جانب من أعمال المؤتمر
مروة كريدية من أبو ظبي: في إطار إحتفالات مركز الوثائق والبحوث الإماراتي بمناسبة مرور أربعين عاماً على تأسيسه إنطلقت فعاليات مؤتمر: (مفاهيم جديدة في تدوين تاريخ الإمارات) في مقر المركز في أبوظبي وتستمر لغاية الخامس والعشرين من نوفمبر الجاري، وذلك برعاية الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة.

ويقدم الخبراء والمختصون المشاركون العديد من الأبحاث العلمية التي أعدت على ضوء أحدث البحوث الأثرية والتاريخية والأكاديمية، حيث توزعت على خمسة محاور هي: جذور تاريخ المنطقة في فترة ما قبل التاريخ اي في الحقبة الممتدة من العصر الحجري حتى عصر ما قبل الإسلام؛ ويتناول المحور الثاني مرحلة العصر الإسلامي و التحولات الاجتماعية والاقتصادية في الخليج العربي، أما المحور الثالث فيتناول وصول الأوروبيين: البرتغاليين، الهولنديين، والبريطانيين. ويقدم المحور الرابع قراءة للمجتمع والاقتصاد في الإمارات في فترة ما قبل اكتشاف النفط ، وصولا الى نشأة الاتحاد.

وحول المؤتمر أشار مدير عام المركز عبد الله الريس الى ان المؤتمر يهدف الى quot;تعزيز برامج التربية الوطنية، وتنمية ثقافة الانتماء، وتعميق معرفة النشء بمجتمعه وتاريخه، وتراثه وثقافته؛ إسهاماً في تشكيل هوية الجيل الجديد.quot; مؤكدًّا ان هناك مفاهيم جديدة في تدوين تاريخ الإمارات بحيث تكون دراسة تاريخ الإمارات بشكل علمي رصين يساهم في توعية النشء، ويمتن انتماء الجيل إلى وطنه وهوية أجداده.

مضيفًا quot;لما كنا نعيش في عصر العولمة، وفي مجتمع تمتزج فيه ثقافات مجتمعات متعددة فإنه يتوجب علينا الحفاظ على ملامح تاريخنا الذي يعتبر العمود الفقري لهويتنا الوطنيةquot;. وفي اطار المساعي المبذولة قال quot;إن خطوات أخرى لاحقة نوليها اهتمامنا في هذا الصدد وفي مقدمتها توثيق التاريخ الشفاهي الذي يعدّ المركز له خطة متكاملة، ويرسل البعثات ويستقطب الكفاءات في هذا المجال حتى لا نفقد جزءاً هاماً من تراث مجتمعنا. ولقد اخترنا لمؤتمرنا هذا موضوعاً فريداً وهو quot;مفاهيم جديدة في تدوين تاريخ الإماراتquot;، وهو موضوع متعدد الجوانب، ويُلقي مزيداً من الضوء على تاريخ الإمارات ومنطقة الخليج العربي بصفة عامة. والذي يعنينا في هذا الصدد النظر إلى الماضي من زوايا جديدة بحيث يمكننا الوصول إلى تفسير أفضل لسلوك وأنماط حياة من عاشوا على هذه الأرض الطيبة قبل آلاف من السنين.quot;

دانيال بوتس :quot; يجب النظر إلى ماضي الإمارات من خلال التاريخ الأكبر، واتباع أسلوب التحليل متعدد quot;

وبدأت أعمال المؤتمر بمحاضرة للبروفيسور دانيال ت. بوتس، استاذ كرسي إدوين كثبيرت هول لدراسات آثار الشرق الأوسط في جامعة سيدني بأستراليا، الذي أكد على أنه يجب النظر إلى ماضي الإمارات من خلال التاريخ الأكبر، واتباع أسلوب التحليل متعدد المستوى لفهم تاريخها بشكل أفضل وأوسع، والسعي لجعل تاريخ دولة الإمارات جزءاً من التاريخ العالمي الأوسع.

وقد جاءت محاضرته تحت عنوان quot;العولمة والتاريخ الأكبر والتحليل متعدد المستويات: رصد 8000 عام من التطور لمنطقة الإمارات العربية المتحدةquot;، تناول خلالها ست حالات من الماضي الأثري الثري لدولة الإمارات، وتشمل سكان الإمارات الأوائل واتصالهم ببلاد ما بين النهرين، فيما يسمى بفترة العُبيد (حوالي 6000 4000 ق. م) واتصالهم بهم أيضاً في الفترة المعروفة باسم جمدت نصر حوالي 3000 ق. م، وموقع الإمارات في نظام التجارة عبر القارات الذي ضم بلاد ما بين النهرين ومنطقة الخليج، وإيران، وآسيا الوسطى ووادي السند في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، بالإضافة إلى تناول مشاركة دولة الإمارات في ظل مناطق نفوذ الآشوريين الجدد والامبراطوريات الأخمينية الفارسية، وأخيراً تناول الإمارات في القرن الأول الميلادي في مجال التجارة عبر القارات.

