فداء عيتاني من بيروت: خطت المعارضة اللبنانية خطوة اضافية في مسيرة تدويل الازمة المحلية وتعريب هذه الازمة، عبر نقل مطالبها إلى مؤتمر القادة العرب المنعقد في الجزائر العاصمة، حيث طالبت القمة العربية بالتدخل ومساندة مطالبها، مشيرة وان كان ليس في النص الرسمي لرسالة المناشدة، إلى عزم السلطة اللبنانية المماطلة في اجراء الانتخابات النيابية اللبنانية والابقاء على السلطة المخابراتية القائمة بحسب تعبير المعارضة، وباطالة عمر مجلس النواب اللبناني الحالي، الذي تحتل فيه الموالاة لسورية وللسلطة الحالية الاغلبية، والتمديد لهذا المجلس النيابي بعد ان تتأخر السلطة في اتخاذ الاجراءات اللازمة للقيامب الانتخابات.

وفي حين كان رئيس الوفد اللبناني إلى القمة العربية وزير الخارجية المستقيل محمود حمود يكرر مرارا أمام كل وسائل الاعلام ان الازمة في لبنان هي ازمة محلية يجب ان يجري التعامل معها محليا، وان العلاقات مع سورية والانسحاب السوري من لبنان هي مسائل لبنانية سورية تحل بين البلدين، وانه لا داعي ولا مبرر لخوض القمة العربية بهذه المسائل، فقد أخرجت الممعارضة اللبنانية مناشدتها في عملية احراج للوفد اللبناني، اضافة إلى الوفد السوري الذي سبق ان اعلن وزير خارجية البلد الجواب نفسه لنظيره اللبناني بعدم جدوى تعريب الازمة الحالية بين لبنان وسورية.

وكانت قوى المعارضة تجتمع بكل اطيافها في مركز حركة اليسار الديموقراطي في بيروت، البعض حضر تلاوة الوزير الاسبق والنائب الذي تعرض لمحاولة اغتيال اودت بحياة مرافقه، مروان حمادة، والبعض الاخر من اركان المعارضة كان يجتمع في غرف اخرى من المركز، وبعضهم يتابع اخر المستجدات والكل يشرف على ما يقوله حمادة من هنا او هناك، ويقدمون المقابلات للفضائيات العربية والمحلية، ووسط هذا الجو المنهمك كان حمادة يقول ان على السلطة اللبنانية تشكيل حكومة وتبدأ بالتحضير للانتخابات النيابية التي يفترض ان تجري في مواعيدها اي في بداية شهر ايار مايو المقبل. وكان يشير إلى ان هذه السلطات تحاول كسب الوقت للابقاء على السلطة الامنية للتركيبة المخابراتية الحاكمة في لبنان حاليا.

وكان حمادة يصر ان على رئيس الحكومة المكلف عمر كرامي تشكيل حكومته بمعزل عن المعارضة التي رفضت سلفا الدخول في "حكومة وحدة وطنية" بينما كان الرئيس كرامي بالمقابل يصر على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ينتظر لهذا السبب وعودة البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير من زيارته إلى الولايات المتحدة، وهو الذي يشكل احد اعمدة المعارضة. وبعد حوالي الساعة من المؤتمر الصحافي للجنة التنسيق للمعارضة اللبنانية التي اطلقت المناشدة كان كرامي يستقبل الامين العام لحزب الله الذي بدا نشاطه ليوم الثلاثاء لافتا، خاصة وانه عادة يتمنع عن التحرك او يحد من حركته ما امكنه نظرا لظروفه الامنية الخاصة.

وقرأ مراون حمادة أمام الاعلاميين نص المناشدة، التي جاء فيها:" فيما كان الشعب اللبناني يستعد لاجراء الانتخابات النيابية في ربيع هذا العام، وذلك على الرغم من التدخل السوري المستمر في شؤونه الداخلية، والذي وصل الى حد فرض نظام مخابراتي غير دستوري يقبض على كل مفاصل الحياة العامة والخاصة في لبنان، والى حد تمديد ولاية رئيس الجمهورية في ايلول/سبتمبر الماضي ثلاث سنوات اضافية خلافا للدستور اللبناني في نصه وروحه، ظهرت حلقات مسلسل اجرامي رهيب استهدفت رموز الاعتراض على النظام المخابراتي المفروض على البلاد، بدءا من محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، الذي نجاه الله سبحانه وتعالى بمعجزة فيما قضى مرافقه في الانفجار، وصولا الى جريمة اغتيال رئيس مجلس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وعدد كبير من المواطنين واصابة النائب باسل فليحان اصابة بالغة. ان المعارضة اللبنانية تؤكد ان السلطة اللبنانية الرازحة منذ سنوات تحت الوصاية السورية تتحمل مسؤولية كبيرة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، اولا من خلال حملات التخوين والتحريض التي نظمتها ضد المعارضة عموما وضد الرئيس الشهيد تحديدا عشية اغتياله، ومن ثم من خلال محاولاتها الدؤوبة لعرقلة التحقيق وتضليله. وتترك المعارضة للتحقيق الدولي الذي تطالب به كأولوية مطلقة عبر لجنة تحقيق كاملة الصلاحية، مهمة تحديد المسؤوليات الاخرى خوصا وان مسلسل الفضائح المتعلق بالتحقيقات مازال مستمرا".

