الأزمة الداخلية الإسرائيلية في تصاعد مستمر
أولمرت يهرب من اخفاقه نحو سوريا

أسامة العيسة من القدس: لحقت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، بصحيفة هارتس التي كانت كشفت في عددها الصادر أمس عن قرار وزيرة الخارجية

السنيورة وبري وعمار يزورون الضاحية أمس
لإسرائيلية تسبي ليفني، بتشكيل فريق عمل لفحص إمكانية استئناف المفاوضات مع سوريا، واهتمت هذه الصحف بالترتيبات الأمنية في جنوب لبنان، وصلاحيات القوات الأممية التي ستنتشر في المواقع التي ستسحب منها إسرائيل، ورغم هذه الاهتمامات، فان الأزمة الداخلية في إسرائيل تتصاعد ويعتقد أنها ستجبر ايهود اولمرت، رئيس الحكومة الإسرائيلية على تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الحرب السادسة، وهو ما يناور حتى الان حتى يتجنبه، بطرحه حلولا بديلة.

الى سوريا در

تحدثت صحيفتا يديعوت احرنوت ومعاريف، عن الاهتمام الذي تبديه الدوائر السياسية الإسرائيلية للمفاوضات مع سوريا، والذي ظهر من خلال تصريحات وزير الدفاع عمير بيرتس التي دعا فيها إلى استئناف المفاوضات مع دمشق بعد ست سنوات من توقفها، والإعلان عن تشكيل فريق عمل في وزارة الخارجية لفحص إمكانية مثل هذه المفاوضات، والان انتقل الموضوع إلى مكتب ايهود اولمرت رئيس الحكومة.

وحسب المصادر الإسرائيلية فان بيرتس يحاول إقناع اولمرت والإدارة الأميركية، بما اسماه جدوى السلام مع سوريا، وقالت يديعوت بان مكتب اولمرت يدرس الان الخيارات المتاحة لاستئناف المفاوضات مع سوريا، وانه أوعز لمستشاريه ببحث ذلك.

وتقول معاريف بان استراتيجية اولمرت لعقد أي سلام محتمل مع سوريا، سيكون معتمدا على عدة نقاط أبرزها:

*إخراج سوريا من محور الشر.

*شل حركة حماس، بوقف سوريا تقديم الدعم لها.

*القضاء على العلاقة التي تربط سوريا بإيران.

*قطع العلاقات الاستراتيجية بين حزب الله وسوريا.

وفي تلميح ذا مغزى، قالت مصادر سياسية اسرائيلية أن هذه النقاط، التي هي عبارة عن اشتراطات على سوريا تنفيذها، ستكون على الأرجح الثمن الذي يجعل إسرائيل تقبل بتنازلات في هضبة الجولان المحتلة. ويتضح مما نشرته الصحف الإسرائيلية، أن الإدارة الأميركية على ما يبدو، لا تحتاج لوزير الدفاع الإسرائيلي ليقنعها بأهمية ما يسميه السلام مع سوريا، لان هذه الإدارة كما يبدو أبقت على قنوات اتصال مع سوريا، وان الذي يتولى ذلك الدبلوماسي الأميركي السابق إدوارد ادجيان، الذي ينقل رسائل متبادلة بين دمشق وواشنطن.

وحسب مصادر سياسية إسرائيلية، فان الإدارة الأميركية وإسرائيل تقدران أن استمرار الجمود السياسي مع سوريا، وفرض حصار مشدد على إيران حليفة سوريا ومتنفسها، تشكل عوامل ضغط على دمشق، قد تدعوها للتفكير بالخيار العسكري لحل مشاكلها.

أولمرت وليفني
سلام مع سوريا وحرب على لبنان

وفي مقابل النبرة التصالحية الإسرائيلية تجاه سوريا، فان إسرائيل تستعد لجولة حرب جديدة مع لبنان، كما ذكر أمس وزير الدفاع عمير بيرتس. ونقلت صحيفة هارتس عن ضباط كبار في هيئة الأركان الإسرائيلية، عن تقديراتهم بان إسرائيل وحزب الله قد يبدا جولة قتال جديدة، في غضون اشهر أو حتى أسابيع، وان حزب الله يواصل تسلحه من سوريا وإيران.

