بين رفض المجتمع لهم وإنكار الحكومة لوجودهم
مثليو الجنس في الأردن بدأوا يبحثون عن مظلة خاصة تحميهم
رانيا تادرس من عمان: تحدٍّ إجتماعي جديد يواجه المجتمع الأردني هو بروز ظاهرة مثليي الجنس في مجتمع محكوم بعادات وتقاليد وثقافة دينية تحرم هذه السلوكيات، تصر الحكومة الأردنية على التحفظ وعدم الخوض بغمار هذا الملف من حيث العدد وكل تفاصيله. ورغم التحفظات والسرية في التعامل مع هذا الملف بدأت الأوراق تتناثر لتعلن وجود هذه الفئة في المجتمع مع الإصرار على احترام الحرية الشخصية في ظل غياب نصوص قانونية تعالج حالات مثليي الجنس. فبات لهذه الفئة أماكن خاصة في عمان محددة، وطقوس خاصة من الملابس، والأشكال والتصرفات، وموقع على الانترنت، وأخيراً محاولة بحث وسعي لتأسيس جمعية خاصة بهم.
واختراق هذه المجموعات صعب، وفي لقاء لإيلاف قالت quot;جونquot; وهو إسم مستعار، تقول إنها تجلس تمضي أوقاتا رائعة في منزلها ولا أحد يعرف غير قلة عن ميولها الجنسي ولا تهتم بما يطلق المجتمعات من تسميات عليها. وتعتقد أنها سعيدة وراضية وتفكر بالهجرة في مجتمع أكثر انفتاحا ويسمح بزواج مثليي الجنس. وعن ماضي وطفولة هذه الفتاة تقول إنها عاشت حياة ذكورية بسبب أشقائها وأنها لم تشعر لمرة أنها أنثى، وتقول quot;ومضت الأيام وكبرت وبدأت اشعر بأنني ذكرquot;. ولا تعتبر أن حالتها هي حالة مريضة بل حرية شخصية ونمط حياة جديد يستحق العيش والاستمتاع به.
ورسميا، تتحفظ الجهات الحكومية وترفض الإعلان الرسمي عن أرقام حقيقة ولكن بحسب مصادر مطلعة كشفت لquot;إيلاف quot; انه تتواجد أرقام كبيرة تتجاوز المئات سواء في السجون الأردنية التي تطبق نظام التشديد بين مثليي الجنس من السجناء، وكذلك حوالى 500 قضية تسجل في المحاكم، ناهيك عن المصابين بالإيدز والأمراض الجنسية، إلى جانب فئة منهم تراجع عيادات الطب النفسي في القطاع الخاص لضمان السرية.
البعد الاجتماعي حول مثليي الجنس ترتكز وفق رؤية مدير مركز البحوث الاجتماعية الدكتور موسي شتيوي على أن quot;الهوية الجنسية المثلية ظاهرة متواجدة منذ قدم العصورquot;. ولكن ظهورها في المجتمعات العربية متوقعة بحكم أنها مجتمعات مغلقة خصوصا من الناحية الجنسية quot;. ولكن اللافت أنها quot; باتت نمط حياة لدى الفئات الشبابية من ذكور وإناث كما يقول دكتور شتيوي. مستدركا انها تندرج ضمن باب الحريات الشخصية لذا بدأت هذه الفئة تجاهر وتعبر عن ذاتها بسلوكيات وتصرفات وملابس وحركات وطريق كلام لتتثبت وجودها في مجتمعلا تزال العشائرية أبرز ملامحه الاجتماعية ومحكوم بقيم وعادات كضوابط رادعة لأي ظواهر طارئة قد تطرأ عليه.
والأسباب الاجتماعية وراء بروز هذه الظاهرة كما يشير الدكتور شتيوي quot;الانغلاق الجنسي الذي تعاني منه المجتمعات العربية، ناهيك عن تربية الوالدين التي تكون غير صحيحة، والتطرف في الدلع، والتعرض للاغتصابquot;. وفي السياق ذاته، يقول اختصاصي الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة لquot;إيلاف quot; انه quot;بداية على المجتمعات معرفة أن مثليي الجنس لا يتحملون أي ذنب بسبب ميولهم، مبررا أن هناك عوامل بيئية وراثية وبيولوجية تتداخل لتظهر مثل تلك الحالة.
ولكن ظهور هذه الحالة لا يمكن أن تندرج تحت بند الحالات المرضية وفق الدكتور الحباشنة مضيفا أنها quot;عالميا وضمن التصنيف الأميركي خرجت حالة مثليي الجنس من قائمة الأمراض العالمية وهذا طبعا لا ينطبق محليا في المجتمعات العربية بحكم خصوصية مجتمعاتنا وثقافتنا العربية والإسلامية ورفض المجتمع التعامل معهم، إلى جانب quot;حالة السرية والتكتم داخل مجتمعات ترفض مثل هذه السلوكيات. وعلاج هذه الحالات بحسب الدكتور الحباشنة مرهون برغبة حقيقة وإرادة بالتغير والتخلص من معاناتهم quot;.
