روما: في ما يلي النص الحرفي المترجم الذي نشره الفاتيكان للكلمة التي القاها البابا بنديكتوس السادس عشر بالفرنسية اليوم الاثنين خلال لقائه الاستثنائي مع سفراء الدول الاسلامية المعتمدين لدى الفاتيكان في كاستيل غاندولفو:

quot;يسعدني ان استضيفكم في هذا اللقاء لتدعيم روابط الصداقة والتضامن بين الكرسي الرسولي وجماعات مسلمين في العالم.

اشكر الكردينال بول بوبارد رئيس المجلس البابوي للحوار بين الاديان على كلماته واشكركم جميعا على قبولكم دعوتي.

ان الظروف التي حملت على عقد هذا اللقاء واضحة لدى الجميع. ولقد اتيحت لي الفرصة الاسبوع الماضي لاتوقف على هذه المسألة. وفي هذا الاطار الخاص اود اليوم التأكيد مجددا على التقدير والاحترام العميق الذي اكنه للمؤمنين المسلمين، اذكر باقوال المجمع الفاتيكاني الثاني التي هي بالنسبة للكنيسة شرعة الحوار الاسلامي المسيحي : quot;تنظر الكنيسة بعين الاعتبار ايضا الى المسلمين الذين يعبدون الاله الواحد الحي القيوم الرحيم الضابط الكل خالق السماء والارض
ويجتهدون في ان يخضعوا بكليتهم حتى لاوامر الله الخفية كما يخضع له ابراهيم الذي يسند اليه بطيبة خاطر الايمان الاسلاميquot; (تصريح في عصرنا، رقم 3).

وفي هذا التطلع، ومنذ بداية حبريتي، اتيحت لي فرصة التعبير عن امنيتي بالاستمرار في اقامة جسور صداقة مع اتباع جميع الديانات وعن تقديري الخاص لنمو الحوار بين المسلمين والمسيحيين (من الخطاب الى ممثلي الكنائس المسيحية والديانات الاخرى، 25 ابريل 2005).

وكما اكدت في كولونيا، السنة الفائتة، لا يمكن للحوار الديني والثقافي المشترك بين المسيحيين والمسلمين ان يقتصر على خيار عابر. انه ضرورة حيوية يتعلق به جزء كبير من مستقبلنا.

وفي عالم يتميز بالنسبية ويستثني في غالب الاحيان تسامي شمولية العقل نحتاج الى حوار اصلي بين الديانات والثقافات قادر على مساعدتنا كي نتخطى معا كل التوترات بروح تعاون مثمر.

ورغبة مني في مواصلة العمل الذي بدأه سلفي البابا يوحنا بولس الثاني امل حقا ان تستمر علاقات الثقة التي نمت بين المسيحيين والمسلمين منذ سنوات طويلة لا بل ان تنمو بروح الحوار الصادق والاحترام المتبادل على اساس المعرفة المتبادلة والحقيقية التي تقر بفرح بالقيم الدينية المشتركة بيننا والتي تحترم بصدق الاختلافات.

ان الحوار الديني والثقافي المشترك ضرورة لنبني سوية عالم سلام واخوة يتوق اليه جميع البشر ذوي الارادة الصالحة. وفي هذا القطاع ينتظر منا معاصرونا شهادة بليغة لقيم البعد الديني للوجود.

وكذلك ايضا، وامانة منهم لتعاليمهم وتقاليدهم الدينية، فان المسيحيين والمسلمين مدعوون الى العمل معا، كما يحصل في خبرات مشتركة مختلفة، لتحاشي اي شكل من عدم التسامح ورفض العنف في مختلف اشكاله. وتقع على عاتق السلطات الدينية والسياسيين مسؤولية ارشادهم وتشجيعهم في هذا الاتجاه.

في الواقع، quot;واذا كانت نشأت على مر القرون منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين، فالمجمع المقدس يحض الجميع على ان يتناسوا الماضي ويتصرفوا باخلاص الى التفاهم المتبادل ويصونوا ويعززوا سوية العدالة الاجتماعية والخيور الاخلاقية والسلام والحرية لفائدة جميع الناسquot; (تصريح في عصرنا، رقم 3).

يجب على خبرات الماضي ان تساعدنا على البحث عن دروب المصالحة كي نعيش ضمن احترام هوية وحرية كل فرد في ضوء تعاون مثمر في خدمة الانسانية برمتها.

وكما قال البابا يوحنا بولس الثاني في خطابه الى الشبيبة في الدار البيضاء بالمغرب quot;ان الاحترام والحوار يقتضيان التبادلية في جميع المرافق ولا سيما في ما يتعلق بالحريات الاساسية وبشكل خاص بالحرية الدينية. انهما يعززان السلام والتفاهم بين الشعوبquot; (رقم 5).

ايها الاصدقاء الاعزاء، اني على اقتناع تام في الوضع الذي يشهده العالم اليوم، بضرورة ان يلتزم المسيحيون والمسلمون سوية في مواجهة التحديات الكثيرة امام البشرية وبخاصة في ما يتعلق بالدفاع عن كرامة الشخص البشري وتعزيزها وكذلك ايضا عن الحقوق المتأتية عنها.

وفي ما تزداد خطورة التهديدات على الانسان والسلام، ومع الاقرار بميزة الشخص المركزية، والعمل بشكل دؤوب من اجل احترام حياة الشخص، يعبر المسيحيون والمسلمون عن طاعتهم للخالق الذي يريد ان يحيا الجميع في الكرامة التي منحهم اياها.

ايها الاصدقاء، اتمنى من كل قلبي ان يقود الله الرحيم خطانا على دروب التفاهم المتبادل والحق. وتزامنا مع انطلاق المسيرة الروحية للمسلمين مع بداية شهر رمضان المبارك، اوجه لهم تمنياتي الودية مع الامل بان يمنحهم الله الكلي القدرة لحياة هادئة ومشرقة.

فليمنحكم اله السلام والجماعات التي تمثلونها فيض بركاته!quot;.