بغداد: أسقط مسلحون طائرة هليكوبتر تجارية بلغارية في العراق اليوم الخميس وقتلوا جميع من كانوا على متنها وعددهم 11 شخصا بينهم ستة أميركيين فيما يعتقد أنه أول حادث لاسقاط طائرة مدنية في البلاد.
وقال مسؤول من شركة هيلي اير البلغارية المالكة للطائرة ان الطائرة كانت تقل طاقما من ثلاثة بلغاريين وستة ركاب اميركيين وحارسين فلبينيين . ولقي جميعهم حتفهم في الحادث.
وقال مسؤولون بلغاريون واخرون من الجيش الاميركي ان الطائرة وهي روسية الصنع من طراز ام.اي-8 أصيبت بقذيفة صاروخية أثناء تحليقها فوق منطقة صحراوية شمال بغداد.
وجاء الهجوم وسط تصاعد في أعمال العنف في أنحاء العراق ما يلقي بظلاله على محاولات القادة العراقيين الجدد لتشكيل حكومة بعد مرور نحو ثلاثة اشهر على الانتخابات.
وقالت وزارة الدفاع البلغارية في بيان مستشهدة بمعلومات من الفرقة العسكرية البلغارية التي تعد جزءا من تحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق "اليوم... أسقطت طائرة هليكوبتر من طراز (ام.اي-8) مملوكة لشركة هيلي اير البلغارية وعلى متنها طاقم بلغاري."
وقال مسؤولون عسكريون أميركيون ان الطائرة كانت تحلق قرب بلدة الطارمية على بعد نحو 40 كيلومترا شمال بغداد عندما أصابتها قذيفة وان كل من كانوا عليها من المدنيين.
و قالت جماعة الجيش الاسلامي في العراق في بيان نشر على الانترنت انها اسقطت طائرة هليكوبتر تجارية في العراق.
وقال بول جريناواي المدير في مكتب شركة سكاي لينك اير لخدمات الامداد والتموين في بغداد والتي مقرها الولايات المتحدة وهي الشركة المستأجرة للطائرة ان القتلى ينتمون الى جنسيات مختلفة.
والطائرة ام.اي.8 ذات المحركين والتي يمكن استخدامها لاغراض تجارية وعسكرية كانت في الخدمة لاكثر من 30 عاما ويمكنها حمل 24 راكبا.
وتظهر اللقطات حطاما يحترق يضم المروحة في منطقة صحراوية شمال العاصمة.
وامكن مشاهدة جثتين متفحمتين على الاقل بالقرب من الموقع. واحترق الجزء الاكبر من الطائرة بدرجة تحول دون معرفة معالمها وان كان أمكن رؤية ما بدا انه محركا الطائرة.
ويطلق المسلحون النار على الطائرات الاميركية في العراق واسقطوا عدة طائرات هليكوبتر في الماضي. وتم اسقاط طائرة نقل اميركية من طراز شينوك غرب بغداد في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2003 ما ادى الى مقتل 16 جنديا اميركيا.
ولقي عشرة جنود بريطانيين حتفهم يوم 30 كانون الثاني (يناير) عندما سقطت طائرة نقل من طراز سي-130 هركيوليز شمال بغداد. وما زال السبب غير واضح لكن مسؤولين قالوا انها ربما اسقطت.
وبهذا الهجوم الذي يعتقد أنه الاول الذي تتعرض له طائرة مدنية في العراق يرتفع عدد البلغار الذين قتلوا الى 14 هم ثمانية جنود وستة مدنيين.
وكانت الطائرة المدنية الوحيدة التي يعتقد انها هوجمت هي طائرة نقل تابعة لشركة "دي.اتش.ال" أصابها صاروخ لدى اقلاعها من مطار بغداد في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003. وتمكنت الطائرة من العودة والهبوط بسلام.
وجاء هجوم الخميس وسط تصاعد حاد في نشاط المسلحين خلال الاسبوعين الماضيين حيث شهدت العاصمة العراقية وحدها 20 هجوما بسيارات ملغومة مع زيادة في الكمائن وعمليات اطلاق النار والاغتيالات.
ويلقي العنف بظلاله على جهود القادة المنتخبين لتشكيل حكومة وسط تصاعد حدة التوتر بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية التي كانت يوما القوة المهيمنة في البلاد.
ولكن الامال باعلان حكومة جديدة يوم الخميس تبددت في وقت متأخر من يوم الاربعاء مع بروز خلافات في اللحظة الاخيرة بين الشيعة الذين فازوا في انتخابات 30 كانون الثاني (يناير) وبين فصائل أخرى من بينها فصيل رئيس الوزراء المنتهية ولايته اياد علاوي.
وقال الرئيس العراقي جلال الطالباني وحسين الشهرستاني العضو البارز في الائتلاف العراقي الموحد وهو الائتلاف الشيعي الرئيس انهما لا يعتقدان بامكانية التوصل الى اتفاق يوم الخميس كما هو مأمول.
وقال الطالباني لمحطة تلفزيون سي.ان.ان. التركية في المقابلة "أعتقد ان الحكومة لن تعلن اليوم ... نريد ان نرى العرب السنة ممثلين ايضا في الحكومة ... المفاوضات مستمرة أيضا بشأن شغل بعض المناصب."
وقالت مصادر مشاركة في المفاوضات ان الخلافات ظهرت بعد ان رفض علاوي عرضا بالانضمام الى الحكومة.
وقال مصدر في اشارة الى الوزارات التي عرضت على كتلة علاوي "كانت المحادثات تسير على نحو جيد لكن الشيعة عرضوا على علاوي وزارتين فقط وليس الوزارات الاربع التي يريدها وقد رفض العرض."
وتسبب التأخير المستمر في تشكيل الحكومة في زيادة التوترات الطائفية كما تسبب في ما يبدو في اذكاء التمرد الذي بدا أنه ينحسر في اعقاب الانتخابات الناجحة التي جرت في كانون الثاني (يناير) الماضي.
وكان علاوي قد نجا بصعوبة بالغة من محاولة اغتيال بعد قليل من المحادثات يوم الاربعاء. وأعلن بيان منسوب لتنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين نشر على الانترنت يوم الخميس مسؤولية الجماعة عن محاولة اغتيال علاوي. واعلنت الجماعة التي يتزعمها أبو مصعب الزرقاوي الاردني المولد المسؤولية عن سلسلة هجمات خلال الشهر الماضي.
وقالت الشرطة العراقية ان قنبلة استهدفت غربيين يعملون في العراق انفجرت يوم الخميس على الطريق المؤدي الى مطار بغداد ما أسفر عن سقوط قتيلين.
وكان ثلاثة متعاقدين أجانب وهم اميركي واسترالي وكندي قد لقوا حتفهم في هجوم على الطريق نفسه يوم الاربعاء.
وما زال الطريق الى المطار الذي يمتد بضعة كيلومترات فقط وتحيط به قواعد عسكرية اميركية في الجانبين من اخطر الطرق في العراق بأكمله بعد أكثر من عامين من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.
وعدم القدرة على تأمين طريق المطار وهو حلقة اتصال رئيسة للامدادات العسكرية والمدنية والنقطة الامنة الوحيدة لدخول العاصمة والخروج منها أصبح رمزا لمدى الصعوبة التي تواجهها القوات الاميركية في القضاء على هجمات المسلحين.