بيان "الاخوان المسلمون" يلقى تجاوبًا واتجاه للحوار
معارضة الداخل السورية تطالب بانتخابات مراقبة دوليًا
بهية مارديني من دمشق: أثارت دعوة جماعة الإخوان المسلمين في سورية "لإنقاذ البلاد" ردود فعل متباينة داخل سورية. وأثار البيان الذي أصدرته أمس لجان "إحياء المجتمع المدني" بالإعلان عن فتح قنوات حوار مع الإخوان المسلمين صدىً واسعًا وتساؤلات عديدة إذ جاء البيانان متزامنان، مما أنعش التكهنات بأن ثمة احتمالات لوجود تنسيق بين الجانبين. وطالبت المعارضة "بانتخابات حرة ونزيهة في سورية، وإن لزم الأمر تحت إشراف دولي ورقابة للتأكد من نزاهتها وعدم طغيان حزب على آخر" وهو الأمر الذي لم يكن مطروحًا بهذا الشكل في أجندة المعارضة السورية في الداخل.
وفي هذا الصدد قال الدكتور عمار قربي عضو لجان إحياء المجتمع المدني لـ"إيلاف" إنه منذ فترة وقوى المعارضة الوطنية في سورية تنادي بمؤتمر وطني شامل وخاصة بعد عدم تبني السلطات لدعوى المصالحة الوطنية التي أطلقتها الكثير من أحزاب المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان في سورية. ومنذ أكثر من عام تقدم التجمع الوطني الديمقراطي بدعوة كل الأطياف لعقد مؤتمر وطني وتم شرح هذه الدعوة عبر ندوات ومحاضرات ألقاها الناطق باسم التجمع المحامي حسن عبد العظيم، مضيفًا ان المعارضة في الخارج دعت سابقًا إلى عقد هكذا مؤتمر وشكلت هيئة تضم إسلاميين وقوميين ويساريين وصدر عنهم ميثاق سمي آنذاك بميثاق الشرف.
وأكد قربي أن لجان إحياء المجتمع المدني وبعد نقاش متعمق للأوضاع الداخلية في سورية ومايحدث على الساحة الإقليمية والدولية رأت ان الانفتاح على كل القوى والتيارات وخاصة تيار الإخوان المسلمين يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية ويوفر السبل أمام التغيير الديمقراطي المنشود وقد آن الاوان لإلغاء المادة 49 من الدستور والتي تحكم بالإعدام على مجرد الانتماء الى تيار الاخوان المسلمين.
وحول رأيه في دعوة جماعة الإخوان المسلمين قال المحامي حسن عبد العظيم الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يضم خمسة أحزاب معارضة، إن كل ماورد في بيان جماعة الإخوان مهم وضروري ويلتقي مع المحاضرة التي ألقيتها في منتدى جمال الأتاسي العام الماضي بعنوان "نحو مؤتمر وطني شامل" وطالبت بنفس المطالب في مؤتمر وطني شامل لكل قوى السلطة والمعارضة في الداخل والخارج بمن فيهم جماعة الاخوان المسلمين وهذا المؤتمر يضم كل الفعاليات ويؤسس عبر الحوار الجاد والمسؤول الى مناقشة كل القضايا ويؤسس لميثاق وطني وتعديلات دستورية تنهي احتكار السلطة عبر المادة الثامنة التي تعتبر حزب البعث حزبا قائدا للدولة والمجتمع في سورية وتعديل صلاحيات رئيس الجمهورية " ان المبادرة هذه تكون بيد الرئيس السوري باعتباره رئيسا للبلاد وان هذا المؤتمر سيرسي قواعد للعمل السياسي بين السلطة والمعارضة واطلاق \الحريات العامة واقامة وطن ديمقراطي يحقق العدل وسيادة القانون.
وطالب عبد العظيم بالغاء عقوبة الاعدام الخاصة بكل من ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين ومشاركة المعارضة في الخارج والتي رفضت الاستقواء بالاجنبي وعودتها للداخل لتحصين الجبهة الداخلية ومواجهة التحديات.
