قمة الجزائر لن تحسم 3 ملفات خلافية
الإصلاح والجامعة والأزمة السورية


نبيل شرف الدين من القاهرة: كان ظاهراً لأي مراقب ملم ببعض تفاصيل المشهد العربي، أن أجواء الخلافات المعلنة والمكتومة ألقت بظلالها على القمة العربية التي تستضيفها اليوم الثلاثاء الجزائر، وسط غياب نحو ثلث القادة العرب الأمر الذي ينال من مستوى طموحات هذه القمة، ويخفض حجم التوقعات المأمولة منها، ومن المتوقع أن تثير أزمة تمويل الجامعة مزيداً من الخلافات بعد ترحيل ملفات خلافية أخرى على القمة المقبلة التي سيستضيفها السودان، بعد تفادي قضايا بالغة الحساسية في مقدمتها المسألة السورية ـ اللبنانية، كما تشهد القمة مناقشة وثيقة "العهد والبلاغ" بشأن الإصلاح السياسي والاقتصادي، فضلاً عن تسع مبادرات طرحتها الدول الأعضاء لإصلاح العمل في الجامعة العربية، ومنظومة العمل العربي المشترك عموماً . وحسب مصادر دبلوماسية عربية تحدثت معها (إيلاف) فإن هناك ثلاثة ملفات خلافية سيجري التعامل معها، وإن أبدى مراقبون في القاهرة عدم إفراطهم في التفاؤل حيال التوصل إلى حل حاسم لها وهي:

الأول: هو ملف الإصلاح السياسي في الدول العربية، وهو الشعار الذي تتخذه هذه القمة عنواناً لها، وسبق ترحيل هذا الملف من قمة تونس إلى الجزائر، وكاد التطرق إلى بعض محاوره أن ينسف قمة تونس العام الماضي.

الثاني: إصلاح جامعة الدول العربية التي تواجه أزمات مالية طاحنة، فضلاً عن اتهامات بأنها شاخت، وباتت تتطلب توفير أسس جديدة ومبتكرة لعلاج الخلل الذي يعاني منه النظام العربي الجماعي، قبل أن يتآكل ما تبقى من هياكلها ويتقلص ما استمر من أنشطتها.

الثالث: هو ملف الأزمة السورية ـ اللبنانية، وما تتعرض له دمشق من ضغوط دولية، وسط توقعات بأن يثير هذا الملف حساسيات متباينة، بسبب العلاقات المتشابكة لغالبية الدول العربية مع الولايات المتحدة من جهة، وخصوصية العلاقات السورية ـ اللبنانية وغياب رئيسي البلدين عن القمة من جهة أخرى.

البيان الختامي
ويتضمن البيان الختامي للقمة العربية ـ الذي حصلت (إيلاف) على نسخة من صيغته النهائية ـ الترحيب بقرار سورية بالانسحاب من لبنان‏,‏ وتقدير دورها بلبنان‏,‏ ورفض الضغوط التي تمارس عليها، واحترام قرارات الشرعية الدولية‏,‏ في النزاع العربي ـ الإسرائيلي,‏ والترحيب بالتطورات السياسية الراهنة في العراق‏,‏ ودعم جهود العراقيين لإعادة تعمير بلادهم‏،‏ كما يرحب البيان باتفاق السلام في السودان لإنهاء الحرب الأهلية بالجنوب‏,‏ ويؤكد الدعم العربي لجهود حل المأساة الإنسانية في إقليم دارفور‏ السوداني.

وحسب البيان الختامي للقمة يؤكد القادة العرب الالتزام بمبادرة السلام العربية باعتبارها المشروع العربي لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة ورفض الممارسات التي تتعارض معها ومع قواعد الشرعية الدولية والمرجعيات المتفق عليها لعملية السلام، كما يؤكد أيضاً دعم العمل العربي المشترك وخدمة قضايا الأمة العربية وتفعيل مبادرة السلام العربية بإيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ورفض استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في فلسطين والجولان ولبنان.

ويكلف القادة لجنة مبادرة السلام العربية على المستوى الوزاري والأمين العام للمباشرة على الفور في تنفيذ خطة التحرك على الساحة الدولية لتفعيل المبادرة واستصدار قرار من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني مبادرة السلام العربية كإطار للحل السلمي والعمل على عقد اجتماع مشترك مع اللجنة الرباعية لاتخاذ الخطوات اللازمة لدفع مسيرة تسوية النزاع العربي ـ الإسرائيلي.

سورية ولبنان
ويدعو البيان الختامي للقمة العربية الإدارة الأميركية إلى الدخول بحسن نية في حوار بناء مع سورية لإيجاد أنجح السبل لتسوية الخلافات بين البلدين كما يدعوها لإعادة النظر في القانون المسمى "محاسبة سورية" الذي يشكل انحيازا سافرا لإسرائيل وإجهاضا لفرص تحقيق السلام الشامل والعادل كما يشكل مساسا خطيرا بالمصالح العربية واستهدافا للعلاقات التاريخية بين سورية ولبنان وتدخلا في الشئون الداخلية اللبنانية.

