أطلق عليها حرب الفرصة الضائعة !
فينوغراد يخرج أولمرت من ذيول حرب تموز سالماً
خلف خلف من رام الله: نجا رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، اليوم الخميس، من أول عاصفة ردود فعل على تقرير لجنة فينوغراد، وضمن وقوف كتلة كاديما خلفه في أول جلسة لحزبه بعد نشر التقرير حيث أجمع المتحدثون على ضرورة تجاوز أزمة فينوغراد موحدين. هذا فيما يرى العديد من المراقبين للشأن الإسرائيلي أنه لا تداعيات كبيرة للتقرير يمكن تسجيلها على المدى المنظور على الساحة الإسرائيلية، وبخاصة أن كافة الترجيحات تستبعد انسحاب كتلة حزب العمل من حكومة أولمرت، لأن هذه المغامرة تعني إجراء انتخابات مبكرة، قد تقود عملياً لصعود حزب الليكود المعارض لسدة الحكم.كيف يقرأون تقرير فينوغراد في لبنان؟
وأوضح أولمرت في أول جلسة لحزبه كاديما عقدت اليوم الخميس أن تقرير فينوغراد عميق وشامل ويطرح أسئلة غير بسيطة، مضيفا أن الحكومة ستواصل إصلاح مواطن الخلل. بينما نقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، القول: إن تقرير لجنة فينوغراد هو تقرير خطر ولكنه يتعين على وزراء الحزب مواصلة العمل معاً من أجل تطبيق توصيات التقرير والاستمرار في المسيرة السياسية. وأضافت ليفني تقول إن المسؤولية لم ترفع بالأمس عن عاتقنا وإنما بالعكس.
كما دعا أيضا الوزير مئير شطريت بدوره أعضاء حزب كاديما إلى رص الصفوف والتوحد خلف أولمرت. كما أدلى الوزير روني بارؤون بأقوال مماثلة متهماً المعارضة بالتأثير في العائلات الثكلى ومحاولة إحداث الشقاق في صفوف كاديما.
أما الوزير شاؤول موفاز فتحدث عن ضرورة استبدال مصطلح بقاء الحكومة الذي يستعمله البعض بمصطلح الاستقرار، وأكد موفاز ضرورة إقدام الحكومة على تطبيق توصيات لجنة فينوغراد.
ولكن عضو الكنيست من كاديما أفي يتسحاكي، كان أعلن اليوم الخميس قرار انسحابه رداً على نتائج فينوغراد، وقال يتسحاكي إنه سيستقيل من الكنيست احتجاجا على رفض أولمرت الاستقالة بعد نشر التقرير النهائي. مبيناًأن استقالته من الكنيست ستتم خلال ثلاثة أسابيع، وشدد يتسحاكي على أنه درس تقرير اللجنة بإمعان، وأنه يعتقد ان لائحة الاتهام الموجهة فيه ضد اولمرت اخطر مما جاء في التقرير المرحلي الذي أصدرته اللجنة.من جهته، دعا زعيم المعارضة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو اليوم اولمرت الى الاستقالة واصفا اياه بانه quot;غير كفوءquot;. وصرح رئيس الوزراء السابق في مؤتمر صحافي غداة صدور التقرير ان quot;الدولة يقودها رئيس وزراء غير كفوء ولا يستحق تولي القيادةquot;.
وقال نتانياهو ان اولمرت quot;يرفض تحمل المسؤولية وإبداء حس بالنزاهة او بالقيادة ويرفض ان يفعل ما تتوقعه منه الاغلبية العظمى من الشعبquot;. وحث نتانياهو وزير الدفاع ايهود باراك، زعيم حزب العمل الشريك الرئيس في الائتلاف الحكومي الذي يتزعمه اولمرت، على الانسحاب من الحكومة.
إلى ذلك، أصدرت كتلة quot;الليكودquot; بيانا جاء فيه إن التقرير خطر، وأنه على رئيس الحكومة أن يقدم استقالته. وبحسب الليكود فإن التقرير يحمل المستوى السياسي، الذي يقف أولمرت على رأسه، المسؤولية بشكل واضح، وعليه أن يتحمل المسؤولية الشخصية ويقدم استقالته.