وقال مصطفى قلعجي الامين العام للحزب الديمقراطي السوري لايلاف " نحن مع الدعوة الى الاصلاح والسرعة في انجاز ذلك مع تعديل الدستور بما يخدم التطورات الجارية في البلاد ومع رفع حالة الطوارىء واطلاق الحريات العامة، ومع اطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
واضاف: "اما موضوع المؤتمر الوطني فنحن نقول ان الاصح ان يكون هناك لقاء بين القوى السياسية الموجودة على الساحة السورية بهدف اجراء حوار جدي للوقوف على رؤية هذه القوى لجهة عملية الاصلاح الداخلي في سورية، واوضح قلعجي ما استوقفه في البيان "فاذا كانت شمس الحرية قد جاءت بقرار اميركي وكان هذا هو المقصود ان نمد يدنا للخارج الى اميركا او غيرها فنحن كحزب نرفض هذا الطرح لاننا على يقين بان الاصلاح في سورية هو مطلب داخلي وضرورة داخلية".
واوضح المحامي رجاء الناصر عضو المكتب السياسي الاتحاد الاشتراكي الوطني الديمقراطي في تصريح لـ"ايلاف" ان هناك ضرورة لحوار وطني تشارك فيه جميع الاطراف من اجل ايجاد مخارج للازمات والضغوط التي تحيط بسورية وان تشارك بهذا الحوار جميع القوى الوطنية دون استثناء بمن فيهم الاخوان المسلمين تحت سقف عدم الاستقواء بالخارج واحداث تغييرات ديمقراطية في الداخل، مؤكدا على اهمية مؤتمر وطني تشارك فيه السلطة وجميع القوى الفاعلة في سورية.
من جانبه قال مشعل التمو عضو لجان احياء المجتمع المدني ان اللجان من مهامها إيجاد وخلق مقومات تشاركية في الوطن الواحد، والوظيفة هذه تأخذ مداها المجتمعي من استعادة المواطنة، ودفع المواطنين بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم إلى العمل في الشأن العام، وبالتالي تأطير هذه العودة في تعزيز قيم الوطنية، المرادفة لقيم الحرية، وإعادة انتاج الثقافة والسياسة اللتين غيبهما الاستبداد وديمومة نظام الحزب الواحد.
واكد التمو في تصريح لـ"ايلاف" أن اللجان لم تنسق سابقا مع احد وإنما إحساسها بالمسؤولية التاريخية وعبر قراءتها لمجريات الأحداث المتلاحقة على وحول سورية وجدت بان المدخل لمواجهة هذه التداعيات هو الحوار والتحاور الداخلي و تجميع طاقات وتعبيرات المجتمع السوري وفتح قنوات بين كل هذه المكونات وإفساح المجال لها لتأخذ دورها السياسي وقسطها في إعادة صياغة الشخصية الوطنية التي بعثرها القمع وشوه تكوينها فكرة الخلاص الفردي، بمعنى نحن نسعى إلى بلورة فكرة الخلاص الجماعي والتشابك المجتمعي، مشيرا الى ان جماعة الأخوان المسلمين هي جزء من هذا المجتمع وتمثل شريحة منه، ونحن وجميع مكونات المجتمع نلتقي على قاعدة التوافق الديمقراطي والمصلحة الوطنية , وضرورة البحث عن مصالحة وطنية تؤسس لوطن حر، وبالتالي كل الأطر والإطراف السياسية والثقافية والاجتماعية السورية التي ترتضي هذه المظلة سقفا لها، نجد من الواجب لها أن تلتقي وتتحاور وتتشابك في النشاط المجتمعي، بهدف خلق منعة داخلية خالية من الطوارىء والأحكام العرفية، ولها قاعدة تأسيسية تتميز بالتعددية السياسية والثقافية، في دولة حق وقانون،حيث يسود دستور وطني جديد، يعيد الترابط الوطني وينظم الحياة التشريعية والتنفيذية بأدوات واليات ديمقراطية تصون وتحفظ الحريات العامة، المدنية والسياسية.
واعتبر محمد صوان الامين العام للتجمع من اجل الوحدة والديمقراطية في تصريح لـ"ايلاف "ان بيان جماعة الاخوان بيان متوازن وطلباتهم طلبات محقة، مشيرا الى سعي التجمع بهذا الاتجاه ونؤكد على تمتين اللحمة الوطنية بتضافر جميع جهود ابناء الوطن على مختلف مشاربهم السياسية وانتماءاتهم والعمل على ان يكون الحوار الوطني هو الاساس في الوصول الى قبول الاخر وعدم ابعاد أي صاحب راي مخالف من اجل استيعاب الاخرين وان يكون الالتزام بالوطن هو المعيار الاساسي للمواطن الصالح.
