سامي النصف يتحدث لمراسل إيلاف |
يقترح الكاتب الكويتي سامي النصفأن يتحول نظام الحكم في مصر إلى الملكي، وتنصيب جمال مبارك ملكا عليها، كونه شخصية شابة وقادرة على التأسيس لمملكة ناجحة، ويحمل النصف كثيرا على محمد حسنين هيكل، ويرى أنه أثر كثيرافي الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ويصل لحد القول إن عبد الناصر هو صنيعة هيكل وليس العكس. وينتقد النصف الوضع القائم في الكويت حاليا، وأبدى استياءه من نظام الاستجواب السائد، كما رفض الترشح لأي انتخابات نيابية لأن النائب حسب اعتقاده يفقد كرامته.
الكويت:دعا الكاتب الكويتى الليبرالى سامي النصف في حواره مع quot;إيلافquot;إلى عودة النظام الملكي في مصر على أن يكون ملكية دستورية، وتنصيب جمال مبارك ملكا عليها لضمان إستقرارها السياسي وتقدم شعبها، كما دعا إلى إعادة تطبيق دستور عام 1923باعتباره أرقى الدساتير في الوطن العربي.
ولا يرى النصف أي عيوب في عودة مصر إلى الملكية الدستورية لافتا إلى أن اليونان وأسبانيا تحولتا إلى مملكتين بعد أن كانتا جمهوريتين، ودعا النخب السياسية والفكرية في مصر إلى عدم الإستغراب من هذا الطرح الجديد بل مناقشته بحياد.
وحّمل النصف، الكاتب محمد حسنين هيكل مسؤولية الغوغائية والهزائم التي وقعت في عهد عبدالناصر، وقال إن عبدالناصر صنيعة هيكل وليس العكس، وأنه هو الذي شكل الفكر السياسي للرئيس عبدالناصر الذي إنتهى بالهزائم والنكسات.
وأكد أن الكويت تحولت من quot;ديمقراطية القدوة الحسنةquot; قبل 50 عاما إلى quot;ديمقراطية القدوة السيئة حاليا quot; وشدد على أن مجلس الأمة لا يدرب النواب على العمل السياسي، وفي المقابل الوزراء لا يعرفون قواعد اللعبة السياسية، وأرجع سبب المشكلة في الكويت إلى أن العمل السياسي لا يمارس بطريقة إحترافية،و اعتبر أن قضية quot;شيك رئيس الوزراءquot; هو خروج من النائب عن المبادئ الدستورية، وطالب بإنشاء quot;لجنة للقيمquot; في مجلس الأمة بهدف محاسبة النواب الذين يعطلون التنمية ويشوهون صورة مجلس الأمة والديمقراطية، ووصف التجربة الحزبية في الوطن العربي بأنها سيئة .
ودعا الكاتب الكويتي إلى قيام إتحاد سياسي خليجي يحافظ على خصوصية كل دولة وإتخاذ نموذج النظام الإتحادي لدولة الإمارات لضمان نجاحه، وأعرب عن تفاؤله بظهور مشروع العملة الخليجية الموحدة لحيز التنفيذ، وأن تسود الحكمة الخليجية في عودة الإمارات العربية المتحدة إلى الإنضمام لهذا المشروع .
وقال النصف إن quot;إيلافquot;هي الصحيفة الأولى في الوطن العربي وتسابق الصحف الورقية، كما ثمن دور الأستاذ عثمان العمير، ناشر إيلاف ورئيس تحريرها ووصفه بأنه شخصية إعلامية مبدعة وبارزةquot;. وقد إلتقته quot;إيلاف quot; على مدى أكثر من ثلاث ساعات في حوار شامل بدأناه بالشأن المحلي الكويتي، وتطرق إلى الشؤون الخليجية والعربية والمصرية وإليكم نص الحوار.
*فى مستهل الحوار.. ماهى قراءتكم للمشهد السياسى على الساحة الكويتية حاليا؟
- واضح أن الكويت فيها إشكال مؤسسي بالعمل السياسي، لدينا كم هائل من قلة الإحتراف في العمل ينتج منه أزمات تلد أزمات، ولا يوجد في المستقبل القريب أي حل دائم لإشكالات العمل السياسي في الكويت، وبالتالي ما أراه هو أن هناك إشكالات ستحل وستتلوها إشكالات وهكذا دواليك، فنحن لا نمارس العمل السياسي بطريقة محترفة .
*ماذا تقصدون بإحترافية العمل السياسي ؟
- العمل السياسي في البلدان الأخرى، لا يمارسه إلا أفراد يأتون من منظومات سياسية كالأحزاب، وفي الكويت لا يوجد لدينا أحزاب ولا عيب في ذلك طالما أنشأنا مؤسسات رديفة تقوم بالعمل ذاته، وهذا ما فشلنا به، ومجلس الأمة لا يدرب على سبيل المثال النواب على العمل السياسي وما المراد منه، وما المقصود بمواد الدستور وما هي نصوصه وما هي روح الدستور وغير ذلك من الأمور، وبالتالى يأتي مواطن عادي من الديوانية فقط لأن لديه قبولا من الناس ويجلس بالكرسي الأخضر، هذا يصنع أزمة ومشكلة لأنه بالفعل النائب لديه تغييب تام وكامل عن ماهية العمل السياسي، الأمر كذلك بالنسبة إلى السلطة التنفيذية وحتى الوزراء، لا يأتون من منظومة سياسية، وبالتالي يصل الوزير إلى العمل دون أن يكون محترفا في العمل ولا يعرف الهدف من اللعبة السياسية وكيفية التعامل مع النواب، وفي غياب هذا الإحتراف نرى الأزمات تلد الأزمات، ولو كان هناك قليل من الإحتراف في البلد أعتقد لما حدثت هذه القضايا حتى وصلنا إلى أن نصبح تجربة فريدة فى التاريخ، واليوم ما يتم المطالبة به ضمن قضايا التنازع والدغدغة وغيرها هي أمور لم يشهد لها التاريخ مثيل، ولا يوجد شيء إسمه إسقاط قروض ولا جدولة وحتى قضايا الكهرباء وعدم السداد وأمور كثيرة لا تعد ولا تحصى إنفردت بها الديمقراطية الكويتية، وبالتالي تحولنا من ديمقراطية القدوة الحسنة قبل أربعين أو خمسين عاما إلى ديمقراطية القدوة السيئة التي يُخوف من خلالها الشعوب المجاورة، ويقال لهم إن أردتم الديمقراطية فانظروا إلى الحال في الكويت، وبعد أن كنا القدوة التي يستشهدون فيها ويطلبون من حكامهم أن يتجهوا إلى المسار الديمقراطي ومستشهدين في الكويت، أصبحت القضية الآن بالعكس وحكام الدول المجاورة يقولون لمنظريهم ومفكريهم وشعوبهم إذا أردتم الديمقراطية هذه هي الديمقراطية أنظروا إلى حال الكويت، هل تريدون التنمية أم تريدون الديمقراطية؟
