هيئة الأمر بالمعروف والقضاء الأكثر عرضة للشكاوى
المؤسسة الدينية تحظى بنصيب الأسد في تغييرات العاهل السعودي

وزراء quot;المنطقة الحمراءquot; عاشوا فترة تقلبات قبل رحيلهم

إيلاف تستعرض سيرة الوجوه الجديدة في الحكومة السعودية

تعديلات وزارية وقضائية في السعودية

الخوجة واكب لبنان في أصعب أزماته ... وتوزيره

العاهل السعودي يجري تعديلات للمرة الأولى منذ توليه الحكم

أحمد البشري وتركي العوين من الرياض: إستحوذت المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية على نصيب الأسد في التعديلات التي أجراها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز السبت، في الوقت الذي كثرت فيه الشكاوى ضد هذه المؤسسات في المرحلة السابقة، ومع ظهور العديد من الأصوات التي تطالب بالنظر إلى تلك المنظومات، وإعادة هيكلتها بما يتوافق مع المشروع الإصلاحي الكبير للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

مجلس القضاء الأعلى ومجلس الشورى ووزارة العدل وديوان المظالم والمحكمة الإدارية العليا هيئة الأمر بالمعروف، وإعادة تشكيل هيئة كبار العلماء، كلها جهات رسمية مهمة في السعودية طالها التغيير الواسع، أسماء جديدة حلت في هذه المواقع الهامة وتسعى من خلال عملها في الفترة المقبلة أن تثبت ذاتها، العديد من المراقبين وصفوا التغييرات التي طالت هذه المؤسسات بأنها تغييرات مهمة، تعكس إنفتاح المللك عبدالله وسياسته تجاه تقبل الآخرين، حيث قام الملك بتشكيل مجالس الإفتاء لتضم مختلف المذاهب في البلد المسلم الكبير، الذي تتنوع فيه المذاهب. وتأتي هذه التغييرات في أعقاب إقرار العاهل السعودي العام الماضي إطلاق مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء، والتي خصص لها ميزانية ضخمة بلغت 7 مليارات ريال.

عبدالله بجاد

حاجة ماسة

ويشير الكاتب السعودي عبدا لله بن بجاد في تصريح خاص لـquot;إيلافquot; إلى أن المؤسسة الدينية بشكل عام، وبكل فروعها كانت بحاجة ماسة إلى التغيير، لأنها تمس الناس بشكل مباشر، وتلامس همومهم اليومية الصغيرة، ويرى بجاد أن مؤسسة القضاء عانت لفترات طويلة من البيروقراطية القاتلة، وإلى توقف عجلة دورانها فأصبح العصر يتقدم عليها بمراحل، انعكست على العديد من القضايا التي أثارت جدلاً كبيرًا في الفترة الماضية، بطريقة لا تعكس شعار (الإصلاح) الذي دأب الملك عبدا لله منذ أيام ولايته للعهد، وكرسه بشكل مباشر بعد توليه الحكم قبل سنوات قليلة.

ويرى الكاتب بجاد أن التعليم الديني سبب للسياسة السعودية بعض الإحراج والمشاكل مع الآخرين، نظرًا لتضمنه بعض القيم المتشددة والتي تروج لإقصاء الآخرين، وهي لا تتناسب مع توجهات الحكومة السعودية التي تسعى للحوار وتقبل الآخرين أيًا كانت مرجعياتهم وعقائدهم.

وعن هيئة كبار العلماء، يرى بن بجاد أن القرار كان موفقاً وجريئًا في الوقت ذاته، حيث يرى بأن هيئة كبار العلماء قد شاخت بعض الشيء، وكانت تحتاج إلى بث دماء شابة، إضافة إلى ضخ دماء متغيرة، تشمل المذاهب الإسلامية التي يتشكل منها المجتمع السعودي، المتعدد المذاهب، وأشار إلى أن هيئة كبار العلماء في السابق لم تكن تعكس التنوع المذهبي في السعودية.

