ملف خاص: أطفال إنتحاريون.. إهمال أم إستغلال؟ (1)
أطفال الانتحار.. سرقة للعقول ومتاجرة في تمويل الإرهاب

الأطفال الإنتحاريون بين الدين والثقافة.. والإستغلال

إيلاف ديجيتال- خالد العبود من الرياض: عبد الرحمن طفل في العاشرة من عمره، حمل والديه على عاتقهما تعليمه التعاليم الدينية، وحرصا على إدراجه في صفوف الحلقات القرآنية ودمجه في مجتمع المراكز الصيفية اللا منهجية، التي يديرها غالبية أصولية متطرفة، أثبتتها محاضر التحقيق في أوقات مختلفة إنها كانت سببا من أسباب التطرف في السعودية.

وبعد سنة وإحدى عشر شهراً غاب عبد الرحمن لشهر وأعلن والديه عنه دون جدوى، إلا انه هاتفهما من العراق قبيل عملية أفهموه أنها عملية استشهادية مآلها الجنة. بكى الوالدين حرقه على الحال التي وصل إليها ابنهم، وبعد شهر أخر وفي يوم ميلاده ظهر في أحد أشهر المواقع تسجيل لعبد الرحمن يلقي فيه خطبة ركيكة تحمل تهديدات غير مفهومة، وبعد ثواني من الخطبة انفجر في أحد القوافل الأميركية.

الحكاية تتكرر دوماً في غفلة من الزمن وفي ظل انشغال الأسر بمشاغل الحياة، حيث تسلب عقول الأطفال وتغتال براءتهم من قبل سارقي العقول، مستغلين طيبة أفراد المجتمع وركونهم إلى كل ما يمت للدين بصلة، وانقيادهم إلى مظاهر إيمانية وبضع تمتمات وأدعية يتمتم بها أولئك الذين نصبوا أنفسهم أولياء صالحين يوزعون صكوك غفران لمن يشاؤون، وهكذا تستلم تلك الفئة أو بالأحرى يسلم الأهالي أنفسهم الى عقول غضه طريه ليعملوا على اغتيال كل ماله علاقة بالحياة، ويبثوا فيها سمومهم وطوعوهم لخدمه أهداف دنيئة لا تخلو من نوايا مؤدلجة لصالح فئات معينه أوماشابه.

فجعلوا أولئك الأطفال مشاريع تفجيرية، ولاشك أن هناك ثغرات نفذوا منها إلى أهدافهم فوجدوهم لقمه سائغة حيث وجدوا فكرا تائها لا ينتمي لا إلى أفكار أصيله، ولا إلى حاضرا آني، ولا مستقبل مشرق.

ويقولقينان الغامدي، كاتب صحافي في جريدة الوطن السعودية، أن انتحار الأطفال في المملكة لا يشكل ظاهرة، وإنما ما يحدث حالات لا تصل إلى درجة ظاهرة. ويوضح في حديث مع quot;إيلافquot; أن الانتحار أكبر ما يستوعبه الأطفال، ومن الصعب إن لم يكن مستحيلاً أن يفكر الطفل في الخلاص من حياته إذا تعرض للعنف أو غير ذلك.

من جانبه يرى المحلل الاقتصادي فضل البوعينين، في حديثه لـ quot;إيــلافquot;، أنه وبالرجوع إلى سيكولوجية الطفل نجد أن المغريات الدنيوية هي المتحكمة فيه وهو بعيد عن الإيديولوجية التي يمكن أن تصنع منه في حينه وليس مستقبلا طفلا إرهابيا، مشيراً إلى أن الأموال القذرة التي يجمعها الإرهابيين من مصادر غير مشروعة لها دور كبير في استمالة الأطفال وتجنيدهم لاستغلالهم في عملياتهم الإرهابية القذرة.

ويضيف البوعينين أن تركيز الإرهابيون عادة ما يكون على أطفال الشوارع، فاقدي متابعة الأبوين أو ربما متخلفي الحج والعمرة، أو ممن لا يملكون أوراق ثبوتية أو إقامة نظامية، وهو ما يجعله يستشهد بخلية مكة المكرمة التي كان من بينها أطفال، اذ استغل الإرهابيون أوضاعهم المأساوية وأغروهم بالأموال، ومن ثم جندوهم للقيام بأعمال تخريبية. ويعتقد البوعينين أن الأموال القذرة كان لها أكبر الأثر في تجنيد الأطفال الذين لا يتمتعون بحماية أهاليهم ورعايتهم، وهي ما تقود إلى يرى أن ذلك فيها ثلاث جرائم مزدوجة حسب ما يرى.

من جهتها تقول إلهام الزومان، اخصائية اجتماعية وتربوية، لـ quot;إيــلافquot; إن عدم الانتماء في ظل تعليم يعتمد على الحفظ والتلقين، وإعلام هابط يركز على ثقافة الصورة وإثارة الغرائز والسخف، وسط تخبط ثقافي تعليمي تعيشه تلك الأجيال، فإن ذلك سيقود حتماً إلى نشاط ورواج تجارة سارقي العقول.

ودعت الزومان إلى إيجاد نظم تعليمية متطورة تشجع على مهارات التفكير وتعزيز ثقافة الحوار وتقبل الآخر، وإعلام راقي يسهم في تنوير العقول، بالإضافة إلى فكر آمن لمجتمع سليم، يضمن تعميق النظر تجاه المستقبل وروح الولاء للوطن التي تغلق أي ثغرات قد يجدها أي سارق لعقول من لم يصل إلى سن الرشد.

*نشر في إيلاف ديجيتال، عدد الثلاثاء 27، أيار 2009