خلف خلف من رام الله: مع شروق شمس كل يوم يحمل فريق من الجنود الإسرائيليين أسحلتهم ومعداتهم ويتجهون للوقوف على المدخل الشرقي لمدينة نابلس في الضفة الغربية أو ما بات يعرف باسم حاجز حواره، بينما يحمل الفتى خليل محمود بضاعته لعرضها لعابري السبيل من المواطنين الفلسطينيين، الذين قد يحتاج بعضهم لعلبة من السجائر أو المياه المعدنية أو المرطبات التي يضعها الفتى في علبة مزودة بكمية من حبات الثلج للإبقاء على انتعاش ما بداخلها، وفي الأعياد والمناسبات تكثر الحركة والتنقلات لزيارة الأقارب والأصدقاء، ويجد المئات من الفلسطينيين أنفسهم يقفون في طوابير انتظار طويلة على الحواجز، وهو ما يزيد من حجم معاناتهم.
وهم مضطرون أيضا للخضوع لأوامر جندي إسرائيلي، لا يوجد في فمه كلمة جيدة أفضل quot;ارجع لوراquot;، وبعد عناء شاق وانتظار ساعات يصل المواطن للفحص، فيتعرض للتفتيش الدقيق والتمحيص في كل ما يحمله من أغراض، وينشر ما لديه من حاجيات على طاولة صغيرة وضعت خصيصاً لذلك.
وقد لا يخلو الأمر من إهانات أو عدم السماح بالمرور بعد رحلة الانتظار المذكورة، ويجد الفتى خليل الولد في حاجز حواره مكاناً مفضلاً لبيع الحاجيات التي يحملها، كمحاولة منه لإسعاف عائلته المكونة من خمسة أفراد، يعيشون حياة صعبة بعدما افقدهم المرض والدهم الذي كان يعاني من مرض مزمن، لم تفلح الأدوية في ردعه.
ويجني الفتي خليل ما يقارب 50 شيكلاً باليوم (ما يقارب 12 دولاراً) ويقول: quot;أصحوا كل يوم لتجهيز ما سأقوم ببيعه، وهي عملية صعبة، اضطر كل يوم للوقوف ما يزيد 10 ساعات على الحاجز، لأبيع ما لدي، أتمنى أن استفيق يوما ما لكي أذهب للمدرسة لا إلى الحاجزquot;.

ورغم أن معظم المدن الفلسطينية لا تشهد تشديداً في الحواجز المقامة على مداخلها، إلا أن مدينة نابلس منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية يمنع الدخول أو الخروج منها إلا عبر ثلاث بوابات، الغربية ومقام عليها حاجز بيت إيبا، والشرقية حاجزة حوار، فيما يتواجد بالقرب منه حاجز عورتا المخصص لإدخال البضائع والمواد التجارية.
وفي الوقت يحاول الفلسطينيون ابتكار أساليب للتأقلم مع الوضع على الحواجز من خلال إيجاد بعض العربات التي تبيع القهوة والمشروبات، تبقى الحواجز مصيدة للاهانة اليومية التي يتلقها كل فلسطيني صباح مساء.
وبحسب تحقيق نشرته صحيفة هآرتس فأنه منذ بداية الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر 2000 وحتى حزيران/يونيو من هذا العام فتح 1.091 ملف تحقيق في الشرطة ضد جنود الجيش الإسرائيلي، للاشتباه بمخالفات ضد الفلسطينيين وأملاكهم في الأراضي الفلسطينية، كما بين تقرير الأسبوع الجاري أن واحداً من كل أربعة جنود إسرائيليين شاهد أو شارك أو سمع زملائه يتحدثون حول قيام بعمليات عنف ضد المواطنين الفلسطينيين على الحواجز.