*الأحزاب السياسية فى الكويت تتواجد لكن بصورة غير شرعية وهناك مخاوف منها وخاصة من رجل الشارع لما يسمعه ويراه من نماذج الأحزاب فى بعض البلدان العربية. فماهو تصوركم لإمكانية ظهور أحزاب شرعية؟ وماهي الضمانات لنجاحها؟
- الحقيقة أنا ضد قيام الحزبية في الكويت، وأعتقد أن لكل ديمقراطية خصوصيتها، وخصوصية الديمقراطية الكويتية أنها بلا أحزاب، والتجربة الحزبية في الوطن العربي سيئة، ومن يتكلم عن التجربة الحزبية في الولايات المتحدة يقفز 12ألف ميل بينما عليه أن يقتدي بما هو حوله، وكما ذكرت نحن نستطيع أن ننشئ آليات تقوم مقام الأحزاب بمعنى أن الأحزاب تقوم بترشيد العمل السياسي، ومحاسبة نوابها ممن يخرج عن المسار الصحيح، وتقوم بتهذيب العمل السياسي وغيره، وهذه الأمور نستطيع أن نعطيها لجهات أخرى تقوم بها، ومن ذلك نستطيع أن نوسع دور مكتب مجلس الأمة ليقوم بعمليات تدريب النواب على العمل السياسي والتي عادة تقوم بها الأحزاب، ونستطيع أن نعطي مجلس الأمة مايسمى بـ quot;لجان القيمquot; تحاسب النواب وهذه قضية عادة تقوم بها الأحزاب عندما ترى أن نائبا يتبع مصالحه من العمل السياسي، فالحزب هو من يحاسبه ويسقط قضيته، ونحن نستطيع أن نقوم بهذا الأمر عن طريق المجلس ذاته، إذن أنت تستطيع أن تصل إلى حزبية دون وجود أحزاب، وتستطيع أن تصل إلى الأدوار نفسها التي تقوم بها الأحزاب دون ضرورة وجود أحزاب، لأن هناك خصوصية في الكويت وهي على سبيل المثال أسرة حاكمة أسست البلد مكونة من الآلاف الآن هي تدخل إلى الحياة السياسية عن طريق التوزير، وإذا تأسست حياة حزبية فالحزب الذي يحصد الأغلبية هو من سيشكل الحكومة، وهنا تم بذلك عزل الأسرة الحاكمة فلا تستطيع أن تدخل إنتخابات مجلس الأمة ولأن الآباء المؤسسين يرون أنه من عدم العدل أن ينافس مواطن عادي إبن الأسرة الحاكمة، وبذلك خرجوا من العملية الإنتخابية ودخلوا عن طريق التعيين، وفي وجود الأحزاب سيخرجون حتى من التعيين وبذلك سيتم عزلهم وهذه قضية لا حكمة فيها، وبالتالي تستطيع الإستمرار في العمل السياسي لكن بمنظومة تهذب وتدرب وتحاسب دون حاجة إلى قيام أحزاب.
* مجموعة الـ26 إجتمعت مع رئيس الوزراء، فما الذي جرى في الإجتماع ؟ وماذا إستهدف ؟وهل طرحت قضية شيكات الشيخ ناصر المحمد الصباح؟
- لست في حل عن الحديث عن اللقاء مع سمو رئيس الوزراء لأنها جلسة مشتركة مع الزملاء الآخرين بمجموعة الـ26، ولم نقرر وسيصدر بيان وإنما أستطيع القول بخطوط عريضة إنه نحن كمجموعة 26رفعنا راية وقف الهدر ومحاربة الفساد ودعم عمليات التنمية، وكل لقاءاتنا مع المسؤولين دائما تحت هذه المظلة بتفاصيلها المختلفة، إذن هذا ما يخص لقاءنا وقد إستمر ساعتين وبحضور الوزراء المعنيين وإستمعنا منهم ما أثلج صدورنا سواء من ثناء على دورنا أو حتى قبولنا لما أبدوه من ملاحظات، وطبعا أعلنا أن الجميع يسير في المسار نفسه، وتبقى قضية الشيكات لسمو رئيس الوزراء لم نتطرق لها، ولكن لي رأي شخصي فيها أولا أنه جزء منها هي خروج عن المبادئ الدستورية سبق للمحكمة الدستورية أن تطرقت فى ردها لسؤال العضو حمد الجوعان عندما أراد الإطلاع على قضايا في البنك المركزي صدر حكم دستوري أنها قضايا خاصة لا يجوز التطرق لها، الأمر الثاني هو أن الغاية لا تبرر الوسيلة بمعنى أنه عندما يريد إنسان أن يحارب إنسان آخر، عليه أن يستخدم الوسائل الشرعية وبالتالي لا يجوز البحث عن أشياء لا يجوز البحث فيها بالإطلاع على الحسابات الخاصة وغيرها .
والأمر الثالث أنه إذا أخذنا القضية كما قيلت بشكلها الظاهر أن هناك دفعا وهناك إستلاما لماذا نتكلم عن الدفع ولا نتكلم عن الإستلام، لماذا لا نتكلم عن أفعال مجلس الأمة خلال خمسين عاما لمحاولة إصلاح ثقافات متوارثة يقوم من خلالها بعض النواب بالكسب غير المشروع والوصول إلى الثراء ولم نشهد خلال 50 عاما محاسبة واحدة، كذلك تم الرفض مرارا وتكرارا لتشكيل quot;لجان قيمquot; ولماذا كل الحديث عن شخص ماذا دفع ؟ ولماذا لا نتحدث عن أن فلانا إستلم، وذلك لأن النائب لديه أسلحة يستطيع أن يوجهها للطرف الآخر سواء رئيس وزراء أو وزير أو حتى تاجر لأن لديه القدرة، ولماذا لا أحد يتحدث عن عدم وجود أدوات محاسبة ولماذا عبر خمسين عاما تمت محاسبة العشرات من الوزراء والمسؤولين في الدولة البعض بالإستجواب وآخرون بالإقالة وغيرهم بالإستقالة ولم نسمع في خمسة عقود مضت عن محاسبة نائب واحد في مجلس الأمة، فأرجو أن هذه القضية إذا كان هناك من خلالها دروس علينا أن نبحث في قضية إنشاء لجان قيم تحاسب النواب حتى لا يستخدموا الأدوات الدستورية في الحصول على مكاسب أو فرض محاولة للانتفاع، وسواء أتت هذه القضية على شكل quot;شيكquot; شخصي لكن لا تنسى اليوم ضغط النواب على وزير لإرسال مرضى لا يحتاجون بالاساس للعلاج في الخارج الأمر الذي يكلف الدولة مئات الملايين وهذا إستنزاف وهدر للمال العام، ولماذا إذن نتحدث عن مائتي ألف من حساب خاص ولا نتكلم عمن يستخدم مقعده في التسبب في هدر مئات الملايين من الدنانير.
