إقرأ أيضًا:
بدء أشغال مجلس وزراء الخارجية

نبيل شرف الدين من القاهرة: وسط سيل من التصريحات الرسمية من طراز "تعزيز التضامن العربي، وتفعيل منظومة العمل المشترك"، وفي وقتعلم فيه أنولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيزلن يحضرالقمة العربية التي تستضيفها الجزائر هذا الأسبوع، فقد توقع دبلوماسي عربي أن تستمر مناقشات وزراء الخارجية العرب المجتمعين في الجزائر بشأن مشروع أردني، وصفته عمّان بأنه يستهدف دفع مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية قبل ثلاثة أعوام في قمة بيروت، بينما مازالت جهود الإعداد النهائي لمشروع جدول أعمال القمة العربية السابعة عشر، والذي يضم ‏ستة عشر‏ بندا مستمرة بغية التوصل إلى "صياغات مقبولة" يمكن تمريرها من خلال كافة الدول دون اعتراض لمشاريع القرارات، ومشروع البيان الختامي للقمة، الذي سيحمل مسمى "إعلان الجزائر" وألقى الإعلان عن عدم مشاركة الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي بظلاله على عدم توقع الكثير من هذه القمة، إذ يرى مراقبون أن غاية ما يمكن التوصل إليه هو "ترحيل الأزمات" إلى قمم عربية لاحقة، أو الإلقاء بها في عهدة المستقبل القريب أو البعيد، مع الاكتفاء بما هو متفق عليه وليس موضع خلاف، وتكون قمة الجزائر، كقمة تونس، باهتة، يُكتفي منها بعقدها وترحيل قضاياها إلى القمة القادمة المقرر عقدها وفق الترتيب الأبجدي للدول الأعضاء في جيبوتي، التي لن تستطيع استضافتها، وبالتالي تستضيفها القاهرة باعتبارها "دولة المقر".

من جانبها أرسلت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس رسائل إلى عدد من وزراء الخارجية العرب تطلب فيها دعم القمة العربية لكل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس في جهوده في مسيرة إصلاح السلطة الفلسطينية،‏ والحكومة العراقية الجديدة‏،‏ وضرورة استكمال سورية انسحابها من لبنان، فضلاً عن ملف الإصلاح العربي بكافة تعقيداته.

قضايا خلافية
وبينما توصل وزراء الخارجية العرب إلى اتفاق على بعض المسائل المدرجة على جدول أعمال القمة على غرار الاتفاق على استحداث آلية لمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن القمم العربية ابتداء من القمة الجاري التحضير لها، والاتفاق مبدئياً حول اعتماد تصويت الأغلبية البسيطة والثلثين على المسائل التي تطرح خلال القمم العربية ما بعد قمة الجزائر، وإنشاء برلمان انتقالي يمهد لإقامة برلمان عربي بعد خمس سنوات، فهناك "ألغام" مازالت موضع مناقشات حادة حول ثلاث‏ قضايا خلافية أساسية تم رفعها من المندوبين للقمة وهي:

أولاً: ‏الاقتراح الأردني بتفعيل مبادرة السلام العربية من خلال إجراء تعديلات عليها، وهو الاقتراح الذي شهد خلافات خلال الاجتماعات التحضيرية واتفق على رفعه للقمة، كما تنظر مطالبة العقيد الليبي معمر القذافي بتجديد مناقشة اقتراحاته التي قدمها إلى قمة عمان عام 2001‏ التي عقدت لجان لدراستها وطالبت بتطويرها انطلاقا من تجاوز الأحداث لها ولكن ليبيا رفضت التعديل وطالبت القمة بمناقشتها وعقد قمة استثنائية لها .

وفي التفاصيل فإن الاقتراح الأردني يدعو القوات الإسرائيلية إلى الانسحاب من كافة الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967 وتطبيع العلاقات بين كافة البلدان العربية وإسرائيل، ويشمل أيضا التأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة ، كما قدم الأردن أيضا مشروع قرار للإصلاح في العالم العربي .

ثانياً: يطالب اقتراح فلسطيني بأن تكون حدود الدولة الفلسطينية هي خط الهدنة عام ‏1949‏ وليست حدود ‏1967‏، انطلاقا من أن أربع‏ قرى فلسطينية كانت موجودة قبل الرابع من حزيران (يونيو) ‏1967‏ وضمتها إسرائيل مع الاحتفاظ والتأكيد على قرارات الشرعية الدولية في هذا المجال ومن المنتظر أن يقدم ناصر القدوة وزير الخارجية الفلسطيني تقريرا للوزراء العرب بذلك الأمر .

