-1-
لم يشهد الفقه الإسلامي طوال تاريخه الطويل الممتد لأكثر من خمسة عشر قرناً فوضى وتخبطاً وجهلاً وتكسّباً واسترزاقاً كما يشهد الآن، نتيجة لدسِّ أنف الفقه الإسلامي من بعض فقهاء الدين المرتزقة في السياسة وانغماسهم في اللعبة السياسية المتغيرة والمتبدلة، والتي لا قِبل للفقهاء المسلمين بها، وهم الذين يصدرون الفتاوى، فيعمل بها الدهماء والرعاع قروناً وقرون، دون تغيير أو تبديل.
ألم يقل لنا شيخ الأزهر الأكبر سيّد طنطاوي في المؤتمر الخامس للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي عُقد في القاهرة تحت عنوان "مستقبل الأمة الإسلامية" في شهر يونيو 2003 بأننا "أمة من الرعاع"!
فمن الملاحظ أن عدد فقهاء الدين الذين أصبحوا يفتون في السياسة يزداد يوماً بعد يوم، بعد أن ارتفعت أسعار الفتاوى والفتاوى المضادة السياسية، ذات القشرة الدينية الذهبية المزيفة والطلاء الإسلامي المغشوش مع ارتفاع أسعار البترول، حيث أصبحت إيران هي بنك الفتاوى الأكبر، وخاصة الفتاوى التي "تصيب أمريكا الشيطان الأكبر في مقتل!". وتعمُّ نتيجة لذلك مزيد من الفوضى ومزيد من التخبط ومزيد من الغوغائية، ونرى تراجعات عن هذه الفتاوى يوماُ بعد يوم، نتيجة لإجراءات سياسية تتخذ في حينها ضد هذه الفتاوى، ونتيجة لضغوط سياسية تأتي من الحكام الذين يخضع الفقهاء المفتون لحكمهم وارادتهم، ويقبضون منهم (وهم الأمناء على بيت مال الله وليس بيت مال الشعب) الذهب مقابل الفتاوى، والفتاوى المضادة.
-2-
فبالأمس (9/9/2004) تراجع الشيخ القرضاوي في مؤتمر صحافي عقده في الدوحة عن فتواه بدعوة "المسلمين" من المرتزقة الإرهابيين - الذين يطالبون بخمسة ملايين دولار الآن مقابل إطلاق سراح الصحفيين الفرنسيين، ويخطفون النساء، ويقتلون تلاميذ المدارس في روسيا - في قتال العسكريين والمدنيين الأمريكيين في العراق، والتي أصدرها على الملأ وبالقلم العريض وبالفم (المليان) في نقابة الصحافيين المصريين في القاهرة قبل أيام (3/9/2004)، وأمام جمع خفير من مناصريه من الإخوان المسلمين الذين يستغلون النقابة لإعلان مواقفهم السياسية وبعث رسائل الإرهاب منها. وقد تم اعلان هذه الفتوى عن طريق مدير مكتب القرضاوي أيضاً (عصام تليمة) ولكن القرضاوي لم يلبث بعد ستة ايام فقط من عقد مؤتمر صحافي في قطر، واعلان براءته من هذه الفتوى، وتكذيبها والتنصل منها، رغم أن هذه الفتوى فتوى صحيحة قالها القرضاوى بـ "عظم لسانه" وعلى الملأ الأعلى والأسفل.
-3-
إن تأكيد صحة صدور هذه الفتوى من قبل القرضاوي نفسه، تثبتها عدة شواهد منها:
-
أن القرضاوي أعلن فتواه في نقابة الصحافيين المصرين في 3/9/2004 وعلى الملأ الأعلى والأسفل، ولم يعلنها في اجتماع سري مغلق.
-
أن عصام تليمة مدير مكتب القرضاوي، كان قد أعلن هذه الفتوى بشكل رسمي في بيان صدر عن مكتب القرضاوي في 4/9/2004.
-
لم يكذّب عصام تليمة هذه الفتوى، بعد أن نُشرت وأذيعت وبُثت في الإعلام العربي من مشرقه إلى مغربه، وأذاعتها "قناة الجزيرة" الناطقة الإعلامية الرسمية باسم القرضاوي في نشراتها الإخبارية الرئيسية طوال يوم 6/9/2004. وما زالت مثبتة حتى الآن في موقع القناة على الانترنت.
-
أن القرضاوي شخصياً لم ينفِ هذه الفتوى بعد ساعات أو بعد يوم أو يومين أو ثلاثة من إعلانها على الملأ الأعلى والأسفل. ولو كان القرضاوي صادقاً في أنه لم يفتِ بهذه الفتوى كما قال وادعى في مؤتمره الصحافي في الدوحة بعد سبعة أيام طوال من صدور فتواه في 3/9/2003 وفتواه المضادة في 9/9/2004، وهو الذي سافر من مصر إلى السودان واجتمع بالترابي هناك، وزار دار فور، والفتوى ما زالت أصداؤها تنتشر في كافة أنحاء العالم، لقام القرضاوي بتكذيب هذه الفتوى بعد ساعات من انتشارها.
