زيزو quot;اقتناصquot;.. ثقافة مصرية جديدة
جمال هليل
* لولا انقضاض زيدان علي اللاعب الكاميروني سونج وتخليص الكرة وتحويلها إلي أبو تريكة.. ما تحقق الفوز بالمباراة.. واللقب!! وتحرك زيدان في تلك اللحظة.. لابد أن يدرس في دنيا كرة القدم.. يجب أن تكون المحاولة درساً من دروس علم التدريب. ويجب أن توضع تلك quot;اللعبةquot; كنموذج يجمع ما بين سرعة البديهة وسرعة التوقع. وسرعة الانقضاض. المغلفة بالإرادة والتحدي والإصرار علي الوصول لقمة النجاح.
وهذا الدرس الذي قدمه زيدان يبين القدرة الفائقة لدي اللاعب علي استعمال جسمه الاستعمال السليم القانوني لحظة الالتحام مع الخصم.. وهذا في حد ذاته فن كروي عالي المستوي فإذا عدنا بالذاكرة إلي بداية التحرك سنجدها بلغة الكرويين.. quot;كره ميتةquot;.. لأنها في حوزة لاعب كبير. خبير. مخضرم يلعب في أوروبا منذ سنوات.. كما أن زيدان لم يكن مشاركاً من البداية.. بل كان بديلاً قبل أن يفعل ما فعله بدقائق.. وهذا يعني أنه كان ضمن البدلاء خارج الملعب لكنه كان يعايش الأداء بدقة متناهية. وأنه يفهم واجبات مركزه.. وكفاءة اللاعب الذي سيواجهه.. لذلك.. كان انقضاضه علي الفريسة سونج. تماماً مثل انقضاض الصقر علي فأر شارد أو دجاجة طائشة في الغابة.. أو مثل أسد جائع يتربص بغزال صغير تائه عن أبويه.. انظروا لسرعة انقضاض زيدان وسرعة انطلاقه لحظة محاولة توقيف سونج للكرة وامتصاصها!! هي لحظة.. كان زيدان مشاركاً في اللعبة وبدأ حوار quot;المعافرةquot; لاستخلاص الكرة. ولأنه قليل الجسم. عالي المهارة. قوي الحيلة.. أسقطه سونج الأقوي جسمانياً.. ليقف من جديد زيدان ويحاور ويناور. حتي سقط مرة أخري لكنه لم ييأس لحظة وصول قوة إنقاذ جديدة ومدافع آخر لمساعدة سونج.. في هذه اللحظة التي كان فيها زيدان ملقياً علي الأرض.. يصر علي استخلاص الكرة فيلعبها عرضية للقادم من الخلف أبو تريكة الذي أصبح طريقه خالياً. مفتوحاً بعد أن جنح المدافع الآخر لمساعدة سونج في التخلص من المصيبة زيدان.. فيسدد أبو تريكة الكرة من لمسة واحدة بذكاء شديد وبمهارة عالية ليسجل هدف البطولة وهو الأجمل والأفضل والأحلي علي الاطلاق!!
أردت فقط أن أعيد سيناريو هذا الهدف الجميل الذي يحتاج ويجمع بين كل مهارات الفن الكروي.. من تفاهم بين الزملاء quot;زيدان وأبو تريكةquot; ويحتاج لقوة إرادة وعدم يأس. لأن زيدان لو لم يتحرك ناحية سونج فلن يلومه أحد.. وهذا الهدف مدرسة كروية. أو مجلد كروي.. عندما تقرأه تستشعر عظمة منفذيه. وعندما تشاهده في التليفزيون لابد أن تقول الله.. علي اللعب والفن والهندسة أما إذا كنت في الملعب في تلك اللحظة.. فمن المؤكد أنك ستقف مبهوراً بمنتخب الفراعنة الذي ابتكر أسلوباً جديداً للهجوم الخاطف اسمه.. الانقضاض من الثبات.. والتسجيل من لاشيء!! لأن الهجمة صنعها زيدان من لاشيء.. وسجلها أبو تريكة في غمضة عين.
هذا الهدف الذي هو صناعة مصرية.. يجب أن يكون شعاراً لكل المصريين.. بل يجب أن يكون عنواناً لثقافة مصرية جديدة تعتمد علي إرادة النجاح وتحدي الصعاب. وعدم اليأس أبداً.. هذا الهدف.. أصبح علامة بيضاء أمام كل من يريد النجاح. ليعمل ويجد ويجتهد ثم يريد ويصر علي التفوق حتي يسجل كل مصري هدفاً جميلاً ماركة quot;زيزو اقتناصquot;!!
نقلا عن الجمهورية بتاريخ 17 فبراير 2008
التعليقات