إيلاف تقابل خبيراً مغربياً في شؤون التنظيمات الإسلامية
محمد ضريف:عبد الودودقد يعلم بوفاة بن لادن

اوتيل الفرح في الدار البيضاء الذي ضربه الإرهاب وفي الإطار ضريف
أجرى الحوار أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: قال محمد ضريف، الخبير المغربي في شؤون التنظيمات الإسلامية، إن أبو مصعب عبد الودود، زعيم الجماعية السلفية للدعوة القتال الجزائرية، التي غيرت إسمها، بناء على إذن واستشارة أسامة بن لادن، ليصبح quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، quot;قد يكون على علم بوفاة أسامة بن لادنquot;، مضيفا quot;أبو مصعب يتوفر على معلومات، لا نتوفر عليها نحن، أي أنه ربما يعرف بأن بن لادن قد ماتquot;.

وأكد محمد ضريف، في حوار مع quot;إيلافquot;، أنه إذا تتبعنا الإعلان الذي كشف فيه أمير الجماعة ارتباط السلفية الجزائرية التنظيمي بالقاعدة، يظهر لنا بأنه قال بأنه بايع أيمن الظواهري، ولم يقل أسامة بن لادن، مما يعني أن هناك ارتباط بالظواهري أكثر من أسامة.وأوضح الخبير المغربي في شؤون التنظيمات الإسلامية أن ميلاد التنظيم المغاربي الجديد جاء نتيجة مخاض طبيعي للتحولات التي عرفتها التنظيمات القطرية المرتبطة بالقاعدة والتحولات الاستراتيجية لهذا التنظيم على مستوى الأهداف المحددة، مشيرا إلى أن القاعدة نحو تأسيس تنظيمات جهوية، بمعنى عدم التركيز على تنظيم مركزي، وهو أسلوب مرفوض لم تتبعه من قبل.

واعتبر الخبير المغربي أن الولايات المتحدة الأميركية تلعب ورقة تضخيم الخطر الإرهابي في المنطقة لتكون قريبة أكثر فأكثر من مصادر الطاقة التي تختزنها بعض الدول الإفريقية، مبرزا أن إنشاء قاعدة عسكرية في المنطقة يهدف بالأساس إلى الحد من توسع نفوذ الصين التي بدأت تتحرك بشكل ملفت للانتباه في المنطقة.

ماذا ترون في الإعلان عن تنظيم quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot;؟

ليس الإعلان في حد ذاته مفاجئة لأن المتتبعين لتطور الأوضاع في منطقة المغرب العربي، وكذلك في الشرق الأوسط بشكل عام، كانوا يتنبؤون بقرب إدماج السلفيين المغاربيين بشكل عام في إطار تنظيم جديد.

فمنذ منتصف سنة 2005 توفرت معطيات تفيد قرب إعلان ميلاد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، غير أنه كان هناك انقسام حول التسمية، إذ اقترح البعض إسم quot;القاعدة في الغرب السلاميquot;، والبعض الآخر quot;القاعدة في شمال إفريقياquot;، في حين فضلت فئة أخرى أن يطلق على التنظيم الجديد إسم quot;القاعدة في بلاد المغرب العربيquot;.

وبعد مداولات واستشارة وأخذ إذن أسامة ابن لادن، بشكل غير مباشر، اختير إسم quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot; الذي جاء نتيجة مخاض طبيعي للتحولات التي عرفتها التنظيمات القطرية المرتبطة بالقاعدة والتحولات الاستراتيجية لهذا التنظيم على مستوى الأهداف المحددة.

فالقاعدة تعطي الأولوية في الوقت الراهن لكسب الحرب في العراق، وهو الهدف الذي يحدد الآن الخيارات التنظيمية لهذا التنظيم بشكل عام والجماعات المرتبطة به.

كيف تم تجميع السلفيين الجهاديين في المنطقة، ومن كان وراء ذلك؟

قبل سنة 2001، تأسست مجموعة من التنظيمات بمنطقة المغرب العربي، خاصة الجماعة الليبية المقاتلة والجماعة المغربية المقاتلة والجماعة التونسية المقاتلة.

وكانت هذه التنظيمات بمثابة أدوات تنفيذية مرتبطة بالقاعدة بشكل تنظيمي، أما الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، فارتبطت بتنظيم أسامة بن لادن إديولوجيا فقط وليس تنظيميا، بمعنى أن الجماعة أنها كانت تتبنى إديولوجية القاعدة دون أن تكون تابعة تنظيميا لها، قبل أن تقرر مؤخرا الانخراط في هذه الاستراتيجية وتغيير إسمها.

