شاهد عيان1/3

الرياضة والسياسة وجهين لعملة واحدة

سامي سليمان
[email protected]

تابعت بإهتمام إستفتاء إيلاف حول مداخلة الرياضة أو الفن في السياسة أو العكس، هذه الدراسة التي كانت واحدة من أكبر محاور إهتماماتيالاعلامية قبل سنوات وتحديداً في نهاية التسعينيات من القرن الماضي نظراً لإختفاء التصريح الاعلامي الواضح وكثرة البراهين الخفية والمستورة أو حتى التستر عليها من باب عدم الافصاح بالهدف حتى لايظهر quot; القبح quot; أكان متدنياً أو عكسه وكأن هذين الرمزين يعبران وبلا حتى الجدل عن نجاح ورفاهية جدية المجتمعات.

في الحقيقة لاقيت على مر ربع قرن سياسيين في المجال الاعلامي السياسي الذي نشطت فيه في مطلع التسعينيات وما قبل ووصلت الى اليقين من هذا الربط الواضح الذي هو أشبه بالسرية في التواء حكاياته، وزادني برهان على إثبات أحاديث سمعتها من أهلها لاسيما في عام 2001 وأثناء حوار مطول لجواو هافيلانج الرئيس الاسبق للاتحاد الدولي لكرة القدم والذي زادني بعبارة تقول quot; كنت في كل مرة أتخذ بها قراراً لايأتي في مصلحة الاوربيين والامريكان يفتح علي هؤلاء نيرانهم وكنت أعوم برأسي تحت الماء إحتراساً من ضرباتهم.quot;.

هافيلانج وغيره على رأس هرم القيادات الرياضية العالمية مثل خوان أنطونيو سامارانش الذي زرته في عام 1986 مع الاخ الاستاذ غسان غريب مدير تحرير الرياضي العربي الكويتية آنذاك لحوار نشرته المجلة على جزئين وقتذاك وتمثل بالرجل الداهية وسامارانس الذي دار ديبلوماسية إسبانيا في دول الاتحاد السوفييتي في السبعينيات في العلن وكان الدينامو المحرك للمصالح الاوربية الغربية في الاستيراتيجية السوفيتية إنتهى به الامر في إدارة اللجنة الاولأوليمبية الدولية على مدى سنون طوال، وكان معروف بديبلوماسيته .. عبر هواتف متعددة موجودة على مكتبه منهم واحد لايقع عليه سوى إتصالات أصحاب القرار لاسيما وقطبي العالم... نعم، ومن السذاجة أن لانجد مبرراً لعلاقة الرياضة في السياسة.

أما في عالمنا العربي فهي تظهر بشفافية على مصراعيها، بل أن الاتحادات الرياضية الكروية هي بمثابة أكاديميات الاعداد لولاء العهد وأولاد القادة

إقحام السياسة بالفن والرياضة مرفوض
للإحتكاك مع الرأي العام لاسيما الرياضي الذي فيه تجارب كثر والتي قد لاتؤثر على سياسات البلد إلا بالموازنات، وهنا قد لايكون القرار مباشراً في كل الحالات بل يأتي بطريقة ما ولكل حالة ظرف وقد تكون صرفة من القيادة السياسية أو تطوع يعبر عن الطاعة وغير ذلك حسب ظرفها وبالمثل فإن الشارع الرياضي يحبذ ذلك لكون إبن القائد أو ولي العهد يعود لهذا الاتحاد من ذاك بإمكانيات مالية قد لايقدر عليها أي إداري عادي لايكون له جسر واصل بقيادة القرار السياسي، من ناحية وتعبير عن إفتخار الشارع الرياضي بسيادة القرار الرياضي على أعلى مستوياته، وهو معيار إفتخار لكنه في النهاية تدخل مباشر في الرياضة التي هي جزء لايتجزأ من حركة المجتمع في تطوره وسيره.

وأين من جديد الرياضة في السياسة عندما سميت عمود لي ذات مرة تحت عبارة quot; كرة الالف قدم quot;، وهي تعني ما تعني مع كل إحترامي لأهل الخطب السياسي ويلزم الاعتراف بواقع حقيقي إذ في ملاعب كرة القدم تظهر بجلية من خلال بطولة موسمية لها نفس أهمية الدوري العام وهي في بعض الاحيان أهم منه بالنسبة للأندية لاسيما وأن الابطال يصافحون الرئيس أو الملك الذي يتشرف بحضور نهائيه .. في كأس رئيس الجمهورية أو صاحب الجلالة أو سمو الامير وهناك كؤوس اليوم حتى لولاء العهد .. وهل يمكن بعد ذلك يجوز الاعتراف بإختفاء الهوية الرياضية أو الكروية عن السياسة.. وكيف ؟

إنها حقيقة ثابتة وهي أكبر مما نتصور تعبر في بلادنا العربية من قرارات السيادة أما عند الاوربيون فهي بوابات القنوات السياسية أو المناسبات التي نمرر عبرها رغبات الفرص التي قد لاتأتي مناسبة هكذا quot; حاف quot; ويكفي النظر بجلية الى نهائيات كأس العالم أو حفل ختام الالعاب الاوليمبية والمراسم أو البرتكول الفظيع الذي يوضع فيه السياسي الفلاني في هذا المكان وذاك في هذا المكان، هذا دون الحديث عن التوصيات السياسية في البلد المنظم أحياناً عن وضع هذا القائد على مقربة من ذاك وللوليمة حكايات تحتاج الى معازيم وهي في المنابر الرياضية مثل وجبات الصلح وفرص الالتقاء وكم كانت المناسبات الرياضية فرص للقاءات الهامة من جانب وليس على هذا المستوى فقط بل يلزم خوض الدراسة الى أبعد من ذلك والتاريخ يشهد لقرار أدولف هتلر في الالعاب الاوليمبية عام 1936 وكيف رفض تهنئة العداء الافريقي جيسي أونز الذي حاز على أربع ميداليات ذهبية في العاب برلين، وماذا نسمي ذلك في الرياضة.
هذا التداخل الرياضي في القرار السياسي قديم قدم الانسانية وهو اليوم أكثر منه ظاهراً نظراً لما تعانيه السياسة من غياب المفكرين وليس المحللين فهم ما طرق الحداد، أما الفكر السياسي فهم يدور أيضاً حول نفسه منذ أكثر من 20 عقداً، فلا الفلسفة التي جرها العلم الى مرحلة الخجل من نفسها لاسيما وإثباتاته التيكنولوجية وصرف الفكر الى القوقعة في تطوراته ليترك بوابة الفكر الاجتماعي مهجورة منذ إنطلاقة الثورة الصناعية في الثلث الاول من القرن الفائت، وعودة والعود أحمد آملاً الذهاب في الدراسة الى أبعد من ذلك، لفهم العوامل الاكيدة والمؤثرة في قرار هذا التداخل الصارخ للسياسة في الرياضة عبر الاقتصاد .. الذي يعتبر المحرك السياسي الحقيقي خاصة عندما نعرف أن بين موعدي نهائي كأس العالم ونهائي كأس العالم لكرة القدم أن أكثر من النصف الحاضر على منصة الشرف والصالونات الخاصة هم من الطراز الاقتصادي العالي جداً والمحركين الكبار في القرار السياسي.. كيف سنأتي الى ذلك في الجزء الثاني من هذا العمود قبل التوقف في جزئه الثالث عند الفن واللعبة السياسية فيه.