الرياض: الفئة الممثلة لصلابة إسرائيل ترتدي أسمالاً بالية. حزب الله مبتهج بالنصر. إيران أكثر غروراً من ذي قبل. سوريا لم تُمَس. الحكومة اللبنانية
خامنئي : حزب الله فرض تفوقه على النظام الاسرائيلي مرحلة جديدة في صراع القوى بالشرق الأوسط ثورة ضد بيرتس داخل حزبه وباراك يعود للواجهة أبوالغيط يستبعد تماماً قطع العلاقات مع إسرائيل |
شكراً لك رئيس الوزراء إيهود أولمرت. لقد أحسنت صنعاً يا رجل. يقول الكاتب رالف بيترز في صحيفة نيو يورك بوست الأميركية. إن الكارثة التي كانت في لبنان لم تكن حرباً أبداً، بل كانت الجولة الأولى من الحرب. وإسرائيل عائدة إلى زاويتها مذهولة تترنح. أفسحت إسرائيل مجالاً أمام لكمة في البطن، لكن حزب الله تمكن من ثلاث ضرباتٍ عنيفة:
bull; على الرغم من الضرر الجسدي الذي أصاب قوات الدفاع الإسرائيلية، إلا أن جنود حزب الله الإرهابيين ما يزالون واقفين على أقدامهم (ويطلقون الصواريخ) ما إن يدق الجرس.
bull; على المستوى الاستراتيجي، أقنعت معالجة حزب الله البارعة لوسائل الإعلام المشاهدين الشيعة والسنة على حدٍ سواء بأن حسن نصر الله هو الأمل الجديد العظيم للعرب. كما حصل على تصفيقٍ قوي من الجانب الفارسي أيضاً.
bull; بينما لم تستطع إسرائيل التخطيط أو التنفيذ لحملة ناجحة, فشلت كذلك في التفكير لما بعد وقف إطلاق النار الحتمي. لكن حزب الله فعل. لقد خطط الإرهابيون بالضبط لما يجدر بهم فعله في اللحظة التي يتوقف فيها إطلاق النار: توزيع الأموال الإيرانية, والتعهد ببناء ما قامت إسرائيل بتدميره, وببساطة رفض احترام شروط قرار الأمم المتحدة.
لا يمكن لإسرائيل أن تنتظر لتلقي بالمنشفة وتبدأ بسحب جنودها, ومن ثم يظهر مقاتلو حزب الله من تحت أنقاض المدن التي لم يمتلك زعماء إسرائيل الشجاعة لإخضاعها. لقد أفزع عدد الجنود الإرهابيين الذين بقوا على قيد الحياة الإسرائيليين.
السياسيون والجنرالات في كل مكان يرددون خلفي: quot;بالقوة الجوية وحدها لا يمكن أن نربح الحروب, لا يمكنك هزيمة الإرهاب بالرخيص من التكنولوجيا, و(بكلمات ناثان بدفورد فورست الأبدية) الحرب تعني القتال, والقتال يعني القتل.quot;
دعا قرار مجلس الأمن إلى نزع سلاح حزب الله, وهذا خيال لا يصدقه سوى دبلوماسي. وفي الوقت الذي بدأ فيه اللاجئون بالنزوح باتجاه الجنوب والاحتشاد في أرض المعركة, أخبر نصر الله المجتمع الدولي أن يبدؤوا مسيرة طويلة سيراً على الأقدام. إنه يعلم أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لن تحاول نزع سلاحه, وأن الجيش اللبناني لن يحاول نزعه ولن يستطيع.
ماذا كانت استجابة العالم؟ الفرنسيون (الذين يتحدثون بجرأة كبيرة) تناولوا جرعة باردة من مياه فيتشي: فهم يقولون الآن أنهم لن يرسلوا قواتهم لحفظ السلام إلا إذا نُزِع سلاح حزب الله بالكامل, الأمر الذي لن يحدث. وصرح القادة اللبنانيون أمام الجميع بأنه ليس وحسب أن الجيش اللبناني لن يحاول نزع سلاح الإرهابيين, كما وأنه لن يصادر ما يجده في المخابئ مصادفةً.
المزيد من الأخبار الجيدة؟ بعد أن دُعي أعداؤنا باللقب المناسب quot;الفاشيين الإسلاميينquot;, تراجع الرئيس بوش بسرعة إلى البيت الأبيض. ومن هناك أعلن أن إسرائيل انتصرت. يمكن الثقة بذلك كما كانت ممكنة بالذين أصروا على أن التيتانيك سترسو بسلامٍ وأمان.
