نصر المجالي من لندن: ربط تقرير صحافي نشر اليوم (الاحد) في لندن بين مافيا المخدرات في لبنان والاستخبارات السورية في اغتيال الرئيس الشيخ رفيق الحريري الاثنين الماضي، مشيرا إلى أن عائدات تجارة تهريب المخدرات من لبنان تقدر بمليارات الدولارات سنويا ولسورية منها حصة الأسد من خلال قواتها التي تسيطر على منطقة البقاع. ونقل التقرير عن مصادر استخبارية شرق أوسطية قولها إنه "يبدو أن عناصر من الاستخبارات السورية نفذوا تفجير موكب الرئيس الحريري انتقاما من وقوفه وراء القرار الدولي الرقم 1559 الذي يدعو إلى انسحاب فوري للقوات السورية من لبنان، وهو أمر سيعود بخسائر مالية كبيرة على جماعات المافيا ومعها دمشق خصوصا وأن الجيش السوري هو الذي يشرف على تلك المنطقة الموبوءة بزراعة المخدرات".
وينقل التقرير الذي كتبه المحلل الاستراتيجي الإسرائيلي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط عوزي محنيمي لصحيفة (صنداي تايمز) واسعة الانتشار، عن مصدر شرق أوسطي قوله "هذه عادة أهل الشرق الأوسط في الثأر، والرئيس الحريري ليس هو الأول الذي يغتال بسبب المخدرات في لبنان"، ويقول محنيمي إن "هذا التحليل دعمته معلومات نشرتها صحيفة كويتية اتهمت مباشرة قادة عسكريين كبارا في التورط باغتيال الحريري".
يذكر أن لبنان وسورية إلى جانب أفغانستان تعتبر من البلدان الرئيسة التي تتهم بتهريب المخدرات إلى أوروبا، حيث كانت تقارير أمنية دولية أشارت إلى أن تجارة المخدرات من أفغانستان إلى أوروبا تتخذ طريقين، أحدهما المختبرات في وادي البقاع في لبنان وهو تحت السيطرة السورية ويتم شحن الأفيون من هذه المختبرات في لبنان إلى أوروبا من خلال ثلاث طرق رئيسة هي قبرص، إيطاليا، إسبانيا وألمانيا أو أنها تدخل تركيا من خلال الحدود الجنوبية لتأخذ طريقها إلى اسطنبول ومنها إلى أوروبا .
وتشير التقارير نفسها إلى أن مجموعات مسلحة في تركيا ذات طابع عرقي ويساري وديني تقوم بتوفير الحماية في الترانزيت وعمليات البيع النهائية للمخدرات في السوق الأوروبية. ويذهب التقرير إلى حد القول ان تلك المجموعات تسيطر على 40% من تجارة المخدرات في أوروبا. وان المنظمات الإرهابية تحقق أرباحا سنوية من هذه التجارة تتراوح ما بين 300 ـ 400 مليون دولار في البنوك الأوروبية، حيث هذه الأموال مودعة بأسماء قادة تلك المنظمات في بنوك في سويسرا من اجل استخدامها لتأمين شراء أسلحة. يشار إلى أن تقارير حكومية وأخرى صادرة عن البنك الدولي تشير الى ان مقدار الأموال التي تتحرك في البنوك وأسواق البورصة العالمية والناتجة من تجارة المخدرات يتراوح بين 250 ــ 300 مليار دولار.
ويتابع تقرير صحيفة (صنداي تايمز) البريطانية القول نقلا عن المصادر الشرق أوسطية "هؤلاء الذين يقفون وراء اغتيال الرئيس الحريري كانوا يهدفون إلى خلق فوضى عارمة في لبنان للحؤول دون تنفيذ سورية لقرار مجلس الأمن 1559 ، حيث ستفرض بعد ذلك السلطات اللبنانية سيادتها على منطقة البقاع ويتسنى لها لجم زراعة المخدرات وتهريبها إلى الخارج، حيث المستفيد إلى الآن هم عصابات المافيا والاستخبارات السورية".
يشار إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد عين قبل يومين صهره اللواء آصف شوكت قائدا لجهاز الاستخبارات العسكرية التي تشرف من خلال العميد رستم الغزالي على الوضع في لبنان، وكانت تقارير غير رسمية أشارت في وقت سابق الى أن الرئيس الحريري اصطدم خلال أحد الاجتماعات قبل استقالته في نهاية العام الماضي مع القائد العسكري السوري غزالي.
ومنذ توليه رئاسة الحكومة في لبنان العام 1992، فإن الرئيس الراحل يقود معركة على أكثر من صعيد ضد زراعة وتهريب المخدرات في منطقة البقاع، حيث كان يسعى بالتشاور مع حكومته والمجلس النيابي إلى وضع بدائل للمزارعين الذين سيتأثرون من تدمير مزارعهم من مادة القنب والأفيون، وهو كان رفض في تصريحات متتالية القيام بعمل عسكري لإجبار المزارعين على التوقف عن تلك الزراعة مفضلا الحل السلمي الهادئ والعادل. وفي نهاية تسعينات القرن الماضي صدرت عدة بيانات من مكتب الرئيس الحريري أكدت أن "ارادة الدولة في معالجة هذه المشكلة تنطلق من العزم على إيجاد حلول اجتماعية وإنمائية تجنب مناطق عزيزة من لبنان مغبة الانزلاق في مثل هذه الزراعات، وتعريض سمعة البلاد لأشد الإساءات المعنوية والسياسية".
ويشير المحلل الاستراتيجي محنيمي، وهو مؤلف لعديد من الكتب الصادرة باللغة الإنجليزية ومنها كتاب ألفه بالاشتراك مع المستشار السياسي السابق لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية بسام أبو شريف بعنوان (صديقي العدو) إلى أن نسبة كبيرة من عائدات الاتجار بالمخدرات وتهريبها تذهب إلى سورية، وهي أحد مصادر الأموال التي تضخ من لبنان إلى هناك، حيث أحد المصادر المهمة تحويلات العمال السوريين الذين يعملون في لبنان وتقدر هذه التحويلات بحوالي مليار دولار سنويا. وهناك 150 ألف عامل سوري يعملون في لبنان بتصاريح يصدرها لهم جهاز الاستخبارات العسكرية السوري.
وفي الختام، تنقل صحيفة (صنداي تايمز) عن مصدر لبناني قوله "إذا انسحب الجيش السوري من لبنان، فإنه ليس الطائفة العلوية الحاكمة المستفيدة من تجارة المخدرات من لبنان ستتأثر سلبيا، بل إن الدولة السورية ستنهار بكليتها خلال ستة أشهر".
التعليقات