أما القضية الخلافية الثالثة فهي الخاصة بالمشاركة العربية والإسلامية في عضوية مجلس الأمن وذلك انطلاقا من تخصيص مقعدين لكل قارة ويدور الخلاف هنا بين اقتراحين‏,‏ الأول المطالبة بعضوية دائمة وأطلق عليه (الاقتراح أ)، والثاني المطالبة بتداول العضوية كل أربع سنوات وهو (الاقتراح ب‏)،‏ وفي الوقت الذي أيد فيه عدد كبير من المندوبين تمثيل مصر للمجموعة العربية في مجلس الأمن نيابة عن القارة الإفريقية‏,‏ ذكرت المصادر أنه لا يوجد اتفاق حول الدولة التي سيذهب إليها المقعد العربي بالمجلس‏,‏ ويرجح أن تنافس الجزائر مصر على هذا المقعد في المجلس في حالة إقراره .

وأكدت مصادر مطلعة شاركت في الاجتماعات التحضيرية للقمة أن مصر عرضت ورقة تدعو إلى تبني ترشيحها باسم العرب لعضوية مجلس الأمن ضمن المساعي الجارية لتوسيعه، لافتة إلى أن الوفد المصري أصر على توجيه رسالة إلى مجلس الأمن تطالبه بضرورة إقرار مقعد دائم للعرب تشغله القاهرة، انطلاقا من فرضية مؤداها أن "العالم العربي يستحق ذلك وفق حسابات الجغرافية والرصيد الحضاري، فضلاً عن عدد السكان والإمكانيات الطبيعية والبشرية"، ولفتت ذات المصادر أن المطلب المصري وجد معارضة من بعض الأطراف العربية باعتبار أن طلب التمثيل على أساس "عرقي" يعد سابقة في المعاملات الدولية، وينبغي أن يكون موزعاً حسب القارات، وإن كان لمصر الحق أن تترشح لعضوية مجلس الأمن فالمكان الذي يمكن أن تعمل به هو الاتحاد الإفريقي وليس الجامعة .

البيان الختامي
وتضمنت الصيغة الأولى لمشروع البيان الختامي للقمة العربية التي أعدها المندوبون الدائمون لدى الجامعة، ويناقشها اليوم وزراء الخارجية العرب، إقرار آلية تطوير العمل العربي المشترك بتعديل ميثاق الجامعة العربية، وإضافة مادة جديدة لإنشاء برلمان انتقالي لمدة خمس سنوات يضم ‏88‏ عضوا بمعدل‏ أربعة أعضاء من كل دولة، على أن تكون سورية مقره الدائم، إضافة إلى إنشاء هيئة لمتابعة تنفيذ القرارات والالتزامات وتعديل نظام التصويت في الحالات الخاصة بالاعتداء علي دولة عضو، وتعديل آلية اتخاذ القرارات، وتكليف الأمين العام بتشكيل لجان لمواصلة بحث مشروعي إنشاء محكمة العدل ومجلس الأمن العربيين لعرضهما علي القمة المقبلة بالسودان .

وفي صياغة فضفاضة لا تحسم رؤية بعينها، سيدعو البيان الختامي للقمة إلى التضامن مع لبنان ويدعو القادة العرب مساندة حق لبنان في ممارسة خياراته السياسية ضمن من خلال مؤسساته الدستورية، ولن يتطرق البيان إلى مسألة الانسحاب السوري من لبنان ولا إلى قرار مجلس الأمن الخاص رقم 1559 ولا إلى اتفاق الطائف الموقع عام 1989 .

وسيظل ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي حاضراً في هذه القمة أيضاً بنفس المعالجات التقليدية، حيث يجدد مشروع البيان الختامي التزام كافة الدول العربية بمبادرة السلام العربية، ورفض الممارسات والمواقف التي تتعارض معها وقواعد الشرعية الدولية مع التأكيد علي أن السلام كل لا يتجزأ على أساس الشرعية الدولية وقراري الأمم المتحدة‏338,242‏ ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مدريد ولا يحق لأي جهة تعديلها وتكليف لجنة مبادرة السلام العربية علي الفور بتنفيذ خطة التحرك علي الساحة الدولية لتفعيل المبادرة واستصدار قرار من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني المبادرة كإطار للحل السلمي‏ ضمن عملية سلام على عدة مسارات .أما في الأزمة السورية ـ اللبنانية فسيكتفي البيان الختامي بمساندة سورية لاستعادة الجولان ودعم لبنان في ممارسة خياراته السياسية ضمن المؤسسات الدستورية، ودعم قراراته الحرة في إقامة وتعزيز علاقاته مع النظر بعين الاعتبار إلى العلاقات التاريخية مع سورية‏،‏ كما يرفض مشروع البيان قانون محاسبة سورية واعتباره تجاوزا لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة‏,وتأييد موقف دمشق الداعي إلى تغليب لغة الحوار والدبلوماسية كأسلوب للتفاهم ودعوة واشنطن للدخول في حوار بناء مع دمشق"، حسب ما ورد في مسودة البيان الختامي.

وأخيراً وفي الشأن العراقي فسوف يتضمن البيان الختامي عبارات مكررة من نوع "التأكيد علي احترام وحدته وسيادته، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية، واعتبار العملية الانتخابية إنجازا تاريخيا والتأكيد علي مشاركة جميع الأطراف في العملية السياسية وقيام الأمم المتحدة بدور مركزي في استكمال العملية السياسية وإعادة تعمير العراق".