إيلي الحاج من بيروت: مع إنطلاق الماكينات الإنتخابية تباعا في لبنان مقدمة لسبق الوصول إلى مجلس النواب في 7 حزيران / يونيو المقبل يبرز اتجاه في أوساط الغالبية النيابية أو قوى 14 آذار/ مارس إلى الاعداد لمعركة رئاسة مجلس النواب الجديد ، في ضوء المواقف الأخيرة لرئيس المجلس الحالي ورئيس حركة quot;أملquot; نبيه بري التي تظهر استمراره ndash; من وجهة نظر تلك القوى- في نهج السنوات الماضية بمحاولات التحكم في قرار البرلمان ، وذلك للحؤول دون تكرار الخطأ الذي وقعت فيه الأكثرية عام 2005 عندما دعمت التجديد للرئيس بري ولاية جديدة.

ورغم ذلك يسود إعتقاد في بيروت بأن بري سيبقى في رئاسة المجلس لأسباب أبرزها إحتمال ألا يترشح أحد ضده بفعل مهابة تحالف ثنائي quot;حزب الله quot; ndash; حركة quot;أمل quot; في الطائفة الشيعية ونتائج الانتخابات التي سيكون فيها الفارق بين الخاسر والرابح ضئيلاً على الأرجح ، بما لا يتيح لقوى 14 آذار التحكم في مسار معركة رئاسة المجلس وحدها ، كما أن رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري سيكون على رأس حكومة ما بعد الانتخابات أيا تكن النتائج وسيكون وجود أو استمرار الرئيس بري في رئاسة مجلس النواب مطلوبا على سبيل التوازن، فضلاً عن أن بري لا يزال يحتفظ بعلاقات مقبولة مع أقطاب قوى الغالبية، ولا سيما منهم رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; وليد جنبلاط ، وكذلك النائب الحريري.

والأرجح أن التفكير في طريقة للإتيان ببديل من بري على رأس البرلمان المقبل جاء انعكاساً لدى 14 آذار لتدهور العلاقة مجددا بينه وبين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على خلفية رفض الأخير دفع مبلغ 60 مليار ليرة لبنانية من الموازنة لمجلس الجنوب الذي يشرف عليه الرئيس بري عبر أنصاره، وذلك بذريعة أن صرف هذه الأموال غير مبرر، والموازنة تعاني عجزاً . لكن بري لا يصدق ان أسبابا مالية بحتة تقف وراء موقف السنيورة ولا تهمه التبريرات المالية والرقمية في هذا المجال، وهو يبحث عن السبب الذي حدا السنيورة الى فتح هذه المعركة معه ، وهو العارف بحساسية موضوع مجلس الجنوب بالنسبة اليه، ويعرف ان رئيس المجلس والجنوب لا يمكن ان يقبل إلغاء لموازنة مجلس الجنوب دون غيرها من موازنات المجالس الأخرى مثل مجلس الإنماء والإعمار وهيئة الإغاثة العليا وصندوق المهجرين، والا اعتبر ذلك بمثابة إلغاء سياسي له ولفريق معين.

ومن خلال دعوته إلى إلغاء كل المجالس التي يشاع في لبنان أنها أبواب للسرقات والإهدار والمحسوبيات ، واستبدالها بوزارة للتصميم ، يسعى بري الى تحجيم دور رئاسة الحكومة وإلغاء صلاحيات عائدة لها لأن مجمل هذه المجالس والصناديق تابعة لها وتحت اشرافها خصوصا الهيئة العليا للاغاثة ومجلس الانماء والاعمار اللذين شكلا عبر آليات عمل سريعة وغير معقدة هيئات موازية للوزارات وأكثر منها فاعلية وانتاجية
ومن خلال دعوته هذه يسعى بري أيضاً إلى تغيير قواعد صرف المال التي اتبعت منذ انتهاء الحرب وفقاً لاتفاق الطائف عبر مجالس وصناديق وزعت طائفيا وسياسيا على نحو، يكون معه مجلس الانماء والاعمار والهيئة العليا للاغاثة محسوبين على رئاسة الحكومة السنية، مجلس الجنوب محسوبا على رئاسة مجلس النواب الشيعية، وصندوق المهجرين محسوباً على الزعامة الدرزية، أي النائب جنبلاط، وهذا توزيع لا يلحظ رئاسة الجمهورية ومرجعيات مسيحية أخرى ، ويواجه للمرة الأولى احتمال أو خطر اعادة خلط الأوراق لمصلحة وزارة تخطيط غير موجودة ويحتاج إنشائها إلى سنة على الأقل، ويمكن الا تشكل حلا، لأن لا شيء يضمن عدم انتقال الخلافات السياسية والطائفية اليها.

لكن سياسيين يرون أن بري يرفع سقفه السياسي عاليا والى الحد الأقصى للوصول الى ما يعتبره الحد الأدنى الذي لا مساومة عليه وهو اقرار موازنة مجلس الجنوب بالمبلغ الذي طالب به وهو 60 مليار ليرة، بعدما كان رفع المطلب وفق قاعدة المساومة إلى 150 ملياراً عندما رفض السنيورة دفع المبلغ السابق . وبري يشتهر بأنه الأحذق في المساومات.