إيلاف من نيويورك: قالت مصادر وثيقة الإطلاع إن لقاء فاروق الشرع وزير الخارجية السوري مع كولن باول وزير الخارجية الاميركي كان عاصفًا واتسم بلغة واضحة تبطن تهديدًا صريحًا من طرف الأميركيين، وكان بعيدا كل البعد عن "لقاء جيد وإيجابي" كما أشارت بعض المصادر.
وقالت هذه المصادر إن لقاء الشرع باول كان شبيهًا بلقاء طارق عزيز وزير خارجية العراق في عهد صدام حسين مع جيمس بيكر في جنيف قبل اندلاع حرب الخليج الثانية والتي نشبت من أجل إخراج القوات العراقية من الكويت.لكن مع اختلاف في الأوضاع والظروف الاقليمية والدولية. وألمحت إلى أن بعض الزيارات العربية إلى دمشق (مصر وقطر) كانت تهدف في الواقع نقل رسالة واضحة للسوريين، تماماً كما فعل مبعوثون مع صدام حسين قبل اندلاع الحرب .
وأوضحت المصادر التي كشفت النقاب أمام "إيلاف" عن بعض ما جرى في نيويورك أن الأميركيين ابلغوا رسالة واضحة لدمشق بشأن موضوع الانسحاب السوري من لبنان والذي أطلقت عليه دمشق "إعادة انتشار" تقول إن ما حدث غير كاف وغير مقنع بل وغير مقبول.
وأشارت المصادر الى ان الانسحاب الجزئي من لبنان ليس فقط غير مقنع لكنه لا يتفق مع روحية قرار مجلس الامن الذي طلب من سورية الكف عن التدخل في الشؤون اللبنانية وسحب قواتها من لبنان. وكانت سورية عملت على تعديل الدستور اللبناني من أجل التمديد للرئيس أميل لحود لثلاث سنوات مقبلة.
وقالت المصادر إن الشرع سعى جاهدا من أجل اقتراح جدول زمني لتحسين العلاقات مع اميركا لكن الاقتراح لم يجد قبولاً من الجانب الاميركي. وحاول الشرع إقناع الاميركيين بان إبعاد خالد مشعل قائد حركة حماس من دمشق الى طهران مع فترة توقف قصيرة في القاهرة يدخل في إطار هذا الجدول الزمني، بيد أن الاميركيين طلبوا من سورية صراحة ان تعلن بانها قررت إبعاد مشعل بدلا من " المناورة" في هذا الجانب.
وفي هذا السياق قال أحد مساعدي باول للشرع صراحة إن سورية لا حلفاء لها في دعم الإرهاب وإن الاتحاد الأوروبي بما في ذلك فرنسا يقفون صفاً واحدا مع واشنطن وبالتالي فإن المناورات السورية أضحت بلا معنى ولن تحقق شيئاً وان سورية ستحصد نتائج وخيمة إذا تمادت.
وبعد ساعات من لقاء كولن باول وزير الخارجية الأميركي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مع فاروق الشرع وزير الخارجية السوري، كانت بيروت تشهد هجومًا معاكسًا يوالي التمديد والوجود. وضم اللقاء ممثلين من اقصى دعاة التعاون مع اسرائيل سابقا إلى اقصى دعاة التعاون مع سورية حاليا، مرورا بممثلي المقاومة الاسلامية من نواب "حزب الله" ليشددوا على نقطة واحدة كما يبدو "التمديد للحود امر واقع ودستوري وعدا ذلك فلتذهب المعارضة إلى ...حيث تشاء".
اللقاء في الصحف اللبنانية
- واشنطن: مطلوب امتثال سوري كامل للقرار 1559
وقالت صحيفة النهار اللبنانية إن باول اعتبر اعادة انتشار القوات السورية في لبنان شيء مشجع، مشددا على الامتثال الكامل لقرار مجلس الامن الرقم 1559، وليس مجرد بيانات. وقال باول ردا على سؤال لمراسل “النهار” في واشنطن عن الخطوات التالية لتنفيذ بنود القرار 1559 وتحقيق تعاون عسكري على الحدود العراقية - السورية، وعما اذا كانت سوريا تحاول كسب الوقت: “حسنا، اننا سعداء برؤية انسحاب قوات من لبنان ومن بعض المعسكرات جنوب بيروت لم نر في السابق انسحابا منها. وهكذا اعتقد ان ذلك مشجع”. واضاف: “آمل ان يأخذ السوريون قرار الامم المتحدة بجدية بالغة. ومن المؤكد انه خلال محادثاتي امس مع وزير الخارجية (السوري فاروق) الشرع، وعندما زار مساعد وزير الخارجية (الاميركي وليم) بيرنز دمشق قبل بضعة اسابيع، وقبل اسبوعين، وتحدث مع الرئيس (السوري بشار) الاسد، تكون لدينا انطباع ان السوريين يأخذون القرار على محمل الجد وانهم يحاولون ان يكونوا مساعدين”. وذكر ان “المحادثات جارية بين الائتلاف والحكومة العراقية الموقتة والسلطات السورية بالنسبة الى الحدود. وهناك اشخاص يمرون عبر الحدود ذهابا وايابا”. ولفت الى ان “الخطوات التالية طبعا منصوص عليها في القرار. وسيكون هناك تقرير من الامين العام في ما يتعلق بالامتثال السوري للقرار وسوف نقوّم ذلك في حينه. وهكذا فلنعط الحكومة السورية وقتا كي نفكر مليا في القرار، ونرى اية اجراءات يخططون لاتخاذها(...) ينبغي ان اقول انني وجدت محادثاتي مع وزير خارجية سوريا صريحة وانتهت بايجابية. لقد رأينا بعض الاعمال الايجابية، لكننا نتطلع الى عمل كامل وليس مجرد بيانات او مزاعم عن العمل. وهكذا سنتابع الامر”.
