أكثر من يعرف بأن قمة الخليج الثلاثين، التي تحتضنها دولة الكويت، ليست أكثر من محفل اجتماعي، مثل سباقات الخيل، وحفلات الزواج العائلية، هو أمير الدولة المضيفة الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي أمضى في العمل السياسي أكثر من نصف قرن، هاجت وماجت خلالها الرقعة الكبيرة المغطاة بالرمال والنفط، أمام عينيه عدة مرات.
من المفترض أن يطلق زعماء دول المجلس الست في قمتهم السنوية التي تستمر يومين، الاتحاد النقدي الخليجي الذي يفتح الباب أمام إصدار العملة الموحدة، فضلا عن الموافقة على مشروع بمليارات الدولارات لإنشاء شبكة سكك حديد مشتركة ولانجاز المرحلة الأولى من الربط الكهربائي، بحسب مسئولين خليجيين.
كما سيبحث القادة الخليجيون في تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على إقتصادات الخليج وخصوصا أزمة ديون مجموعة دبي العالمية وتأثيراتها الممكنة على إقتصادات باقي الدول الأعضاء، إضافة إلى التهديد القومي الذي يمثله تسلل الجماعات الحوثية المتمردة إلى داخل الحدود السعودية، ومنها ربما إلى دول أخرى.
وبعيداً عن حَملة المباخر الذهبية، ورؤساء التشريفات، والابتسامات، والشؤون الخاصة، في البلدان الخليجية الست، فإن روائح البخور الكبمودي، الذي يعتبر أغلى الأنواع وأكثرها ضرراً للجهاز التنفسي، لن تحجب روائح المؤامرات الخفية، والخلافات البينية، التي فشلت كل إدارات القمة في حلها.
وتتوافر لدى quot;إيلافquot; العديد من المعلومات عن المعارك البينية التي تدور بالوكالة بين الأشقاء الذين سينهمكون في تقبيل بعضهم البعض على الأنف، على الطريقة الخليجية، خلال القمة؛ فها هنا مسؤول دولة شقيقة يعمل كمتعهد للصحف التي تهاجم دولة شقيقة أخرى من عواصم اوروبية، ويستقبل صحافييها، ويسدد الفواتير، وتذاكر الطيران، لهم في سبيل تسهيل مهمتهم الهجومية.
وها هنا مسؤول في دولة شقيقة أخرى، قرر أن يغير قواعد اللعبة، وأن يتبنى كل معارضي النظام الحاكم في الدولة الشقيقة المجاورة، وما ترتب على ذلك من دفع تكلفة قناة، وإذاعة، ومنشورات، ومواقع إلكترونية.
كما أن هنالك عددا من الأنشطة التي تقوم بها الأجهزة الدبلوماسية والمخابراتية الخليجية، مع جهات دولية عديدة، في الغرب البعيد، أو الشرق الأقرب، والأكثر صخباً وإزعاجاً، إما بدافع الوشاية، أو تصفيات الحسابات عن طريق طرف ثالث، أو محاولة الضغط على دولة شقيقة بعينها.
وتتسبب حروب الأشقاء، في الشوارع الخلفية، في خسائر تقدر قيمتها بمئات الملايين، مما يعدون من المال الآتي من النفط السائل، أو الغاز الطائر.
إقرا أيضا قمة الكويت.. صراع السياسة والاقتصاد أمير الكويت : ستهداف الحوثيين للسعودية مساس لأمن مجلس التعاون العطية: الانتهاء من مشروع البيان الختامي للقمة الخليجية |
وأبدت قمة الخليج قدرة مذهلة على quot;نجاحها في عدم النجاحquot; في حل الخلافات البينية، بحسب محللين سياسيين، مما جعل الخلافات تبحث عن حل لها تحت قبة أوسع خارج المجلس، تملك القوة والتأثير، مثل اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، التي حلت الخلاف الحدودي بين البحرين وقطر.
وكان ذلك الخلاف هو الذي فضح شلل المجلس، للحد الذي قرر فيه مضيف الاجتماع في قمة الدوحة عام 90، وهو أمير قطر السابق، مقاطعة الاجتماع الذي تستضيفه بلاد إن لم تتم مناقشة ملف الخلاف مع البحرين.
وبينما تعتبر القمم الرئاسية لدولة الخليج باهتة لا تسيل لعاب المتابعين ولا الصحافيين، فإن الاجتماعات المثيرة واللافتة هي تلك التي يقوم بها وزراء المالية، والخارجية، في البلدان الست، لأنهم يحرقون بعضهم البعض كمدخني السجائر بغية الوصول إلى حل وسط، ورفعه للكبار، الذين يوقعون عادة ما يرفع لهم دون رفض أو تأجيل.
ولا تنتظر الأوساط السياسية في الخليج أي نتيجة تذكر من هذه القمة، بل إن محللين أشاروا إلى أنها ستكون استمرارا لعدم الفعالية المعتادة.
وفي صحيفة الحياة كتب جميل الذيابي، مدير عام التحرير في الخليج، : quot;متى سيتمكن مجلس التعاون من تحقيق طموحات شعوبه وتطلعاتها؟ّ! هل على الشعوب الخليجية الانتظار ثلاثين عاماً أخرى لترى بصيص أمل في نفق مجلس مثقل بالأمنيات الشعبية ومثخن بالبيروقراطيات الحكومية؟! quot;.
ويضيف قائلاً في مقالة نشرت الاثنين: quot;لا تزال ظاهرة تأجيل القرارات وعدم تنفيذها شبحاً يلاحق القمم الخليجية في كل دوراتها، فبعض تلك القرارات اعتمد قبل عشرين عاماً ولم ينفذ حتى الآنquot;.
كما يقول مراقبون إن التسمية الأصح لهذه القمة ليست قمة quot;التضامنquot; بل قمة quot;اللا قرارquot;، لأنها لن تتجشم عناء إصدار قرارات بل ستتفرغ لـ quot;التهليل والتبجيلquot; على حد قول الذيابي.
التعليقات