دعم كبير
*لجنة الـ26 لم تضم بعض الشخصيات السياسية فضلا عن خلوها من عضوية النساء .فما تعليقكم ؟
-أولا اللجنة تمثل تقريبا كافة ألوان الطيف، وعدم وجود النساء يتعلق بالمصادفة حيث إن الإجتماعات تمت في شهر رمضان في ديوانيات مفتوحة للرجال، وحتى لو تمت دعوة بعض النساء لربما لتحرجن من الحضور، وهذا السبب الوحيد وما زلنا ندرس كيفية ضم ليس فقط النساء وإنما شخصيات أخرى، ولكن الإشكالية أنه لو تم فتح باب الإنضمام إلى المجموعة أين تقف ؟، وهناك دعم شديد لنا وربما لو فتحنا باب العضوية لأنضم الآلاف ولا أبالغ، فإذا وصلت العضوية إلى الآلاف أصبحت منظومة حزبية أو سياسية ، ونحن في اتصال دائم مع النساء ولدينا إيمان مطلق بدور النساء بهذا العمل وبالقضايا الثلاث التي طرحتها.
صعود رئيس الوزراء إلى المنصة
*طالب العضو فيصل المسلم رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح بالإستقالة أو الصعود إلى منصة الإستجواب .فهل سيصعد المحمد المنصة أو سيقدم إستقالته أم سيكتب خطاب عدم التعاون إلى أمير الكويت؟
-الخيارات مفتوحة، ولو ذهبنا إلى المجلس التأسيسي تجد محاضر الفقهاء الدستوريين فيه حيث حاولوا إبعاد منصب رئاسة الوزراء عن الإستجواب، وقاموا بهذا الأمر عن طريق ثلاثة أمور وهي أولا : فرضوا على طريق الوزراء ألا يتولى حقيبة وزارية بعكس ماهو قائم في العالم أجمع حتى لا يحاسب عن طريق الوزارة التي يتولاها، ثانيا :ألغوا قضية طرح الثقة بالحكومة ويوجد فقط لدينا خطاب عدم تعاون تعلنها الحكومة من جانبها، ثالثا :عندما نستجوب رئيس الوزراء أعتقد أنه خروج عن روح الدستور وليس نص الدستور، وروح الدستور كانت تعنى ألا يستجوب لهذا السبب تم تحصينه من جانب الفقهاء الدستوريين بقضية عدم إسناد حقيبة وزارية له، وعدم طرح التعاون فيه وهذه جاءت بالنص، والخبير الدستوري الوحيد في المجلس التأسيسي عثمان خليل عثمان ذكر هذا الأمر وضرب المثل بتركيا وسوريا ndash;آنذاك ndash;وهي أن عملية عدم الإستقرار في البلدين قائمة على إستجواب رئيس الوزراء وطرح الثقة فيه، وبالتالي الكل يريد إستجواب رئيس الوزراء، إذن هذه قضية روح الدستور علينا أن نبتعد عنها، وأتصور أنه مع أول إستجواب قدم ضد سمو رئيس الوزراء قلت إن سموه من الممكن أن يصنع عرسا جديدا وهو أن رئيس الوزراء ليس مضطرا للحديث لمدة أربع أو خمس ساعات، ولا يوجد شيء يفرض عليه هذا الأمر، وأصبحت قضية الإستجوابات أقرب إلى المسرحيات المطولة بعضها استمر ثلاث عشرة ساعة، وليقل الطرف الآخر مايقول تستطيع الرد بأجوبة قصيرة ضمن الإطار الدستوري وفحواها كبير فعندما تطرح قضية في ساعتين يمكن الرد عليها خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالنظم والقوانين ولا أحد يفسر أو يطلب بالتفصيل، وبالتالي إذا كان الأمر يستدعي الرد على هذا الأستجواب وليس بالضرورة الرد عبر مطولات وقصائد، والآن عدم التعاون خيار مطروح إنما أتصور أنه جُرب مرارا وتكرارا في السابق، وإستقالة سمو رئيس الوزراء لا أراها قريبة وأعتقد أن الصعود إلى المنصة هو الأكثر منطقية ضمن هذا الإطار .