اما المحامي اكثم نعيسة رئيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان في سورية فقال لـ"ايلاف" اعتقد ان قضية التحول الديمقراطي لها شروط اولا ومن اهم شروطها ان تتعامل السلطة مع الشعب ومع هيئاته المدنية لتعترف بها اعتراف ندّي وتعترف باهميتها واهمية مشاركتها في صنع مستقبل سورية اما ان تستمر في التعامل مع ارضية التعامل على انها ليست ذات اهمية فانا اعتقد ان هذا لايخدم اية عملية تحول ديمقراطي في سورية.
واضاف نعيسة انه من المهم جدا على هذه الارضية ان تجري انتخابات حرة ونزيهة وان لزم الامر تحت اشراف دولي ورقابة دولية اذ يجب التاكد من نزاهتها وعدم طغيان أي حزب عليها ليؤثر على سير هذه الانتخابات.
واكد نعيسة هناك ملفات يجب ان تفتح في سورية تتعلق بحقوق الانسان ويجب طيها بطريقة حضارية بما فيها قضية المعتقلين السياسيين والمفقودين والمنفيين وكل القضايا العالقة مع الاعتذار للشعب السوري لما لحق به من مهانة وذل واذى وهذه مسالة مهمة جدا وعند ذاك يمكن التحدث عن مؤتمر وطني لانقاذ سورية وهو ما يدعو اليه الاخوان.
واوضح نعيسة انه يجب ان يتوافر مناخ وشروط يمهد لاجراء هذا المؤتمر الوطني الذي يدعو اليه الاخوان والا سيكون هذا المؤتمر لصالح السلطة فقط ويدعم موقفها في ظل توازن القوى الداخلية حاليا وفي ظل اسلوب التعامل الذي تمارسه السلطة ضد قوى المجتمع المدني.
وكانت جماعة الاخوان المسلمين في سورية اصدرت بيانا، من لندن، تدعو فيه لانقاذ البلاد عبر مؤتمر وطني شامل لكل الاطياف في سورية، وحمل البيان عنوان (النداء الوطني للإنقاذ)، واكد أنه نداءٌ لإنقاذ الوطن من زلزالٍ قادمٍ لن تكونَ آثارُه المدمّرةُ قاصرةً على النظام وحدَه، بل ستهزّ الوطنَ بأسره وأنه نداءٌ لا يستثني أحدًا: رئيسًا، أو حكومةً، أو حزبًا، أو جيشًا، أو أجهزةَ أمنٍ، أو مجلسَ شعب.. ولم يدفع الجماعة إليه إلاّ خوفُنا على الوطن من الضّياع.. على أمل أن يستشعرَ كلُّ واحدٍ مسئوليتَه عن تجاهل الأخطار المحدقة بالوطن، والإعراض عن النداءاتِ الوطنية المخلصة. لأنّ قطرَنا المعزولَ عن العالم بفعلِ السياسات المرتبكة، وبقيادته المعزولةِ عن الشعب بفعلِ السياسات القمعية، دونَ مستوى الصمود.
واعتبر البيان، الذي تلقت ايلاف نسخة منه،ان النظام السوري مصر على فرض الوصاية على الشعب، وامتهانِ كرامته، وزعزعة وحدته الوطنية، وإقصائه عن تحمّلِ مسؤولياته في بناء الوطن، وحمّل البيان النظام – وحدَه - وزرَ الدمار الذي سيُنزله بالوطن والأمة، في حال إصرارِه على سياساته، واشار إلى انتهاء عهد الاستبداد، وإلى أنّ القوى الخارجيةَ التي كانت تسندُ الأنظمة الديكتاتورية منذ ستين عامًا، اعترفت بأنها كانت على خطأ وتراجعت عنه، كما ندّد البيان باستجابة النظام للضغوط الخارجية، وإعراضه عن النداءات الوطنية.
وأوضح البيان أننا جميعًا شركاءُ في الوطن، ولا يمكنُ لأحدٍ أن يُلغيَ الآخر، وأننا لسنا طلابَ ثأر، ولا دعاةَ انتقام، ولن نقابلَ الظلمَ بالظلم، فالخطرُ الداهمُ يتطلّبُ من الجميع التعاليَ على الجراح، وتقديمَ المصلحة العليا للوطن، واشار البيان إلى أن طريقَ الإنقاذ أصبحَ باتجاهٍ واحد، ولم يعدْ يحتملُ التأجيلَ أو الترحيلَ إلى مؤتمرٍ قُطريّ أو غيره، ألا وهو الدعوةُ إلى مؤتمرٍ وطنيّ شاملٍ لا يستثني أحدًا، ولا يُلغي أحدًا، يمثّل كلّ التياراتِ والأطياف، والطوائفِ والأعراق، داخلَ الوطن وخارجَه.. لبناء الكتلة الوطنية الصلبة التي تتحملُ العبءَ الوطنيّ بكلّ أبعاده.ونقل البيان برنامج المؤتمرُ الوطنيّ برنامجَ عملٍ يضعُ هذا المؤتمرُ الوطنيّ برنامجَ عملٍ للإنقاذ والتغيير، يبدأ من إلغاءِ المادة الثامنة من الدستور، ووضعِ قانونٍ عصريّ للأحزاب، وتحديدِ موعدٍ لإجراء انتخاباتٍ حرةٍ نزيهة، لجمعيةٍ وطنيةٍ تأسيسيّة، تحت إشرافِ هيئةٍ محايدةٍ نزيهة، لصياغةِ دستورٍ حديثٍ يلبّي متطلّباتِ المرحلة.
