quot;إيلافquot; تكشف التفاصيل السرية
دور عماد مغنية بتفجير الخبر في السعودية
ولكن في الأوساط السعودية الكتومة تدور قصص أخرى عن مغنية غير تلك القصص حول بطولته أو سلوكه الإجرامي المتأصل. إن اسم مغنية في السعودية يبرز في الأنباء المتقطعة وغير الواضحة التي تدور حول دوره الكبير في تفجير الخبر( شرق السعودية ) الذي وقع عام 1995وخلّف وراءه 19 قتيلاً وعددًا كبيرًا من الإصابات وحفرة هائلة جدًا ثقبت الأرض تحت الصهريج الذي ملئ بالمتفجرات، ولا تزال صورة تلك الحفرة التي بثتها وسائل الإعلام في حينها عالقة في خيال السعوديين وتسترجع الذكريات الخائفة والمؤلمة التي مثلتها تلك الحادثة التي كانت تعد أول التفجيرات البشعة والمخيفة.
وكما تشير مصادر خاصة بـ quot;إيلافquot;، فإن عماد مغنية شكل دورًا مركزيًا في عملية تفجير الخبر، وكان هو وبحسب جميع الاعترافات المسجلة في الجهات الأمنية المسؤول عن تنظيم هذه العملية الإرهابية الضخمة وترتيبها.فقد قام مغنية بدور النسخة الشيعية من بن لادن السني، فكما أن بن لادن استغل النزعة الدينية المتطرفة لـ 15 سعوديًا من أجل أن يشاركوا في تفجيرات 11 سبتمبر في منهاتن، فإن مغنية (بالتأكيد الذي لم يكن يعمل وحيدًا) استغل المشاعر الدينية لدى مجموعة من الشباب الشيعة التي زاد غضبها مع الوجود الأميركي في السعودية بعد حرب الخليج الثاني ليحولها إلى مجموعة إرهابية تحمل نزعات تخريبية وإجرامية، ولكنه وجّه عملياته إلى الداخل السعودي، ونحو هدف حساس جدًا تبدو واضحة فيه الرغبة السياسية لضرب العلاقة السعودية الأميركية ( تمامًا كما كان يهدف بن لادن من 11 سبتمبر).
quot;حزب الله الحجازquot; أو quot;حزب الله السعوديquot; هذا هو اسم التنظيم الذي كان المسؤول عن تفجير الخبر ومع أن بداية هذا التنظيم سلمية ودعوية، إلا أنه نزع بسرعة إلى وضع أكثر تشددًا وتحول في النهاية إلى تنظيم عسكري . يقول الكاتب والصحافي السعودي فارس بن حزام المتخصص بشؤون الإرهاب في أحد مقالاته عن هذا التنظيم الذي نشر في صحيفة الرياض السعودية: quot;كانت بداية التنظيم فكرية دعوية، لا ترتبط بالسلاح، ورؤوسه معروفة لدى بعض سكان المنطقة فترة الثمانينات، على الرغم من أنهم كانوا ينكرون وجودية تنظيمهم، وشيئًا فشيئًا ظهر له جناح عسكري، ليبدأ في التخطيط لعملياته بعد حرب تحرير الكويت؛ بغية quot;إخراج القوات الأميركية من جزيرة العربquot;.
قام هذا التنظيم داخل السعودية وخارجها بتحركات واسعة تبدأ من بيروت وتنتهي بالقطيف، وعبر مرحلة طويلة من جمع المعلومات ورصد المواقع واختيار العناصر وكل ذلك يأتي بإلهام وتخطيط من هذه الشخصية اللبنانية المتمرسة quot;مغنيةquot; التي أكدت جميع الاعترافات تورطه الكبير في ذلك التفجير الإرهابي. في مساء الخامس والعشرين من نوفمبر عام 1996 صدم العالم بذلك الانفجار الكبير الذي أسمي فيما بعد تفجير الخبر .
ولكن بعد ذلك استطاعت القوات الأمنية السعودية أن تلاحق هذا التنظيم وتدمره بسرعة كبيرة وتقبض على عدد كبير من أفراده ( لا زال بعضهم في السجن وتم الإفراج عن آخرين) وتسلمت الحكومة السعودية عناصر آخرين من الخارج. ولكن أربعة من المدبرين الرئيسين لهذه العملية فرّوا إلى إيران كان أبرزهم عبدالكريم الناصر وأحمد المغسل. وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز أعلن أكثر من مرة عن طلبه من الحكومة الإيرانية تسليم السعودية هؤلاء المتهمين ولكنهم ومنذ 17 عاما يلقون الرد الإيراني نفسه وهو quot; هؤلاء المطلوبون غير موجودين لدينا ولم يدخلوا بلادناquot; .
