والحوار معها (الحبيبة)يجب أن يسنده الداخل
حاوره أحمد عدنان: يتشعب الحوار مع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود بين الإرهاب، والعلاقات السعودية الأميركية، والإصلاح في المملكة، لتشعب اهتماماته في الأصل بين قضايا المرأة والتعليم والفقر والإهتمام بقضايا الوسطية والمجتمع المدني، وهي كلها قضايا متشابكة إلى حد صعوبة الفض فيما بينها، كما أن التحولات التي تشهدها المنطقة والظروف التي يشهدها العالم تستدعي إلىالتساؤل حول تطوراتها في المملكة على وجه الخصوص.هنا الحلقة الثانية والأخيرة من حوارنا معه:
*هل سيتيح (المستقبل) للمرأة السعودية منصبي (السفارة) و (الوزارة)؟
-مع أنني أستبعد الوزارة في الوقت الراهن، لا أرى مانعا لذلك، خاصة وأن وزارة الخارجية أعلنت قبل أشهر عن فتحها المجال لتوظيف السيدات، بالإضافة إلى أن السيدة الأخت الدكتورة ثريا عبيد أثبتت جدارتها كقيادية في منظمة عالمية، وشرفت المرأة العربية في وسائل الإعلام وفي المحافل الدولية، ونالت تشجيع الحكومة واستقبلها سمو ولي العهد وسمو النائب الثاني، وعليه ما الذي يمنع أن يكون لنا سفيرات في الخارج؟!
* قبل سنوات أعلن عن مجلس العائلة وأنتم الرجل الثالث فيه، هل لهذا المجلس أي دور سياسي؟
ـ ليس له أي دور سياسي، هذا المجلس له أهمية كبرى لأن العائلة رمز النظام، وعلى رأس هذه العائلة أبناء عبد العزيز وأبناء أبنائهم حسب ما ورد نصاً في النظام الأساسي للحكم، هذا المجلس وجد للنظر في ظروف وأحوال العائلة، وحتى يعالج أخطاءها إذا وجدت، لأن هذا الأمر ترك سنينا كثيرة وأصبحت له تراكمات كان لا بد من معالجتها، أنا اعتقد أن الإصلاح إذا بدأ بأنفسنا فسينعكس على باقي الوطن، لأننا يجب أن نكون القدوة.
* لماذا لا تكون اجتماعاته معلنة؟
ـ لأنها لا تبحث إلا في الأمور العائلية فقط.
* بعد مسيرة تنموية سعودية، كان يتوقع أن يتجاوز قرار الانتخابات حلقة المجلس البلدي لما هو أعلى، كيف تنظرون لذلك القرار؟
ـ انتخابات المجلس البلدي موجودة من عام 1926م وذلك في عهد الملك عبد العزيز، رحمه الله حتى أوقفت عام 1964م، ولا أعرف لماذا، أنا أتصور أنها تجربة قبل أن تمارس الانتخابات في مستويات أعلى، لأن انتخابات عهد عبدالعزيز كانت تجرى حسب ظروف البلاد آنذاك، على عكس الأسس الحديثة التي سيعمل بها في الانتخابات في المستقبل. رأيي الشخصي، ورأي الآخرين، أننا لا نريد انتخابات في الغد، إنما نريد إعلانا من الدولة عن برنامج إصلاحي متكامل تلتزم به الدولة حتى تطمئن الأنفس وتخرج من هذه الدائرة التي أرجو من الله أن يوفق قيادتنا لما فيه صالح البلاد والعباد.
* هل هناك علاقة بين الإرهاب والإصلاح؟
ـ الإرهاب الذي حدث في إسبانيا، هل له علاقة بالإصلاح في إسبانيا؟ المعارضة في إسبانيا موجودة والحريات متوافرة والبرلمان قائم، والذين قاموا بالتفجير هم من خارج إسبانيا، إذا قارنا تلك الحادثة بالوضع في المملكة ففي رأيي أنه لا توجد علاقة مباشرة بين الإرهابيين وبين الدعوة للإصلاح، الإرهابيون يريدون تفريغ المملكة من الأجانب وزعزعة الأمن والإستقرار، ومحصلة ذلك الإخلال بالنظام، لو لا سمح الله حدث فسيكون تأثيرها مريعا على المملكة والعالم العربي والإسلامي كله، لذلك هم يقدمون ذريعة للغير للتدخل في شؤوننا، بحجة حماية النفط والقضاء على الإرهاب.
* دولة مثل السعودية تمر بظرف الإرهاب، هل تسرع في عملية الإصلاح أم، تبطئها؟
ـ أنا لا أعتقد أن المطلوب هو تبطئة الإصلاح وإن قلت إن المطلوب تسريعه فأخشى أن يظن الإرهابيون أن هذا نصر لهم، وأنا طالبت وأطالب أن يتم الإصلاح على مراحل، وإن كنت أجزم أن الإرهابيين لم يكن الإصلاح في يوم من الأيام هدفاً لهم وأن عليهم أن يدركوا أنهم يضرون بمستقبل هذه البلاد ومستقبلهم. وعلى أي حال إنني أنصح كل من كان توجهه نحو الإصلاح أقول له وبكل تحفظ إن الحوار من أجل ذلك يجب أن يتم من خلال النظام فهذا السبيل هو أفضل وأنجع.