لجنة القيم
*هناك إستجوابات تلوح بها بعض الكتل النيابية مثل العمل الشعبي، والتنمية والإصلاح لوزراء الدفاع والداخلية والمالية والبلدية .فما منظوركم لهذه الإستجوابات، وماهي أسبابها؟ وهل هناك من بينها ماهو شخصي؟
-دلالة الشخصانية أن البعض من النواب توعد حتى قبل أن يتولى بعض الوزراء مسؤولياتهم، والأمر الثاني في كل الديمقراطيات ونرجع مرة أخرى إلى قضية الهواية وعدم الإحتراف للعمل السياسي، ففي كل الديمقراطيات تمنح فرصة للوزراء ليمارسوا أعمالهم قبل المساءلة، أما نحن في الكويت تأتي المساءلة مع الأسبوع الأول للوزير أحيانا، حتى أن أحد النواب قبل أن يقسم القسم توعد إثنين من الوزراء بالإستجواب، ولو كانت لجنة القيم في مجلس الأمة موجودة لحوسب هذا الشخص مع أول دقيقة بعد أدائه القسم، لأنه يجب أن يقال له أنت تشوه العمل السياسي وكيف قررت إستجواب وزيرين لم تتعامل معهما ؟، لأنه المفروض الإستجواب بناء على أسئلة تم طرحها وجاءت الإجابات لأن الإستجواب هو سؤال مغلظ، وقيام بعض النواب للوزراء قبل أن تشكل الحكومة هذه القضية كان من المفروض أن ينتج عنها محاسبة لا للوزراء وإنما للنواب من خلال لجنة القيم لأن إيقاف حال البلد قضية لها ثمن، فضلا عن إعطاء مجلس الأمة السمعة السيئة لها ثمن حيث يتذمر المواطنون من العملية الديمقراطية بسبب أجندات خاصة، والكثير من هذه الإستجوابات لاتستهدف الصالح العام وإنما تهدف إلى ملء الحسابات الشخصية، فهناك من يناكف وزيرا سواء شخص متنفذ أو شخص تاجر أو ضمن صراع الأقطاب فإذا أراد أن يستقصد وزيرا يأتي إلى نائب ويدعوه أو يدفع له ويدفع به إلى إستجواب الوزير، وأتذكر محمد الفايد -المليونير المصري المعروف في لندن- عندما دفع إلى ثلاثة نواب في مجلس العموم البريطانى لكى يقدموا أسئلة لوزير الداخلية أسقطت عضويتهم الثلاثة، عندنا في الكويت بعض النواب يتضح لنا من قراءة الأسئلة أنهم لا يعرفون شيئا عن الأسئلة المطروحة، والبعض يطرح المئات من الأسئلة فمتى سيتم الرد عليها؟ أعتقد أن غياب عملية التأهيل والتدريب للنواب هى قضية يتسبب عنها هذا الأمر، فضلا عن غياب لجنة القيم في مجلس الأمة، كذلك غياب الفريق المحترف الذي يعمل مع النائب ويتكون من عشرين مساعدا وسكرتيرا، حتى أن عضو الكونغرس الأميركي لا يوجد لديه هذا العدد من المساعدين والسكرتارية، هذه النقطة موضوعة للتنفع والكسب، بينما يفترض أن يكون ضمن هؤلاء مستشارون في التشريع والسياسة والأقتصاد والإعلام بحيث يكون أداء النائب يتناسب إيجابا وسلبا مع فريق العمل المحيط به.
غير مسبوقة
*مازالت قضية إسقاط القروض هي الشغل الشاغل لرجل الشارع في الكويت، ولم تحسم القضية بعد وتختلف آراء النواب حولها. فما تصوركم لهذه القضية؟ وهل يمكن جدولة الديون أو إسقاط بعضها كأحد الحلول المطروحة؟
- هذه قضية غير مسبوقة في التاريخ، وحتى النفط عندما إرتفع لم يرتفع بالكويت ومعظم دول العالم في اوروبا لديها فائض أكثر من الكويت مائة مرة، ومع ذلك لم يتحدث أحد عن هذه القضية، وبالتالي هذه أحدى المستجدات التي ذكرتها من قبل وهي غياب الاحتراف، وهذه القضية لا يمكن أن تتم بهذا بالشكل الذي يريده بعض النواب لعدة أسباب منها أن المتعثرين والمتضررين عددهم يقارب الـ10آلاف ويمثلون نسبة 2%، وهي نسبة عالمية بل بالعالم تقارب نسبة 10% وتم تأسيس صندوق المتعثرين، إذن القضية تمت معالجتها بهذا الصندوق، وبقية المقترضين غير متعثرين ويسددون أقساطهم وهذا بإختيارهم والآن لو تم إسقاط هذه الديون ستبنى عليها سابقة، وبعد عام أو عامين سيأتي لك مقترضون جدد وبالتالي على الحكومة أن تسدد هذه القروض، والآن حتى قضية شراء الفوائد وليس أصل الدين، لأن فوائد الدين أكثر منه.
الخيار الوحيد
*أعلن أمير الكويت قبل ثلاثة أعوام رغبته في تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري عالمي. .فماهي رؤيتكم لهذه الرغبة الأميرية؟ وكيف تتحقق؟ وماهي الإجراءات والتدابيرالمطلوبة من الحكومة والبرلمان معا؟
- الحقيقة أمور عدة والثلاث قضايا التي تتبناها مجموعة الـ26وهي محاربة الفساد، ووقف الهدر، ودعم التنمية، واذا ما حصل هذا لوجدت أنها تصب في مشروع quot;كويت المركز الماليquot;، لكن لن يأتي المستثمر إذا كان هناك فساد أو إذا لم تكن هناك عمليات تنمية فضلا عن عدم الإستقرار، كذلك هناك قضية أخرى تمس quot;كويت المركز الماليquot; وعلينا أن نعرف أن الموضوع ليس خيارا بل أمر إلزامي ولا بديل عنه، واليوم الكويت لا زرع ولا ضرع ولا يمكن أن ننكر هذا الأمر، ويبقى النفط وهو ثروة ناضبة وعندما تخرج منه كل يوم مليوني برميل ولا تضيف له بالنهاية سينتهي، والعالم أجمع على ضرورة إيجاد وسائل أخرى بديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لإيجاد بدائل للنفط، كما حدث مع الفحم قبل 130 عاما حيث كان الفحم هو السائد، وعندما إكتشف النفط في أقل من عشر سنوات تحولت هذه السلعة الإستراتيجية إلى سلعة ثانوية فعلينا أن نحسب حساب هذا الأمر، فكويت المركز المالي قضية ملحة ونحن كمجموعة الـ26 بالقطع دائمون بهذا الأمر، وأعتقد أن ماندعو له يتماشى مع رغبة صاحب السمو.