وفي ما يخص حزب العمل الشريك الأكبر في الحكومة الإسرائيلية، فانه على الرغم من معارضة معظم نواب الحزب لفكرة الانسحاب من الحكومة، إلا هناك نواب يضغطون بعكس هذا الاتجاه، وقد دعا اليوم سكرتير الحزب النائب إيتان كابل وأعضاء الكنيست أوفير بينس وداني ياتوم وشيلي يحيموفيتشرئيس رئيس الحزب وزير الأمن إيهود باراك إلى الانسحاب من الحكومة بسبب ما ورد في تقرير لجنة فينوغراد، كما انتقدت النائبة يحيموفيتش بشدة أولمرت، قائلة إنه لم يعُد يملك شرعية تولي مقاليد رئاسة الحكومة.
ولكن مراقبين للشأن الإسرائيلي يستبعدون أن تتوفر أغلبية في حزب العمل للانسحاب، أو حتى المبادرة لمطالبة كاديما باستبدال أولمرت، كما كان إيهود باراك قد تعهد، لأن مثل هذا الطلب قد يقود إلى انتخابات تقدم السلطة على طبق من ذهب لحزب الليكود، ولا تلعب لصالح حزب العمل الذي ليس جاهزاً لانتخابات في الوقت الراهن.
وأعلن وزير الأمن الإسرائيلي السابق النائب العمالي عمير بيرتس اليوم في مؤتمر صحافي في تل أبيب أنه دفع ثمنا سياسيا باهظا بعد حرب لبنان الثانية بسبب الشعور بالإحباط الذي ساد أوساطا واسعة من المواطنين.
كما دافع بيرتس عن قرار خوض الحرب، مشدداً على أنه كان من الضروري تغيير الواقع الصعب الذي شهدته فترة السنوات الست التي سبقت الحرب.وألقى بيرتس بالمسؤولية عن هذا الواقع وكذلك عن اختلال الأداء العسكري على سلفه في وزارة الأمن الوزير شاؤول موفاز من كاديما وعلى رئيس الوزراء السابق ارييل شارون وعلى رئيس الوزراء الأسبق رئيس حزب العمل الحالي إيهود باراك .
وعلى مستوى الجيش والتداعيات التي أفرزها تقرير لجنة فينوغراد عليه، فقد صرح الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات العسكرية الميجر جنرال احتياط اهرون زئيفي فركش بأنه يجب على اولمرت البت في مسألة تحمله المسؤولية عن القصور في أدائه كما تجلى في حرب لبنان الثانية مثلما فعل في حينه رئيسا الوزراء غولدا مئير ويتسحاق رابين. ورفض زئيفي فركش تحميل الجيش وحده مسؤولية الإخفاقات في الحرب.
وبجانب ذلك، يعتزم جنود الاحتياط وعائلات الجنود القتلى إطلاق حملة احتجاجية لحمل وزير الأمن إيهود باراك على الانسحاب من الحكومة بعد أن أدركوا أن نجاح مهمتهم في الضغط على رئيس الوزراء إيهود أولمرت بات ضئيلا بعد تجربة التقرير الأولى.
وأعلنت حركة quot;تفنيتquot; التي تقود احتجاجات جنود الاحتياط أنها تعتزم تنظيم اعتصام قبالة الكنيست مطلع الأسبوع المقبل في الوقت الذي ستعقد فيه جلسة لبحث التقرير النهائي للجنة فينوغراد. وقال رئيس الحركة عوزي دايان إن الاعتصام سيستمر إلى أن يقرر الكنيست بأن إيهود باراك يجب أن يستقيل. وأضاف: quot;بات الإسرائيليون كلهم يدركون أنه ممنوع أن يتسلم رئيس الوزراء الحالي المسؤولية عن جنود. ودعا ديان الجمهور إلى المشاركة في النشاطات الاحتجاجيةquot;.