- باول: دمشق تأخذ القرار الدولي بجدية
أما صحيفة المستقبل اللبنانية، فقالت إن باول أعرب عن "سروره لرؤية قوات سورية تنسحب من لبنان"، واصفا هذه الخطوة بأنها "مشجعة". ورأى ان سوريا باتت تؤكد "حسن نيتها" لطمأنة هواجس الاميركيين حول العراق ولبنان، مشيرا الى ان دمشق تأخذ على محمل الجد قرار مجلس الامن حول الانسحاب من لبنان، فيما واصلت القوات العربية السورية العاملة في لبنان عملية انتشارها أمس، لليوم الثالث على التوالي، فقامت بإخلاء بعض المواقع في جنوب بيروت والجبل، وعبرت آلياتها وشاحناتها العسكرية منطقة المصنع الى الأراضي السورية. وقال باول "نشعر بأن السوريين يأخذون على محمل الجد قرار الامم المتحدة وبأنهم يحاولون ان يكونوا متعاونين"، لكنه أضاف: "رأينا فعلاً ايجابياً نوعاً ما، لكننا ننتظر فعلا كاملا وليس فقط تصريحات او وعودا بالتحرك".
واعرب باول الذي التقى اول من امس الشرع، على هامش اجتماعات الجمعية العامة، من جديد عن ارتياحه لموقف دمشق لضبط حدودها مع العراق بشكل افضل وتطبيق قرار الامم المتحدة الذي يطالبها بسحب قواتها من لبنان. ورحب باول الذي اعتبر ان محادثاته مع الشرع كانت "ايجابية"، بآفاق التعاون بين سوريا والحكومة العراقية وقوات التحالف الدولي في العراق لمنع عمليات تسلل المقاتلين الى العراق. في بيروت أعلن السفير الأميركي جيفري فيلتمان أن بلاده "تراقب التطورات بعناية، ولا تزال تتفحص ماذا يمكن أن تعني إعادة الانتشار السورية في لبنان، وتتابع التصريحات الرسمية لكل من دمشق ولبنان حولها". وقال فيلتمان بعد زيارته وزارتي الداخلية والخارجية أمس: "من المبكر جداً بالنسبة الي أن أقدم حكماً، ونحن نبقى ملتزمين المراقبة. فلننتظر لنرى ما سيقوله تقرير الأمين العام للأمم المتحدة. من المبكر جداً استشراف ما يمكن أن يقوله التقرير نفسه، وما يمكن أن يكون الفعل الذي سيتبع. نحن نحتاج الى أن نرى التقرير أولاً".
- تعليق سوري: تحسن واضح بالعلاقات مع واشنطن
من جانبها، نقلت جريدة الأنوار اللبنانية عن الاذاعة السورية تعليقا لها امس ان "الزيارة الاخيرة التي قام بها الى دمشق مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز، والاجتماع الذي عقد في نيويورك بين وزير الخارجية السوري والاميركي، ساهما في تحسن واضح في العلاقات السورية - الاميركية". واضافت الاذاعة ان "دعوة سوريا الى الحوار صادقة وجادة، وبرزت جديتها من خلال التعاطي مع كل مؤشر جاد يصدر عن الادارة، وقد اثبتتها الاسابيع الاخيرة حين ادى اول حوار جدي الى تحسن واضح في العلاقة السورية - الاميركية. وجاء اللقاء بين الشرع وباول والاجواء الايجابية التي سادت اللقاء، لتعزز ذلك الانطباع" معتبرة ان "الحوار يشكل تطورا بالغ الاهمية وضرورة لا غنى عنها". وذكرت "اليوم، حين تبدي الادارة الاميركية تفهمها للحوار، فان كل ما كان يعتقده البعض مشاكل غير قابلة للحل تطرح على طاولة النقاش وتبدو آفاق التفاهم متاحة وهذا ما اكده اللقاء الاخير في نيويورك". وقالت ايضا ان "الرغبة في تجاوز القضايا والمسائل الخلافية القائمة حول الكثير من النقاط يتيح للحوار ان يأخذ شكلا جديدا يساهم في تعزيز العلاقة ويفتح آفاقا رحبة ستكون في مصلحة العلاقات المشتركة وفي خدمة الامن والاستقرار في الشرق الاوسط".
وأكدت ان "الاستقرار في العراق جزء من استقرار المنطقة وقد اثبتت سوريا رغبتها وجديتها في العمل من اجل تحقيق هذا الاستقرار". ويشار الى ان وفدا اميركيا يستعد للتوجه الى دمشق خلال الشهر الجاري للبحث في انشاء دوريات مشتركة على الحدود العراقية - السورية التي تعتبرها واشنطن نقطة تسلل لعدد كبير من المقاتلين الذين يقاتلون القوات الاميركية والعراقية. وأكدت الاذاعة في تعليقها على "رغبة سوريا بالسلام العادل والشامل القائم على اساس الشرعية الدولية"). واضافت "مع رفض اسرائيل لهذا السلام اندفعت جماعة الضغط التي تؤيدها نحو توتير العلاقة بين الولايات المتحدة وسوريا تحت ذرائع واتهامات تفتقد الى المصداقية".
وفي نيويورك، اعتبر وزير الخارجية الاميركي باول "ان سوريا باتت تؤكد حسن نيتها لطمأنة هواجس الاميركيين حول العراق ولبنان".
وقال باول في مؤتمر صحافي "ان محادثاته مع الوزير فاروق الشرع كانت ايجابية، ووصف بـ (المشجع) اعادة انتشار بعض الوحدات السورية في لبنان الذي بدأ الثلاثاء الماضي".
مقالات ذات صلة
التعليقات