الناطق باسم الفاتيكان: البابا يحترم الاسلام

الفاتيكان، الدوحة، جدة (السعودية): قال الناطق باسم الفاتيكان اليوم ان البابا بنديكتوس السادس عشر يحترم الاسلام لكنه quot;حريص على رفض الدوافع الدينية للعنفquot; في رد على موجة الاستياء التي خلفتها في العالم الاسلامي تصريحات البابا خلال زيارته لالمانيا.كما اعتبر رئيس المعهد البابوي للدراسات الاسلامية الاب جوستو بالدا لاكونزا ان البابا لم يصدر احكاما على الاسلام لكنه طرح اسئلة حول علاقة الدين الاسلامي بالعنف والمنطق. وقال الكاهن ان الاسلام quot;لم يكن محورquot; خطاب البابا في جامعة رجنسبرغ في بافاريا الثلاثاء. وقال ان quot;البابا قال ان العنف ليس من الله، وان العنف غير ممكن

وتابع الاب لاكونزا quot;لقد عبر البابا عن الرؤية الكاثوليكية للعقيدة ووجه اسئلة الى الاسلام. لم يكن ذلك من باب التشكيك، وانما تساؤلات حول العنف والعلاقة بين العقيدة والمنطقquot; ، و اضاف ان quot;المشكلة هي ان الدين الاسلامي يسيطر عليه اليوم السياسيون والمسلم المعاصر يمتنع عن طرح الاسئلةquot;.

وقال quot;ينبغي التحلي بالشجاعة ومواجهة الواقع. يواجه العالم المسلم اليوم مشكلة العنف الذي يرتكب باسم الدينquot;، مؤكدا ان quot;المسلمين انفسهم يقولون هذاquot;. واضاف ان quot;البابا طرح اسئلة مثلما يمكن لاخرين ان يسألونا عن المسيحية (..) ان تعميق تفكيرنا يمنحنا امكانية الحوار مع الثقافات الاخرىquot;.

وخلال المؤتمر حول العلاقة بين الدين والمنطق، طرح البابا بنديكتوس السادس اسئلة حول علاقة الاسلام بالعنف وخصوصا quot;الجهادquot;، فاثار ردود فعل عنيفة من العالم الاسلامي.

يوسف القرضاوي يطالب البابا بالاعتذار

من جهته طالب الشيخ يوسف القرضاوي احد اشهر الدعاة في العالم العربي اليوم البابا بنديكتوس السادس عشر بالاعتذار لدى المسلمين بعد quot;الاساءةquot; الى دينهم. ودعا القرضاوي (80 عاما) رئيس اتحاد العلماء المسلمين وعضو المجلس الاوروبي للفتوى، البابا الى quot;ان يعتذر لامة الاسلام عن الاساءة الى دينهاquot;، متسائلا في بيان مطول تلقت فرانس برس نسخة منه، ان كان الحبر الاعظم quot;يريد ان نغلق ابواب الحوار ونستعد لحرب او حروب صليبية جديدة؟quot;. واضاف quot;ليست هذه المرة الاولى التي يقف البابا الحالي من الاسلام والمسلمين موقفا سلبيا يظهر فيه الاهمال اوالتوجس او ما هو اكثرquot;.

وكان البابا قد عرض الثلاثاء في المانيا تأملات مشوبة بالحذر حيال الاسلام آخذا على هذه الديانة انها لا تدين بالشدة المطلوبة العنف الذي يمارس باسم الدين وان quot;المشيئة الالهيةquot; فيها منقطعة عن العقل. كما اقتبس نصا لحوار تاريخي دار في القرن الرابع عشر بين امبراطور بيزنطي و مسلم فارسي مثقف سال فيه الامبراطور quot;ارني ما جاء به محمد ...لن تجد الا اشياء شريرة و غير انسانية مثل امره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيفquot;.

وعلق الشيخ القرضاوي على ذلك في بيانه قائلا quot; لم يذكر البابا ما رد به الفارسي المثقف على الامبراطورquot;، مضيفا quot;نسي البابا ان محمدا جاء بالكثير الكثير الذي لم تات به المسيحية و لا اليهودية قبلهاquot;.

وقال الداعية الاكثر شعبية في العالم العربي والذي يتابع ملايين المشاهدين برنامجه الاسبوعي quot;الشريعة والحياةquot; على قناة الجزيرة القطرية ان quot;الامر بنشر دينه (محمد) بحد السيف قول مبني على الجهل المحض او الكذب المحض (...) واكذوبة كبرىquot;. وتحدى القرضاوي بابا الفاتيكان ان يبدي رأيه quot;فيما جاء في الكتاب المقدس في سفر الثنية من التوراة: ان البلد التي يدخلها موسى ومن معه عليهم ان يقتلوا جميع ذكورها بحد السيف ... اما بلاد ارض الميعاد فالمطلوب دينا الا يستبقوا فيها نسمة حيةquot;. واضاف ان ذلك يعني quot;الابادة والاستئصال الذي نفذه الاوروبيون النصارى حينما دخلوا امريكا مع الهنود الحمر وحينما دخلوا استراليا مع اهلها الاصليينquot;، كما جاء في البيان.

