تتصاعد دعوات كثيرة طيبة القلب هذه الأيام، من سياسيين ومثقفين، لترشيح رئيس المجهورية القادم للعراق، بعضها ينطلق من منطلقات طائفية كتبرّع أحد القادة الشيعة بجعل المنصب "رئيس جمهورية سنّي" وأخرى من منطلقات قومية تدعو الى "رئيس جمهورية كُردي"... لكن ما يجمع هذه الدعوات جميعاً، وان بدت حسنة النية، أنها دعوات شوفينية في جوهرها، فالجميع يتناسى بحكم الحمى الطائفية والقومية السائدة هذه الايام، يتناسى أهم أغلبية مغيّبة، بل وغيّبت عمداً طوال قرون عديدة ... وهي الأغلبية الانثوية في العراق والتي تشكل حوالي 60 بالمائة من سكان العراق حالياً.

*

عُرفت المرأة العراقية عموماً شخصيتها القوية رغم رقّتها، ومن تابع مسرى الانتخابات العراقية يوم 30 يناير المبارك من البداية، فلن ينسى المشهد المؤثر لطوابير العباءات العراقية والتي تمتد لأميال أطول بكثير من صف الرجال المتقطع والمرتبك. لقد جاءت النسوة العراقيات منذ الفجر بعباءاتهن أو ربطاتهن، سافرات ومحجبات والتظمن بصحبة أطفالهن بنسق حضاري طويل فاق سلوك الرجل العراقي الذي يميل ـ كأيّ شرقي ـ الى التهريج والتنطّع، فالمرأة العراقية ـ بحكم زلازل الحروب والكوارث الاجتماعية ـ كانت على الدوام هي عمود البيت ومحور العائلة العراقية فيما كان ينوء الرجل العراقي تحت الاسلحة في حروب إبتلاه بها النظام المقبور السابق، لذلك فليس من المستغرب أن تجد أن المرأة العراقية أكثر توازناً من الرجل العراقي بكثير، بل واكثر قدرة على التحدث والتعبير عن ذاتها مما يستطيعه الرجل. فالرجل العراقي شخصية مهزوزة، متنطعة وإدعائية، بعكس المرأة العراقية التي ـ رغم حنوّتها ـ تحس بأنها ملتفه على نواة صلبة لا يمكن كسرها....لذلك نريد رئيسة جمهورية!

*

يكتضّ العراق في الداخل والخارج بكوادر أنثوية مدهشة في جميع المجالات الفكرية أو الفنية أو الابداعية، ومادام منصب رئيس الجمورية هو منصب رمزيّ وشرفيّ، فليظهر العراق الجديد، بضربة معلم أخرى، وجهه الحضاري مرّة أخرى من خلال تنصيب أمرأة عصرية تكسب تعاطف شعوب العالم معنا من جديد، ولن يعجز أحد عن ايجاد إسم متفق عليه لامرأة قامت بنشر حضارة الأمة العراقية عبر ابداعها المؤثر أو نشاطها السياسي، كالمعمارية زهاء حديد التي حازت على جائزة نوبل المعمارية على سبيل المثال.
الجميع ينظر إلينا الآن ... فلنكنْ قدوة لهم!

[email protected]