-
أن "قناة الجزيرة" الناطقة الإعلامية الرسمية باسم القرضاوي قامت بنشر نص الفتوى كاملة في نشراتها الاخبارية الرئيسية في 6/9/2004 فلماذا لم يتصل القرضاوي رأساً بقناته الرسمية، ويطلب منها نفي ما قد "أشيع" عنه كذباً وزوراً وبهتاناً كما قال فيما بعد في فتواه المضادة في 9/9/2004؟
-
أن "قناة الجزيرة" الناطقة الإعلامية الرسمية باسم القرضاوي قامت في نشراتها الاخبارية الرئيسية طوال يوم 6/9/2004 ببث مساندة بعض شيوخ الأزهر المشتَرْين بالذهب الإيراني البراق لفتوى القرضاوي بقتل الأمريكيين من عسكريين ومدنين في العراق. ومنهم – حسب قناة الجزيرة – الشيخ العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر الدكتور عبد المعطي بيومي والشيخ الدكتور صالح زيدان الأستاذ بجامعة الأزهر والشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق، مما يؤكد صحة صدور هذه الفتوى، وأن القرضاوي تراجع عنها وأنكرها تحت مطارق الكتاب الليبراليين الجدد، الذين فضحوه وفضحوا رثة هذه الفتوى.
لقد أصبح يوسف القرضاوي صاحب وجوه ثلاثة، كما أنه أصبح ثلاثة قرضاويين، وليس قرضاوياً واحداً، أو قرضاويين اثنين فقط، كما قلنا في مقال سابق (14/7/2004).
والقرضاويون الثلاثة، أو الوجوه الثلاثة للقرضاوي هي :
القرضاوي الأول، وهو الذي يصدر فتاوى للاستهلاك العربي والإسلامي في الشرق الأوسط، يهاجم فيها الغرب، ويدعو إلى قتاله وقتال أبنائه في الشرق الأوسط، ويعارض حقوق المرأة، ويهاجم الديمقراطية والعلمانية وكل "الكبائر" و "المنكرات" الغربية .. الخ.
والقرضاوي الثاني، هو الذي يصدر فتاوى للاستهلاك الإعلامي في الغرب، يعلن فيها صداقته للغرب، والدفاع عن حرية المرأة، والدعوة إلى الديمقراطية، وأن الديمقراطية دعوة إسلامية.. الخ. كما حدث في زيارته الأخيرة للندن (يونيو 2004).
والقرضاوي الثالث الجديد، أو الوجه الثالث للقرضاوي، هو الفقيه المرتد في فتاويه، وهو الذي يصدر الفتاوى بقتل العسكريين والمدنيين من الأمريكيين، ثم يلحس هذه الفتاوى وينكرها، ويصدر فتاوى مضادة، بعد أن يخاف قبل أن يستحي!
فأي مخادع ولاعب سياسي رخيص ورثِّ الفتاوى هذا الشيخ الذي يقود العمل السياسي/الديني العربي الآن، بعد أن هزُلت السياسة العربية وهزُل السياسيون العرب، وفُرِّغت الساحة السياسية لصالح "فقهاء سفك الدماء" من أمثال القرضاوي والبيومي والرفاعي والزيدان والغنوشي والترابي والصدر وغيرهم؟
-4-
لماذا تراجع القرضاوي عن "فتوى سفك الدماء" تلك، ونفى أن يكون مفتيها وفتاها الأول؟
إن لذلك أسباباً كثيرة منها:
1- أن القرضاوي مُسيّر سياسياً ، وليس مُخيّر دينياً. وأن فتاويه لا تنبع من روح الإسلام السمح، بقدر ما تأتي من مزابل السياسة العربية الغوغائية، ومن كيد الدول الإسلامية الملالية كإيران. ولهذا فإن القرضاوى يُصدر فتاويه السياسية لأغراض سياسية، وينفيها وينكرها ويلحسها لأغراض سياسية أيضاً.
2- أن القرضاوي حين يفتي وينقض فتاويه، فهذا يعني أنه لم يدرس خلفيات هذه الفتاوى وسندها الشرعي قبل أن يصدر هذه الفتاوى. وأن فتاويه تصدر تلبية لرغبة الغوغاء، وضغطهم في الشارع العربي، وتلبية لمطالب الدهماء في الإعلام العربي فقط، وليس نتيجة لأحكام دينية برهانية عِرفانية سابقة أو لاحقة. ولهذا، فمن السهل لحس هذه الفتاوى لحس الثريد، كما فعل القرضاوي في مؤتمره الصحافي في الدوحة في 9/9/2004.