معطيات تشاؤمية
*كتبتم مقالا بعنوان quot;تقرير بلير والوطن المشلول quot;وهو يتناول ملخص رؤية الكويت عام 2030 التى أعدها الفريق الإستشاري برئاسة تونى بلير، وحذرت الدراسة من أن الكويت قد تتعرض لمستقبل غامض في حال إعتماد العالم على بدائل للطاقة عن النفط وأنه قد تتحول إلى دولة عاجزة ماليا بعد مرور خمس سنوات، وأكدتم أن الكويت في مفترق طرق ودعوتم إلى تشكيل كويت جديد يقوم على أسس ومبادئ جديدة .بماذا تعنون ذلك ؟وهل تعتبر نظرة متشائمة لمستقبل الكويت أم نظرة منطقية من أجل مصلحتها؟
- أعتقد أن النظرة إلى الكويت هي الأقرب إلى النظرة للنصر غير الممتلئ من الكأس، إن أردت أن ترى المعطيات الموجبة فهو بلد قليل السكان وفير الثروات ولا يتعرض إلى أعاصير وزلازل وأزمات، وإذا أردت أن تنظر إلى النصف الآخر من الكأس وهوالشق التشاؤمى هناك بالفعل معطيات تشاؤم، لأننا لم نبدأ الخطوة الأولى فى البحث عن بدائل للنفط والكلام عن المركز المالى والتجارى للمعلومة قائم منذ عام 1963وفى عام 1970 كان ضمن خطاب المرحوم الشيخ جابر الأحمد وكان رئيس الوزراء ndash;آنذاك ndash;مما يدل على أن هناك فارقا كبيرا بين النية وبين التنفيذ، وأن هناك حتى ربما في المستويات الإدارية الوسطى وغيرها من يستطع أن يعرقل قضايا إستراتيجية ضخمة ولا يحاسب، وبالتالي عندما نتحدث عن قضايا ومشاريع ضخمة علينا أن ننتبه اننا تكلمنا الكثير والكثير عنها ولم يتحقق شيء، وفي عام 1982تحدثنا إبان الحرب العراقية ndash;الإيرانية ومن مجلس الوزراء وهو أعلى سلطة في البلاد عن تعمير جزيرة بوبيان حتى لا تتعرض للخطر من جانب إيران أو العراق، وإنشاء سبع مدن حدودية حتى يكون هناك عمق إستراتيجي للكويت، لأن الجهراء وهي أبعد مدينة عن مدينة الكويت تبعد فقط مسافة 30كيلومترا ، والأحمدي كذلك وهذا الكلام صدر عن مجلس الوزراء وبعد أن تمت عرقلته لم ير النور بعد حتى الآن، وبالتالي الشق التشاؤمي هو أن هذه المشاريع تظل مشاريع على الورق وقد تمضي السنوات كما مضت في الأربعين عاما الماضية ولا يتحقق شيء، واليوم هناك مشروعات مستشفيات ومدارس وهي عبارة عن لافتات فقط ولم تنفذ من سنوات طويلة .
فصل السلطات
*يقدم عدد من النواب في مجلس الأمة بمشروع قانون يجرم كل من يجري إتصالا بإسرائيل من رجال أعمال وغيره أو يبرم إتفاقات أو يوقع عقودا لمصالح تجارية .فماهي رؤيتكم لمشروع القرار في حالة إقراره ؟
- أتصور أن هذا الأمر له زوايا عدة هذا يدخل في أعمال السلطة التنفيذية، والكويت لها مصالح قد تتفق مع هذا الطرح أو تختلف، والقضية الثانية مهمة جدا وهي أن مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002طرح على إسرائيل إتفاقية سلام وهي مبادرة السلام العربية وهى إحدى المبادرات التي تحرج إسرائيل تفرض على كل الدول العربية كلها وليست بعضها، وبالتالى هذا المقترح لا يتماشى مع ماطرحه بعض النواب، ولهذا السبب أرد مرة أخرى إلى قضية الإحتراف السياسي فالبرلمانات المختلفة لا نرى فيها هذا مثل الأمرلأن الجميع يعرف حدوده، والمادة 50على سبيل المثال فى الدستور الكويتى تفرض فصل السلطات، والعلاقات الخارجية مع إسرائيل أو مع العراق أوأي دولة أخرى هناك وزارة الخارجية هي تتولاها، واليوم لو قلنا إن هناك نائبا يريد إسرائيل وآخرلا يريد العراق، وثالث لايريد مصر، ورابع لايريد المغرب، ولكل دولة حقها السيادى فى إقامة علاقة مع أى دولة أو ترفض وفقا لرؤيتها، والسلطة الفلسطينية وهى الممثل الشرعى للفلسطينيين تتباحث وتتناقش وتتحاور مع الإسرائيليين، وقد استمعت شخصيا من الرئيس محمود عباس quot;أبومازنquot; يقول انه عندما يتم الحديث عن حكومة وطنية مع حركة حماس التي ترفض الحديث مع الإسرائيليين، وفي الوقت نفسه يعتمد الفلسطينيون فى الكهرباء والماء والعملة على إسرائيل، فكيف لهذا الوزير أن يجلس مع نظيره الإسرائيلي للحديث عن الكهرباء أو غيرها، بعض المرات هذه المزايدات هي التى أدت إلى هلاك الأمة، وضيعت القضية الفلسطينية وأدت بنا إلى الهزائم ويبدو أننا لا نشبع من هذه المزايدات .
سنة أولى حضانة
*هل أصبحت ثقافة الديمقراطية متوفرة لدى رجل الشارع في الكويت أم مازالت في بداية الطريق ؟
-مازلنا فى سنة أولى حضانة، وما زلنا لا نمارس الديمقراطية لا في بيوتنا ولا في أي مكان، وبالتالي الديمقراطية لا تمارس بالشكل الصحيح متذكرين أن الديمقراطية هي بالنهاية ديمقراطية التنمية وديمقراطية التعمير وليست ديمقراطية التدمير، وهى بمفهومها الصحيح تعزز السلام والوئام الإجتماعى، والديمقراطيات العربية بشكل عام تجد أن كثيرا منها تعرقل الديمقراطية وتخدش السلام الإجتماعي، وتعزز عمليات التخندق الطائفي والعرقي لأنها تستخدم بطريقة خاطئة، والكويت لا تختلف كثيرا عن لبنان الذي سبقنا بالمسار الديمقراطي الذى تغلب عليه الغوغائية والممارسة السيئة .