حاليا هناك تحولات وقعت في منطقة المغرب العربي، فالتنظيمات القطرية المرتبطة بالقاعدة تنظيميا عانت من التضييق وعرفت نوعا من الانحسار، خاصة بعد أحداث 16 ماي الإرهابية بالدار البيضاء وأحداث 11 مارس بمدريد.

فالكثير من القيادات الميدانية التابعة للجماعة المغربية المقاتلة تم اعتقالها أو تعرضت للقتل، كما أن نشاط الجماعة الليبية المقاتلة والجماعة التونسية المقاتلة كان محدودا، وحتى الجماعة السلفية الجزائرية، التي كانت أكثر تنظيما خبرة في مجال المواجهة، عانت هي الأخرى من التضييق، خاصة بعد أحداث 11 شتنبر بنيويورك، إذ شرعت الأجهزة الأمنية الأميركية في التنسيق مع الأجهزة الأمنية الجزائرية لتوجيه ضربات قوية لهذه الجماعة، مما اضطرها إلى الانسحاب إلى عمق الصحراء، خاصة في دول الساحل كمالي والتشاد والنيجر.

وأمام هذا الوضع الجديد، بدأت السلفية الجزائرية تفكر في إعادة هيكلة نفسها من خلال التحول من جماعة مستقلة مرتبطة بالقاعدة إديولوجيا فقط إلى جماعة مندمجة فيها، مما سهل عملية تجميع السلفيين الجهاديين تحت مظلة تنظيم إرهابي مغاربي جديد.

ولم يكن أمام هذا التنظيم سوى الارتباط باستراتيجية القاعدة المتمثلة في كسب الحراب بالعراق عبر تجنيد مقاتلين في دول المنطقة لمواجهة قوات التحالف في بلاد الرافدين.

هل يعني ذلك أن القاعدة تواصل توسعها في دول العالم؟

تتجه القاعدة نحو تأسيس تنظيمات جهوية، بمعنى عدم التركيز على تنظيم مركزي، وهو أسلوب مرفوض لم تتبعه من قبل، إذ قامت استراتيجيتها على خلق جماعات داخل كل دولة.أما الآن فهناك محاولة لتجميع السلفيين الجهاديين على مستوى أكثر من دولة، لذلك فالتنظيم موجود، غير أن عدد أتباعه قليلا جدا، لكنها عناصر فعالة، وأظن أن هذا جزء من خطته.وأعتقد أن القاعدة لا تسعى لإضاعة جهدها في القيام بأعمال تخريبية داخل بلدان المغرب العربي، بل تركز، من خلال عناصرها الفعالة، على استقطاب أكبر عدد من المقاتلين لإرسالهم للعراق.

بماذا تفسرون إنشاء واشنطن لقاعدة لها في إفريقيا؟ وما الهدف منه؟

أن لا أعتقد أن المواجهة ستكون في إفريقيا، لأن تنظيم القاعدة موجود في أفغانستان بالدرجة الأولى وعلى الحدود الباكستانية، إذ لا يمكن الحديث عن طالبان دون الحديث عن القاعدة لأن هناك تداخل بين التنظيمين، لذلك فالكل يتحدث عن هذه العودة القوية لطالبان وهي في حد ذاتها عودة لأتباع اسامة بن لادن.

وهذا يحيل على أن المراكز الأساسية للقاعدة ما زالت في أفغانستان وفي الحدود باكستان، كما أنها موجودة بقوة في العراق، إلا أنه ما زال يبحث حاليا على مواقع قريبة من بلاد الرافدين، خاصة في العربية السعودية وتركيا وسوريا.

أما بالنسبة لإفريقيا، فأعتقد أن القاعدة ليست في حاجة لمعسكرات تدريب بالمفهوم الكلاسيكي، لأنه لا يخوض حرب عصابات، بل يعتمد على مجموعة من الانتحاريين للقيام بعمليات إٍرهابية.
وهذه التقنية ليست في حاجة إلى معسكرات في الصحراء، كما تدفع بذلك الولايات المتحدة الأميركية التي تلعب ورقة تضخيم الخطر الإرهابي في المنطقة لتكون قريبة أكثر فأكثر من مصادر الطاقة التي تختزنها بعض الدول في القارة.

