شارون اراد تركيز زيارته لامريكا علي ابو مازن ووهنه علي أمل صرف النظر عن استمرار البناء في المستوطنات
عاموس هرئيل
المراسل العسكري للصحيفة هآرتس
أوصاف مهينة تلقاها رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) في اسرائيل تقترب من الموقف الذي وضع فيه سلفه، ياسر عرفات. وقد يكون أبو مازن سلم بأوصاف مثل صوص لم ينبت ريشه بعد في ولايته كرئيس وزراء، ولكن هذا الاسبوع تحدثوا عنه في لجنة الخارجية والامن في الكنيست بانه عاجز يحتاج الي فياغرا .
الاهانات بحق الرئيس نبعت من جملة أسباب: هناك بالطبع الاحباط المتواصل في اسرائيل من امتناع السلطة عن اتخاذ خطوات أكثر حزما ضد منظمات الارهاب. وتعاظم الغضب الاسرائيلي في ضوء وابل القذائف التي تلقتها غوش قطيف السبت والاحد الماضيين. ولكن في الخلفية وقفت ايضا زيارة رئيس الوزراء في مزرعة الرئيس بوش في تكساس. وكان مريحا لاسرائيل تركيز الزيارة علي ابو مازن ووهنه، علي أمل صرف بعض البحث عن استمرار البناء في المستوطنات.
ولكن بوش اعطي اسنادا لابو مازن ـ ومع نهاية الاسبوع سجلت تهدئة في الانتقاد الاسرائيلي علي الرئيس. ومع ذلك فلا تزال خيبة الامل منه حقيقية. التهدئة في المناطق تتبين كنتيجة لاتفاق فلسطيني داخلي تعود الي مصالح مؤقتة (الانتظار للحصول علي المكسب الاقليمي المنطوية عليه خطة فك الارتباط) وليس من خطوات هجومية من جانب السلطة ضد منظمات الارهاب. ويمكن بالطبع الاكتفاء بذلك والترحيب بالتوقف المفرح عن القتال وما تمنحه التهدئة من احساس بالامن في الجبهة الداخلية. ولكن اسرائيل لم تعد واثقة من ان ابو مازن علي ما يكفي من قوة لان يضمن ان يستمر الهدوء حتي فك الارتباط، وانه قادر علي تحقيق انتصار لحركة فتح علي حماس في الانتخابات للبرلمان، وبالاساس في قدرته لتنفيذ سلسلة الاحباط تلك (مصادرة السلاح، الاعتقالات، التحقيقات، التقديم الي المحاكمة) التي يطالب بها شارون كشرط للتقدم نحو المرحلة التالية لخريطة الطريق.
المؤشرات علي ضعف الرئيس كثيرة. رئيس الوزراء احمد قريع (ابو العلاء) يخرب علي جهوده بمنهاجية. قادة الاجهزة متنازعون: رشيد ابو شباك وسيده، الوزير محمد دحلان يفشلون قسما كبيرا من مبادرات قائد القوات الفلسطينية في القطاع موسي عرفات (دحلان وعرفات يتصارعان ايضا علي السيطرة في معابر الحدود والتي تنطوي علي مرابح شخصية كثيرة). تطبيق التعهد بتوحيد الاجهزة يتعرقل، فيما أن رجل مركزي مثل جبريل الرجوب يفضل الجلوس علي الخطوط ورد اقتراح للحلول محل الحاج اسماعيل كقائد للقوات في الضفة الي ان تتضح الصورة. تجربة السلطة في الاشراف علي المطلوبين في المدينتين اللتين انتقلتا الي مسؤوليتها في الضفة، طولكرم وأريحا، اصطدمت هي الاخري بالمصاعب. صحيح أن 90 في المئة من المطلوبين وافقوا علي اخضاع أنفسهم لاشراف أجهزة الامن، الا انهم يرفضون تسليم اسلحتهم للسلطة.
حماس تسيطر
واذا كان الهدوء عاد رغم هذه الظواهر فان التفسير لذلك يكمن في حقيقة أنه يخدم كل الاطراف. التهديدات الواهنة التي الحقتها اسرائيل بشأن عملية ترد في قطاع غزة اطلقت علي سبيل رفع العتب. واصابات مدنية فقط ستحمل شارون علي التفكير بعملية هجومية. لا يحتاج رئيس الوزراء الان الي دبابات الجيش الاسرائيلي في خانيونس لتعيد من جديد اثارة الشكوك بشأن نواياه. فلا بد أن اهالي الجنود سيتساءلون: لماذا نرسل ابناءنا ليقتلوا هناك اذا كنا سنخرج علي اي حال؟ .
علي هذه الخلفية من المشوق ان نفحص تطور الامور في قطاع غزة الاسبوع الماضي. فوفاة ثلاثة الفتيان في رفح بنار الجيش الاسرائيلي عصر السبت دفع لجان المقاومة الشعبية لجمال ابو سمهدانة الي الشروع بقصف من الراجمات. ولابو سمهدانة حساب مفتوح مع ابو مازن الذي لم يدع منظمته الي محادثات المصالحة في القاهرة. واجتذب القصف الاهتمام بمنظمته ويمكن للجان أن تكرر هذا النهج في المستقبل وبالطبع منظمات اخري ايضا. حماس والجهاد الاسلامي انضمتا الي النار في ساعة واحدة قبل الصباح، بعد تردد، لاعتبار مزدوج: اقرار ميزان ردع حيال اسرائيل حطمت ـ دفعت وعدم ابقاء الساحة للجان. ولكن المنظمتين الاسلاميتين توقفتا عن اطلاق النار في ساعات الظهير من يوم الاحد، علي افتراض أن الرسالة وصلت. رجال ابو سمهدانة اطلقوا نحو 15 قذيفة بعد ذلك قبل ان يعودوا هم ايضا الي التهدئة يوم الاثنين. استمرار النار كان من شأنه ان يفشل التهدئة ـ وهذا ما لا يريده الجمهور في غزة.
من كل القضية تخرج حماس بصفتها المنظمة الاقوي والاكثر تأثيرا في غزة. فعندما كان مريحا لها هذا الاسبوع، اطلقت حماس النار. وعندما توقفت، فعلت ذلك دون اي ضغط من أجهزة الأمن. وفي الحالتين حافظ رجالها علي الانصياع التام لتعليمات قادتهم. والاستنتاج هو، علي ما يبدو، ان حماس، اكثر من موسي عرفات، هي المسؤولة عن القطاع في هذه اللحظة. المسألة الاهم هي ماذا يعني هذا بالنسبة للسياسة الاسرائيلية المستقبلية.
التعليقات