وفيما يرى مراقبون بأن أغلب التغييرات التي حدثت كانت لعجز أصحابها عن ترجمة الفكر السعودي، متمثلاً بالملك عبدا لله، وهو ما يندرج أيضاً على التغييرات التي شملت الشيخ صالح اللحيدان، الذي يرى بن بجاد بأنه قد انتهى وقته، وبأنه عمل ماعليه في أوقات سابقة، وبأن لكل زمان دولة رجال. وهو ما ينطبق أيضاً على الشيخ إبراهيم الغيث، حيث أشار بجاد إلى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القضاء، هما المؤسستين الأكثر عرضة للشكاوى من الناس، وخصوصاً هيئة الأمر بالمعروف التي أصبحت تتجاوز الخصوصيات بشكل مبالغ، في الوقت الذي لا يوجد فيها قانون معلن لآلية عملهم، ولافتقار أعضاء الهيئات للتدريب وحسن التعامل مع الآخرين.


وأشار إلى أن مسؤوليات الرئيس الجديد للهيئة يجب أن تبدأ بـ 1- الإعلان عن نظام التعاملات ما للهيئة وما عليها. 2- يجب أن يخضع اختيار أعضاء الهيئة لعدة معايير، تشمل المؤهل العلمي العالي، ودورات تدريبية في فن التعامل مع الآخرين. 3- يجب أن يتواصل المسؤول الجديد مع الناس والإعلام بطريقة أفضل وأن يعترف ويتحمل أخطاءه. 5- إلزام الأعضاء بلباس موحد ووضع ما يشير إلى إسم ورقم الموظف بشكل واضح للناس.

عقليات جديدة

من جانبه، أشاد آل زلفة بالتغييرات التي حصلت في مجال العدل والقضاء وهيئة كبار العلماء وقالquot; نحن كنا نحتاج إلى عقليات جديدة في مجال المحاكم والنظام القضائي.. الوجوه الجديدة يمكنها تحقيق التغيير المنشودquot;. وأشار في هذا السياق إلى أن quot;بعض المسؤولين القدامى قاوموا التغيير..وعلى سبيل المثال هيئة كبار العلماء السابقة كان يهيمن عليها المذهب الحنبلي فقط، أما الآن فقد توسعت لتشمل 21 عضوًا من المذاهب السنية الأربعة.

تغييرات واسعة

وأدخلت تغييرات على رأس الهيئات القضائية والتشريعية، فقد تم تعيين وزير العدل السابق عبد الله بن محمد آل الشيخ رئيسًا لمجلس الشورى، الذي تم رفع عدد أعضائه من 120 إلى 170 عضوًا. وعين الرئيس السابق لمجلس الشورى صالح بن حميد رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء والشيخ إبراهيم الحقيل رئيسا للمحكمة العليا. كما عيّن العاهل السعودي الشيخ عبد العزيز بن حمين الحمين رئيسًا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بدلاً عن الشيخ إبراهيم الغيث. وأعاد العاهل السعودي تشكيل هيئة كبار العلماء وتوسيعها لتشمل 21 عضوًا برئاسة المفتي الحالي الشيخ عبدا لعزيز آل الشيخ.