التعديل ومزيد من الحريات
*صرح جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة بأنه من الممكن تعديل الدستور لأنه ليس قرآنا .ماتعليقكم؟ وماتصوركم للمخاوف التي يبديها الشارع الكويتي من المدرسة القديمة التى توجد فى الأسرة الحاكمة بأن الدستور كان خطأ، وأنه فى حالة إجراء تعديل قد توضع قيود تقلل من حجم الحريات التي يكفلها الدستور الحالي؟
-صدقني أن الذى يرفض تعديل الدستور يزايد على الآباء المؤسسين الذين قالوا لنجرب هذا الدستور خاصة أن هذا الدستور قد ولد وبصر في الكويت، وأنه لم يجرب في بلد آخر، وأخذ من دستور 1923في مصر المأخوذ من الدستور البلجيكي و تم التعديل عليه، وعندما تقرأ محاضر المجلس التأسيسي تجد أنه في كل مرة يختلفون يقولون لا يوجد مشكلة، وبعد خمس سنوات يمكن تعديله ، حتى إنني أذكر أن عبداللطيف الثنيان، وحمود الزيد الخالد وهما الأبوان الرئيسان للدستور احدهما إعترض على مدة الخمس سنوات، ثانيا:كثير من هؤلاء المعترضين وإن قالوا بوجود مخاوف لدى الشارع الكويتى في حالة إجراء تعديلات على الدستور قد تقلل من حجم الحريات الممنوحة حاليا لكنهم يعلمون علم اليقين أن هذا الطرح غير صحيح، لأن الدستور حتى يعدل يجب أن يعدل بنص الدستور وهو التعديل لمزيد من الحريات وليس العكس ولايستطيع أحد أن يعدله بالعودة إلى الوراء، ولتعديل الدستور لابد من موافقة ثلثي أعضاء مجلس الأمة وسمو الأمير، إذن لماذا لايعدل الدستور لأن هناك من يثرى ثراء فاحشا من عدم تعديل الدستور، لأنه لو عدل الدستور سيغير من بعض الممارسات السائدة التي نتج منها ثراء فاحش غير مشروع، وبالتالي بدلا من القول إنه لو عدل الدستور ستنتقص هذه الصلاحيات التي يتكسبون منها الأموال والنفوذ وغيره، ويدعون أنهم يرفضون تعديل الدستور بسبب قضايا وطنية وأنه سيحد من الحريات، ومن يدعي ذلك ألا يعلم أن هناك مادة من الدستور تنص على أنه لا يجوز التعديل إلا بمزيد من الحريات، إذن كيف يعدل الدستور بتقليل حجم الحريات ؟، والأسرة الحاكمة لا دور ولا قول لها ضمن تعديل الدستور، ناهيك عن أن ما نسمعه كل يوم من الأسرة عكس ذلك تماما، واليوم كنا نجلس مع سمو رئيس الوزراء يقول فيصلنا الدستور، والقضية أن هناك من يتكسب من الدستور وعدم تعديله فيدعي أن عدم التعديل خوف من تقليل الحريات .
عاشق الطيران والصحافة
*ظللت تحلق طيلة ثلاثين عاما فى أجواء العالم المختلفة، وهبطت طائرتك في مدرج بلاط صاحبة الجلالة، أي التحليق أفضل؟
-عشقت الطيران والصحافة ولكن حقيقة الصحافة أكثر خطورة من الطيران أذكر عندما كنت ألتقى بزملائى الطيارين وكنت مسؤولا عن لجان التدريب والسلامة في إتحاد النقل العربي، لم أكن أحرص على إلتقاط صور تذكارية معهم لأنني أعرف إننى سألتقي بهم مرة أخرى، وعندما مارست العمل الصحفي والكتابة أذكر آخر مرة كنا في الدوحة مع المرحوم عبدالعزيز السقاف رئيس تحريرجريدة اليمن تايمز-آنذاك- وقلت له بالصحافة دائما أخذ الصور التذكارية لأن عدد الضحايا من الصحافيين كل عام أكثر بكثير من الضحايا من الطيارين، فإلتقطت صورة معه وتم إغتياله فى حادث غامض خلال أقل من أسبوع بعد لقائنا هذا، والصحافة أكثر خطورة من الطيران إنما المتعة واحدة وهناك قواسم مشتركة.
*ماهو أصعب موقف واجهك ومررت به أثناء عملكم طيارا على طائرات الغامبو بالخطوط الكويتية ؟
- عندما تحضر ذاتك وتحترف مهنتك تقل المواقف المحرجة والطارئة إلى مايقارب الصفر ، ولهذا السبب أعتقد إنني كنت أحضر وكنت شديد الإحتراف في مهنتى حتى إننى وصلت إلى أعلى مستويات التدريب والتأهيل والسلامة فيها، ومرت بالقليل من المواقف الصعبة بعكس ما أسمع عنه من أن طيارا يتعرض كل يوم لإشكالات، وأذكر في كل مرة كنا نقلع فيها من القاهرة على سبيل المثال، كنت أتمنى أن تتعطل الطائرة قبل أن نقلع لأنني أحب القاهرة وفي كل مرة كانت تتعطل. وعندما جئنا فى عام 1991للعودة إلى الكويت قررت الطائرة بمجرد إقلاعها أن تتعطل، فعدنا إلى القاهرة.
*عملت قائدا لطائرة الراحل الشيخ سعد العبدالله أثناء توليه ولاية العهد ومن خلال قربكم منه. ما الموقف الذي لا تنساه معه؟
- لم أكن طيارا خاصا للشيخ سعد بالذات، وإنما كنت طيارا بالكويتية وهناك وضع فريد بالشركة مع الحكام، وحكامنا لا يستقلون طائرة خاصة وإنما طائرة الخطوط الكويتية لمجرد أن الحاكم إذا أراد أن يسافر تحضر له طائرة ويستقلها بطيارين عاديين، لكن أذكر في إحدى المرات وكان يستقل الطائرة المرحوم الشيخ سعد العبد الله، وكنت قد بدأت كتابة المقالات في جريدة القبس وكانت منتشرة ضمن الصحف الكويتية_آنذاك-عام 1980 أثناء عملي بالطيران، وكنت طيار الشيخ سعد عندما ذهبنا إلى العراق والأردن وسوريا، وبطريق العودة لم نستطع الهبوط في الكويت بسبب الغبار وكانت الرؤية معدومة فتوجهنا إلى البحرين، فخرج لإستقبالنا الشيخ عيسى ndash;رحمه الله-والملك حمد ndash;حاليا- وقال الملك حمد لرئيس تحرير جريدة القبس جاسم النصف-آنذاك- عندكم كاتب جديد مميز بفكره إسمه سامي النصف وكان عمري حينئذ في العشرينات فأشار له علي وهو قائد الطائرة، لأنني منذ أن بدأت الكتابة ولدي طرح متغير حيث إنني لا أؤمن بالثورية وأقول ماذا فعلت الثورات بالعالم وفى إحدى مقالاتي عام 1980قارنت الثورة الإيرانية كانت لتوها قائمة بالثورة المصرية، وقلت على الثورة الإيرانية أن تتعلم من الثورة المصرية وأن لا تعتقد أن الملك فاروق الذى سقط عندها، زُرع فى الدول الاخرى، وألا تتعلم الدرس عن طريق الحروب.
