إيلاف تقرأ في أفكار تل أبيبفي مؤتمر هرتسيليا (1-2)
ليفني: هدفنا دولة يهودية نقية ولا لشرق أوسط جديد
أسامة العيسة من القدس: إنطلقت فعاليات مؤتمر هرتسيليا السنوي، وهو مؤتمر استراتيجي يعد له جيدًا، ويتحدث أمامه صانعو القرارات السياسية والثقافية والعسكرية والاقتصادية وفي شتى المجالات داخل إسرائيل. وتخلو كلمات المتحدثين من أي نصوص إنشائية، أو زيادات تجميلية، وإنما تحدد الرؤى الاستراتيجية لصانعي القرار الإسرائيلي. وفي هذا العام تحدثت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تيسبي ليفني مطولاً أمام المؤتمر، وحددت وجهة نظرها مما تعتبرها قضايا استراتيجية تواجه إسرائيل، وتأتي أهمية كلمة ليفني ليس فقط من أهمية ما رحته أو كونها نائبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكن أيضًا لأنها مرشحة للقيام بدور أكبر في السياسة الإسرائيلية.
فكيف تفكر ليفني؟ يمكن تلخيص ما قالته في كلمتها المطولة في هذه النقاط:
*يتوجب توحيد الجمهور الإسرائيلي حول هدف مشترك لمواجهة ما وصفته ليفني التهديدات والتحديات الصعبة.
*ترى أن قاعدة العلاقة بين القيادة والجمهور يجب أن تقوم على الحقيقة، حتى عند وجود صعوبة في مواجهة تهديد معين أو في تسويق الحقيقة.
*القاسم المشترك أو الهدف الأعلى لدولة إسرائيل quot;هو وجودها كدولة يهودية وديمقراطية، مع اندماج هاتين القيمتين ودون اصطدامهما ببعضهما البعض، أو بعبارة أخرى وجود دولة آمنة في أرض إسرائيلquot;.
*من هذا الهدف الأعلى تنبثق قرارات على الصعيدين الداخلي والخارجي، والتحديات التي تواجهها إسرائيل على الصعيد الداخلي كثيرةجدًا، ولكن ما تراه ليفني تحديًا مهمًا هو ترسيخ quot;المبادئ الأساسية لدولة إسرائيل، كدولة يهودية وديمقراطية على نحو يدمج بين هاتين القيمتين. هذا ما يتوجب علينا عمله من خلال وضع دستور، وحتى اليوم، لم ينجح الكنيستللأسف في القيام بذلكquot;.
*التحدي الإضافي هو ترسيخ هذه المبادئ في عمل السلطة، وأعلنت تأييدها لتكامل عمل السياسيين والحقوقيين ليكونا quot;حجري الأساس اللذين ترتكز الديمقراطية الإسرائيلية عليهماquot;.
*تربية الإسرائيليين بشكل يستند إلى جذور الشعب اليهودي وتقول ليفني quot; إن قصة دولة إسرائيل في نظري ليست فقط قصة المواطن الذي ولد وترعرع هنا بعد إقامة دولة إسرائيل. في نظري، فإن معنى الإسرائيلي مرتبط ارتباطًا تاريخيًا طويلاً بسيرة الشعب اليهودي، بتاريخه، وثقافته، كما وجد الأمر تعبيرًا مختلفًا له في كل واحدة من دول الشتات التي تواجد فيها الشعب اليهوديquot;.
*ولأن الهدف الأعلى يشمل وجود دولة إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي، كما ترى ليفني، فإنها تدعو إلى تقوية وتعزيز العلاقات والروابط مع يهود الشتات quot;الذين نخوض معهم حربًا واحدة على ثلاث جبهات مختلفة. الأولى على وجود دولة إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي، الثانية هي جبهة حرب مشتركة ضد اللاسامية التي ترفع رأسها القبيح في أماكن مختلفة من العالم، والجبهة الثالثة هي نضال مشترك مع العالم الحر ضد المتطرفينquot;.