* الحديث عن ضرورة التجديد الديني في السعودية يطرح تساؤلات حول دور المؤسسة الدينية الرسمية في هذا التجديد، وعن جوانب الإصلاح المطلوبة في تلك المؤسسات، فما وجهة نظركم في ذلك؟
ـ من وجهة نظري يجب أولاً تقنين الفقه الإسلامي حيث هناك سابقة لهذا الأمر أثناء الخلافة الإسلامية في اسطنبول. فقد قُننت الشريعة الإسلامية (الفقه الإسلامي) إضافة إلى أن المؤسسة الدينية لا أحد يعارضها من ناحية الجوهر، ولكن الناس ينتظرون منها نظرة واقعية في الحاضر والمستقبل وذلك بطرح اجتهاد جديد في الفقه الإسلامي يتفق والقرن الواحد والعشرين حيث أننا أصبحنا في هذا العالم قرية واحدة تتفاعل مع بعضها البعض ولا يمكن لنا أن نكون جزيرة نائية عن هذا العالم الذي يخطو خطوات سريعة إلى الأمام جاعلةً كل بلد لا تدب فيه الحركة وراءها عشرات بل مئات السنين من التخلف، والسبق هنا للدول التي تعي ما يجري حولها.
* هل يقتضي هذا التجديد إعادة نظر أو التجديد في آليات وهيكلة تلك المؤسسة؟
ـ التجديد في هيكلية المؤسسة في آليات عملها ودعمها برجال (الدنيا) أي أولئك المتخصصين في العلوم الاجتماعية، والاقتصادية، والعلمية، حيث إن استفادة رجل الدين من رجل الدنيا فيها الكثير من المنفعة والتنوير الأمر الذي أجزم أنه يتفق وشريعتنا الإسلامية.
* لجأ مطالبو الإصلاح في السعودية إلى البيانات للتعبير عن رغبتهم في الإصلاح، ألا يعكس ذلك ضعفا في بنى المجتمع المدني، وأن سياسة (الباب المفتوح) بحاجة إلى مراجعة أو تطوير؟
ـ المجتمع المدني مهم، ولقد وعدت الدولة بإكمال بنائه على أرض الواقع، لذا يجب أن يتبع هذا الوعد قرارا تنفيذيا على الأرض حتى تطمئن النفوس، أنا أتصور للمرة الثانية وعلى مسؤوليتي، وإلى هذه اللحظة، الساعة الواحدة وخمسين دقيقة ظهرا، أنا متفائل بمستقبل هذه البلاد. ولابد أن يشمل البرنامج الذي ذكرته فيما سبق على مثل هذا الأمر من الأمور الجوهرية. وإني أذكركم بنماذج ديوانيات الكويت.
* من ضمن البيانات التي أثارت الجدل، بيان طالب بالملكية الدستورية، كيف قرأتم ذلك البيان؟
ـ هناك تناقض بين أن تكون ملكية (دستورية) و(شرعية) كما ذكر الأخوة في بيانهم، وحين سألتهم عن ذلك قالوا بأنهم يقصدون دولة المؤسسات مثل الكويت والبحرين والأردن تنظم علاقة الحاكم بالمحكوم فيها وفقا لدستور واضح ومعلن، لو أوضحوا مقصدهم بهذه الأمثلة، لكان تأثير البيان أخف وطأة على من قدم إليه، لأنني وأنا من دعاة الديمقراطية تلبستني شبهة حين قرأت البيان.
* إذا انتقلنا لمحور الإعلام، فهناك من يستغرب ظهورك في قناة (الجزيرة) وأنت تنتمي للنظام السعودي المتحسس جدا من هذه القناة؟
ـ قناة (الجزيرة) هي التي تطلب مني الظهور، وإنني أجد في ظهوري عليها فائدة كي أعبر عن رأيي، دع غيرها يطلب مني وأنا لن أقول لا، كما أنني انتقدت (الجزيرة) بمرارة على منابرها لتحاملها غير المبرر على السعودية، خاصة وأننا لم نسمعها تنتقد الوضع الداخلي في عقر دارها.
* هذا يدفع للتساؤل حول رؤيتكم لأوجه التطوير المطلوبة في الإعلام السعودي؟
ـ على سبيل المثال بعض السعوديين يذهبون للفضائيات لطرح أفكارهم والتحدث إلى الآخرين من خلال هذه الفضائيات، إذا كنا لا نريدهم أن يتحدثوا في الخارج لماذا لا نعطيهم فرصة في إعلامنا ليناقشوا قضايانا كما يناقشونها في غيره، الإعلام يجب أن يعطى مساحة من الحرية بالضوابط المتعارف عليها، ومن يتجاوزها عليه أن يحال إلى محكمة متخصصة يرضى عنها المدعي والمدعى عليه.
* أنشأتم موقعاً ومنتدى للحوارات على شبكة الإنترنت للتأكيد على مبدأ (الوسطية) كما ذكرتم، فلماذا البحث عن (الوسطية)؟
ـ نحن بأشد الحاجة اليوم للوسطية بجميع أشكالها الفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية حيث أن التطرف والغلو في مثل هذه الأمور يبعدنا عن الواقعية ، وأنا أعرف الكثير من الأطراف التي تعمل من أجل هذا المبدأ وعلينا التعاون معهم ودعمهم بكل الطرق والوسائل حيث أن نصرتهم تعني المضي في طريق الإصلاح الديني والاجتماعي والفكري والسياسي والتخلي عنهم يتيح للمغالين والمتطرفين فرصاً تستغل لعرقلة أي خطوة للإصلاح ، وبالتالي بصوت عال علينا جميعاً تفهم هذه الحقائق والعمل بموجبها .
التعليقات