الهرم لا يزال مقلوباً
محمد جاسم



* اليوم هو موعد فتح باب القيد والتسجيل (المرحلة الثانية) للاعبين الأجانب في دورينا والتي تستمر حتى الثالث من فبراير المقبل، ولا يخفى على أحد أن عددا كبيرا من أنديتنا كانت تنتظر اللحظة التي يتم فيها إعادة فتح باب تسجيل الأجانب من أجل تعويض إخفاقاتها في تعاقداتها الأولية والتي أثبتت فشلها الذريع مما كلف تلك الأندية الكثير سواء من الناحية المادية.

حيث استنزفت تلك العقود الكثير من خزائن الأندية أو تلك المتعلقة بالجوانب الفنية والتي انعكست على الفرق الكبيرة في دورينا والتي كانت معاناتها كبيرة بسبب الصفقات المضروبة والتي تسببت بدورها في تراجع مستواها وتواجدها في أماكن لا تليق أبدا بالكبار.

* ثمانية أسابيع من دورينا كانت كافية لكي تكشف واقع معظم تعاقدات الأندية مع اللاعبين الأجانب، وإذا كان الاستقرار الفني هو عنوان الأندية التي تتواجد في الصدارة وفي صلب المنافسة نتيجة لنجاحها في عملية اختيار ما يناسبها من اللاعبين الأجانب.

فإننا نجد النقيض في الطرف الثاني لدى الأندية التي جانبها التوفيق في الاختيار، مما ترتب عليه جملة من العثرات واجهتها تلك الأندية التي لم ينته بها المطاف عند فشل عملية التعاقدات مع الأجانب بل تعدت ذلك عندما طالت رقاب المدربين ليصبح الرحيل جماعيا للمدربين وللأجانب دون أن يطال التغيير الجهة الرئيسية والمتسببة في الفشل وهي الإدارة ولا أي شيء، فهي الوحيدة الباقية بينما يرحل من لا ذنب له.

* لا أود التعميم ولا أقصد بذلك الجميع والكلام موجه لمن يعنيه الأمر، والمقصود من وراء ذلك لا يحتاج إلى من يشير إليه بالاسم.. وفي هذا الإطار دعونا أن نكون أكثر شجاعة ولنعترف بأن الغالبية العظمى من اختيارات أنديتنا للأجانب تتم بواسطة إدارات الأندية والمدرب آخر من يعلم.

وفي بعض الأحيان يتفاجأ المدربون بوجود اللاعبين أمامهم في التدريب دون أن يكون لديهم أي خلفية عنهم، وتكرر ذلك الموقف في الكثير من المناسبات وعندما يفشل اللاعب ولا يقدم المأمول منه تتحول المسؤولية على المدرب الذي يكون في الغالب أول الضحايا لأنه الحلقة الأضعف في المنظومة الخطأ.

ومع مرور الوقت يأتي الدور على اللاعبين الأجانب الذين يرحلون معززين مكرمين مع كامل حقوقهم بعد أن يتسلموا مستحقاتهم لسنتين هي مدة العقد ويتوجهون لناد آخر بعقد جديد وامتيازات جديدة وكأن شيئا لم يكن.

* الغريب أن الأندية تعاقدت مع أسماء لامعة بعقود خرافية ومع ذلك كانت المحصلة واحدة وهي الفشل.. والسبب بالتأكيد ليس لأن اللاعبين المتعاقد معهم دون المستوى ولكن لأن الاختيار لم يأت من أصحاب الاختصاص.

وهناك فرق كبير بين الاختيار الذي يكون من قبل المدرب القادر على تحديد احتياجاته واختيار نوعية اللاعب الذي يتناسب مع حاجة الفريق وبين الاختيار الذي يتم وفق أهواء ورغبات الإدارة التي مهما امتلكت من الخبرة إلا أنها تبقى غير قادرة على تحديد ما هو الأنسب.. والأغرب في الموضوع أن إدارات أنديتنا تعاقدت مع الأجانب قبل تعاقدها مع المدربين فمن أين سيأتي النجاح طالما إننا لا نزال نتعامل بنظرية الهرم المقلوب؟!

كلمة أخيرة

* ملايين الدراهم طارت من أنديتنا بسبب الاختيارات الخطأ وجاء موعد فتح الباب للتعويض وتسجيل لاعبين جدد قد ينجحون ويعوضون خسائر الدوري والكأس.. ولكن من سيعوض الأندية ملايينها التي طارت في الهواء.

* الألعاب الأخرى في أنديتنا أصبحت ألعابا شهيدة بسبب ما يحدث على صعيد عقود الأجانب، بعدما تحولت كل موازنات الأندية للفريق الأول لكرة القدم وبلغ الأمر إلى أن هناك مدربين لم تصرف مستحقاتهم الشهرية لأن الموازنات تذهب نحو تغطية تلك الاختيارات الفاشلة.

نقلا عن جريدة البيان بتاريخ 6 يناير 2008