب السفير، الدكتور عبد العزيز خوجة. تساءل السفير بهدوئه المعهود: هل من المعقول أن يقصف الإسرائيليون السفارة؟. تساؤل مشروع، فالمكان ليس ببعيد سوى عشرات الأمتار عن الهدف المدمر.
إذن، فالسفارة السعودية كانت قريبة من القذائف الإسرائيلية، ولا ننسى
الحرب السادسة تدخل مرحلة جديدة اليوم مع انتصاف النهار. بيروت وتل أبيب باتا الآن وجها لوجه. والأولى لم توفر وقتا، وأقدمت على فعل المشاغبة، واستفزاز الأخيرة. استفزاز يُراد منه الإيذاء أكثر في صفوف المدنيين، ومحاولة فرض أمر واقع مرير، فالقذائف وقعت بالقرب من أماكن سكنية مكتظة، وكان من الممكن أن تدون مجزرة جديدة في دفترها الدامي، إلا أن القيادة السياسية الإسرائيلية آثرت أن ترسل بالون اختبار متعدد الوجهات والغايات. ويمكن حصر المعنيين في الداخل اللبناني بهذه الرسائل الاختبارية في التالي:
حزب الله. فالحزب وعبر أمينه العام، السيد حسن نصر الله، أنذر بقصف تل أبيب في حال قصفت بيروت. وهو التحذير الذي وضعته إسرائيل في حيز الاختبار عمليا اليوم، لترى مدى جدية المقاومة الإسلامية في ردة فعلها، وحجم القدرات الصاروخية لديها، مسافة، وتدميرا، لتكتشف مزيدا من أوراقها المخفية. من جهة أخرى، يمكن القول أن العملية قد تأتي في سياق نصب فخ للمقاومة لتنجر إلى تصعيد كبير يفتح الطريق أمام إسرائيل لتوسيع عملياتها الجوية باتجاه البنى التحتية، والمدنيين الآمنين في العاصمة. إلا أن كل ذلك سيكون رهن الحسابات العسكرية والسياسية لقيادة حزب الله، والتي صرحت في أكثر من مناسبة أنها غير معنية بالرد المباشر والآني، بقدر ما يهمها التوقيت والهدف المناسبين. ولذا يرى بعض المراقبين، أن المقاومة لن تنجر لضرب تل أبيب مبكرا، خصوصا أن العملية لم تتسبب في أضرار مادية كبيرة، ولم تقتل مدنيين، أو تصبهم بأضرار جسدية.
الحكومة اللبنانية، المستهدفة في عاصمتها، للضغط عليها لتنزع غطاءها السياسي عن المقاومة، وتخفف من تصلبها في شروطها وخطة رئيسها فؤاد السنيورة، وهي الخطة التي شكلت إجماعا لبنانيا لم تتوقعه تل أبيب. وإسرائيل بذلك تأمل أن تضغط عسكريا، فيما تمارس عبر الولايات المتحدة الأميركية ضغوطا سياسية، قد يكون ثمرتها قرار إيجابي لصالحها في مجلس الأمن، تحفظ به هيبتها، وتمسكه كورقة دولية شرعية ضاغطة على اللبنانيين.
رئيس تيار المستقبل سعد الحريري. إذ إن قصر والده لا يبعد إلا عشرات الأمتار عن المنارة المضروبة، في رسالة واضحة، مفادها، أننا قادرون على الوصول إلى معقلك متى نشاء.. تزامنا مع أنباء تفيد عن استياء إسرائيلي من الدور السياسي الذي يلعبه النائب سعد الحريري، وخصوصا مع أصدقائه الفرنسيين، وما من الممكن أن تحقق هذه المساعي من خرق في موقف باريس. ومن جهة أخرى، ربما تكون إسرائيل معنية بإحداث فتنة سنية شيعية باستهداف قريطم، وتحريض سنة بيروت على المقاومة، والإيحاء لهم، أن المقاومة لم تجلب لكم إلا الويلات، والدمار، وها هو قصر زعيمكم يضرب، والسبب عمليات حزب الله التي لا تنتهي. وهو احتمال رغم عدم أرجحيته في نظر كُثرٍ في الواقع المنظور، إلا أنه غير مستثنى وفق المنطق الإسرائيلي.
الشعب اللبناني. ليُقال له، أن لا مكان آمنٌ في لبنان. فها أنتم نزحتم من الجنوب، إلى الشياح، ولم تجدوا ما نشدتم من ملجأ. وها أنتم نزحتم من الضاحية الجنوبية إلى بيروت، وهي اليوم تحت مرمى نيراننا. موحية بحجم الكارثة الإنسانية فيما لو ضُربت منطقة كالحمرا مثلا مكتظة بالنازحين بالآلاف.
حرب مفتوحة بما للكلمة من معنى. واحتمالات المواجهة مشرعة على نوافذ من جهنم، ونار ستمتد إلى المنطقة بأسرها، لن ينجو منها أحدٌ، ما لم يلجأ مجلس الأمن، والدول الكبرى، إلى إصدار قرار فعلي إجرائي، يضع حدا لحمام دم لم يتوقف ساعة عن النزفِ.
التعليقات