طالباني يتراجع بعد إتهام إيراني لأميركا بدور في تصريحاته:
إتفاقية الجزائر قائمة وليست ملغاة لكنها تحتاج إلى تعديل
أسامة مهدي من لندن: تراجع الرئيس العراقي جلال طالباني الليلة عن تصريحات أكد فيها، الإثنين الماضي، أن إتفاقية الجزائر الموقعة عام 1975 بين العراق وإيران ملغاة ولا يعترف بها العراق، مشيرًا إلى انها قائمة لكنها تخضع للحوار من اجل تعديل بعض بنودها، وشدد على انه لم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي إلغاء الاتفاقية القائمة، وذلك بعد ساعات من اتهام وزير خارجية إيران منو شهر متكي لأميركا بدورها في هذه التصريحات. وقال طالباني في بيان للرئاسة العراقية الليلة، إنه عندما عقد الرئيس السابق صدام حسين حينما كان نائبًا للرئيس وشاه ايران محمد رضا بهلوي الاتفاقية فقد عارضتها المعارضة العراقية السابقة بجميع فصائلها القومية والاسلامية والديمقراطية باعتبارها حبل نجاة للدكتاتورية الصدامية .
وشدد على أن الإتفاقية قائمة وغير ملغية وفق القوانين والاعراف الدولية، ولكن هناك ملاحظات حول بعض البنود، إلا أنهاخاضعة للحوار والاتفاق المشترك بين الجانبين الصديقين الايراني والعراقي. واضاف ان الاتفاقية قائمة وليست ملغية بل نافذة ولا يجوز لطرف واحد ان يلغي أو ينسف هذه الاتفاقية. لذلك فهذه حقيقة يعرفها فخامة الرئيس ولم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي إلغاء الاتفاقية القائمة... وفي ما يلي نص بيان الرئاسة:
حول التصريح المنسوب إلى فخامة رئيس الجمهورية
حول اتفاقية الجزائر يود مكتب الرئيس تقديم الايضاح التالي:
أولاً: عندما عقد الشاه وصدام اتفاقية الجزائر عارضتها المعارضة العراقية بجميع فصائلها القومية والاسلامية والديمقراطية باعتبارها حبل نجاة للدكتاتورية الصدامية التي كانت تترنح تحت ضربات الثورة الكردية لذلك اعتبرتها ملغية وغير شرعية.
ثانيًا: لكن واقع الحال هي ان اتفاقية الجزائر اتفاقية قائمة غير ملغية وفق القوانين والاعراف الدولية.
ثالثاً: هناك ملاحظات حول بعض البنود ولكنها خاضعة للحوار والاتفاق المشترك بين الجانبين الصديقين الايراني والعراقي.
رابعاً: اذن فإن الاتفاقية الحالية- اتفاقية الجزائر- قائمة وليست ملغية بل نافذة ولايجوز لطرف واحد ان يلغي أو ينسف هذه الاتفاقية. لذلك فهذه حقيقة يعرفها فخامة الرئيس ولم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي الغاء الاتفاقية القائمة.
مكتب رئيس الجمهورية العراقية
ويأتي البيان بعد ساعات من تصريحات لوزير الخارجية الايراني منوشهر متكي اليوم في المنامة تمسك بلاده باتفاقية الجزائر الموقعة بين العراق وايران في 1975 لترسيم الحدود بين البلدين محذرًا الاميركيين من quot;الدخول في هذه اللعبة من جديدquot;.
وقال متكي في مؤتمر صحافي في المنامة، ردًا على سؤال عن موقف ايران من هذه التصريحات ان quot;الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول لا تتعلق بحكم يحل مكان حكم آخرquot;. واضاف quot;لا يمكن لتغيير النظم السياسية أن يخلّ بالمعاهداتquot;. وقال quot;ننبه الاميركيين ألا يبدأوا لعبة جديدة وان يتعلموا الدرس من الفشل الذي منيوا به في الاعيبهم السابقةquot;، موضحًا ان طهران لمست لدى طالباني quot;خلال زياراته لإيران وخلال مناقشتنا لهذه القضية، موقفا آخر غير هذاquot;.