جانب من الحضور
وقد عقدت جلستان لأعمال المحور الأول للمؤتمر التي جاءت تحت عنوان quot;جذور منطقة الإمارات العربية المتحدة في فترة ما قبل التاريخ: من العصر الحجري حتى عصر ما قبل الاسلامquot; برئاسة الدكتور حسن النابودة، استاذ التاريخ والآثار بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية جامعة الإمارات ، وتناولت الجلسة الأولى أربع ورقات عمل، أولها ورقة عمل بعنوان ldquo;أدوات أثرية تعود للعصر الحجري القديم الأوسط في إمارة أبوظبي المنظر من جبل بركاrdquo;، قدمها الدكتور غانم وحيدة من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ركز خلالها على المنظر في جبل بركا في المنطقة الغربية، وما أسفرت الحفريات عنه في ذلك الموقع من مصنوعات من العصر الحجري القديم الأوسط. كما تناولت ورقة العمل الثانية التي قدمها البروفيسور هانس بيتر، والدكتورة مارجريت ايرلمان من جامعة توبنجن الألمانية، قدماء صيادي الأسماك ورعاة الماشية: العصر الحجري الحديث في منطقة الإمارات والذي تشكل فيه العديد من جوانب الحياة الإنسانية التي ما تزال تؤثر في حياتنا إلى الآن.

العمارة الجنائزية والطقوس الدينية شاهد على تاريخ الشعوب

من جهة أخرى أكد الدكتور وليد ياسين مدير قسم الآثار بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث من خلال ورقة العمل التي قدمها بعنوان ldquo;أم النار: الطريق إلى العصر البرونزيrdquo; على أهمية موقع أم النار باعتباره أول موقع أثري يتم اكتشافه في أبوظبي ، وبيّن أن موقع أم النار سوف يبقى متميزاً عن غيره من المواقع بالعمارة الجنائزية ووفرة المباني السكنية فيه.

وتتناول كريستيان فلدي من دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة في بحثه (مواقع العصر البرونزي الأوسط في منطقة الإمارات العربية المتحدة: أين كان يعيش الناس؟) في ورقة البحث الرابعة - مختلف أنواع الاستيطان في منطقة الإمارات العربية المتحدة. وعرض التباين بين المستوطنات المتناثرة في بساتين النخيل. وقد شملت الدراسة مناطق عديدة كالسهول الخصبة شمال رأس الخيمة حيث تكثر بساتين النخيل.

وفي سياق متصل بدأت الجلسة الثانية من المحور الأول بورقة علمية عن (مقابر العصر الحديدي وشعائر الدفن في جبل البحيص) للدكتور صباح جاسم أستاذ في آثار الشرق الأدنى بجامعة الشارقة، ومدير الآثار بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة سلط خلالها الضوء على المدافن التي تعود الى العصر الحديدي في منطقة جبل البحيص في الشارقة.فيما قدم عيسى عباس مسؤول المواقع الأثرية بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ورقته حول ldquo;قراءة في ثقافة مليحة في ضوء المكتشفات الأثريةrdquo; حلل فيها مجموعة من النقوش المكتشفة في موقع ldquo;مليحةrdquo;، بين أنواعها ومصادرها وعلاقة ذلك بالحياة القديمة بدولة الإمارات، ومجموعة من الأفكار والعبادات والحياة القديمة التي عاصرت هذه النقوش وصولاً الى أسماء أعلام ذكروا في المنطقة وآلهة عرفت فيها.

وآخر البحوث المطروحة ورقة قدمها الدكتور مارك بيش من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث تحدث خلالها عن quot;الدراسات الأثرية منذ حقبة ما قبل الإسلام المتأخرة الى أوائل الحقبة الإسلامية، مع التركيز الخاص على الاكتشافات التي تمت حديثاً في جزيرة صير بني ياس بإمارة أبوظبي.quot; حيث سلط الضوء على الشواهد الأثرية في الفترة من عام 300 ق.م إلى الفترة الهيلينية 750م.


ومن جهة أخرى، فقد أكد حسن النابودة أستاذ التاريخ والآثار بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة الامارات على أهمية نشر الأبحاث والدراسات التي يتم عرضها خلال المؤتمر في كتاب خاص، لتحقيق الاستفادة منها في المستقبل. واشارالى أن هذا المؤتمر يضم نخبة من علماء الآثار والمؤرخين، وغيرهم من الأكاديميين المتخصصين في تاريخ دولة الإمارات، من مختلف دول العالم، ومن داخل الدولة، والذي كان من الصعب الالتقاء بهم جميعاً في وقت واحد، لهو حدث عظيم، يدلل على الجهد الكبير الذي يقوم به المركز في حفظ وتوثيق تاريخ دولة الإمارات وتراثها العريق الذي يمتد لقرون من الزمان.

ويشارك في هذا المؤتمر نخبة من كبار الخبراء والاختصاصيين العالميين والعرب وهم: الدكتور جون دوك أنطوني من المجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية وجامعة جورج تاون، السير تيرنس كلارك من المعهد البريطاني لدراسة العراق، السيد جوليان ووكر من وزارة الخارجية في المملكة المتحدة، البروفيسور دانيال تي. بوتس من أستراليا، البروفيسور هانس بيتر، والدكتور إيربان من جامعة توبنجن في ألمانيا، البروفيسور جون ويلكنسون من جامعة أكسفورد، البروفيسورة فاليريا بياشنتيني والدكتورة إلينا مايستري من جامعة ميلان الإيطالية، البروفيسور أنطونيو دياز فارينها من جامعة لشبونة للعلوم، الدكتور بي. جيه. سلوت من الأرشيف الرسمي في لاهاي، الدكتور جيه إي. بيترسون من معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة الأمريكية، البروفيسور لزلي ماكلوكلين من معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر في بريطانيا، البروفيسور دايونيسيس. أي ايجيس من جامعة إكستر، الدكتور روبرت كارتر من جامعة أكسفورد بروكس في بريطانيا، الدكتور جيفري كينج من معهد الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن...وغيرهم. كما ييشارك أيضاً عدد من الخبراء وعلماء الآثار العالميين العاملين في مؤسسات دولة الإمارات والمستشارين.