3- أن فتوى القرضاوي بقتل الأمريكيين من مدنيين وعسكريين في العراق أثارت على القرضاوي الضمير العربي الحي- وما أقله وما أصغره وما أضعفه - والضمير الثقافي والفكري الليبرالي العربي المحدود. فقد أصدرت" المنظمة الوطنية للمجتمع المدني وحقوق العراقيين" مذكرة في 7/9/2004 حول فتوى القرضاوي بقتل الأمريكيين من عسكريين ومدنيين في العراق وغيره من" فقهاء سفك الدماء"، وأرسلتها إلى رؤساء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وللامين العام للامم المتحدة. وكتبت أنا مقالاً نُشر في كثير من وسائل الإعلام العربية عن (فقهاء سفك الدماء) (4/9/2004) وتحدثت في نشرة أخبار إذاعة البي. بي. سي باللغة الانجليزية يوم 7/9/2004 عن نية مجموعة من المفكرين الليبراليين العرب رفع مذكرة أخرى للأمم المتحدة تطالب بإنشاء "محكمة الارهاب" والقبض على القرضاوي وأمثاله ومحاكمته فيها.
4- كانت هناك اشاعات تقول بأن الحكومة الأمريكية سوف تلقي القبض على القرضاوي وتقدمه للمحاكمة. ولكن مصدراً ديبلوماسياً في السفارة الأمريكية في القاهرة نفى ذلك. وقال: علمنا بالفتوى القرضاوية، ولكننا لن نلقي القبض على القرضاوي، ولن نحاكمه حتى لا يصبح بطلاً أو شهيداً.
5-
لا بُدَّ أن الضغوط المصرية على القرضاوي باعتباره مواطناً مصرياً بالأصل، والضغوط القطرية على القرضاوي باعتباره مواطناً قطرياً بالتجنس، قد كان لها دورها الكبير في لجم هذا الشيخ، وجعله يتراجع عن فتواه. وهي مهزلة المهازل أن يدّعي الشيخ بأن فتواه دينية لا علاقة لها بالسياسة، ثم يعود فيلغي هذه الفتوى وينفيها ويتبرأ منها لأسباب وضغوط سياسية.
-5-
لقد أصبح كثير من فقهاء الدين الإسلامي لعبة مضحكة في أيدي الغوغاء العربية والدهماء الإعلامية. ومثالهم الأكبر هو الشيخ القرضاوي. فلماذا لا يحترم هؤلاء الأشياخ دينهم وعلمهم ومناصبهم، ويقتدوا بالكاردينال الماروني اللبناني الحر الشجاع، وحبر العرب الأكبر نصر الله صفير؟
لقد أصبح صفير ضمير لبنان الحي. وضمير العرب الحي. وهو ليس كاردينال الموارنة في لبنان، ولكنه كاردينال العرب جميعاً وعقلهم المُفتَقد. بل هو الذي ردَّ إلى العرب في العصر الحديث بعض عقلهم. ولعل مواقفه السياسية الشجاعة والحرة تجاه الاحتلال السوري في لبنان، وتجاه قرار مجلس الأمن 1559، وتجاه تمديد ولاية الرئيس الماروني لحود، وتجاه تعديل المادة 49 من الدستور اللبناني من أجل مصلحة فرد واحد، كما حدث في سوريا بعد رحيل حافظ الأسد لتولية ابنه بشار، هو أكبر دليل على ذلك.
فبالامس أفتى الكاردينال صفير فتوى سياسية مسيحية نادرة وجريئة تقول بأن قرار مجلس الأمن 1559 ليس تدخلاً في الشؤون اللبنانية، ولكنه لمنع التدخل في الشؤون اللبنانية!
يا لهذا الكاردينال القديس ما أكبر بصيرته.
ولكن هذا لا يعني أن لا فقهاء أحراراً في الدين الإسلامي.
فعام 1991 وقف المرحوم الشيخ خالد محمد خالد، المصلح الديني التنويري المصري العظيم - صاحب كتاب "من هنا نبدأ"، و "لكي لا تحرثوا في البحر"، و"الديمقراطية ابداً"، و"مواطنون لا رعايا"، و"لكي لا تحرثوا في البحر"، وغيرها من الكتب التنويرية - في حرب الخليج الثانية 1991، وقال: "إن تدخل امريكا في حرب الخليج هو النعمة، وأن النقمة لو أن أمريكا غير موجودة على ظهر هذه الأرض". وردد الشيخ التنويري الآخر جمال البنا (شقيق حسن البنا) دعوة خالد محمد محمد، وقال عن حرب الخليج الثالثة في 2003 ، وفتح بغداد وتحطيم أصنامها: "إن القتال ضد صدام حسين، هو جهاد فرض عين"، وهو أعلى درجات الجهاد.
