-1-
غمزت "إيلاف" أمس - وللأسف الشديد - وبعين الصحافة العربية التقليدية من قناة (البيان الأممي ضد الارهاب) ، وقالت في تغطيتها "العشائرية" و "القبلية" لتداعيات (البيان الأممي ضد الارهاب) أن هناك انشقاقاً بين الآباء والأبناء لهذا البيان!
وقالت "إيلاف" تحت عنوان غريب وعجيب (انشقاق في معسكر الليبراليين) (لاحظ كلمة معسكر، من العسكرة والتعسكر والعسكر) أن هناك انشقاقاً بين الليبراليين ونشرت هذا الخبر مع صورة ملونة للارهابي الكبير ابن لادن، وكتبت تعليقاًً فاضحاً وانشقاقياً ومنحازاً إلى جانب مقال الصديق العزيز د. محمدعبدالمطلبالهوني الذي قال فيه بأنه يوقع على هذا البيان بتحفظ. وقال خبر "إيلاف الخاص" أن محمد الهوني هو أبو البيان، وأننا بالتالي أبناؤه، ولكن خبر "إيلاف الخاص" لم يقل لنا من هي أُم البيان؟
فمن هي أمنا؟
وأين هي ؟
-2-
أريد أن أوضح هنا أن هذا البيان لا أب له، ولا أم . فلا أبوات لهذا البيان. ولا نريد أن يكون لبياناتنا آباء وأبوات على الطريقة العربية التقليدية في السياسة والثقافة والفكر والكفاح المسلح!
فالبيان أعده ببساطة ثلاثة مثقفين متواضعين، ووقع عليه ثلاثة آلاف حتى الآن، دون أن يدّعي أحد من هؤلاء الثلاثة بأنه أبو البيان أو أمه أو ابن عمه. وأنا في الواقع استغرب مثل هذه التغطية الإخبارية من "إيلاف".
فلماذا دخلت "إيلاف" على هذا الخط المعاكس للبيان؟
ولمصلحة من؟
وما هو الدافع وراء هذا؟
ومن هو المستفيد من هذا اللغط الصحافي الذي لا طائل له، ولا جدوى من ورائه غير تنصيب الأبوات والأوصياء على الثقافة والفكر السياسي ؟
هل هي الإثارة الصحافية فقط؟
-3-
أود أن أوضح التالي:
1- تناول الصديق محمد الهوني في مقاله تعليقاً على (البيان الأممي ضد الارهاب) عدة نقاط لا نشاركه فيها نحن من قمنا بإعداد هذا البيان. فالهوني يقول أن البيان اقتصر في التوقيع عليه على الليبراليين الجدد فقط . وكان بوده أن يشمل هذا البيان كافة فئات المثقفين من قوميين ودينيين ومسلمين ومسيحيين وأكراد واشتراكيين.. الخ. وهذا هو ما حصل فعلاً. إذ وردتنا توقيعات على هذا البيان من كافة الأطياف الثقافية العربية سواء من اليمين أو من اليسار أو من الوسط. وعند نشر أسماء الموقعين سوف يعرف الهوني من هم الموقعون على هذا البيان.
فأين التشرذم التي يتحدث عنه الصديق الهوني، والذي سببه عنوان هذا البيان؟
2- وهنا أريد أن أوضح نقطة مهمة وهي أن الليبراليين الجدد ليسوا مؤسسة، وليسوا نقابة، وليسوا تنظيماً، وليسو حزباً، وليسوا منظمة، وليسوا نادٍ ولا منتدى، وليسوا مجموعة محددة وقاصرة من المفكرين، ولكنهم مجموعة من الأفكار الليبرالية التي تؤمن بالحرية والديمقراطية والعولمة والعلمانية والمجتمع المدني وضد العنف والارهاب واستعمال القوة في حل نزاعات الشعوب وخاصة في ظل اختلال موازين القوى. ولا أب ولا أم ولا زعيم لهذه المجموعة، ولا مجلس أمناء، ولا ميزانيات . كل من يؤمن بهذه الأفكار فهو من الليبراليين الجدد. وبسبب ذلك تدفقت التوقيعات على هذا البيان من كل فج ثقافي عميق، وفي فترة زمنية قياسية.