حمود أبو طالب

ومن جانبه يرى الدكتور والكاتب حمود أبوطالب في حديث هاتفي لـquot;إيلافquot; ، أنه إذا أردنا النظر بإنصاف إلى المشروع الإصلاحي الشامل الذي تبناه الملك عبدالله بن عبد العزيز فإنه من الضروري القول إن مشروعًا كهذا لن يتحقق كما يراد له بسهولة لأن طبيعة الأداء المألوفة في كثير من الأجهزة يصعب تغييرها أو إصلاحها بعد وقت طويل من استمرارها وتناغم عقليات كثيرة معها بحيث أصبحت جزءًا منها وسمة لها، واستمرارها مرهون باستمرار ذلك الأداء، ولذلك فإنها ستقاوم محاولات التحديث والتطوير حفاظًا على بقائها. ومن ناحية أخرى فإن مشروعًا إصلاحيًا بهذه الشمولية لا بد أن يمس كثيرًا مما أصبح في حكم الثوابت أو منظومة المسلمات الإجتماعية أو الثقافية أو الفكرية ، وذلك ما سوف يؤدي إلى مقاومة الإجراءات التي تمسها كنوع من رد الفعل الذي لا يمكن التهوين من تأثيره.. وحين نضع في الإعتبار مثل هذه الحقائق وما هو في سياقها فإنه يسهل علينا تفسير ما قد يعتبره بعض المراقبين تأخرًا أو بطئًا نسبيًا في رؤية تغييرات واضحة وملموسة على أرض الواقع في بعض المجالات ، إنه ليس تراجعا أو نكوصا كما ذهبت الى ذلك بعض التخمينات الخاطئة والإفتراضات التي لا تعرف جيدًا مكونات وطبيعة الواقع السعودي، وإنما قراءة واعية من مصدر القرار لهذا الواقع وظروفه وملابساته، وكيفية التعامل معه بكياسة وحكمة تتيح تنفيذ خطوات التطوير والتحديث والإصلاح بأقل قدر من الإفرازات السلبية..

ويرى أبو طال بأن القرارات التي صدرت هذا اليوم نجدها استكمالاً لخطوات سابقة أو تنفيذًا عمليًا لما يمكن اعتباره خارطة طريق الإصلاح التي أعلنها الملك عبدالله سابقًا، وأكد أنه ماضٍ في تنفيذها دون تراجع. وحزمة قرارات كبيرة ومتنوعة كهذه تؤكد أن ما سبق من وقت قد تم استثماره جيدًا لخروجها بهذه الشمولية والتفصيل. وباستعراض هذه القرارات ربما يكون أبرزها ما تعلق بتطوير مرفق القضاء الذي أعيدت هيكلته بما تتطلبه مقتضيات الحاضر، سواء لجهة الأنظمة أو الكوادر القادرة على المشاركة الفعالة في تنفيذ التطوير.

كما لا يمكننا غير الإعجاب الشديد بأسلوب التغيير الذي طال مؤسسات مهمة وحساسة كمجلس القضاء الأعلى وهيئة كبار العلماء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تحدث رئيسها الجديد لوسائل الإعلام حديثًا إيجابياً جيدًا ينبئ بإمكانية إزالة التوتر الذي شاب علاقتها بالمجتمع.. كما أنه يمكن النظر إلى التغيير في بعض الوزارات على أنه رغبة حقيقية في رؤية التطوير المنشود في خدماتها حين لم يتحقق كثير منه رغم زوال العائق التقليدي الذي كان ذريعة الكثيرين، ألا وهو الوفرة المالية ، إذ لا يمكن تفسير أي قصور مع الدعم المالي الكبير إلا بعدم كفاءة الإدارة للميزانيات الضخمة المتوفرة، وذلك ما عبر عنه الرأي العام عبر الوسائل الإعلامية، وبالتالي يمكن قراءة التغيير في بعضها على اعتباره رسالة لجميع المسؤولين الكبار بأن أداء أجهزتهم خاضع للمتابعة والتقييم، وأن المرحلة لم تعد تسمح بالتجاوز عن الأخطاء وإتاحة الفرصة أكثر مما يجب.. كما لا يجب أن نقلل من أهمية الإشارة المتمثلة في الدفع بأول امرأة سعودية إلى مركز تنفيذي كنائب وزير في واحدة من أهم الوزارات، وهي خطوة سوف تمهد لسهولة الدفع بغيرها إلى مواقع لا تقل أهمية..

وإذا أردنا تلخيص الرأي حول ما صدر من قرارات فإننا نقول بثقة كبيرة أن مشروع التطوير والتحديث والإصلاح في المملكة سوف يمضي مسايرا حركة الزمن ومتطلبات مراحله وحاجة المجتمع السعودي كجزء من هذا العالم، لا بد أن يتناغم معه..