بهية مارديني من دمشق: ينتظر سوريا استحقاقات كثيرة مع مشاركتها في مؤتمر انابوليس وقرارها بالمشاركة في مؤتمري باريس وموسكو القادمين. حيث وجهت فرنسا دعوة إلى وزير الخارجية السوري وليد المعلم لحضور مؤتمر الجهات المانحة للفلسطينيين الذي تستضيفه باريس في 17 كانون الأول الجاري، كما كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن عن عزم روسيا استضافة مؤتمر قادم للسلام في الشرق الأوسط يركز على المسار السوري واللبناني من جهة والإسرائيلي من جهة أخرى ينطلق مطلع 2008 .
الاستدارة الرسمية السورية كما أطلقت عليها المعارضة السورية والتي ظهرت لدى حضور سوريا مؤتمر انابوليس تؤكد ان الامور كلها باتجاه التهدئة والتسوية في المنطقة بما في ذلك الملف الايراني وعلى سوريا ان تفي باستحقاقاتها لذلك يبدو قرارها باستضافة او رعاية مؤتمر الفصائل الفلسطينية امرا بالغ الصعوبة بعد تاجيله وتبدو الاتصالات الايرانية السورية لترتيب ذلك من أجل إيجاد صيغة توافقية على مكان وزمان عقد اجتماع لقادة الفصائل الفلسطينية العشرة المعارضة المقيمة في دمشق امرا بالغ الاحراج حاليا بالنسبة لدمشق في كيفية استمرار دبلوماسيتها بين قوى الممانعة وبين التوجه الدولي الحالي وعليها ان تجيد امساك العصا بحيث لاتخسر ايران وحلفائها حزب الله وحماس والملفات الايرانية التي تفاوض من خلالها ، وفي نفس الوقت ان تكون ضمن ما يجري دوليا رغم تأكيداتها بان مواقفها وثوابتها لم تتبدل ومن هنا تأتي زيارة نائب وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد الى طهران والتي يحمل فيها رسالة من الرئيس السوري بشار الاسد الى الرئيس الايراني احمدي نجاد ومن المرجح ان توضح القرار السوري من المشاركة في انابوليس .
المعارضة السورية :انابوليس لم يلد ميتا
من جانبها اعتبرت المعارضة السورية ان القضايا السياسية باتت تشهد مؤخرا نوعا من تدوير الزوايا ...حيث يشكل مؤتمر انابوليس نقطة البداية ببعدها الإقليمي والدولي ، وقالت quot;انه بغض النظر عن مدى تحقق أهدافه وتواضع نتائجه لكنه يشكل نقطة استدارة تحمل معطيات ومواقف محددة ستنعكس على مجمل منطقة الشرق الأوسطquot; ..واكدت ان مؤتمر انابوليس لم يلد ميتا بل سنلمس جميعا تداعياته سواء بالتتالي أو بالتتابع .
واوضح مشعل التمو الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي quot;ان الاستدارة الرسمية السورية على المستوى الدولي وقبولها حضور المؤتمر فيما حلفائها (إيران وحزب الله وحماس ) تتخذ موقفا مناقضا ، بل معاديا ، والاستدارة الأمريكية نحو محاولة حل أو تسهيل حل قضية النزاع العربي الإسرائيلي وجذره ، قضية فلسطين , والاستدارة العربية نحو الالتئام في مواجهة مد وهيمنة إيرانية وملفها النووي ورؤيتها الإيديولوجية للمنطقة وما يجب ان تكون عليه، وكل جهة من وجهة نظرها , لها ما يبرر استدارتها , وتبقى صدقية الاستدارة مرتبطة بمدى قدرة كل طرف في مواكبة استحقاقاتها , وهي باعتقادنا مكلفة للبعض وشبكة عنكبوتيه للبعض الأخر حيث الملفات العالقة من الرئاسة اللبنانية ومحاولة تغيير تركيبة النظام السياسي هناك إلى ملف القرارات الدولية بخصوص سلاح حزب الله وملف المحكمة ذات الطابع الدولي ؟ إضافة إلى ملف حماس وجمهوريتها الإسلامية في غزة , والعراق وإرهابييه واليد الطولى لإيران في العبث بمكوناته , وراى ان كل هذا الترابط بين الملفات وصعوبة حلها , يأتي من صلتها الوثيقة بالملف النووي الإيراني , وهي بالتالي أوراق قوة تملكها جهة واحدة , هي إيران , التي تطمح ان تكون ضامنة للأمن في المنطقة , من خلال ضمان أمنها واستمرارية تخصيبها لليورانيوم , واضاف لعل هاشمي رفسنجاني كان واضحا بما فيه الكفاية , عندما ربط الامن في الشرق الأوسط بأمن إيران واستقرارها .
