صورة أرشيفية لنوال المتوكل . وزيرة الرياضة المغربية
أمين الإدريسي من الدار البيضاء : ينقسم المتتبعون لألعاب القوى المغربية في وضعها الراهن بين من يرى أنها تمر من أزمة عميقة تتعلق بمشكلة هيكلية أولا، ثم المناهج المتبعة بحثا عن الخلف الذي يمكنه التعويض عن جيل هشام الكروج ونزهة بيدوان، ومن يرى أنها إنما تمر بمرحلة انتقالية سرعان ما ستؤكد بعدها أنها كانت كما كل الأشياء في هذه الحياة تعيش فترة تحول quot;لا أقل ولا أكثرquot;.

ويدافع الفريق الأول، ويتقدمه من كانوا يسمون في فترة سابقة quot;الغاضبونquot;، عن رأيه بداعي أن ألعاب القوى المغربية كان ينبغي عليها ألا تتوقف عن تحقيق النتائج الجيدة التي ظلت تحققها في بطولات العالم وفي الدورات الأولمبية منذ أن صعد نجم البطل الكبير سعيد عويطة، معتبرين أن من مروا من تسيير الاتحاد المغربي في فترات متتالية، وخاصة في الفترة بين 2000 و2006، ليس لهم الحق في التذرع بأي شيء، سيما أن جميع الوسائل كانت رهن أيديهم، وكان بالتالي بإمكانهم أن ينكبوا على التكوين في وقت كان أمثال هشام الكروج ونزهة بيدوان وصالح حيسو وإبراهيم بولامي يدافعون عن سمعة المغرب في المنتديات العالمية.

ويعتقد هؤلاء، ومن يسيرون في ركبهم، أن المسيرين الذين تعاقبوا على تدبير شؤون الاتحاد المغربي لرياضة ألعاب القوى أساؤوا إلى هذا النوع الرياضي بأن انشغلوا بتدبير اليومي عوض وضع استراتيجيات بعيدة النظر، بل إن منهم من يؤكد أن هؤلاء المسيرين لم يكن يهمهم المستقبل بقدر ما سيهمهم الفترة التي هم فيها، وquot;الكارثةquot;، يقول أحدهم، quot;أنهم جنوا ثمار غيرهم بميداليات كبيرة فاز بها أبطال معروفون، وإذا بها تنسب إليهم فقط لأنها حصلت في عهدهمquot;.

ويذهب هؤلاء quot;الغاضبينquot; أبعد حين يرون أن هؤلاء المسيرين كان يفترض فيهم أن يقدموا الحساب إلى الفاعلين في حقل ألعاب القوى قبل أن يغادروا مواقع التسيير في دجنبر من السنة الماضي إثر الجمعية العمومية التي عقدت لتضع حدا لست سنوات من سيرت خلالها لجنة مؤقتة الاتحاد المغربي.

من يختلفون مع هؤلاء quot;الغاضبينquot; لا يرون بالعين ذاتها إلى الأشياء، بل يعتقدون أن اللجنة التي سيرت الأمور طيلة ست سنوات quot;فعلت ما كان ينبغي عليها أن تفعل في حدود ما كان متاحا لها من إمكانياتquot;، مشددين على أن quot;المكتب الحالي بدأ عملا جديدا لا علاقة له بعمل سابقيه، ذلك أنه يؤسس أرضية قوية وصلبة لعهد جديدquot;.

ويعطي أصحاب هذا الرأي الدليل على ما يذهبون إليه بالقول إن جيلا من العدائين انتهى زمنه، واليوم جاء زمن آخر ينبغي أن يكون فيه جيل آخر. وهذا التكوين يحتاج وقتا طويلا، فمثلا نزهة بيدوان لم تصبح بطلة بين عشية وضحاها، بل صارت كذلك بعد سنوات طويلة من التداريب والصبر.

ويرى هؤلاء أن المسيرين الموجودين في الوقت الراهن في سدة الاتحاد المغربي لا يمكن لهم أن يلاموا لأن الأبطال المغاربة لم يستطيعوا العودة من دورة بطولة العالم التي جرت شهر غشت الماضي بمدينة أوساكا اليابانية بميدالية واحدة فقط، لأنهم لم يتسلموا مفاتيح التسيير إلا قبل مدة قصيرة جدا، بل إن منهم من يرى أن على quot;الغاضبينquot; والمغاربة بشكل عام أن يصبروا طويلا ليشاهدوا بطلا آخر مثل إبراهيم بولامي أو صالح حيسو أو غيره يتألقون في المحافل العالمية.

وبين الرأيين المتعارضين تماما لا توجد أرضية يقف عندها هؤلاء وأولئك في الوسط، بل يقف الطرفان في موقف النقيض من بعضهما البعض، ولا يفأ أحدهما يسفه رأي الآخر، ويحاول أن يجد كل مرة شيئا سلبيا يضربه به.

في تلك الأثناء ينتظر العداؤون المغاربة أن تمر فترة استئناس المسيرين الحاليين بالميدان بسرعة، لأنهم لا يستطيعون الانتظار طويلا في رياضة لا تعرف إلا السرعة والجري والبحث عن أرقام جديدة. ومع ذلك، فإن أغلبهم يأمل في أن يصير يوما مثل هشام الكروج أو نزهة بيدوان، لعله يعيد إلى ألعاب القوى المغربية توهجها الذي افتقدته في السنوات الأخيرة وحل محله تبادل الاتهام بالفشل في التسيير وفي وضع الاستراتيجية الصحيحة للمستقبل.