في هذه الأثناء، تتصاعد ردود الفعل على تقرير فينوغراد في وسائل الإعلام العبرية، فقد قالت صحيفة (هآرتس) في افتتاحيتها، إن التقرير النهائي أشد من التقرير الأولي بالنسبة إلى رئيس الوزراء إيهود أولمرت، وأن النقاط التي عرضها القاضي المتقاعد إلياهو فينوغراد في خطابه خطرة بشكل غير عادي، وأعلنت عنه أنه غير أهل لإدارة حرب.
وأضافت هيئة تحرير الصحيفة: quot;ليس لدى أولمرت أي سبب لأن يغتبط وثمة شك في أنه يحق له أن يتنفس الصعداء، فتقرير لجنة فينوغراد النهائي أكثر خطورة من التقرير الأولي لأنه يؤكد أن الدروس بعد الفشل في الأيام الأولى لم تستخلص ولم تجر إصلاحات ولم يتحسن مستوى عملية اتخاذ القرار، ولم يتحسن أداء الحكومة أو الجيش، وذلك على الرغم من أنه كان للحكومة وقيادة الجيش 34 يوما لتدارك الموقفquot;.
يذكر أن استطلاعاً للرأي نشرت نتائجه اليوم الخميس، بين أن غالبية الإسرائيليين ترى أن على رئيس الوزراء أيهود أولمرت الاستقالة بعدما نشرت أمس نتائج تقرير لجنة التحقيق الإسرائيلية الرسمية التي خلصت إلى أن حرب لبنان صيف 2006شكلت quot;إخفاقا كبيرا وخطرا لإسرائيلquot;. وردا على سؤال quot;بعد ما سمعتم عن التقرير هل تعتقدون أن على رئيس الوزراء تقديم استقالته?quot; أجاب 57% من الأشخاص بنعم في حين قال 33% انه عليه أن يبقى في منصبه و10% لا رأي لهم.
وكانت قد أعلنت المحكمة العليا الإسرائيلية أن quot;الحرب على quot;حزب اللهquot; في 2006 انتهت بلا انتصار مؤكد لأي من الطرفينquot; وفقاً لما صرح به رئيس فريق التحقيق الذي شكلته الحكومة الأربعاء الماضي موجهاً اللوم للمسؤولين السياسيين و العسكريين وأضاف ... quot;أن الفشل و الإخفاق كانا هما العنوان الرئيسquot; لصفحة حرب تموز 2006. وعلى الرغم من ذلك، حظي رئيس الوزراء الإسرائيلي quot;إيهود أولمرتquot; بقدر كبير من الدفاع و المبررات التي وقفت أمامه كحائط صد يضمن له الحفاظ على كرسي الوزارة.
و كان الرئيس المتقاعد للمحكمة العليا الإسرائيلية quot;إلياهو فينوغرادquot; قد أعلن أن quot;أولمرتquot; توجه إلى الوجهة الصحيحة لتحقيق صالح إسرائيل عندما quot;فكر بإخلاصquot; في إصدار الأوامر بشن الهجوم البري في الأيام الأولى من حرب تموز 2006، و هو الهجوم الذي راح ضحيته 33 من الجنود الإسرائيليين. كان ذلك في سياق التقرير النهائي الصادر عن فريق التحقيق الحكومي الذي استمر في بحث تلك المسألة ما يزيد على 16 شهرا تحت إشراف الهيئة القضائية المنعقدة بحضور quot;أولمرتquot; لتسليم التقرير للحكومة.
يذكر أن quot;أولمرت لم يكن له أي تعليقات مباشرة على نتائج التقرير طبقاً لما صرح به مساعده quot;أوفيد يهيزكيلquot; الذي أضاف أن quot;أولمرتquot; قد قبل كل ما وجهته له المحكمة من انتقادات و لن يقبل على اتخاذ القرار بالاستقالة. و كان من بين كلمات quot;أوفيد يهيزكيلquot; التي صرح بها لإذاعة القوات المسلحة ... quot;سوف نبقى مكاننا متحملين المسؤولية، عاملين على إصلاح ما فسد، مقدمين على تحسين الأوضاع و مستمرين في المضي قدماً نحو ما هو أفضلquot;.