واكدت المعارضة في مناشدتها ان " ترى المعارضة اللبنانية ان الازمة المستحكمة بين لبنان وسوريا، والتي وصلت الى حدود غير مقبولة تنذر بانعكاسات سلبية على العلاقات بين الشعبين الشقيقين اللذين تجمع بينهما وحدة الانتماء العربي، هذه الازمة تتحمل مسؤوليتها السياسات السورية في لبنان. كما ترى ان المخرج الوحيد لهذه الازمة يتمثل بالانسحاب الكامل للجيش السوري والمخابرات السورية من لبنان قبل موعد الانتخابات النيابية القادمة. والشعب اللبناني، الذي يجمع اليوم على تأمين خروج مشرف للجيش السوري، يعاهد سوريا ان لبنان المستقل، ومن موقع انتمائه العربي الراسخ، سيقيم معها افضل علاقات الاخوة والصداقة والتعاون وانه سيستمر في دعم وحماية مصالحها المشروعة. كذلك تطالب المعارضة اللبنانية من منطلق الحرص على استعادة النظام الديموقراطي ومعرفة الحقيقة وازالة الحواجز امام التحقيق، بالاستقالة الفورية لجميع قادة الاجهزة الامنية اللبنانية، وتطهير تلك الاجهزة من جميع المسؤولين والافراد الذين امعنوا في الاعتداء على حياة الناس وكراماتهم وحرياتهم. كما تطالب بتطبيق احكام الدستور لجهة منع اي تدخل لتلك الاجهزة في الحياة السياسية والعامة، كي لا يعاد توليد سلطة امنية جديدة مخالفة للدستور والنظام الديموقراطي الذي يتمسك به اللبنانيون اشد التمسك. ان المعارضة اللبنانية الحريصة على الطابع السياسي والديموقراطي والدستوري لحركتها تؤكد ان تحقيق المطالب المذكورة اعلاه، يشكل نقطة البداية في اخراج البلاد من النفق المظلم الذي دفعتها اليه السلطة. وتذكر المعارضة بمطالبتها تشكيل حكومة انتقالية تعمل على انهاء نظام الوصاية والتبعية واعادة توليد سلطة وطنية عبر انتخابات برلمانية حرة ونزيهة، تعيد للشعب اللبناني سيادته الوطنية وحقه في تكوين مؤسساته الدستورية على القاعدة التي توافق عليها اللبنانيون في اتفاق الطائف. ان المعارضة اللبنانية، اذ تتمنى لمؤتمركم التوفيق لما فيه مصلحة العرب جميعا، تأمل مساندتكم للمطالب اللبنانية التي لا شك انه سيكون لها الأثر الايجابي البالغ على مجمل القضايا العربية".

وردا على سؤال حول تشكيل الحكومة الجديدة قال حمادة ان "المماطلة واضحة، وهي محاولة لتأجيل الانتخابات للتمديد للمجلس النيابي وبالتالي التمديد للحالة القائمة، حالة الوصاية من جهة وحالة النظام المخابراتي الامني من جهة أخرى".

واضاف: "نصر على إجراء الانتخابات في مواعديها، اي قبل نهاية أيار، وبعد انسحاب آخر جندي وآخر رجل مخابرات سوري من لبنان".

وشدد على "ان المعارضة لم تتخل ولن تتخلى عن اي شرط من شروطها، وأولها تبيان الحقيقة في جريمة الاغتيال، ولا نستطيع ان نصل الى الحقيقة في وجود هذه الاجهزة، وبالتالي فنحن لا نعرقل قيام حكومة، بل قلنا لهم شكلوا الحكومة التي تريدون ولكن لن نشارك في ظل هذا النظام". مؤكدا ان كل يوم يماطلون فيه يزيد من أزمتهم، والتقارير ستأتي تباعا، تقارير في التحقيق، وتقارير موفد الامين العام للامم المتحدة، وقبل ذلك كانت مراقبة الرأي العام اللبناني لهذه السلطة".

وتابع "أعتقد أن السلطة الامنية المخابراتية اللبنانية الشريكة مع المخابرات السورية ستزيد من أخطائها على مدى الايام، وكلما خطونا خطوة الى الامام سنجد ارتباكا اضافيا في تصرفاتهم". في رده على امكانية ادانة اجهزة المخابارت في البلدين باغتيال رفيق الحريري.

وحول مطالب المعارضة من القمة العربية قال ان "المطلوب ان تؤيد وتأخذ في الاعتبار مطالب المعارضة في التحقيق الدولي، ويجب ألا ننسى ان الجزائر عضو في مجلس الامن، والقرارات التي ستتبع تقرير بيتر فيتزجيرالد ستستدعي ربما قرارات دولية نأمل ان يكون حولها ووراءها اجماع عربي".

وعن مدى تعليقهم آمالا على القمة العربية في ظل الانقسام بين الدول العربية قال: "أملنا الاول والاخير هو الشعب اللبناني، وما توصلنا اليه خلال ال36 يوما التي تلت استشهاد الرئيس الحريري كان كافيا للتعبير لبنانيا وعربيا وعالميا عن توجهات هذا الشعب وآماله".

وورفض حمادة اقتراح البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير والقاضي بحكومة مناصفة بين الموالاة والمعارضة، حيث قال: "لسنا مشاركين في اي حكومة في ظل هذا النظام".