إتصالات تتلاحق لتجنيب لبنان quot;عنف الفراغquot;
إغتيال العميد الحاج يعجّل إنتخاب رئيس؟

إيلي الحاج من بيروت: شهد لبنان أمس باغتيال مدير العمليات العسكرية في قيادة الجيش اللبناني العميد الركن فرنسوا الحاج جريمة الإغتيال السياسية الثالثة هذا العام بعد النائبين عضوي تحالف قوى الغالبية وليد عيدو وأنطوان غانم، وجاء هذا الحدث في الذكرى السنوية الثانية لاغتيال النائب والصحافي جبران تويني الذي اغتيل هو أيضاً بطريقة مشابهة لا بل متطابقة: سيارة مفخخة بعبوة ناسفة شديدة القوة تنفجر لدى مرور سيارة المستهدف على طريق منحدرة خلفها هوة ، فتنقلب تحت الطريق ويقتل كل من فيها.

ويمكن القول إن هذا التفجير هو الأخطر على الوضع اللبناني منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ، فهي المرة الأولى تستهدف فيها شخصية عسكرية قيادية بهذا المستوى ، خصوصا أن العميد الركن الحاج هو الأقرب إلى قائد الجيش العماد ميشال سليمان وكان الأكثر حظا لتولي قيادة الجيش بعد انتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية. ويشكل اغتياله رسالة واضحة ومباشرة الى العماد سليمان المرشح الوحيد لتولي سدة الرئاسة الفارغة.

ولا تزال تعرقل وصول سليمان إلى القصر الرئاسي في بعبدا شروط وتجاذبات سياسية ودستورية تعكس شدة الصراع على السلطة في مجالات تركيبة الحكومة وبيانها الوزاري وقيادة المؤسسات العسكرية والأمنية، علماً أن سليمان جهد على مدى ثلاثة أعوام من الصراع الحاد إلى تجنيب الجيش تداعيات الإنقسام والصراع الحاد على السلطة في البلاد وأفلح في ذلك إلى حد بعيد.

ويرجح مراقبون أن تؤدي جريمة الإغتيال الجديدة الى اعادة خلط الأوراق في ضوء قرار قوى الغالبية ممارسة ضغوط متعددة على رئيس مجلس النواب نبيه بري وحلفائه في المعارضة للسير بانتخاب رئيس في الجلسة الجديدة المحددة الإثنين المقبل 17 كانون الأول ديسمبر.

ومن المقرر أن تتلاحق في الساعات المقبلة الإتصالات بين شخصيات قيادية في قوى الغالبية واخرى من المعارضة توصلا إلى قواعد مشتركة وتوافق بين الطرفين ومن أجل تخفيف الشروط والشروط المضادة ما امكن لتسهيل مرور التعديل الدستوري المقترح واجراء الانتخابات الرئاسية في شكل لا يعرضه مستقبلاً لأي طعن أو تشكيك بشرعيته.

وفي السياق ذكر قريبون من الرئيس بري ان المخارج للأزمة الرئاسية quot;غير مستحيلة وهناك العديد من الافكار والاقتراحات المتداولة التي تصلح للخروج من النفق المظلم. والمدخل صفاء النيات والثقة المتبادلةquot;. وأكد ان quot;ملف الإضطراب الأمني اذا فتح فسيصعب اقفاله ولطالما حذرنا من خطورتهquot;.

ويجمع مراقبون وسياسيون على ان الأيام المقبلة فاصلة ومصيرية، فإما ان تنتج المشاورات والاتصالات والضغوط الداخلية والخارجية quot;خريطة طريقquot; مقبولة تضمن وصول العماد سليمان الى قصر بعبدا وسط أجواء توافقية منزهة من التحدي وشعور الغالب والمغلوب، وإما يدخل اسم العماد سليمان جديا مرحلةquot; الحرقquot; على غرار الأسماء التي رشح أصحابها للرئاسة وآخرهم كان الوزير السابق ميشال إده الذي كان قاب قوسين من الوصول إلى قصر بعبدا قبل أن تتدخل فجأة قوى معينة وتلغي حظوظه وتعيد حظوظ سليمان إلى الظهور .

أما الإحتمال الثالث فهو حصول انتفاضات انقلابية داخل التحالفات القائمة سواء على مستوى قوى 14 آذار/ مارس، او على مستوى 8 آذار، وحتى انقلاب داخل التكتل الواحد لضمان نصاب الثلثين في المجلس النيابي، والمضي من خلال هذا النصاب وبالاتكاء عليه الى ابتداع آلية لتعديل الدستور وانتخاب سليمان، وفتح أبواب قصر بعبدا أمام عهد جديد .

وأيا يكن الوضع السياسي ، يرفع اغتيال العميد الحاج منسوب القلق والخوف عند اللبنانيين وما تخبئه المرحلة المقبلة، لأنه طليعة تباشير مرحلة الفراغ الرئاسي والوقت الضائع الاقليمي ونموذج دموي للطريقة التي يملأ بها الفراغ السياسي والرئاسي. كما أن هذه الجريمة المدوية توجه ضربة قاسية وعنيفة إلى موسم الأعياد، الأضحى والميلاد ورأس السنة، التي تحل متقاربة ويبني عليها التجار آمالاً لتعويض ما نكبوا به من خسائر.