3- يقترح الصديق الهوني أن يكون هذا البيان كونياً يوقع عليه كافة مثقفي العالم، وهو مطلب حالم وخيالي ومثالي جداً لا أساس له من الواقع والتطبيق العملي. ولقد رفضنا توقيع كل من هو غربي على هذا البيان حتى لا نُتهم بالصليبية وبالعمالة وبأننا متواطئون مع كتاب ومثقفين غربيين من غير العرب والمسلمين الذين يكنّون العداء والكراهية للعرب والإسلام كم يقول فقهاء سفك الدماء. كذلك فإن تنفيذ مثل هذا المطلب يتطلب ماكينة هائلة ومدة طويلة يكون فيها الارهاب العربي الإسلامي قد أكل الأخضر واليابس في أرض العرب قبل أن نتقدم به إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة.
4- اعترض كل من الصديق محمد الهوني والكاتب محمد عبد اللطيف آل الشيخ على أن هذا البيان طالب فقط بمحاكمة الفقهاء المسلمين الذين يفتون الفتاوى المحرضة على الارهاب. وترك
الكتاب والصحافيين والسياسيين والدول والفقهاء الآخرين من باقي الأديان. وهذا صحيح. فنحن كمسلمين وعرب علينا أن نبدأ بأنفسنا أولاً (ابدأ بنفسك) وعلينا أن نحاسب أنفسنا أولاً قبل أن نحاسب الآخرين على ما يقولون ويفعلون، وأن الآخرين لديهم من يحاسبهم ويرفع بهم إلى أي جهة يريد. فلا تشتتوا الجهد أيها السادة، ولا تحضروا لنا (شمّاعات) لكي نعلق عليها أخطاء الآخرين، وننسى أخطاءنا. فقد انتهت هذه المرحلة وشبعنا من هذا الكلام.
من ناحية أخرى فإن بعض فقهاء المسلمين من العرب كالذين ذكرهم البيان، هم الماكينة الفقهية الرئيسية المحركة لفتاوى الارهاب بشكل رئيسي، وهذا لا جدال فيه على الإطلاق.
5- إن الانشقاق الذي تحدث عنه كاتب خبر "الانشقاق المزعوم"، يفترض بأننا حزب منظم، وقد انشق عليه محمد الهوني ومحمد عبد اللطيف آل الشيخ ولكن بدون دبابات وبدون احتلال لمبنى اذاعتنا . أو أننا تنظيم سياسي وظهر منا محمد الهوني ومحمد عبد اللطيف آل الشيخ كمعارضين منشقين. فما أكبر غرام الصحافة العربية وولعها بالمنشقين والمعارضين. ما قاله محمد الهوني ومحمد عبد اللطيف آل الشيخ أيها السادة هو مجرد رأي شخصي من ضمن ثلاثة آلاف رأي وصلتنا بين مؤيد ومعارض (خمسة معارضين فقط) ولكن الجميع وافقوا على التوقيع على هذا البيان. ومحمد الهوني ومحمد عبد اللطيف آل الشيخ ليسا عضوين في "تنظيم الليبراليين الجدد" حتى ينشقا عليه، حيث لا وجود لمثل هذا التنظيم أصلاً، ولكن هناك أفكاراً عامة تؤمن بها مجموعات من المثقفين الليبراليين كما قلنا.
-4-
ورغم كل هذا، فما زال البيان يصعد ويصعد، وما زالت التوقيعات تنهال عليه، وما زلنا بحاجة إلى مزيد من التوقيعات، بعد أن تمت ترجمة البيان إلى اللغتين الانجليزية والفرنسية وعُرض على محلفين قانونيين، تهيئة لرفعه لمجلس الأمن والأمم المتحدة .
وهذا هو عنوان صندوق الاقتراع للمثقفين الليبراليين الشرفاء،:
مقالات ذات صلة ببيان الليبراليين العرب:
نص البيان الذي وجهه اليبراليون العرب إلى الأمم المتحدة
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ
*
إبراهيم المصري
ليس عيباً.. وإنما ضرورة
*
د. رجاء بن سلامة
لماذا وقّعت البيان المجرّم لفتاوى الإرهاب
*
د. خالد شوكات
القرضاوي وبن لادن لا يوضعان في سلة واحدة
*
محمّد عبد المطّلب الهوني
فضيحة آل الشّيخ مردودة عليه
*
د. شاكر النابلسي
لماذا كان البيان الأممي ضد الارهاب ولماذا جاء الآن؟
*
نصر المجالي
بيان فيه تحريض وتنوير
*
د. إحسان الطرابلسي
بيان الليبراليين الجُدد وامتحان الصدقية
*
علي ابراهيم محمد
ما حاجتنا لبيان متوازن
*
إنشقاق في معسكر الليبراليين العرب
التعليقات