بعضهم عرف عن طريق الإعلام :
الوزراء الجدد في الإمارات فوجئوا بدخول التشكيل
تاج الدين عبد الحق من أبو ظبي: لم يكن بعض الوزراء الجدد والمخضرمين الذين تم اختيارهم لعضوية الحكومة الإماراتية الجديدة التي أعلنت مساء أمس على علم بتسميتهم اعضاء في هذه الحكومة عندما إتصلت بهم quot;إيلافquot; لتهنئتهم او للاستفسار منهم عن مشاعرهم او تطلعاتهم. صحيح أن بعضهم نفى عند الاتصال علمه بالتشكيل من باب أنه غير قابل للاستدراج الى تصريح قبل الاوان، إلا أن بعضهم الآخر- وخاصة الجدد منهم- لم يكن على علم البتة بالتشكيل الحكومي الجديد وبدا متفاجئًا وغير مصدق، بل اعتبر السؤال مزحة ( سمجة ) لا تستحق التعليق الى ان تبين بعد تواتر الاتصالات ان القصة صحيحة والسؤال مشروع .
ولعل تأجيل حلف اليمين الدستورية للحكومة الجديدة الى ما بعد عودة الشيخ محمد بن راشد من رحلته الى طهران ودمشق والتي بدأت صباح اليوم ( الاثنين )، دليل على ان التشكيل الجديد كان يتم ضمن دائرة ضيقة ولم يعلم بتفاصيله إلا عدد محدود من المسوؤلين المحيطين برئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان ونائبه ورئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم ، وإلا لكان الخبر قد تسرب قبل الاعلان عنه رسميًا على الاقل بين الفعاليات الاجتماعية والاسرية التي ينتمي إليها اعضاء الحكومة الجديدة. ولكان بإمكان تهيئة الوزراء خاصة الجدد منهم وجمعهم لحلف اليمين الدستورية بالتزامن مع إعلان التشكيل الجديد .
ولا تعرف دوافع التكتم الذي تم به تشكيل الحكومة، خاصة وان التكتم طال بعض الوزراء انفسهم . وقد اثار ذلك تكهنات باحتمال ان يكون التشكيل الجديد خضع لتغييرات في اللحظة الاخيرة بحيث لم يتم ابلاغ الوزراء خاصة الجدد بترشيحهم لدخول الحكومة الجديدة. وحسب بعض المصادر فإن وجود ثلاثة وزراء دولة بلا حقائب محددة يثير الاستغراب خاصة وأن التوقعات تشير الى ان عدد الحقائب الوزارية سيتقلص ليعكس التطور الذي تشهده عملية ادارة الخدمات الاتحادية لا ان يزيد العدد، كما ظهر في التشكيلة الجديدة.
واذا كانت هذه هي حال اعضاء الحكومة الجديدة التي تعد الثامنة في تاريخ دولة الامارات ، فإن الاوساط الاجتماعية التي كانت تترقب تعديلاً حكوميًا يغير المعادلة التقليدية التي سار عليها تشكيل الحكومات المتعاقبة، فوجئت بإن التشكيل كان --- خاليًا من اي مفاجأات -- اذ اعيد تركيب الحكومة بنفس رموزها وبقواعد المحاصصة نفسها التي حكمت تشكيلها منذ قيام الاتحاد وحتى الان . واستغربت تلك الاوساط ان يتم التكتم على التشكيل بهذا الشكل طالما ان التغيير لم يطل ثوابت التشكيل ولا تركيبته .
ولا تشير القراءة التحليلية للتشكيل الحكومي الاماراتي الجديد الى انه صدى لعملية محاسبة على اداء الحكومة السابقة . فباستثناء الدكتور على الكعبي الذي كان قد تعرض لانتقادات علنية من قبل الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم، فإن باقي الوزراء الذين خرجوا من الحكومة لم تكن عليهم اي علامات استفهام حول ادائهم .خاصة وان معظم من خرج من الوزراة ليس من وزراء الخدمات الذين يتعرضون في العادة لضوء اعلامي كاشف عن اي قصور في ادائهم .
وتتريث تلك الاوساط في اطلاق احكام على من تم اختياره لحمل حقيبة في الوزارة الجديدة . وكعادة ابناء الخليج الذين يحسنون الظن، فإن بعض الاسماء التي دخلت الحكومة لاول مرة هي اسماء معروفة وامتحنت في مواقع عمل اخرى مثل صقر غباش الذي عين وزير عمل. وتجمع تلك الاوساط على ان الانضباط الذي يتميز به صقر غباش باعتباره ضابطًا سابقًا في الامن العام والخبرة التي اكتسبها من عمله في وزارة الاعلام وفي الخارجية فيما بعد تجعله مناسبًا للمسؤولية التي انيطت به في الحكومة الجديدة . فسوق العمل الاماراتي يعاني من مشكلة مزمنة تتطلب وضع ضوابط لمنع انفلاتها، كما ان هذه المشكلة تحتاج لتضافر قوى المجتمع الاماراتي ككل مما يستدعي توظيف الآلة الاعلامية التي خبر غباش بعض اسرارها حين عمل وكيلاً لوزارة الاعلام . اضافة إلى ذلك فإن لهذه المشكلة امتدادات دولية اتيحت لغباش الاحاطة بها عندما كان لعامين متتاليين سفيرًا لبلاده في واشنطن .