ولكن داخل غرفة التحقيقات كان يبرز شيئا فشيئا الدور الرئيس الذي كان يمثله مغنية في هذا التفجير. وبحسب معلومات خاصة لـ quot; إيلافquot; فإن الاعترافات كشفت عن شخصية عسكرية استطاعت أن تدير هذه المجموعة الإرهابية بطريقة محترفة وكانت هي المسؤولة تقريبًا عن كل شؤون هذه العملية في الخارج، كما ألقت بضوء على الطريقة المبدعة في التخريب التي يفكر بها عقل مغنية، وعلى الرغم من أن الداخلية السعودية لم تعلن عن طلبها الرسمي لمغنية (في اتصال هاتفي مع إيلاف قال اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي في وزارة الداخلية إن هذه القضية متعلقة بملفات قديمة وأوضح أنه لا يملك جوابا بشأن طلب السعودية لمغنية ولم يعطِ جوابًا حول إذا ما كانت الداخلية السعودية ستعلن قريبًا في بيان يكشف توضيحي حول هذه القضية)، إلا أن مصادرquot; إيلافquot; المطلعة تؤكد أن لدى السعودية تفصيلاً دقيقًا لمسار هذه القضية يثبت تورط مغنية في هذا الأمر.
قضية تفجير الخبر كان له وجهها القذر وهو يعكس التقارب الكبير في عالم الجريمة والسياسة في العالم العربي. فامتناع الكويت والسعودية عن تقديم طلب رسمي لمغنية يبدو أنه قد يخلق توترًا سياسيًا، ولن يفيدهما بشيء ويجب عليهم في النهاية التعامل مع هذا الوضع السياسي السيئ الذي يختلط مع عالم الجريمة، وكما يقول أحد المراقبين: quot;عماد مغنية محسوب على عدد من الدول ومسألة الإلحاح في طلبه من الكويت أو السعودية بشكل علني سيخلق أزمة سياسية، ولن يكون مفيدًا في نهاية المطاف. مثل مغنية يمكن تسلمه بالطريقة السرية فقط ويمكن السكوت عنه بالطرق السرية أيضًا. لذا فإن أميركا الخارجة عن هذا النظام العربي هي من تطالب بصراحة لتسلم مغنية وهي من تضع 25 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات عنهquot; .
ولكن القضية التي تبرز الجانب الأسود في هذه القضية كانت موت جعفر الشويخات أحد المتهمين السعوديين في تفجير الخبر في أحد سجون دمشق، فبعد القبض عليه بيوم واحد قالت السلطات السورية أنه مات انتحارًا بعد أن أبتلع الصابونة الضخمة داخل السجن. ولكن يبدو أن هذا العذر ملفق بطريقة ساذجة ومكشوفة وهو أثبت أنه غير حقيقي مع أول اختبار متوقع يخضع له. فقد طلبت السلطات السعودية تسليم جثمان الشويخات للتأكد من وفاته، ولكن هذا لم يحدثحتى الآن وكما تقول المصادر: quot;من المرجح أن الشويخات يلهو الآن مع الناصر والمغسل في إحدى الساحات الإيرانيةquot;.
يبدو أن العلاقة السورية الإيرانية الوثيقة هي التي دفعت سوريا لعدم تسليم الشويخات، وإبعاد أهم الأسماء المفيدة وذلك كانت تمثل خدمة كبيرة للحليف الإيراني الذي تشير أنباء أن جناحًا متشددًا داخل الحكومة الإيرانية متورط في هذه العملية المعقدة . ولكن كل هذا يكشف جانبا من شخصية مغنية الذي يبدو أنه يتجول في أوقات كثيرة داخل الحديقة السياسية وتحت أنظار رجال الاستخبارات وهذا ما يمثل الفرق الرئيس بينه وبين بن لادن. فابن لادن ينطلق من عقيدة دينية متطرفة وتعتمد شبكته الإرهابية على نفسها في التمويل واستقلالية الأهداف الدينية الخالصة التي تهدف من خلال نشر الإرهاب إلى تطبيق نسخة قديمة ومتطرفة من الإسلام على العالم بأكمله إلا أن بن لادن الشيعي quot;مغنيةquot; يبدو أقل نقاوة في هذا الجانب. فالدور الاستخباراتي لعدد من الدول بارز في نشاطه وهو يتحول بسرعة إلى مجرد عميل قذر وأداة جريمة في خدمة السياسيين المتطرفين والزعماء المستبدين.
الكثير من المتعاطفين مع مغنية يعتبرونه شخصية مشابهة لجميس بوند الشخصية الهوليودية الخارقة التي تقهر الجيوش وتتلاعب بأجهزة الاستخبارات (هذه الشخصية مصممة أصلاً لكشف عجز الإنسان وقدراته المحدودة) ولكن هذه الصورة المثالية التي يتم الترويج لها لا يمكن تصديقها في الواقع، وكما تشير كثير من التفاصيل في كثير من الدول حول عماد مغنية، فإنه ربما كان في يوم من الأيام رجل متدين وطيب ومخلص لقضيته، ولكن الكثير من الدم البريء الذي يلطخ مسيرته يؤكد أنه انزلق في عالم الجريمة الدولية ليتحول إلى مجرد إرهابي في خدمة الساسة.
التعليقات