وكان الوزير الايراني يتحدث خلال مؤتمر صحافي في المنامة في ختام اجتماع لجنة التعاون الايرانية البحرينية المشتركة، وقال الوزير الايراني ان quot;الاميركيين قبل 27 سنة دخلوا هذه اللعبة ونحن نحذرهم بعدم دخول اللعبة من جديدquot;. واكد ان quot;اتفاقية الجزائر وثيقة رسمية مسجلة لدى الامم المتحدة وتتمتع بالقوة القانونية اللازمة ولا مجال للاخلال بهاquot;.
وتنص اتفاقية الجزائر التي وقعت عام 1975 على حرية الملاحة في شط العرب الذي يشكل الحدود الطبيعية بين العراق وايارن. وكان صدام حسين اعلن تخليه عن الاتفاقية في 1980 ما سبب اندلاع الحرب العراقية الايرانية التي استمرت حتى 1988. واعيد العمل بالاتفاقية بعد الحرب مع تخلي العراق رسميا في 1990 عن مطالبه التي عبر عنها سنة 1980.
وفي مواجهة رغبة الحكومة الايرانية ورئيس الحكومة العراقية نوري المالكي فإنه كان من المنتظر ارسال الوفد العراقي الى طهران قريبا لكن معارضة الاكراد وبعض القوى السنية المتخوفة من النفوذ الايراني في العراق، قد اجلت سفره حتى الان حتى اكد الرئيس طالباني الاثنين عدم الاعتراف بالاتفاقية مشددا على انها تعتبر ملغاة وان جميع فصائل المعارضة العراقية السابقة لصدام حسين والمشاركة في السلطة حاليا كانت قد اتفقت على رفضها .
وردا على سؤال عن سعي حكومة المالكي إحياء الاتفاقية قال طالباني إنه لا مجال لذلك مؤكدًا أن أطراف العملية السياسية الحالية الذين كانوا بالمعارضة السابقة ا يعترفون بهذه الاتفاقية، مشيرًا إلى أنه رفض الاعتراف بالاتفاقية خلال زيارته الاخيرة إلى طهران. وأضاف ان quot;هذه الاتفاقية كانت اتفاقية صدام وشاه إيران وليست اتفاقية العراق مع إيران ونحن نريد علاقات جيدة وممتازة مع جارتنا الجمهورية الإسلامية في إيران، وسبق أن تشاورنا مع الإخوة الإيرانيينquot;.
يعتبر الاكراد توقيع شاه ايران السابق رضا بهلاوي خيانة للثورة الكردية حيث انها سحبت الدعم الايراني الكبير ماديًا ومعنويًا وتسليحيًا للحركة الكردية التي كان يقودها الزعيم الكردي الراحل مصطفى بارزاني ضد الحكومات المركزية للمطالبة بحقوق الاكراد .
ويؤكد مصدر كردي تحدثت معه quot;ايلافquot; ان الاتفاقية شكلت نكسة للحركة الكردية وحاصرتها وجعلتها اسيرة الاملاءات التي كان يرفضها النظام العراقي السابق . واشار الى من الاثار الكارثية لتلك الاتفاقية هي عمليات التهجير القسري التي قامت بها السلطات للعائلات الكردية والتركمانية من كركوك وديالى وصلاح الدين والموصل في اطار سياساته لتغيير التركيبة السكانية للعديد من المناطق العراقية لصالح حركة التعريب التي كان يقوم بها . واشار الى ان اثار تلك السياسة ماتزال تعيق الوفاق الوطني العراقي نظرا للاثار القومية والطائفية والجغرافية التي ينوء تحت ثقل تداعياتها السلبية النظام الجديد في العراق حاليًا .
ويرى الاكراد انه في حال اعادة تفعيل الاتفاقية فسينطوي على مساومات على صعيد محاربة الشعب الكردي ورسم سياسة مشتركة معادية له كما حدث في عهد الشاه وهو ما سوف يرفضه الشعب الكردي ويقاومه . معروف ان ايران تشتكي حاليًا من وجود فصائل كردية معارضة لها حاليًا على اراضي اقليم كردستان العراق وتقوم بين الحين والاخر بضربات جوية ومدفعية لقواعدها هناك . ويشير اكراد العراق ايضًا الى ان هناك نتوءات حدودية في مناطق قنديل وقلعة دزة ودربندخان وجبل بمو في شمال شرق العراق قد حصلت ايران على بعض منها في سياق عملية رسم الحدود وفقًا للاتفاقية.
التعليقات