نبيل شرف الدين من القاهرة: إستجاب البابا شنودة الثالث، بطريرك الكنيسة القبطية إلى مساع حثيثة جرت سرًا وتصدى لها عدد من الشخصيات العامة رفيعة المستوى في مصر، عرف من بينهم الدكتور أسامة الباز، المستشار السياسي للرئيس المصري.

وأنهى امس الباب إعتكافًا إستمر نحو 15 يومًا في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون (شمال غرب مصر) وعاد البابا لاستئناف أنشطته بمقر الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، وسط حفاوة الآلاف من الأقباط الذين احتشدوا في مقر الكاتدرائية للاستماع إلى المحاضرة التي ألقاها الليلة الماضية، والتي قال فيها إن اعتكافه في الدير "كان للتعبد ومن أجل مصر ووحدتها الوطنية، ولم يكن المقصود منه أي شئ آخر"، كما تمنى البابا أن تنتهي كافة المشكلات العالقة ـ دون أن يحدد طبيعة تلك المشكلات ـ لافتاً إلى أن "أغلبها بالفعل قد تم حلها ببركة الله وبتفهم المسؤولين"، داعياً إلى سرعة الإفراج عن بقية المعتقلين في المظاهرات التي شهدتها الكاتدرائية .

وكان المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام المصري، قد قرر يوم الثلاثاء الماضي الإفراج عن 13 شاباً قبطيًا كانوا قد اتهموا مع 21 آخرين بإصبة عددًا من رجال الشرطة خلال احتجاجات شارك فيها مئات من الشباب المسيحيين قبل أسبوعين، بسبب ما تردد حينئذ عن اختفاء زوجة أحد الكهنة، ووسط أنباء وشائعات ـ اتضح لاحقاً عدم دقتها ـ بشأن اعتناقها الإسلام، وزواجها من مسلم زميل لها بالعمل .

حكاية قسطنطين

وانتهت أزمة زوجة كاهن كنيسة أبو المطامير بمحافظة البحيرة شمال مصر وتدعى وفاء قسطنطين (46 سنة) الأسبوع الماضي بعد لقاءات تمت بينها وبين عدد من رجال الكنيسة تخلت على أثرها عن طلبها إشهار إسلامها، وأعلنت تمسكها بديانتها المسيحية وأنها "ولدت وعاشت وستموت مسيحية"، كما ورد في بيان أعلنه النائب العام المصري، وقال مقربون من الزوجة إن الدافع الحقيقي وراء إقدامها على هذه الخطوة التي أشعلت الفتنة الطائفية هو دافع شخصي محض، إذ أن سلوك زوجها العصبي كان أحد أسباب معاناتها، فهو مصاب بمرض السكري الذي أدى إلى بتر إحدى قدميه، وأنه يتعامل بحدة مع المحيطين به، فضلاً عن مضاعفات هذه الأمراض .

وأثارت هذه القضية أزمة حادة، وجدلا واسعاً في الشارع المصري، حيث نظم مئات الأقباط مظاهرات حاشدة يومي 5 و8 كانون الأول (ديسمبر) 2004، غير أن حدة تلك الأحداث بدأت تخف حدتها بعد أن سلمت السلطات المصرية وفاء قسطنطين إلى قيادات الكنيسة، حيث يمنح القانون المصري للكنيسة الحق في التحقق من الراغب في تغيير دينه من انه يريد القيام بذلك طوعًا لا قسرًا وذلك بمواجهته سراً ، وقد طالبت الكنيسة بتطبيق هذا الإجراء على حالة وفاء، وهو ما حدث بالفعل إذ تراجعت بعد هذا اللقاء وأعلنت تمسكها بالمسيحية مرة أخرى، وأفادت أنباء أنها عادت وطلبت "الصفح" من البطريرك، "الذي منحها عفوه وأكد أنها ستبقى في الكنيسة بعض الوقت لرعايتها، ومد العون لها بعد هذه الأحداث" .