وقال ضابط إسرائيلي كبير لهارتس quot;طوال الفترة الماضية، وإيران وسوريا تهربان الأسلحة إلى حزب الله، ولكن هذه الجهود تعاظمت عقب وقف إطلاق النار، وتوقف الطلعات الجوية الإسرائيليةquot;. واضاف quot;قرار 1701 يدعو إلى فرض الحظر على تسليح حزب الله، وإذا لم يتم تنفيذ ذلك، فان إسرائيل ستتدخل لتنفيذهquot;.

ونقلت هارتس عن مصدر عسكري قوله، بان إسرائيل quot;ستضطر لتنفيذ هجمات جوية على شاحنات سورية تنقل الأسلحة إلى لبنانquot;.ولكن هذا المصدر يقول quot;إذا كان بالإمكان احتواء مسالة شحنات الأسلحة إلى حزب الله، فان ذلك لا ينفي الخطر، لان حزب الله يطور صواريخ بعيدة المدى لشن الهجمات على إسرائيل في غضون اشهرquot;.

وردا على سؤال لهارتس إذا كانت القيادة العسكرية فحصت أن ضرب الشاحنات أو أية عمليات حربية أخرى، ستعني تجدد ضرب المدن الإسرائيلية الشمالية بصواريخ حزب الله، قال المصدر العسكري quot;الجيش على علم بان قصف الشاحنات يمكن أن يؤدي إلى تجدد الهجوم بالكاتيوشا، وعرضنا هذا التقييم على المستوى السياسي أيضاquot;.

وفي غضون ذلك، فان يوجد الان في جنوب لبنان، خمس كتائب من الجيش الإسرائيلي منتشرة على الأرض، ستنسحب تدريجيا مع انتشار الجيش اللبناني.

وتولي إسرائيل أهمية لان تكون القوة الأممية التي ستنشر في لبنان ذات مهام تنفيذية، واعتبرت تصريحات مشجعة بهذا الشان لكوفي عنان، سكرتير منظمة الأمم المتحدة بأنها استجابة للآراء والمقترحات الإسرائيلية والأميركية.

ونقلت الصحف عن مصادر سياسية، وهي إشارة إلى أن هذه المصادر رسمية، ترحيبها، بما سينشره اليوم عنان من تقرير مرحلي حول سير تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، المتعلق بوقف إطلاق النار على جانبي الحدود الإسرائيلي للبنانية. وحسب هذه المصادر فان التقرير المرحلي سيسمح لأفراد القوات الدولية المعززة في جنوب لبنان بإطلاق النار باتجاه أي جهة قد تحاول منعهم من إكمال عملية الانتشار في الجنوب اللبناني.

وتنشط في إسرائيل حركة دبلوماسية لفرض فهمهما لقرار وقف إطلاق النار الاممي، وبالأمس اتصل اولمرت بنظيره الإيطالي رومانو برودي، مؤكدا له أهمية أن تقود إيطاليا القوة الدولية المقرر نشرها في لبنان، وان تساهم القوات الإيطالية في مراقبة المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان.

والتقى وزير الدفاع بوزير الخارجية التركي عبد الله غول، وستلتقي اليوم وزيرة الخارجية بنظيرها الهولندي برنارد بوت، الذي سيجتمع أيضا مع النائب الأول لرئيس الوزراء شمعون بيرس، لبحث موضوع تطبيق القرار الدولي رقم 1701 بما في ذلك الإفراج عن الجنديين الأسيرين.

اولمرت يحاول الهروب من التحقيق

رغم الحركة الدبلوماسية النشطة التي تشهدها إسرائيل والحديث عن لبنان وسوريا وايران، إلا أن اهتمام الرأي العام الإسرائيلي ينصب أساسا على ما جرى في حرب إسرائيل السادسة، ويزداد الضغط على الحكومة للموافقة على تشكيل لجنة تحقيق رسمية فيما حدث، وقدمت منظمة غير حكومية التماسا للمحكمة العليا، لاجبار اولمرت على تشكيل مثل هذه اللجنة، وستبت المحكمة في الموضوع الأسبوع المقبل.

