إيلاف تستطلع آراء مراقبين لنتائج الانتخابات على الدور الإيراني
محللون يتساءلون عن صمت quot;اللوبي الإيرانيquot; على quot;المهزلةquot;
كتب نبيل شرف الدين: لماذا صمت quot;اللوبي الإيرانيquot; في مصر والدول العربية حيال ما بات يوصف محلياً في طهران، ودولياً في كل مكان بمهزلة الانتخابات الإيرانية الأخيرة ؟ هكذا تساءل المحلل السياسي البارز د. مأمون فندي، مشيراً إلى كتّاب ومحللين اشتهروا بالدفاع عن السلوك السياسي الإيراني، والترويج له في المنطقة، كما هو حال الكاتب المصري المعروف فهمي هويدي على سبيل المثال لا الحصر، الذي التزم الصمت بالفعل إزاء ما وصفه المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي لانتخابات الرئاسة في إيران بعد إعلان النتيجة بفوز أحمدي نجاد بنسبة تجاوزت ضعف عدد الأصوات التي حصل عليها أقرب منافسيه، والذي انتقد علماء الدين لصمتهم على عمليات التزوير الواسعة التي شهدتها الانتخابات على مرأى من العالم بأسره.
المعلق الصحافي المصري شريف الغمري كتب في صحيفة quot;الأهرامquot; القاهرية شبه الرسمية، يصف نتائج الانتخابات الإيرانية بأن النتيجة التي آلت إليها تؤكد حسب رؤية كثير من الخبراء، أن الشعب الإيراني هو الذي تعرض للهزيمة، وأنها سدت الطريق أمام الإيرانيين لفتح صفحة جديدة مع العالم بصفة عامة والغرب بصفة خاصةrlm;quot;، وهذا الرأي لم يكن حالة استثنائية في أوساط الشارع السياسي المصري، بل لعله كان الأكثر وضوحاً في هذا السياق، ليعكس حجم الهواجس العربية إزاء تعزيز نفوذ المحافظين في الساحة الإيرانية.
ويرى محللون سياسيون مصريون إن الخطاب التحريضي المتشدد الذي استخدمه نجاد دفع الأغلبية من الناخبين في بلاده للتصويت لمصلحته، على عكس منافسه موسوي الذي توجه بخطاب تصالحي للنخبة، وأكدوا أن نتائج الانتخابات سترفع من سقف مطالب طهران في البحث عن دور دولي في ما من شأنه أن يتصادم مع توجهات الإدارة الأميركية الجديدة التي أطلقت دعوات للحوار والتوافق والمصالح المشتركة.
وذكرت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية يوم quot;الثلاثاءquot; أن هناك الكثير من القرائن على حدوث تلاعب وعمليات تزوير واسعة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية المثيرة للجدل، وذلك وفقا لمراكز استطلاعات الرأي وخبراء الانتخابات، لكن لا تعول الصحيفة في تقرير لها على ذلك الأمر كثيراً، لأن النتائج التي تم التلاعب فيها لن تحدث تغيراً يذكر في الساحة الإيرانية، استناداً إلى أن رئيس الجمهورية هناك ليس صاحب اليد العليا في صنع القرار الإستراتيجي هناك.
هواجس عربية
وعلى الرغم من أن ما ذكرته صحيفة quot;واشنطن بوستquot; حول محدودية دور الرئيس الإيراني قياساً بوضعية المرشد الأعلى في اللعبة السياسية الإيرانية، غير أن إعادة انتخاب نجاد على هذا النحو الذي شهده العالم، وما أثارته الانتخابات من لغط وجدل في الداخل والخارج، كان مبعثاً لتجديد المخاوف العربية حيال ما يوصف بالتمدد الإيراني في الإقليم، وهو ما يعبر عنه المحلل السياسي والخبير في مركز quot;الأهرامquot; للدراسات السياسية والإستراتيجية د. عماد جاد الذي يرى أن فوز نجاد سيدعم حتماً مواقف حركة quot;حماسquot; مقابل حركة فتح، ويجعلها أكثر تشدداً في أسلوب تفاوضها وهو ما سيؤثر بالسلب في حوار الفصائل الفلسطينية الذي ترعاه القاهرة.
كما أعرب الدكتور جاد وهو معروف بتوجهاته الليبرالية عن اعتقاده بأن نتائج الانتخابات ستدفع نجاد إلى مواصلة إصراره على لعب دور أكبر في الشرق الأوسط، وأن إيران لن تقدم تنازلات بشأن برنامجها النووي، بل ستسعى إلى تخصيب اليورانيوم، وستستمر في برنامجها التسليحي الكبير، وهو ما قد يلقي بظلال من القلق على مجمل العلاقات الدولية عموماً والإقليمية خاصة.