هؤلاء هم رجال الدين الاتقياء الخلصاء الشرفاء الأحرار من مسيحيين ومسلمين الذين يفتون لوجه الله، ولوجه الحقيقة، ولوجه التاريخ. وليس أولئك الفقهاء الذين يبيعون ويشترون بالفتاوى على قارعة الشارع العربي الدهمائي، وعلى قارعة الإعلام العربي الغوغائي.
-6-
اننا لا نُفرِّق بين فقهاء الدين الإسلامي والمسيحي واليهودي والبوذي والهندوسي وغيرها من أديان الأرض والسماء. ونحن كمثقفين مسلمين علينا أن نكون أكثر شجاعة من المثقفين المسيحيين أو من غيرهم من الأديان الأخرى في إدانة "فقهاء سفك الدماء" من الإسلامويين، قبل إدانة فقهاء الأديان الأخرى، حيث يتحرّج مثقفو الأديان الأخرى من إدانة فقهائنا حتى لا يُتهموا بالتعصب والدعوة للصليبية والصهيونية والدسِّ والكيد للإسلام. وكأن الإسلام العظيم امرأة مسكينة مهيضة الجناح، يدسُّ لها الدساسون، وتكيد لها الكائدات!
ونحن اليوم عندما نمتدح هذا الضمير العربي الحي الكاردينال صفير، أرزة لبنان الباسقة، وصوت الحق المنطلق من الديمان (الصرح الكاردينالي) في لبنان، وصدى صوت المسيح الصادق الفدائي، الذي قضى نحبه مصلوباً من أجل اطلاق حرية الكلمة، وكلمة الله الحرة.. هذا الضمير العربي هو المدرسة الدينية السياسية التي يجب على "فقهاء سفك الدماء" من أمثال الشيخ القرضاوي والشيخ الرفاعي والشيخ بيومي والشيخ زيدان، وغيرهم من الأشياخ الذين دعموا القرضاوي في فتواه في قتل المدنيين، وهي الفتوى المرتدة خوفاً وخشية من عصا غليظة، لا جزرة معها.
-7-
لقد كنا نعارض، وما زلنا نعارض تدخّل رجال الدين في السياسة واقحام السياسة في الدين. ولكن عندما يختفي السياسيون الأحرار كما حصل في لبنان مؤخراً، ولا يبقى منهم إلا القلة القليلة من الأصفياء الخلصاء الشرفاء المُطهّرين، فليس أمامنا إلا قلة قليلة من رجال الدين الذين لا يخلطون بين عسل الدين وحنظل السياسة، وبين قداسة الدين ودناسة السياسة، وبين ما قيل قبل خمسة عشر قرناً وما يقال في القرن الواحد والعشرين، وبين الأساطير الماضية والوقائع القائمة. ولهذه الفئة نقول :
قولوا كلمتكم لوجه الله، ولوجه الحقيقة. ولوجه التاريخ، لا لوجه السلطة، ولا لوجه حاكم ما، ولا لوجه مصلحة ما (خسر القرضاوي ثلاثة ملايين دولار من أرصدته في بنك التقوى المغلق بسبب امريكا)، ولا لبريق الذهب، حتى إذا أمسى المساء، أو أصبح الصباح، "أكلت حنيفة ربها" من التمر كما أكلته في الجاهلية، عندما جاعت، ولحست كلامها، وكسرت أقلامها، وسكبت أحبارها، وضبّت أدوات الافتاء والفتوى، وانقلبت على وجهها بانتظار مناسبة جديدة، ومجزرة جديدة، تُسبغ عليها شرعية "فقهاء سفك الدماء" التي لا شرعية لهم في ظل مجتمع جاهل، وأمي، ومتخلف، وغوغائي، لا يقرأ، ولا يُفرّق بين الألف وكوز الذرة. وكأن هؤلاء - "فقهاء سفك الدماء" – في هذا المجتمع الأهبل، كالمفتّحين بين العميان.
فهنيئاً لهؤلاء الفقهاء المرتزقة الذي يقبضون ثمن فتواهم مرتين: مرة عند اصدار الفتوى، ومرة عند لحسها وانكارها والتبرؤ منها، واصدار فتوى مضادة.
فبئس هؤلاء الفقهاء.
وبئست تجارتهم الخاسرة.
وليباركك الرب أيها الكاردينال القديس، والضمير الحر.
* كاتب مسلم سُنّي أباً عن جد، وحفيد إمام الشام الأكبر الشيخ العارف والإمام الكاشف عبد الغني النابلسي (1641-1731).
(تنشر بالتزامن مع جريدة "السياسة" الكويتية، و "المدى" العراقية، و "الأحداث المغربية")
التعليقات