وفي هذه الأثناء يلجا سياسيو إسرائيل إلى تسكين آلام الرأي العام، مثل (لجنة شاحاك) التي شكلها عمير بيرتس لفحص اخفاقات المستوى العسكري، وبدأت عملها أمس برئاسة الجنرال امنون شاحاك، مستشار بيرتس العسكري خلال الحرب.

وتواصلت الانتقادات لهذه اللجنة، التي بدأت عملها أمس، واعتبر تشكيها غير كاف، وفي مواجهة الضغوط، يسعى اولمرت، كما يعتقد، للتحايل عن تشكيل لجنة رسمية، بتشكيل لجنة تحقيق حكومية، واوعز لميني مزوز المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية بفحص إمكانية تشكيل مثل هذه اللجنة.

وشنت الصحف هجوما على هذه اللجنة قبل أن تشكل، واعتبرتها هروبا من استحقاق تشكيل لجنة رسمية، والفرق بين اللجنتين، أن اللجنة الرسمية يترأسها قاض حال أو سابق في المحكمة العليا، ولها صلاحيات كبيرة، تستطيع جلب من تريد إلى الشهادة، وتحقق مع أي شخص سواء كان رئيس الحكومة أو مواطن عادي، وغير ذلك من صلاحيات، أما لجنة التحقيق الحكومية التي يتحدث عنها اولمرت، فتشكلها الحكومة من موظفين لديها، وليس لديها صلاحيات قضائية، وهناك أسئلة حول مضمون صلاحيتها وأهمية الشهادات أمامها وهل يمكن أن تصلح الأدلة التي تجمعها كقرائن أمام المحاكم، وغيرها من التباسات قانونية وقضائية.

وفي محاولة لتسويق فكرة تشكيل لجنة حكومية بدلا من لجنة تحقيق رسمية، قال الوزير مئير شطريت، أن عمل اللجنة الحكومية لن يستغرق عامين أو ثلاثة مثلما سيحدث مع لجنة التحقيق الرسمية في حالة تشكيلها، وان تشكيل لجنة حكومية لن يعطل ما وصفه بعمل الأنظمة السياسية والعسكرية، وان هذه اللجنة ستكون عملية وستفحص اوجه القصور اللوجستية والتخطيطية والعملاتية خلال الحرب، وطريقة اتخاذ القرارات في المجال السياسي، وإذا وجدت انه كان هناك تقصيرات، فستوصي بكيفية تتجاوزها.

ومن جانب آخر تعقد لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست جلسة لها صباح اليوم الاثنين للبت في طريقة تقصي أوجه القصور التي تخللت الحرب في لبنان، وقال رئيس اللجنة تساحي هنيغبي انه لا يستبعد تشكيل لجنة تحقيق رسمية.

وبالتوازي مع ذلك تتواصل احتجاجات ضباط وجنود الاحتياط المسرحين، الذين تتعالى أصواتهم، بعد عودة المزيد منهم إلى منازلهم. واعرب عدد منهم، خلال اجتماع مع الجنرال دان حالوتس، رئيس هيئة الأركان عن تحطم ثقتهم بالقيادة العسكرية، وتحدثوا عن القصور اللوجستي خلال الحرب، الذي جعلهم ينقلون الجرحى مشيا على الأقدام، وكذلك عن القصور الاستخباري، الذي أدى من وجهة نظرهم إلى ارتكاب أخطاء تكتيكية واضحة. ويطالب هؤلاء بتشكيل لجنة تحقيق، رافضين الاكتفاء بلجنة التحقيق التي شكلها وزير الدفاع، ويعتقد، في اسرائيل، أن حركة الاحتياط الاحتجاجية ستتعاظم خلال الأيام المقبلة.