*توقفت ليفني مطولاً عند ما أسمتها الحركات والدول المتطرفة وعلى رأسها كما ترى إيران، وترى أن ما تعتبره تهديدًا تشكله إيران ليس له صلة بالصراع الإسرائيلي ndash; الفلسطيني أو بدولة إسرائيل وتقول quot; من الواضح أنه حتى لو نجحنا بحل هذا الصراع صباح غد، فإن إيديولوجية إيران لن تتغير، ومثلما من الواضح لجارات إيران ولدول عربية وإسلامية بأن مشكلة إيران ليست إسرائيل، وإنما هي ذريعة فقط، بغية إثارة الغرائز داخل هذه الدول وفي صفوف الجهات الراديكالية الموجودة فيهاquot;.
*خصصت ليفني جزءًا من خطابها للعملية السلمية، وقالت quot;من يدرك بأن الهدف الأعلى لدولة إسرائيل هو وجودها كدولة يهودية وديمقراطية، مع دمج هاتين القيمتين ببعضهما وعدم اصطدامهما ببعض، يدرك الحاجة إلى التقسيم. من يريد الحفاظ على جميع أسس الهدف الأعلى، أي وجود دولة يهودية وديمقراطية وآمنة في أرض إسرائيل، يدرك أنه يجب التنازل عن جزء من أرض إسرائيل، لكننا نحافظ بذلك على سيادة الدولة اليهودية على الجزء الآخر من أرض إسرائيلquot;.
*أعلنت ليفني ان إسرائيل لا تسعى الآن إلى ما أسمته شرق أوسط جديد فيه تعاون وشراكة ولكن إلى ما أسمته انفصالاً باتفاق معتبرة أن ذلك من اجل مصلحة quot;أولادنا جميعًا، ولكي نتمكن من مواصلة المحافظة على الهوية المستقلة لكل واحد مناquot;.
*وحول لماذا تريد إسرائيل الان التوصل إلى حل؟ تجيب، بأنه مع مرور الزمن يحتل من تسميهم المتطرفين محل البراغماتيين، وإن المتطرفين quot;يسيطرون ويحتلون منطقة أخرى، ومكانًا آخر، ونرى أن النزاعات الوطنية تتحول إلى نزاعات دينية، وخلال مرور الوقت فإن المواقف الإسرائيلية الأساسية تأخذ بالتآكل، ولذلك يجب علينا أن نحاول أن نرى إن كان يوجد قاسم مشترك بيننا وبين الجهات البراغماتية في السلطة الفلسطينية. هذا هو واجبنا، وواجبنا يقضي بأن نفعل ذلك الآن، لأن الزمن لا يعمل لصالح من لا يشخص الهدف الأعلى والمصلحة العليا لدولة إسرائيلquot;.
*تحدثت ليفني عن اتخاذ إسرائيل قرارًا مبدئيًا بدعم ما أسمتها الجهات البراغماتية في السلطة الفلسطينية للتوصل إلى اتفاقات معها، ولكن قبل تطبيق أي اتفاقات، يتوجب على السلطة تنفيذ خطة الطريق، وهذا يسبق إقامة الدولة الفلسطينية وتؤكد بوضوح quot;أن الأمر الأكثر أهمية طبعًا ndash; هو موضوع الأمنquot;. وإذا لم يستجب الفلسطينيون لذلك فكل شيء سيكون في مهب الريح.
*تحدثت عن قرار إسرائيل بانتهاج ما أسمتها quot;استراتيجية مزدوجة في علاقاتنا وفي تعاملنا مع المعتدلين والبراغماتيين من جهة، وفي تعاملنا مع الجهات المتطرفة، حماس من جهة أخرىquot;.
وتقول quot;هذه السياسة إزاء الجهتين مختلفة تمامًا، والجزء القابل تطبيقه ينبع من بين ما ينبع من الحقيقة أن التقسيم الأيديولوجي الداخلي الفلسطيني قد وجد تعبيرًا إقليميًا أيضًا، وفيما تخضع غزة لسيطرة حماس التامة، وهناك يتوجب علينا العمل، ونحن نعمل بمساعدة جيش الدفاع الإسرائيلي، مع ذلك فإن العنوان الذي يمكن التقدم معه هي الجهات البراغماتية التي تسيطر على يهودا والسامرةquot;.
