الأمل معلق على إدارة أوباما للعودة إلى سكة الحلول والمفاوضات
لبنان يخاف على احتمالات السلام الضعيفة مع نتنياهو

توقعات بإبرام إتفاق التهدئة بعد إعلان نتائج الإنتخابات الإسرائيلية

فوز نتنياهو المحتمل يزعج أوباما ومبارك وعباس

نتنياهو حول إرثه إلى نموذج للسياسة الإنهزامية

سلاح الجو الإسرائيلي لن يساعد كالمطلوب في الحرب القادمة

إيلي الحاج من بيروت: لا يرى السياسيون اللبنانيون فرقاً كبيراً في التعامل الإسرائيلي مع بلادهم بين حكومة يمينية أو يسارية أو إئتلافية، فالحكومات الإسرائيلية على أنواعها قاربت الشأن اللبناني من زاوية أمنية ndash; عسكرية متشددة منذ ستينات القرن الماضي مروراً باجتياح ال1982 وحروب التسعينات المتفرقة ومجازرها فالخروج من لبنان عام 2000 وما أعقبها من حرب صيف 2006 التي أرست وضعاً في حال تأهب دائم لشن حرب على لبنان ، سواء أكانت حكومتها المقبلة برئاسة تسيبي ليفني أم إيهود باراك أم بنيامين نتنياهو الأوفر حظاً بحسب إستطلاعات الرأي العام. ولطالما شكل لبنان مادة التنافس الإنتخابي بين أحزاب إسرائيل في ما مضى بين مؤيد لإبقاء إحتلال في الشريط الحدودي منه وداع إلى الخروج منه، لكن تلك صفحة انطوت ولا يبدو أن أياً من زعماء إسرائيل يفكر مجرد تفكير بالعودة إلى تجربة الإحتلال المرة في لبنان، خصوصاً بعدما حققت إسرائيل أهدافها في حربها الأخيرة مع quot;حزب اللهquot;، مما يجعل الإستقرار على الحدود بين البلدين رهن إرادة الحزب الذي برهن بعد اغتيال القائد العسكري والأمني فيه عماد مغنية، وكذلك خلال حرب غزة أنه يتمتع بقدرة برغماتية عالية على التعامل مع الوقائع كما هي ، من دون أن يتخلى عن رفع مبادئه والشعارات.

لكن لبنان من أكثر المعنيين بتطورات الصراع مع إسرائيل لانعكاسها المباشر على أوضاعه الداخلية، بسبب التأثيرات الفلسطينية الناجمة عن إقامة عدد كبير من الفلسطينيين في مخيمات اللجوء على أرضه، وكذلك لإرتباط جزء من أحزابه والتنظيمات فيه عضوياً وانشداده إلى محاور المواجهة مع إسرائيل، أي محاور السلم إذا أمكن ( المسمى الإعتدال) أو محاور المواجهة المباشرة ( الممانعة) . وفي خضم هذا الصراع يأمل اللبنانيون في الدرجة الأولى ، وفي شكل ملحّ أن يتمكن الفلسطينيون أنصار quot;فتحquot; وquot;حماسquot; من التوصل إلى إتفاق في ما بينهما قبل أن تندلع بينهما فتنة تهدد بالإمتداد إلى لبنان ومخيماته التي تتمتع بأمن ذاتي إلى حد كبير وتعجز السلطات اللبنانية عن ضبط الوضع فيها إذا ما أفلتت الأمور من عقالها .