ومن التغييرات التي تتوسم منها تلك الاوساط خيرًا تعيين الشيخة لبنى القاسمي وزيرة للتجارة الخارجية وهو منصب جديد لم يكن موجودًا في الحكومة السابقة. وتقول مصادر اماراتية مطلعة بأن الشيخة لبنى التي اصبحت وجهًا دوليًا معروفًا بسبب سفرها المتواصل طوال فترة عملها السابقة كوزيرة للاقتصاد ، ستكون مسؤولة عن اللجان المشتركة مع الدول التي تشكل العلاقات الاقتصادية والتجارية عمودها الفقري كما انها ستواصل قيادة مفاوضات الدولة مع التجمعات الاقتصادية والدول الراغبة في انشاء مناطق للتجارة الحرة وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تزيد المبادلات التجارية معها اكثر من 12 مليار دولار سنويًا... وتروي مصادر رجال الاعمال ان وجود وزارة خاصة بالتجارة الخارجية يعكس توسع العلاقات التجارية والاستثمارية الاماراتية في الخارج وهي علاقات لم تعد قاصرة على الحكومات بل على القطاع الخاص، ما يقتضي توفير مظلة سياسية دائمة تحمي مصالح المستثمرين الاماراتيين .
ومن التغييرات التي تنظر لها الاوساط الاماراتية بايجابية ضم وزارة التطوير الحكومي الى وزارة شؤون مجلس الوزراء التي يتولاها رجل الحكومة الديناميكي محمد عبد الله القرقاوي . وترى بعض المصادر ان هذا الدمج يعني ربط عملية التطوير الاداري بما في ذلك استكمال بناء الحكومة الالكترونية برئاسة الحكومة مباشرة .
وفيما تنظر مختلف الاوساط الاماراتية الى ان زيادة الجرعة النسائية في الحكومة الجديدة هو عامل ايجابي، فإن هناك من يتحفظ على ذلك ويقول ان اقحام المرة في التشكيلة الحكومية الجديدة يتم بوترة اسرع من اللازم مستذكرين تجارب عربية ودولية لم تحظ المرأة فيها الا بتمثيل محدود رغم المدة التي مضت عليها في تسليم المرأة مسؤوليات وزارية .
الا ان اوساطًا نسائية اماراتية اعتبرت المشاركة النسائية الواسعة في الحكومة تطورًا غاية في الايجابية وقالت لـ ( ايلاف ) لايجب ان نبدأ من النقطة نفسها التي بدأ بها الآخرون فلدينا خصوصيتنا وتجربتنا وعمل الحكومة كوزيرة ونائبة برلمانية من شأنه ايجاد القدوة التي تحدث التغيير الاجتماعي خاصة لجهة اشراك المرأة في العمل العام لا لانها تشكل نصف المجتمع الاماراتي بل لأننا نحتاج إليها كجزء من عملية تصحيح المعادلة السكانية وتطوير الموارد البشرية المحدودة التي نملكها .
وتتمتع الوزيرات الجديدات بمؤهلات علمية وخبرات متميزة فريم الهاشمي التي اصبحت وزيرة دولة من خريجات الولايات المتحدة وعملت في المكتب التنفيذي في ديوان الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم وهو من الدوائر التي تفرخ في العادة قيادات تتسم بالطموح والاندفاع الذي يتناسب مع التسارع الذي تتم فيه عملية التنمية الاماراتية . كما ان الدكتورة ميثاء الشامسي الاكاديمية المخضرمة والناشطة في العمل الاجتماعي والنسائي ينظر إليها كإضافة مهمة للحكومة الجديدة .
وبغض النظر عن الظروف التي حكمت التشكيلة الحكومية الاماراتية الجديدة، فإن هذه الحكومة وأن كانت بالاجمال امتدادًا للحكومة السابقة، فإن مجرد اعادة النظر فيها بعد عامين فقط من تشكيلها يدفع الكثير من الإماراتيين للقول إن التغيير الاخير قد لا يكون الاخير خاصة بالنسبة إلى شخصية بحجم الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم ترفض الرتابة وتدمن التغيير.
التعليقات