*ترى ان إسرائيل دخلت إلى العملية السلمية، ليست مرغمة، أو لتوفير حاجة فلسطينية أو دولية، وليس من منطلق الشعور بالذنب، وانما quot;من منطلق معرفتنا الواضحة للهدف والمواضيع التي ستضطر إسرائيل إلى الإصرار عليها. ويتوجب علينا ترسيخ ذلك في الاتفاق، لأننا لا نستطيع عدم عمل أي شيء، أو أن نرمي المفتاح إلى الجانب الآخر من الحدود وأن نأمل خيرًاquot;.
*ترى ليفني ان quot;غزة ليست بقصة موجودة في الجنوب البعيدquot;، ولكنها مشكلة يجب مواجهتها، وحملت حماس المسؤولية عن إطلاق الصواريخ بغض النظر عن الفصائل التي تطلق هذه الصواريخ حتى لو لم تكن حماس من ضمنها.
*قالت ليفني إنه يجب أن يكون واضحًا بالنسبة إلى العملية السلمية أنها quot;في بدايتها والمبدآن الإضافيان اللذان أجملناهما مع الفلسطينيين، بالنسبة إلى العملية نفسها هما، لا شيء متفق عليه حتى الاتفاق على كل شيء. أي، إننا نقوم بالتفاوض والطريق أمامنا ما زالت طويلة بعد. والأمر الثاني هو أن المناقشات سوف تكون مناقشات هادئة، من دون رفع سقف التوقعاتquot;.
*أكدت ليفني أنه يجب quot;أن يكون واضحًا بأن كل اتفاق توافق إسرائيل على قبوله، يجب أن يقضي بوضع حد للصراع، وإنهاء المطالب الوطنية الفلسطينية من دولة إسرائيل، ومن الشعب اليهوديquot;.
*وأكثر من هذا قالت quot;لا بد من الإيضاح بأن إقامة الدولة الفلسطينية هي الرد الوحيد والحصري على التطلعات الوطنية لكل فلسطيني حيثما تواجد، سواء لمن كان يعيش اليوم في غزة، في يهودا والسامرة، في مناطق السلطة الفلسطينية عامة، أو لمن يعيش في مخيمات اللاجئين, أو حتى لمن يعيش في إسرائيلquot;.
*وأكملت quot;هكذا يجب أن يكون واضحًا أيضًا أن إقامة الدولة الفلسطينية، حينما تتم إقامتها، تشطب من جدول أعمال دولة إسرائيل الدعاوى الجماعية المقدمة من مواطنين إسرائيليين على خلفية قوميةquot;.
*ترى ليفني أنه من دون دعم العالم العربي لأي اتفاق غير مشروط مع إسرائيل، quot;لا أمل في أن توجد زعامة قادرة على اتخاذ القرارات المطلوبة بغية التوصل حقا إلى تسوية تاريخيةquot;، ولذا فإن إسرائيل ستعمل من اجل أن ينزل العالم العربي كما تقول quot;عن السياجquot;.
وأكدت ليفني quot;لم آت إلى هنا لبيع الأحلام, ولا للتسبب، حاشا لله، بجعل أحد ما يستسلم. أؤمن أن ما أفعله اليوم، ما نفعله اليوم، يعبر عن المصلحة الإسرائيلية بكاملها. أؤمن أن الطريق التي نسير فيها لا تعكس المصلحة الإسرائيلية فحسب، بل تعكس الإجماع الإسرائيلي العريض، وقد توقفت منذ زمن عن الإيمان بمصطلحات اليسار واليمين، على الرغم من المحاولات لوضعنا في شتى هذه المربعاتquot;.
في الجزء الثاني: ماذا تحدت اولمرت أمام مؤتمر هرتسيليا؟
التعليقات