بينما قالت لجنة التنسيق في لجان احياء المجتمع المدني قي بيان، تلقت ايلاف نسخة منه، انها لاحظت الأوضاع الجديدة والحرجة التي تمر بها سورية، وآفاق وإمكانيات التغيير الديمقراطي، ووجدت ضرورة فتح قنوات حوار جادة مع جميع الأطراف، بمن فيهم "الأخوان المسلمين" على قاعدة التوافق الديمقراطي والمصلحة الوطنية العليا على أن تهتم بذلك لجنة تنسيق العمل الوطني، والدعوة لمشاركة أطراف ذلك التيار المعارض في صياغة المشاريع والنشاطات الوطنية المختلفة.
واضاف البيان انه بحثت اللجنة آليات العمل الراهنة في اللجان، وسبل الارتقاء بها وتطويرها في إطار مأسسة عملها، ومن ضمنها إمكانية تشكيل لجان مختصة تعمل على مستويات و حقول عديدة، بما يخدم عملية التغيير الديمقراطي.
الانسحاب من لبنان
وفي موضوع آخر اجتمعت اللجنة العسكرية السورية اللبنانية المشتركة ووضعت خطة عمل لانسحاب القوات السورية من لبنان قبل نهاية الشهر الحالي حسب الاتفاق المبرم بين الحكومة السورية وموفد الامين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن، وقال بيان للجنة انه " تم البحث في مسالة تنفيذ المرحلة الاخيرة من عملية عودة القوات العربية السورية من لبنان الى داخل الاراضي السورية بعد ان انهت هذه القوات عملية اعادة تمركزها في منطقة البقاع في الموعد الذي حدد من قبل اللجنة العسكرية المشتركة خلال اجتماعها السابق بتاريخ8 اذار (مارس)هذا العام، وبعد الاطلاع على الاقتراحات الموضوعة من قبل اللجنة الفنية العسكرية المشتركة وعلى الحيثيات المطروحة من قبلها حول المهل المطلوبة للاعداد والتحضير لانجاز عملية عودة القوات العربية السورية كاملة من البقاع الى داخل الاراضى السورية".
واكد البيان انه قررت اللجنة العسكرية المشتركة البدء بتنفيذ ذلك اعتبارا من تاريخ7 نيسان (ابريل ) على ان تنتهي عملية عودة جميع القوات العربية السورية من لبنان الى داخل اراضي سورية في مهلة اقصاها نهاية شهر نيسان (ابريل ) الجاري. واضاف البيان الذي نشرته وكالة الانباء السورية "انه تم التأكيد على اهمية استمرار التعاون والتنسيق في مختلف المجالات وعلى ضرورة متابعة العمل على تعميق وتمتين العلاقات الاخوية بين الجيشين الشقيقين بما يسهم في تعزيز منعة البلدين وحماية أمنهما وفق مانص عليه اتفاق الطائف ومعاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق وبما يساعد على مواجهة مختلف الضغوط الخارجية الرامية الى فك عرى التعاون بين البلدين وضرب وحدة المسار والمصير بينهما والتأثير على نضالهما المشترك من اجل احلال السلام العادل والشامل وفقا لقرارات الشرعية الدولية وبعيدا عن سياسة التهديد والوعيد وتوتير الاوضاع في المنطقة بهدف بسط النفوذ والهيمنة والتهرب من استحقاقات السلام العادل والشامل".
وحضر الاجتماع عن الجانب السوري العماد علي حبيب رئيس هيئة الاركان العامة للجيش والقوات المسلحة وعدد من ضباط الجيش السوري وعن الجانب اللبناني العماد ميشال سليمان قائد الجيش وعدد من ضباط الجيش اللبناني و الامين العام للمجلس الاعلى السوري اللبناني نصري الخوري.
التعليقات