واضاف القرضاوي في البيان ذاته quot;كنا نربا بالبابا ان يستدل بهذا الكلام المبتور في سياق حديثه عن الاسلام ونبي الاسلامquot;. وقال ان هذه quot;طريقة لا تليق ان تصدر من مثلهquot; مطالبا quot;بتفسير لما حدثquot;. ولدى تطرقه الى ما اسماه quot;حروب صليبية جديدةquot; في بيانه الذي جاء في سبع صفحات، قال القرضاوي quot; قد بدأها (الرئيس الاميركي جورج) بوش واعلنها صريحة باسم اليمين المسيحي ونحن ندعو الى السلم لان ديننا يامرنا بذلك ولكننا اذا فرضت علينا الحرب خضناها كارهين نتربص فيها احدى الحسنيينquot;.

ودافع القرضاوي quot;عما يمارسه بعض المسلمين من العنف فبعضه مشروع باقرار الاديان والشرائع والقوانين والاخلاق مثل دفاع المقاومة الوطنية ضد الاحتلال في فلسطين او في لبنان او في العراقquot;، مضيفا قوله ان quot;تسمية هذا عنفا وارهابا ظلم بين وتحريف للحقائقquot;. لكنه استطرد قائلا بان quot;بعض ذلك (العنف) انكرته جماهير المسلمين في كل مكان مثل احداث 11 ايلول/سبتمبرquot; في الولايات المتحدة.

وشدد القرضاوي quot;لو كلف الحبر الاعظم نفسه او كلف احدا من اتباعه بالرجوع، ولو قليلا، الى مصدر الاسلام الاول (القران) لوجد فيه من عشرات الايات بل مئاتها ما يمجد العقل ويامر بالنظر ويحض على التفكير ويرفض الظن في مجال العقائدquot;. ودعا القرضاوي بابا الفاتيكان الى الحوار قائلا quot;كنا نود من البابا ان يدعو الى حوار ايجابي بين الاديان وحوار حقيقي بين الحضارات بدل الصدام والصراعquot;.

منظمة المؤتمر الاسلامي تطالب البابا بتوضيح موقفه من الاسلام

وطالبت منظمة المؤتمر الاسلامي اليوم الخميس البابا بنديكتوس السادس عشر بتوضيح موقفه ازاء الاسلام بعد تصريحاته الاخيرة في المانيا. وقال بيان للمنظمة التي تتخذ من جدة مقرا انها quot;ترجو ان يصدر عن الفاتيكان ما يعبر عن حقيقة موقفه من الاسلام وتعاليمهquot;. واضاف البيان quot;تأمل المنظمة الا تكون هذه الحملة المفاجئة معبرة عن توجه جديد لسياسات الفاتيكان ازاء الدين الاسلامي، خصوصا بعد عقود من الحوار جمعت رجال الفاتيكان ورجال الدين والفكر في العالم الاسلامي منذ عهد البابا الاسبق بولس السادسquot;.

وقال البيان quot;تأسف منظمة المؤتمر الاسلامي للاقتباس الذي اورده البابا عن سيرة الرسول الكريم وعما اسماه بنشر الاسلام بحد السيف كما تأسف للمغالطات الاخرى المسيئة للعقيدة الاسلاميةquot;. واضاف quot;ان نعته انتشار الدين الاسلامي في العالم بكونه تم عن طريق اراقة الدماء والعنف ما يتعارض مع طبيعة الله، اتهام باطل يدل على جهل بالدين الاسلامي وتاريخهquot;.

واكثر ما اثار الغضب في محاضرة القاها البابا في المانيا اقتباسه حوارا دار في القرن الرابع عشر بين امبراطور بيزنطي وquot;مثقف فارسيquot; حول دور النبي محمد. وقال فيه الامبراطور للمثقف quot;ارني ما الجديد الذي جاء به محمد. لن تجد الا اشياء شريرة وغير انسانية مثل امره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيفquot;. واضاف quot;ان العنف لا يتفق مع طبيعة الرب وطبيعة الروحquot;.

كما انتقد ضمنا علاقة الاسلام بالعنف وquot;الجهادquot; بشكل خاص وعدم ارتباط الاسلام بالمنطق. وقال الناطق باسم الفاتيكان اليوم الخميس ان البابا بنديكتوس السادس عشر يحترم الاسلام لكنه quot;حريص على رفض استخدام الدافع الديني مبررا للعنفquot; في رد على موجة الاستياء التي خلفتها في العالم الاسلامي تصريحات البابا خلال زيارته لالمانيا.