تجربته السابقة في الحكم لا تبشر بالخير
فوز نتنياهو المحتمل يزعج أوباما ومبارك وعباس
حيث إن حزب الليكود معروف بمواقفه المتعنتة والمتشددة حيال قضايا الحل الدائم مع الجانب الفلسطيني، ومنها رفضه تقسيم مدينة القدس، وعودة اللاجئين، وكذلك التمسك بغور الأردن في أي اتفاقية توقع مع الفلسطينيين، ولهذا الرفض معانٍ عدة، منها، احتمالية تجميد المفاوضات لأجل غير مسمى، وهو على ما يبدو ما يخيف السلطة الفلسطينية في الوقت الحالي، إذ إنها تراهن على الإنجازات السياسية عبر المباحثات السلمية لتعزيز قاعدتها الشعبية حيال حركة حماس، التي تبين استطلاعات الرأي - عقب الحرب- ارتفاع أسهمها في الشارع الفلسطيني، وخاصة في الضفة الغربية.
وبالتالي فإن تعثر المفاوضات وتجميدها، سيقود لإضعاف السلطة، وتعزيز شعبية حركة حماس، ولكن ذلك قد يسهم أيضًا في زيادة فرص إعادة الوئام بين الضفة وغزة، عبر توافق فلسطيني داخلي بين حركتي فتح وحماس، اللتين لهن مصلحة مشتركة في الإبقاء على تواجد السلطة، وبخاصة أن الصراع الرئيس الناشئ بين الحركتين على السلطة يدور حول مستقبلها، أتكون وطنية علمانية أم إسلامية مدنية.
كما أن تشكيل حكومة إسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو سيكون بمثابة ضربة لكل الجهود والمساعي المصرية المبذولة على مستوى تحقيق تهدئة بين حماس وتل أبيب، وإنجاز صفقة تبادل أسرى بين الجانبين، يحرر خلالها نحو 1500 أسير فلسطيني مقابل الجندي جلعاد شاليت.
ولمصر تجربة طويلة مع نتنياهو، الذي صعد إلى الحكم رسميًا في إسرائيل بتاريخ 1/يونيو 1996. وشهدت العلاقات المصرية- الإسرائيلية حينذاك توترًا، وصل لغاية الحرب الإعلامية بين الطرفين، ولم تفلح العديد من الاجتماعات بين مسؤولين الجانبين بتخفيف حدة الاحتقانات، فقد هاجمت الحكومة الإسرائيلية مناورة للجيش المصري واعتبرتها تلويحاً من جانب مصر بخيارات عسكرية، كما عقب ذلك اعتقال مصر لعزام عزام بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وصرحت بعض المصادر السياسية المصرية بأن إلقاء القبض على أكثر من شبكة تجسس تعمل لصالح إسرائيل أمر يفقد الثقة في التعامل مع الطرف الإسرائيلي.
كما شكت إسرائيل بطبيعة الدور المصري في عملية السلام، بالإضافة إلى ظهور تباين حاد في وجهات النظر الحكومة المصرية والإسرائيلية تجاه عملية السلام، فكانت مصر تصر على حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وفق القرارات الدولية، بينما طرحت حكومة نتنياهو فكرة الأرض مقابل الأمن. احتمالية فوز نتنياهو تحيي كذلك مخاوف الأردنيين من فكرة مشروع الوطن البديل، عبر تهجير الفلسطينيين، ولذلك فإن الأردن يدفع في الوقت الراهن نحو تحقيق مصالحة فلسطينية تكفل إعادة الوئام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لمواجهة أي مخطط مستقبلي من هذا القبيل.
وللولايات المتحدة الأميركية مخاوفها المتعلقة بقدوم نتنياهو إلى سدة الحكم في إسرائيل، فالرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما يميل إلى الحوار مع طهران وكذلك عين مبعوثًا إلى الشرق الأوسط وهو ما يعبر عن اهتمامه بإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن حزب الليكود بمواقفه المتشددة المعروفة ربما يكون حجر عثرة أمام مخططات أوباما، ويقول الكاتب الإسرائيلي عاموس جلبوع (معاريف/9/2/2009): quot;اليوم أيضًا يتنبأ عندنا السياسيون ورجال الإعلام، بيقين كبير، بما سيحصل بعد الانتخابات. هناك من هم مقتنعون بأنه إذا ما انتخب بيبي فسيكون شرخ مع إدارة اوباما، الحرب مع سوريا ستكون قريبة جدًا، والمشاكل ستأتي بالجملة؛ آخرون يتوقعون بأنه إذا انتخب لفني، فإن الجولان سيسلم، وسينتهي الاستيطان والكثير من المشاكل ستحل بناquot;.
بقي من المهم التنويه، إلى أن الكثير من المواطنين الفلسطينيين يرون أن الحكومات الإسرائيلية متشابهة في الفعل، ومختلفة في الطرح، بمعنى أن الليكود يقول ما يفعل، بعكس الأحزاب الأخرى التي تتحدث عن السلام وتواصل الاستيطان، ولهذه الأقوال ما يدعمها، إذ بينت معطيات نشرت مؤخرًا أن جلسات المفاوضات التي عقدت بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي وإيهود أولمرت طوال الأشهر الماضية كان يوازيها بشكل سري توسيع للمستوطنات الإسرائيلية، وهو ما يناقض تعهدات أولمرت التي قطعها على نفسه في مؤتمر أنابوليس/ نوفمبر 2007، كما أن الحكومة الإسرائيلية الحالية المؤلفة بشكل رئيس من حزبي (كاديما والعمل) شنت حربين خلال فترة ولايتها القصيرة نسبيًا، وهي بذلك تكسر القاعدة في تاريخ سابقاتها من الحكومات الإسرائيلية.
التعليقات