وفي درجة توازي هذه النقطة أهمية، يأمل اللبنانيون في ألا يكون إهتمام إدارة الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما بالسعي إلى حل لأزمة المنطقة على غرار اهتمامات من سبقوه إلى البيت الأبيض ، بعدما أرسل مبعوثه إلى المنطقة جورج ميتشل للتقصي أولاً تمهيداً لاقتراح حلول . خصوصاً أن التعامل مع الحكومة الإسرائيلية التي سيترأسها نتنياهو على الأرجح ستكون أصعب بما لا يُقاس ، لعدم إيمان الرجل وحزبه quot;الليكودquot; بالتسوية السلمية، ولا شك أن هذا التعامل سيكون أسهل إذا شكل حكومة إئتلافية مع حزبي quot;كاديماquot; وquot;العملquot; بدل حكومة تحالف بين حزبه وquot;إسرائيل بيتناquot; المتطرف. وغني عن القول إن فوز ليفني وحزبها quot;كاديماquot; لو تحقق لكان يسهل بعض الشيء مسار الحل الصعب، أقله من زاوية أنها خلافاً لنتنياهو توافق في المبدأ على مسألة جوهرية لا بد منها في أساس أي حل هو قيام دولة فلسطينية مستقلة. وهذه بديهية لن تكون متوافرة في ظل حكومة quot;الليكودquot;، فكيف إذا كان مقرراً فيها اليميني المتطرف ممثلا بحزب quot;إسرائيل بيتناquot; أفيغدور ليبرمان بخطابه المتشدد الذي يدعو حتى إلى طرد عرب 1948 . ولتبيان خطورة هذا الإحتمال أوردت صحيفة الـquot;إندبندنتquot; البريطانية أن حكومة ائتلافية من هذا القبيل quot;ستوسع المستوطنات، ما سيضعف من إمكانية quot;سلام الشجعانquot; ويجعله إحتمالا بعيد التحقيق، وقد يضر بعملية السلام ضررا لا يمكن إصلاحه، بل ربما قد يؤثرفي التوازن الديمغرافي، وما يزيد التخوف أن اليمين الإسرائيلي صار أقل براغماتية عما كان أيام مناحيم بيغن الذي وقع على معاهدة سلام كامب ديفيد. كما أن نتنياهو ليس هو شارل ديغول الزعيم الفرنسي الذي واتته الشجاعة للتخلي عن quot;وهم الجزائر الفرنسيةquot;. بذلك يبقى الأمل الوحيد في لبنان وسائر الدول العربية معلقا على إدارة الرئيس أوباما الذي قد لا يمنح التأييد المطلق لحكومة إسرائيلية quot;تدير ظهرها لعملية السلامquot;.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية الوزير اللبناني السابق ميشال إده أن الولايات المتحدة لم تعد في عهد أوباما في وارد خوض حرب جديدة في المنطقة، أو تأييد حرب جديدة تندفع إليها إسرائيل، وبالتالي لن توجه أميركا ضربة إلى إيران بل ستتحاور معها ، خلافاً لرغبة كانت تتملك إسرائيل في توجيه ضربة وقائية ضد منشآت إيران النووية. ويُلاحَظ أن نجاح الدبلوماسية السورية في تطويق تبعات أزمتها مع لبنان، وبخاصة مع قوى 14 آذار/ مارس، أنهى عزلة دمشق الدولية والعربية إلى حد بعيد. ثم جاءت الأزمة المالية العالمية لتضعف تأثير واشنطن على السياسة الإقليمية ولتغير من أولياتها في المرحلة المقبلة .

ويرى سياسيون في لبنان أن المؤسسة السياسية في إسرائيل تدرك أن الرئيس الأميركي الجديد لن يتخلى عن دعم الدولة الإسرائيلية وحماية مصالحها، لكنه في الوقت ذاته لن يوفر الغطاء السياسي غير المشروط الذي افادت منه حكومات تل أبيب المتعاقبة في عهد الرئيس جورج بوش. ويذكّر إده بأن حكومة أرييل شارون قوّضت معظم إنجازات عملية السلام مع الفلسطينيين والتي بدأت مع اتفاقات اوسلو وواشنطن وغيرها في مطلع التسعينات. ثم استغلت إسرائيل مناخ ما بعد هجمات11 أيلول/ سبتمبر 2001 والحرب على الإرهاب وغزو العراق لتبدأ فرض حلول أحادية على الفلسطينيين بدءا من انسحابها من قطاع غزة مرورا بتشييدها الجدار الفاصل على جانبي الخط الأخضر وانتهاء بعزل القدس والإندفاع في نشر المستوطنات ومصادرة المزيد من الأراضي. وعندما قررت إدارة بوش متأخرة إحياء المفاوضات مع الفلسطينيين في مؤتمر انابوليس في نوفمبر الماضي، وإعادة العمل بـquot;خريطة الطريقquot; بهدف التوصل إلى مسودة اتفاق الحل النهائي قبل نهاية هذا العام، عملت حكومة اولمرت على وضع العقبات والتذرع بضيق الوقت وبصعوبة حل مشكلة القدس واللاجئين والمستوطنات، وهي المشاكل المتبقية على طاولة المفاوضات، من دون أن تتدخل واشنطن في شكل حاسم لمعالجة الوضع ووضع حلول. لكن هذا التصرف سيتغير مع باراك أوباما. هذا ما يوحيه حتى اليوم على الأقل أسلوبه الصارم في مقاربة الملفات الداخلية الأميركية على أنواعها بدءاً من الأصعب ، أي الأزمة المالية.