كما أن الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى الحد من توسع نفوذ الصين التي بدأت تتحرك بشكل ملفت للانتباه في المنطقة، مما دفع واشنطن إلى التعجيل بإنشاء قاعدتها لاحتواء المد الصيني، خاصة أن توسع في السودان التي تعيش حاليا صراع مع أميركا. خلاصة القول، إن واشنطن تخطط لتكون قريبة من بعض الدول التي تريد مراقبتها، أما بالنسبة لخطر القاعدة فهو تبرير للوجود العسكري ليس إلا.

أسامة بن لادن حي أم ميت؟

من الصعب الآن الحديث عن وضعية أسامة بن لادن هل هو حي أم ميت، لأن المسألة لا يمكن التأكد منها، رغم أن هناك بعض التقارير الاستخباراتية، خاصة الفرنسية، التي تحدتث عن وفاته.
لكنني أعتقد بأن الارتباط التنظيمي بالجماعة السلفية للدعوة والقتال وتغييرها بإسمها تم بشكل غير مباشر مع الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري.

وإذا تتبعنا الإعلان الذي كشف فيه أمير الجماعة السلفية أبو مصعب عبد الودود ارتباط الجماعة التنظيمي بالقاعدة، يظهر لنا بأنه قال بأنه بايع أيمن الظواهري، ولم يقل أسامة بن لادن، مما يعني أن هناك ارتباط بالظواهري أكثر من أسامة بن لادن.

ورغم أن الظواهري يتصرف على أنه الرجل الثاني ويتحدث باسم أسامة، إلا أنني أعتقد أن أبو المصعب ربما يتوفر على معلومات، لا نتوفر عليها نحن، أي أنه ربما يعرف بأن بن لادن قد مات. لذلك فإنه أعلن بيعته لأيمن الظواهري وليس أسامة ابن لادن، وربما ذكر إسمه خلال تغيير إسم الجماعة، للتذكير بأنه ما زال حيا أو للتمويه.

هل هناك تنسيق مغاربي لإحباط المخطات الإرهابية؟

هناك تنسيق أمني بين الأجهزة المغاربية فيما بينها وبين الأجهزة الأوروبية والأميركية، وربما هذا الخطر سيدفع نحو بدل المزيد من الجهود لتفادي التهديدات الإرهابية.وربما قد تدفع هذه التهديدات في تجاه تذويب بعض الخلافات السياسية بين الأنظمة في منطقة المغربي العربي، وربما قد تعرقل من وتيرة بناءه، كما سبق ووقع على يد ليبيا التي استغلت الهجرة غير الشرعية وتسلل الإرهابيين لتفرض التأشيرة على بعض دول المغاربية، وهذه المسألة تسير ضد التيار.

أما مسألة الخطر الذي يمكن أن يهدد بعض الدول، فأعتقد أن تنظيم quot;القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميquot; لا يتصرف بهذا المنطق القطري، بمعنى أنه الآن يتجاوز منطق الحدود وهو يتعامل مع منطقة المغرب العربي. ويبقى التخوف هو أن تتحرك العناصر المغاربية بشكل عام لقيام ببعض الأعمال الإرهابية، ولكن كما قلت الرهان الآن هو استقطاب المقاتلين. وفي حال تم تغيير الأولويات واستهدفت الدول المغاربية، فأكيد أننا سنلاحظ مغاربيين يشاركون في هذه الأعمال التخريبية.

ارتبطت الجماعات الإرهابية مؤخرا بعصابات الجريمة المنظمة، ما مدى الارتباط هذا الارتباط؟

أكيد أن الرؤوس المخطة للعمليات الإرهابية تبحث عن أشخاص لهم خبرة في مجالات قد يستفيدون منها، لأنه من السهل أن تستقطب شخص له خبرة في الجريمة المنظمة وأن تشحنه بأفكار تبرر ما سيقوم به مستقبلا.

وحسب ما جرى في تونس، فقد أظهرت التحقيقات أن الشخص الذي دخل في مواجهة مسلحة مع قوات الأمن معروف في إيطاليا بكونه كانت له قدرة على مستوى تهريب المخدرات. ويبدو أن اسقطب من قبل الجهاديين وتمت الاستفادة من خبرته على مستوى تهريب السلاح، وهو ما تأكد خلال المواجهة المسلحة، إذ تبين بأنه تمكن من تهريب أسلحة إلى داخل التراب التونسي دون أن يفطن له رجال الأمن.

لا يمكن القول بأن ما تقوم به الجماعات المتطرفة حاليا يدخل، من الناحية القانونية في مجال الجريمة المنظمة، لكن هذا لا يمنع من التأكيد على أن هناك استفادة من تجارب الآخرين.