و أثناء إصداره للتقرير النهائي أطلق quot;فينوغرادquot; على حرب الـ 34 يوماً (حرب تموز 2006) اسم quot;فرصة عظيمة ضائعةquot; للقضاء على التهديد الذي يمثله الإسلاميون المتطرفون الراديكاليون في حركة quot;حزب اللهquot; الذين أطلقوا ما يزيد على 4000 صاروخ داخل الأراضي الإسرائيلية أثناء الصراع الدائر معهم. بهذا الصدد علق quot;فينوغرادquot; قائلاً ... quot;لقد شنت إسرائيل حرباً طويلة انتهت دون تحقيق أي نصر عسكري، و هي الحرب التي تصدى فيها للقوات الإسرائيلية منظمة شبه عسكرية تتكون من بضعة آلاف من الرجال المسلحين الذين قاوموا لأسابيع قليلة أقوى جيش في الشرق الأوسط، و مع استمرار المواجهة معهم لم يكفوا عن إطلاق الصواريخ التي كانت تسقط داخل الأراضي الإسرائيليةquot; .
كما كان هناك ذلك التقرير الذي تم إعداده في الفترة التي تخللها التحقيق في حرب تموز 2006 و الذي اتهم رئيس الوزراء بـ quot;الفشل في العديد من الممارسات التي قام بها و التي استهدفت التوصل إلى العديد من التقديرات الهادفة لتقييم تجربة الحرب قبل البدء بها سواءً في الحكم على الحرب كإحدى التجارب التي يقدم عليها الجيش الإسرائيلي، فشل آخر في تحمل مسؤولية هذه الحرب، بالإضافة إلى افتقار قرار الحرب إلى الحنكة و الحكمة السياسيةquot; و هو ذلك القرار المتمثل في شن حملة موسعة على قوات حرب العصابات المتمثلة في عناصر حزب الله في تموز 2006 كرد فعل على اختطاف اثنين من الجنود الإسرائيليين و مقتل خمسة آخرين في إطار إحدى الغارات الحدودية.
جدير بالذكر أن التقرير النهائي للتحقيق قد صدر الأربعاء مرتكزاً على التصرفات التي قام بها كبار المسؤولين الإسرائيليين خلال الساعات الأخيرة من الحرب التي شهدت قرار الأمم المتحدة والذي قضى بوقف إطلاق النار في الحادي عشر من أغسطس من العام نفسه . و هو التوقيت نفسه الذي أصدر فيه رائد عمليات في قوات المشاة الإسرائيلية أوامره بترك 33 من الجنود الإسرائيليين ليلقوا حتفهم على يد عناصر quot;حزب اللهquot; خلال الـ 60 ساعة الأخيرة من القتال، إضافةً إلى ذلك أشار التقرير إلى أن حوالي ربع القوات الإسرائيلية المشاركة قد لقي مصير الـ 33 جنديا نفسه.
بهذا الصدد صرح quot;فينوغرادquot; يوم الأربعاء الماضي بأن quot;نوايا أولمرت كانت في مكانها الصحيح، أما محل التساؤلات فيكمن في الحكمة التي افتقر إليها قرار العدوانquot;، و في ختام تعليقاته على الموقف قال ... quot;إسرائيل لم تعتمد في قرار الحرب على قواتها المسلحة، بل اعتمدت بشكل أساسي على الاتفاق السياسي الذي تدخل في الوقت المناسب لإنهاء الحرب التي فشلت تلك القوات في تحقق النصر فيهاquot;.
يذكر أن الجدل الدائر حول حرب تموز 2006 قد أدى إلى رحيل اثنين من أهم و أكبر قيادات وزارة الدفاع من مناصبهم و هما... وزير الدفاع quot;عامير بيرتسquot; و رئيس الأركان quot;دان حالوتسquot;، إلا أن المفوض صرح بأنه لن يكون هناك ثمة لوم أو جزاءات شخصية يتعرض لها quot;ليفيquot; عن طريق المحكمة، بل سيترك أمره إلى المصوتين و الناخبين الإسرائيليين.
الجزء المأخوذ من خدمة نيويورك تايمز الإخبارية ترجمه: محمد حامد- إيلاف
التعليقات