ليس هذا كل ما في الأمر يا جماعة. إن كنت مؤيداً لإسرائيل ndash; كما أعترف بفخر أني كذلك (والخطاب لبيترز) ndash; فاستعدوا لبعض صور المحبة الثابتة: إذ ليس وحسب أن حكومة إسرائيل العاجزة بدأت حرباً بصورةٍ مندفعة ثم تابعتها بتراخٍ, بل فشلت القيادة العسكرية للبلاد كذلك. فقد قيل أن رئيس هيئة الأركان الفريق دان حالوتس, الذي كان يريد تدمير حزب الله من السماء, وضع جهده الأساسي عشية الحرب على بيع أسهمه قبل أن تغرق قنابله الأسواق. وقت التجارة الداخلية الآن!
لكن هذا ليس سوى جنرالاً أساء إلى انتمائه للجيش. الأخبار الجادة هي أن قوات الاحتياط التابعة لقوات الدفاع الإسرائيلية كانت في فوضى حين نقل الجنود. إذ أوضحت معلومات من مصادر داخلية أنه حينما فتحت المخازن والمستودعات الاحتياطية فُقِدت بعض المخزونات الرئيسية, لقد سُرِقت.
ما الذي حصل؟ الوقود, الأسلحة, الذخيرة, الغذاء, والقطع الاحتياطية, كل ذلك يحتاجه جيش حديث للذهاب إلى الحرب. وأنا أشك في أن الأمر انتهى بها إلى آيسلندا.
لدى قوات الدفاع الإسرائيلية قادة معارك عظماء وجنود بواسل. لكن فتيان حزب الله أثبتوا أنهم أقوى, ولا يمكننا أن نجمّل ذلك أكثر. كان الإرهابيون يريدون, ويتلهفون, على الموت من أجل قضيتهم. في حين لم يتجرأ القادة الإسرائيليون إلا على الإصابات الصديقة. كما تنقص جنود قوات الدفاع الإسرائيلية ndash; فيما عدا وحدات النخبة ndash; الإرادة في الاشتباك مع العدو وهزيمته في أماكن قريبة.
ويقول بيترز أن إسرائيل حاولت القتال بشكلٍ إنساني, أما حزب الله فقد خرج للانتصار بأي ثمن. لقد كانت النتيجة حتمية.
كانت قوات الدفاع الإسرائيلية في أرض جنوب لبنان قادرة على تجميع ميزة العشرة [من الجنود] أمام الواحد حول القرى المتنازع عليها, لكن قادتها تنقصهم الشجاعة لفعل اللازم. وما زال الخط الأمامي من مقاتلي حزب الله على قيد الحياة.
لن تتمكن من الانتصار إذا لم تتمكن من القتال.
إن قوات الدفاع الإسرائيلية بحاجة إلى إصلاحٍ شامل. وفي حين تم بناؤها من أجل هزيمة الجيوش التقليدية لسوريا ومصر فقد واجهت عدواً تم تصميمه خصيصاً لمواجهتها. السمعة التاريخية لا تكفي. إن قوات الدفاع الإسرائيلية يجب أن تعيد بناء نفسها لتواجه الأخطار ما بعد الحديثة. وكما قال أحد الجنرالات الأميركيين الكبار: quot;إن قوات الدفاع الإسرائيلية تعيش على دخانها منذ 1967.quot;
لقد جعل حزب الله الأجواء صافية.
إن كل هذا يفطر القلب. أتمنى لو كان الأمر مختلفاً. أتمنى لو أنني أستطيع تأييد ادعاء رئيسنا الخيالي بأن إسرائيل انتصرت. أتمنى لو أن إسرائيل انتصرت. أتمنى لو كانت لها القيادة التي يستحقها الشعب الإسرائيلي.
إن هذا ما هو مأساوي: تغير السياسيون في إسرائيل ليصبحوا غير ملمين إلى حدٍ كبير بشعبهم في حين يوجهون اهتمامهم إلى استطلاعات الرأي في واشنطن. كان الإسرائيليون يريدون أن يحاربوا. لقد أرادوا الانتصار. لقد كان صف وطابور قوات الدفاع الإسرائيلية سيقومون باللازم. لكن زعماءهم خذلوهم.
ستكون هناك نتائج: إيران مقتنعة أنها في فترة انتصار, وسوريا أفلتت دون أن تعاقب (حرفياً). وسيعود حزب الله أقوى عزيمةً مما كان.
لقد كدت أنسى الجنديين الإسرائيليين الذين سبب اختطافهما كل ذلك. ولكن من الممكن مسامحتي, بما أن قادة إسرائيل نسوا أمرهم قبل أن أفعل بكثير: إن قرار الأمم المتحدة الذي رحب به أولمرت لا يضع إلزاماً أو مطالبة مباشرة بعودتهما.
والعالم على وشك أن يسمح لإيران ببناء أسلحتها النووية.
استعدوا للجولة الثانية.
ترجمة: سامية المصري
الرياض
17 أغسطس 2006
التعليقات