*تأثرتم في مطلع شبابكم بالكاتب الأميركي آرنست هيمنجواى والذي حصل على جائزة نوبل في الآداب ورفضها .لماذا تأثرتم به دون غيره ؟ومن الذي يمثل لكم مثلا أعلى وتأثرتم به عربيا وإسلاميا ؟
- أمران أثرا بى وفى بداية الأمر كنت أقرأ القصص العالمية، وما أعجبنى فى هذا الرجل عدة أمور أولا أن كتاباته كانت تقوم على واقع فعندما شارك فى الحرب الأهلية الاسبانية كتبquot;لمن تقرع الأجراسquot;، وquot;وداعا للسلاح quot;، وذهب إلى كوبا وكتب quot;وداعا للبحرquot;، وتوجه إلى كينياوكتب quot;كليمنجاروquot;، والأمرين أحببتهما فيه أولا أن الأماكن التى كتب عنها جديدة فهذه أغرتنى ودفعتنى إلى دراسة الطيران وأردت أن أذهب وأشاهد العالم، والكتابة كذلك كانت جميلة جدا لدرجة أنه نال جائزة نوبل ورفضها وهذا أيضا دفعنى إلى خط الكتابة، وإن كانت تحتاج إلى إستعداد وقراءة وإطلاع فضلا عن أن والدى كان شاعرا وأديبا، ولكن كانت نهاية هذا الكاتب مؤسفة حيث إنتحر وسبقه والده فى ذلك.
أما على الصعيدين العربى والإسلامى فقد تأثرت بالكثيرين وخاصة من العصر الحديث لأننى محب له، ولا أود أن أتحدث عن الأبطال العرب القدامى لأن الظروف تغيرت والمعطيات إختلفت، وإنما العمل السياسى على سبيل المثال يعجبنى المرحوم إسماعيل صدقى باشا وهذا الرجل مدرسة بالسياسة فى مصر بل على مستوى الوطن العربى، وأعتقد أنه لم يأخذ حقه، ويجب أن تدرس آراءه بالجامعات و يمكن أن تدخل الوطن العربى، لأن فيها تحذير من قضية الحرية المطلقة، لأن أحد مشاكلنا الآن هو مابين عدم الحرية المطلقة quot;الحكومات القمعية الديكتاتورية quot;، والحرية المطلقة، ووضح من خلال الخمسين عاما الماضية أن النظامين يضران بها، فالديكتاتورية شاهدنا على ماحدث بالعراق إبان حكم صدام، والحروب التي دمرت العراق، وتأتى للحرية المنفلتة ونرى لبنان البلد المؤهل لأن يكون أغنى دول العالم تقدما، ونرى لبنان ماذا فعلت بها السياسة، بالتالى إسماعيل صدقى أول من تناول هذه المعادلة وقال أن الديمقراطية أقرب إلى السلاح وعندما تأتى إلى طفل صغير وتعطيه سلاح سيضر نفسه بالتأكيد، وعليك أن تنتظر حتى ينضج ويأخذ السلاح، وبناء عليه لابد من الإرتقاء بالشعب من حيث التعليم والثقافة والفكر والسياسة والتثقيف، فالديمقراطية على جرعات تتناسب مع العمر، وإسماعيل صدقى من الشخصيات التى أحمل لها شديد الإعجاب وأعتقد أنه لم يأخذ حقه فى الوطن العربى، ويبقى الأبطال التقليديين بالوطن العربى وكتبت مقال بجريدة الشرق الأوسط بعنوان quot;أمة الابطال المهزومين quot; وللآسف أغلب أبطالنا بالتعريف الصحيح هم مهزومو، ويعجبنى شخص مثل إسماعيل صدقى والرئيس محمد حسنى مبارك فى جزئية أن الحروب توقفت فى عهده ولم يجد البطولة بشن حروب، وأنه حافظ على أراضى مصر بعد أن فقدت أكثر من مرة حيث فقدت سيناء عام 1956و1967، وأيضا قبلها فقدت السودان وكانت جزء من مصر وأيضا فقدت سوريا بعد أن كانت جزءا من مصر وأيضا قطاع غزة، وهذا النوع من الحكام الذى يتسبب فى فقدان الأراضى والهزائم وإذلال الشعوب لا أجد نحوه أي ود، أنا أود حكام يمنحوا الحريات للشعوب ويحافظوا على أراضيها وثرواتها وكرامتها.
صفات موروثة
*عملت مستشارا إعلاميا للشيخ صباح الأحمد الجابر أثناء توليه وزارة الخارجية، وهو يعد أقدم وزير خارجية عربى ظل يتولى حقيبة الخارجية لمدة ثلاثين عاما . فى منظوركم هل إكتسب الحكمة والحنكة السياسية من خلال عمله الدبلوماسى أم أنها صفات موروثة ؟
-بالطبع هى صفات موروثة ودلالة هذا الأمر تجدها عند شقيقه الراحل الشيخ جابر الأحمد وأيضا قبل ذلك عند الشيخ أحمد الجابر تجدهم قليلين الكلام ويتمتعون بالصبر وهذا من الإحتكاك معهم، أستغرب أنهم يتحملون هذا النوع من العراك والحراك السياسى فى الكويت فكل يوم جديد توجد أزمة، وايضا لا شك أن الحراك الدبلوماسى يساهم فى صقل هذا الصبر والحنكة، وأحد الامور التى لا تعرفها الأجيال الجديدة أن الشيخ صباح الأحمد كان في وقت أصبح فيه الكويت الوسيط الدائم لكل الإشكالات التى تنشب بالوطن العربى، فعندما تخندق الوطن العربى وتخندق العالم بدأت الحروب الباردة والساخنة بين المشرق والمغرب كانت الكويت من الدول القليلة جدا التى تقوم بالوساطة، وهذا الأمر لم يلحق عليه الكثيرين ففى حقبتى الستينيات والسبعينيات كان هناك خندقين عربيين وكانا يتحاربان وليست حروبا باردة وإنما ساخنة مثل اليمن وغيرها، وكانت الكويت دائما الوسيط بين هذه الدول والحال كذلك حتى فى علاقتنا مع الإتحاد السوفيتى وأميركا كانت الكويت بالوسط، وكنا الدولة الخليجية الأولى التي إعترفت بالإتحاد السوفيتى وبالصين وكنا فى نفس الوقت على علاقات مميزة مع الولايات المتحدة، وأعتقد أن هذه سياسة أفادتنا .