والتعرف إلى نمط مثليي الجنس صعب خصوصا أن الأعراض التي تظهر مختلفة وكل حالة مختلفة عن الاخرى بحسب الدكتور حباشنة والسبب في ذلك يرجعه إلى quot;أن لكل حالة أسبابها الخاصة وهذا ما اكتشفته من خلال عمليquot;. ويستدرك حديثه أن التعامل مع هؤلاء صعب ويحتاج إلى وقت وجهد وسنوات لكن هذه الفئة تمتاز وفق ما يذكر الحباشنة بالوفاء والصدق quot;.
وفي ما يتعلق بمراحل العلاج يؤكد أنها quot; تستغرق سنوات إذ إنه يعانون اضطرابات وقلق، ومزاجية عالية إضافة إلى تعديل سلوكيات، إلى جانب موضوع الاستشارة الجنسية. وفي سياق متصل، سرت أخبار في الأردن عن محاولة لمجموعة من مثليي الجنس محاولة ترخيص جمعية خاصة ولكن ماحدث بحسب ما قال أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية لquot;إيلاف quot; إنها كانت مجرد طرح فكرة من قبل مجموعة شبابية لإحدى مديريات الوزارة في عمان ولم يكن هناك طلب رسمي إزاء ذلك quot;.
ويقول إن quot;التشريعات الناظمة والقوانين الاردنية لا تسمح بتجاوزات قواعد الأخلاق العامة وخدش الحياء في المجتمع بحكم الدستور الأردني الذي ينص على ان دين الدولة هو الإسلام إلى جانب قانون الأخلاق العامة الذي يمنع ويعاقب على تلك السلوكيات. مضيفا أنه quot;بات ضروريا إجراء دراسة شاملة في الأردن للوقوف على حقيقة وحجم هذه الظاهرة quot;.
وحول رأي الشريعة إزاء مثليي الجنس يعتبر أستاذ الشريعة في الجامعة الإسلامية الدولية الأردن الشيخ حمدي مراد أن quot;قضية مثليي الجنس هي نمط مخالف للفطرة الإنسانية المحكوم بعقل سليم وجسم سليم. وشرعيا هي سلوك محرم دينيا وغير أخلاقي ومرفوض في المجتمع الأردني المحكوم بعادات وتقاليد ودينية إسلاميةquot;.
وأساس العلاقات الشرعية التي حددتها الشريعة الإسلامية تكون زواجا بين ذكر وأنثى وهذا فقط لا خيار أخر بحسب ما يقول الشيخ مراد. ولكن في ظل حديث عن ظاهرة واقعية تغزو الفئات الشبابية بكل أطيافها يطالب الشيخ مراد الحكومة باتخاذ تدابير وإجراءات إزاء تفشي هذه الظاهرة الخطرةquot;. وأول تلك الإجراءات كما يعتقد مراد quot;الإعلان عن الأرقام الحقيقة عن الظاهرة ومعالجتها من جذورها والحديث عنها بكل صراحة رافضا التستر عن تلك الظاهرة أو إخفاء وإنكار وجودها، بل الدعوة نحو فضح هذه الجريمة الاجتماعية الأخلاقية وإصلاح ما يرتكب هذه الجرائم ليس بهدف الانتقام بل التقويم quot;.
وكما دعا quot;أهل الوعظ والإرشاد إلى ضرورة التنبيه لخطورة هذه الآفة التي بدأت تفتك بالمجتمع الأردني وكذلك تفعيل القوانين وتشديد العقوبات لمن يمارس تلك الرذائل علانية أو سريةquot;. وختم حديثه مراد بتوجيه نداء إلى المجتمع الأردني والعالم الإسلامي عموما quot;بنبذ ظاهرة مثليي الجنس لأنها مأساة اجتماعية وانحراف أخلاقي وانتهاك للحرمة الدينيةquot;.
غير أن طرح قضية مثلي الجنس في وسائل الأعلام الأردنية لا تزال من المحظورات وفق صحفي الشؤون الأمنية في صحيفة الغد الأردنية موفق كامل مرجعا ذلك إلى جملة أسباب منها التكتم الحكومي إزاء هذه الظاهرة وغياب أرقام ترصد حقيقة الوضع، إضافة إلى خصوصية المجتمع الأردني ورفضه لهذه السلوكيات، إضافة إلى تعليق القراء والرسائل التي يتلقاها الصحافي عند إثارة هذه المواضيع.
والنقطة الأبرز في عدم التركيز الإعلامي على قضية مثليي الجنس يعود إلى quot;مخاوف من المنظمات الدولية لهؤلاء، والبدء بالضغط على الأردن للاعتراف الرسمي بوجودهم، إضافة إلى أن quot;إبقاء هذا السلوك سري لمنع الانضمام إلى تلك المجموعات وزيادة أعدادهم. ولكن رغم عدم الاعتراف الرسمي ببروز هذه الظاهرة هناك حقائق على ارض الواقع، برؤية مثليي الجنس في ملاذهم الخاص المتمثل بمطاعم خاصة معظمها في ارقى أحياء العاصمة الاردنية المعروفة بمناطق عمان الغربية، وقلاعهم الخاصة خارج أسوار العاصمة.
التعليقات