الآباء قلقون والأفلام الساخنة تطارد المراهقين
سمية درويش من غزة: منذ سنوات طويلة والحصار يضرب طوقه على أهالي قطاع غزة دون أن يجدوا أي متنفسا لهم، حتى أخذ الملل يقتل أيامهم باحثين عن وسيلة ترفيه يستطيعون من خلالها قتل فراغهم، مما جعلهم يرحبون وبشوق شديد قدوم الديجيتال، حين غزا بيوتهم بقنواته الفضائية وغدت حديثا مشوقا لشرائح مختلفة ومن جميع الأعمار.
ولم يعلم أهالي القطاع إن هذا سيسبب لهم معاناة، فالمواطن يوسف أبو يونس اعتقد انه تخلص من التصادم الدائم مع أبناءه الذين أدمنوا على مشاهدة قنوات الفيديو كليب،حين قام بشراء تلفاز جديد يضعه في حجرته لعله يجنبه هذا الصدام، ويمكنه مشاهدة برامج تنسجم معه بعيدا عن صخب تلك الأغاني.
فأبو يونس الذي أثقل نفسه عبئا ماليا جراء ابتياع هذا التلفاز، لم يدرك ان حجم هذا العبء المالي لا يساوي شيئا إذا ما قورن بالعبء النفسي الذي سببه الأبناء وصراعهم نتيجة اختلاف أذواقهم بين مشاهدة أغنية وفيلم او مسلسل وربما لا يذكر مع الأعباء التي تترتب من خلال انفراد زوجته معظم الوقت فقط لمتابعة أخر صيحات الموضة التي تأتي بها اشهر الممثلات في المسلسلات والأفلام والأغاني ناهيك عن القنوات الخاصة بهذه الموضة، ليبدأ مشوار جديد لابو يونس مع محلات الماكياج إرضاء لزوجته.
إصرار الأبناء
و
أليسا |
وتابع الغول قائلا، للوهلة الأولى حسبت ان ابني قام بفعل عمل مناف للآداب وقامت الشرطة بحلاقة شعره،الا انه اكتشف ان ابنه قام بهذا العمل تشبها بأخر صيحات الموضة من خلال قنوات الأغاني.
دقة قديمة
ولعل من يسير في شوارع القطاع يرى مدى تأثر الشباب والشابات بقنوات الموضة سواء بثيابهم التي يرتدوها او من قصات وتسريحات شعرهم او أساليب الماكياج الحديثة، وأحيانا ترى من يطلق سالفه، وجزء قليل من الشعر على حافة ذقنه ومنهم من هو شعره طويل، وأخريات تسريحة تلك الفنانة ولون شعر تلك المغنية، الى جانب التقليد الأعمى لما يأت به أبطال هذه القنوات في أفلام الإثارة الأجنبية.
وتجد الشباب يحاول تقليد البطل او المغني في ثيابه وخطواته، وحتى يقلده لو كان مرتديا سلسلة معينة، لاغيا بذلك شخصيته وكأنه دمية.
و
مادلين مطر |
ويرى رأفت أبو الروس الأخصائي الاجتماعي، ان حال قطاع غزة من الضغط والكبت يجعل الأهالي يفجرون طاقاتهم من خلال الاندماج بما يشاهدون في التلفاز، ولكن يجب العلم إن ظاهرة الفيديو كليب كثيرا ما تتضمن الخلق السيئ وتبث سمومها صوب أبناء المجتمع لاسيما فئة الشباب منه، ويقوم بدورهم ضعاف الشخصية بالتقليد الأعمى والإدمان على هذه القنوات والممارسات التي بها.
متخصصو التجميل
و
نانسي عجرم |
وطالب ابو الروس من كافة الجهات الحكومية والأهلية، الى ضرورة العمل على توفير الأندية الرياضية والثقافية والمتنفسات الترويحية التي يفتقرها القطاع لقتل هذا الإدمان الخطير.
وأشارت الطالبة نها سيف 21 عاما،إلى ان القنوات الفضائية سلاح ذو حدين وعلى الجميع استخدامها بما يتناسب مع الحالة الاجتماعية،وأضافت ان بهذه القنوات الكثير من الفوائد من خلال قتل الفراغ إضافة الى فتح مدارك المشاهدين، مؤكدة في الوقت ذاته حق الفتاة ان تطالع الموضة وأساليب الماكياج الحديثة.
وأكدت بان الشارع الفلسطيني يفتقر لمتخصصي التجميل ومصممي الأزياء،لذا ليس عيبا بمتابعة ما هو جديد من خلال القنوات الفضائية.
تجاهل العاطفة
أما الطالب مدحت النجار فيرى انه لا احد يستطيع
هيفاء وهبي |
ويشير محمود أبو سمرة مدرب الموسيقى بمركز هولست الثقافي، ان مضامين الكثير من الألحان والأداء والكلمات في ظاهرة الفيديو كليب وما تتضمنه من أغان تفتقر الى الروح الأصيلة الواجب غرسها في الكلمات وتعزيز الذوق السليم، مضيفا ما هي الا أغاني لقيطة تبث السموم صوب الأبناء.
الأفكار الهدامة
في حين يرى الكاتب المسرحي بسام الأشرم ان معظم القنوات الفضائية يهمها الربح المادي فوق كل قيمة حين تتضمن الأداء والكلمات والصور الحسية والجنسية في بعض أفلامها، حيث ساهمت في تلويث الفن الأصيل وترويج الأفكار الهدامة وتسوق السلوكيات الخاطئة، حسب تعبيره.
وأضاف الأشرم لـ"إيلاف" ان للفن دور خطير في التأثير على ثقافة وشعور الشعوب وهناك ما يبث ويعزز روح الانتماء والالتزام، مطالبا الجهات المختصة لفتح المجالات المختلفة أمام الشباب ووسائل الترفيه لإبعادهم عن هذا المؤثر الخطير.
التعليقات