وقال التمو ان محاولات تشكيل جبهة موحدة في مواجهة إيران ، وعزل النظام السوري عنها ، من خلال العروض الدولية لإعادة تأهيله دوليا , والعروض العربية لإعادة تأهيله عربيا , قد تأخذ شكل المد والجزر , وسيعطي النظام وعودا كثيرة , ويبقى السؤال عن مدى قدرته عن الفكاك من الكماشة الإيرانية , بعد ان بات النظام نفسه مجرد أداة تابعة , فهو قد يكون شريك في إدارة هذا الملف أو ذاك , أو جسر توصيل ليس إلا , ولكنه ليس اللاعب الأساسي , حتى وان حاول ان يظهر العكس ؟ ورأى انه في المحصلة سينعكس الأمر على الداخل السوري , حيث اشتداد وتيرة القمع والبطش والسجون , مرتبطة بمدى أو عدم انسجام النظام مع الاستدارة الدولية والعربية.
واكد ان مؤشرات تجسيد الاستدارة أو الصفقة , عديدة ولكنها ترتبط بمصالح إيران حصريا , وبوادر انطلاق الصفقة ستأتي من لبنان وملفه الرئاسي وملحقات ذلك.
واعتبر التمو انه في خضم الاستدارات المرتقبة , تبدو المعارضة السورية , كالسيارة المتهالكة , مليئة بالعلل والأمراض , تحاول الرتق هنا أو هناك , وتتناسى بان الرتق لم يعد يفيد ثوبا مهترئا , فشعار التغيير الوطني الديمقراطي , بقي مجرد شعار جاء في طيات أحداث ومتغيرات سياسية لم تكتمل , حيث لا حتميات تاريخية , بل تداخل مصلحي , يعيد صنع التاريخ , وفقا لبراغماتية الموقف والهدف .
ورأى ان اعلان دمشق يبحث عن اطر وهياكل يستطيع عبرها التواجد في أصقاع الوطن السوري , بغض النظر عن عتق هذه الأطر وعدم فاعليتها , وبات برنامجه السياسي التغييري يتحول رويدا رويدا إلى برنامج إصلاحي تكون فيه السلطة محوره.
واعتبر ان السلام ضرورة والوصول إليه يتم عبر الحوار السلمي وصولا إلى استرداد الجولان وإنهاء حالة اللاحرب واللاسلم ، وقال ان هذا الأمر يعتبر مطلبا وطنيا لكل أبناء الشعب السوري ، مع احتفاظنا بموقفنا المعارض للنظام الأمني وضرورة إنهاء الاستبداد وبناء دولة مدنية , دولة الحق والقانون , وقال ان المعطيات السياسية ومقدماتها الميدانية تفترض رؤية واقعية تعيد فيها الحركة الحزبية الكوردية حساباتها وتتعامل مع أي استدارة إقليمية ودولية على أرضية المصلحة القومية الكوردية وبالتالي تتخلص من عطالتها الفكرية وجمودها السياسي .
التعليقات