فداء عيتاني من بيروت: كان مدخل مقر المخابرات السورية في بيروت في منطقة الرملة البيضاء هادئ هذه الظهيرة، ثلاثة من رجال المخابرات يحرسون المدخل سلاح احدهم جاهز، ومن الخارج لم يظهر أي حياة داخل المقر، مدل جريدة المستقبل اللبنانية، التابعة لرئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري، أيضا هادئ، الهدؤ في المكانين يشير إلى الموت، ومن طريق المطار حيث وصل الرئيس الفرنسي جاك شيراك وعلى امتداد الطريق البحري، وصولا إلى منزل رفيق الحريري الذي دفن منذ قليل يسير موكب الرئيس الفرنسي جاك شيراك وسط انتشار كثيف لكل القوى الامنية، الجيش اللبناني اتخذ التدبير رقم 2، حيث ثقف الجنود باسلحتهم الكاملة ودروعهم وادوات مكافحة الشغب، يبدو ان التدبير للاحتياط من اية اعمال شغب من المدنيين، قاذفات القنابل الدخانية كانت مع عناصر الجيش، وموكب احد السفراء يكاد يدهس صحافيين يحولون التقاط الصور.الصف الاول للمشيعين (وائل اللادقي)
يصل وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل على رأس وفد من الامراء السعوديين، إلى منزل الحريري ليقدم تعازيه، وعلى وجهه إمارات التأثر، ويطلب بمعاقبة الجناة، ويحذر من عقبات لا تحمد محليا ولا دوليا. ويطالب بالاسراع بالتحقيقات.
فؤاد السنيورة يشكر الوزير السعودي، ويقول له "نتكل عليك لدعمنا". ويغادر الوزير السعودي المنزل، وهو يشير إلى ان المشاعر ملتهبة في كل العالم العربي.
يخرج على الاثر الوليد بن طلال، ويرفض التحدث في أي امر سياسي، ويجيب بهاء الحريري على تعزية الوليد بالقول "هذه الدار داركم".
نعش الرئيس الحريري محمولا وسط الحشد (إيلاف) |
قبل الدفن كانت زوجة رفيق الحريري نازك تبكي على الجثمان، وقربها شقيقته بهية، وبعد الدفن تختفي النسوة في اطار التقاليد التي تفصل بين النساء والرجال في تقبل التعازي.
بضعة مئات من المواطنين استمروا بالتوافد بشكل فردي على مثوى الحريري في الوسط التجاري لمدينة بيروت، المشروع الابرز للرجل الذي اتخذه مفخرته قبل ان يدفن فيه، الكل بانتظار وصول الرئيس الفرنسي، الذي اعلن عزمه زيارة مكان انفجار العبوة الناسفة التي اودت بحياة الحريري، وضريحه قبل مغادرته بيروت، أطفال يضعون الزهور على المثوى المغطى بأعواد البخور وأكاليل الورد، وعلى تمثال الشهداء القريب من المكان رفعت صور الحريري، وقربه نام عشرات من عناصر قوى الأمن.
تقف امرأة أمام مثوى الحريري، وتدفع بعيدا عنها احد رجال الامن، تصل إلى قرب المكان الذي يرقد فيه الحريري، تصرخ "يا يسوع، نحن اتباعك، نحن نصوم من اجلك، قم بمعجزتك الان". تتوقف قليلا تلتقط انفاسها، تعود إلى القول بصوت اضعف "قم بمعجزتك الان، اخرج سورية من لبنان". يحاول رجل امن من عناصر امن الحريري اخراجها قبل ان يتدخل مسوؤله ويطالبه بتركها قليلا.
نجلا الرئيس الحريري بهاء وسعد في مقدمة التشييع (إيلاف) |
قبل ساعات قليلة كان المرافقون الشخصيون لبهاء الحريري قد اضطروا إلى اشهار مسدساتهم من قراباتها المخفية بعناية تحت بذاتهم، لتفريق الحشود، ليدعوا ابن الرجل الراحل يصل إلى مكان دفن الوالد، أكثر من 750 الفا احتشدوا في المكان لتشييع رفيق الحريري، رفضت عائلة الفقيد ان تتكفل الدولة اللبنانية بترتيبات الدفن، تم عزل الدولة، وتكفلت العائلة الاثرى في لبنان ترتيب تشييع شعبي، سمته الابرز ترك الناس تعبر عن مشاعرها المباشرة لرحيل الرجل، هتف الشبان بحياة الحريري، شتموا سورية، شتموا الدولة اللبنانية ورموزها، كسر الحشد الذي تكون من كل الاطراف ومن كل المناطق كل المحظورات السياسية، قبل ان يتفرق بسلام وان كان من دون اشكالات بسيطة.
على طرف المثوى الاخير للحريري ارتفع صليب بارتفاع مترين من الازهار كتب عليه "اصدقاء الرئيس الحريري في جبيل وكسروان"، وفي محيط سكن رئيس الوزراء اللبناني الحالي عمر كرامي كانت اليات الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي تحيط بالمنزل وتقطع الطرق المؤدية اليه، وتمنع السيارات والمارة من الدخول إلى محيط المنزل.
وفي مختلف شوارع بيروت كانت "الحركة معدومة" بحسب التعبير الذي كان يستخدمه اللبنانيون خلال الحرب الاهلية. ومن قرب النقطة التي قتل فيها الحريري كانت حشود المواطنين لا تزال تتوافد لمشاهدة ساحة الجريمة قبل ان تتابع سيرها إلى حيث يرقد الان الرجل الذي كان يسعى منذ اعوام ليحدث "المعجزة اللبنانية في النهوض والاعمار".
جانب من المشيعيين لحظة وصولهم الى مسجد الامين (إيلاف) |
جانب من مسيرة التشييع في احد شوارع العاصمة اللبنانية (إيلاف) |
بهاء الحريري يخاطب الحشود لتسهيل مرور النعوش (إيلاف) |
صور الحريري واعلام الحزب التقدمي على نصب الشهداء في بيروت (إيلاف) |
التعليقات