وفي مسألة الجولان السوري، يؤكد البيان الختامي دعم الدول العربية ومساندتها الحازمة لمطلب سورية العادل وحقها في استعادة كامل الجولان المحتل إلى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 استنادا إلى أسس عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية، كما يؤكد البيان أن استمرار احتلال الجولان يشكل تهديدا مستمرا للسلم والأمن في المنطقة والعالم ويدين الممارسات الإسرائيلية المتمثلة في بناء المستوطنات وتوسيعها.

وفي الشأن اللبناني يؤكد البيان الختامي إدانة استمرار إسرائيل في احتلال أراض لبنانية وانتهاكاتها المتكررة للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا، ويساند القادة حق لبنان السيادي في ممارسة خياراته السياسية ضمن الأصول والمؤسسات الدستورية ويرفضون الضغوط التي يتعرض لها ويجددون دعمهم للبنان في استكمال تحرير أراضيه ومطالبته بالإفراج عن المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية ورفض كافة أشكال التوطين التي تتناقض مع مبادئ القانون الدولي والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.

العراق
وحول تطورات الوضع في العراق يكتفي البيان بالتأكيد على احترام وحدة وسيادة العراق واستقلاله وعدم التدخل في شئونه الداخلية، ويرحب بالعملية الانتخابية التي جرت في العراق في 30 من كانون الثاني (يناير) الماضي، ويعتبرها إنجازا كبيرا للشعب العراقي على طريق الانتقال السلمي الديموقراطي للسلطة.

ويشدد القادة العرب في بيان قمتهم على ضرورة مشاركة جميع أطياف الشعب العراقي في العملية السلمية بكافة مراحلها كما يرحبون بالدور الذي قامت به الأمم المتحدة في مساندة العملية الانتخابية في العراق، ويؤكدون على تعزيز دور الجامعة العربية في العراق بالتنسيق مع الأمم المتحدة لتقديم كافة أشكال المساعدة الخاصة في استكمال العملية السياسية وإعادة الإعمار.

فلسطين
وحول تطورات القضية الفلسطينية، يؤكد البيان الختامي أن تسوية القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي يجب أن تقوم على أسس الشرعية الدولية والمرجعيات المتفق عليها والمتمثلة في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبدأ الأرض مقابل السلام وعدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة ومرجعية مؤتمر مدريد بما يؤدي الى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة عاصمتها القدس، ويؤكد القادة التزامهم بمبادرة السلام العربية ويدعون اللجنة الرباعية لاستئناف العمل الجاد لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم على أساس هذه المبادرة وكذا خطة "خارطة الطريق" التي يتبناها الرباعي الدولي.

ويؤكد البيان ضرورة امتناع كافة الدول والمنظمات الدولية عن الاعتراف أو التعامل مع أي ضمانات أو وعود يترتب عليها الانتقاص من حقوق الشعب الفلسطيني، ويدعو البيان هذه الدول والمنظمات لإدانة إقامة حائط الفصل الذي يهدد بإحداث عملية تهجير جديدة ويهدد فرص قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، كما يطالب الدول والمنظمات الدولية بالعمل على وقف بناء الجدار العازل، وإزالة الأجزاء التي تم بناؤها والتعويض عن الأضرار الناتجة عن هذا الحائط وضرورة تفكيك المستوطنات القائمة.

السودان
وحول دعم السلام والتنمية والوحدة في السودان، يؤكد البيان الختامي التضامن مع السودان لترسيخ السلام والاستقرار في ربوعه والحفاظ على وحدة أراضيه ويدعو جميع الدول تأكيد هذا الالتزام عمليا ودعم المساعي الرامية إلى تحقيق السلام والوفاق الوطني بين أبنائه، كما يرحب البيان بتوقيع اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في 19 كانون الثاني (يناير) الماضي في العاصمة الكينية نيروبي، واعتباره مرحلة جديدة للاستقرار والسلام والوفاق الوطني في ربوع السودان ونهاية لأطول صراع في أفريقيا، ويثمن البيان مشاركة الأمين العام في التوقيع على الاتفاق ضمن الشهود، ويطلب منه مواصلة جهوده لتأمين مشاركة الجامعة العربية في لجان مراقبة تنفيذ الاتفاق الشامل، كما يحث الدول والصناديق ومؤسسات التمويل العربية للمشاركة بفاعلية في مؤتمر المانحين الدوليين للسودان الذي يعقد في منتصف شهر نيسان (أبريل) المقبل في أوسلو.

كما يرحب البيان بالنتائج التي تم التوصل إليها في القمة الخماسية التي عقدت في طرابلس بليبيا في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لتسوية الأزمة في دارفور، ويدعون الأطراف إلى استئناف محادثات السلام حول الإقليم دون شروط مسبقة، ويرفضون أية عقوبات على السودان أو التهديد بفرضها أو التلويح بتدخل عسكري.