حل مؤسسي
*يتناقل البعض فى الساحة السياسية وكتاب المقالات من فترة لأخرى أن هناك خلافات بين أبناء الأسرة الحاكمة وأنها تنعكس على الوضع العام للبلد .ماتعليقكم ؟
-هذه حقيقة لا نستطيع أن ننكرها أنه هناك خلافات، وأعتقد أن الأمر يحتاج إلى حل مؤسسى فى كيفية إشراك أبناء الأسرة الحاكمة ودخولهم وخروجهم من الوزارات ضمن إطار مؤسسى لا يخضع للمزاجية، وإذا أنشأنا مثل هذا النمط أوهذا الدور السياسى أعتقد أن كل المشاكل ستحل، وإنما واقع الحال بالفعل يقول أن هناك إختلافات وجزء كبير من الصراع السياسى فى البلد يخضع لهذه الخلافات .
*من المعروف أنكم تنتمون إلى التيار الليبرالى الغربى .فهل تنضوون تحت لواء التحالف الليبرالى الديمقراطى بالكويت أو تشاركون بإجتماعاته ؟
-لا أشارك بإجتماعاته وإنما أنا أحد مؤسسيه، وأستغرب من الأخوة فى التحالف أنهم لا يرجعون إلى المؤسسين حتى للإستشارة، وأعتقد أنه أحد الزلات أو الأخطاء التى تحدث هى من قلة الإستشارة وخاصة ممن هم أكبر سنا، وقبل فترة صدر تصريح عن التحالف يدعون فيها المواطنين إلى النزول للشارع، أعتقد هذا بيان ما كان يجب أن يصدر عن التحالف لأن لعبة الشارع تدمر البلدان، واللعبة السياسية ما وضعت إلا للبعد عن هذا، وأتصور أن التحالف هو الأقرب إلى القلب وانا أحد المؤسسين ولكن إن كان هناك عتب وهو لماذا لا يستدعون المؤسسين والتشاور معهم بإستشارة غير ملزمة ؟
كرامة الإنسان
*لماذا لم تترشحون فى إنتخابات مجلس الامة حتى الآن ؟ ماالسبب؟ أم أنكم تكتفون بالتحليل والكتابة فقط ؟
- الحقيقة أمور عدة منها أن اللعبة السياسية بشكلها الحالى لا تستهوينى لسبب بسيط وهو لأنها تمس أهم ماخلق فى الإنسان وهو كرامته، واليوم للآسف اللعبة السياسية قائمة على أن المرشح يبدد كرامته لدى المواطن قبل الإنتخابات وبعد أن يفوز تصبح المعادلة بالعكس حيث يقوم الناخب بسفح كرامته بالنائب ثم يذهب النائب للوزير ويسفح كرامته، هذا النوع من العلاقة بالنسبة لى لا يستهوينى على الإطلاق ولو فى يوم من الأيام تطورت اللعبة السياسية وهذا مالا أعتقده إلى أن يصحح المسار السياسى القائم عل الطرح العقلانى والبعد عن الشخصنة سأكون أول من يخوض إنتخابات مجلس الأمة .
*هل ستعود دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الإنضمام لمشروع العملة الخليجية الموحدة لإعتراضها على وجود مقر المصرف الخليجى فى الرياض والذى ترغب أن يكون بعاصمتها أبو ظبى ؟
- ستحل مسألة الإمارات والمصرف الخليجى، ولو طالعت مجلس التعاون الخليجى بدأ هنا فى الكويت وكان المتفق عليه أن يكون مقر الأمانة العامة فى الرياض والأمين العام من الكويت، وبعد مدة إنتقلت الامانة العامة إلى آخرين من دول خليجية أخرى ولم تشتك الكويت أو تعترض، واعتبر هذا الامر كذلك حتى لو كان لدينا إعتراض على مقر ما أو غيره، نعترض لفترة بعد ذلك أتصور أن الحكمة الخليجية ستسود، وأرى أن مشروع العملة الخليجية الموحدة إن شاء الله سيرى النور.
خصوصية
*الأتحاد السياسى الخليجى .هل سيظهر لحيز التنفيذ بعد توحيد العملة الخليجية أم يتم إرجاء إعلانه ؟
-أتصور أن الخليج فيه إحدى تجارب الوحدة الجميلة وهو إتحاد الإمارات العربية المتحدة وحافظ على خصوصية كل إمارة، واليوم لو تسرعنا فى الوحدة الخليجية السياسية لإنتهينا لما إنتهت إليه الوحدة المصرية ndash;السورية لأنها نظريا كانت جميلة، وإنما عندما جربت الشعوب ورأت مايسوءها إنقلبت الوحدة رأسا على عقب، ولكن الدول الخليجية واقعها محتلف تماما من دول تحكم بنظام شرعى وغيره إلى دول تقوم حياتها على الإنفتاح، ولو دمجت الدولتين فأن واحد من شعوب هذه الدول سيعاني، خاصة الدولة التي تقوم على الإنفتاح ستجد أن الرزق توقف لديها والسياحة والعكس صحيح فالدولة القائمة على نظام أساسى بتطبيق الشريعة الإسلامية لا يمكن لها بسهولة أن تنسجم، وأتصور أن يكون للوحدة السياسية الخليجية طابع جديد قد يكون قريب مما هو قائم فى دولة الأمارات العربية المتحدة مع خصوصية كل دولة على حدة، حيث يتوحد الجيش والعلم والخارجية وشئ من هذا النوع، إنما تبقى خصوصية كل دولة حتى لا تنتكس الوحدة، وإذا حافظنا على هذه الخصوصية فليكن هناك إتحاد سياسى خليجى أوإتحاد بفكر جديد.
محاذير وبدائل
*ستبدأ الإمارات العربية المتحدة تشغيل أول مفاعل نووى للأغراض السلمية فى مجال توليد الطاقة السلمية عام 2017.فهل يمكن للكويت ولبقية دول الخليج دخول المجال النووى للأغراض السلمية؟
- علينا أن تحدث بصراحة والخيار النووى بإستخراج الطاقة بدأ فى السبعينات، ولما إكتشف العالم أن تكاليفه مرتفعة فى البناء وقضية المخلفات وغيره بدأ ينصرف عنه، إضافة انه سيقوم على ثروة ناضبة وهى اليورانيوم وهى ليست متجددة مثل الهواء والشمس، ولذلك يلاحظ العالم كله أن الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوربية منذ السبعينات لم ت
التعليقات