لكن أستاذ الشؤون الإيرانية د. محمد السعيد فيتوقع أن تشهد العلاقات الأميركية الإيرانية تقارباً خاصة بعدما أعلن أوباما أنه من حق إيران امتلاك قدرات نووية سلمية، لافتاً إلى أن إيران في هذا الشأن تسعى بكل الوسائل للتأكيد أن مشروعها النووي للأغراض السلمية، وتؤكد أيضا قبولها لمراقبين دوليين لبرنامجها. وأضاف:أن نجاد سيواصل خطابه التصالحي مع العالم العربي كما ستسعى طهران إلى إحداث نوع من التحسن في العلاقات مع الدول العربية المعتدلة، لافتاً إلى أن الدور الإيراني لن يتراجع في لبنان رغم فشل حلفائها في الحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية التي أجريت مؤخرا، طالما ظل حزب الله ممسكا بقيادة المقاومة، مشيراً إلى أن أي محاولات للتقارب الإيراني الأميركي من شأنها تخفيف الضغوط السياسية على حزب الله وسورية
زاوية أخرى من المشهد يرصدها نائب رئيس مركز quot;الأهرامquot; للدراسات السياسية والإستراتيجية حسن أبو طالب الذي يرى أن نتيجة الانتخابات تشير إلى عدة نتائج أهمها هو استمرار السياسة الإيرانية الرافضة للانصياع للضغوط الأجنبية وعدم التنازل عن حقوقها الدولية في امتلاك التقدم العلمي، ولفت إلى أن نجاد كان يعتبر الانتخابات بمثابة الاستفتاء على سياسته المتشددة.
أما عن انعكاسات نتائج الانتخابات الإيرانية على العلاقات مع كل من مصر وسورية، خاصة في ظل استعداد الأخيرة لبدء حوار مع واشنطن، فيقول أستاذ العلوم السياسية المصري د. أيمن السقا إن القاهرة لم تكن مستعدة في السابق للحوار مع إيران طالما بقي المحافظون مسيطرين على صناعة القرار هناك، بينما يجري الحوار الأميركي السوري بمشاورات إيرانية - سورية، وقد ثبت أن إيران ليست لديها اعتراضات تجاه هذا الحوار، لكنها تتعامل بحذر شديد مع هذا الأمر، وتحكمها حسابات بالغة التعقيد، كما يشوبها أيضاً قدر كبير من الضبابية.
رؤية غربية
أما في جانب الرؤية الأميركية فتعبر صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية في موقعها الإلكتروني عن الأمر بقولها في تقرير افتتاحي إن هناك أدلة على أن محمود أحمدي نجاد الرئيس المنتهية ولايته والذي لا يحظى بقبول في الغرب بسبب ترويجه للبرنامج النووي الإيراني وخطاباته الراديكالي قد حقق فوزا كبيراquot;، لكنها نقلت عن بعض المحليين الأميركيين رؤيتهم بعدم إيلاء الاهتمام بالاحتجاجات ومظاهر الغضب في طهران، لأنه ربما يعطي صورة مضللة عن جمهور الناخبين الإيرانيين بشكل عام، لأنه هذا الجمهور يقع تحت سحر الخطاب الدعائي الإيراني الذي تمتزج فيه المشاعر الدينية العاطفية بالقومية الفارسيةquot;.
كما ألمحت الصحيفة إلى أن النتائج الرسمية التي أظهرت أن المنافس الرئيس لنجاد وهو رئيس الوزراء الإيراني السابق مير حسين موسوي، كان منافسا بقوة في طهران بخسارته بنسبة (52%)، في مقابل (46%)، بينما تراجع بشدة خارج العاصمة الإيرانية.
وقال فلينت ليفيريا من مؤسسة quot;أميركا الجديدةquot;: quot;يمكنك أن تصل إلى انطباع بأن هناك سباقا للخيول في طهرانquot;، مشيداً بالرئيس أحمدي نجاد باعتباره مرشحاً جيداً تمكن من الحد من الزخم الذي يتمتع به موسوي في المناظرة الأخيرة بينهما.
وأشار والتر ميباني الأستاذ في جامعة quot;مشيغنquot; والمتخصص في العلوم السياسية والخبير في تعقب وتحديد أي حالات تلاعب أو تزوير في الانتخابات quot;هناك عناصر مثيرة للريبة، إلا أنه لا توجد ثمة أدلة دامغة حتى هذه اللحظة على حدوث تلاعب واسع في النتائج، وربما كان ذلك نظراً لمحدودية المعلوماتquot;.
وفي القاهرة يرى سفير أوروبي تحدثت معه (إيلاف) أن القوى المحافظة المتنفذة في طهران تؤكد ضرورة الاستمرار في عدم الحوار مع القوى الدولية إلا من موقع القوة وخاصة الولايات المتحدة، لذا فإن إيران لن تتنازل عن السعي لتوسيع دورها الإقليمي، استنادا إلى موقف قوي وإلى امتلاكها ناحية التقدم التكنولوجي، وهو ما يتناقض مع السياسات الأميركية الجديدة التي يروج لها الرئيس أوباما، والتي تستند إلى الحوار ومحاولة التوصل إلى صيغة توافقات براغماتية تعكس المصالح المشتركة، ولكن بالتأكيد ليست علاقة ندية مع الولايات المتحدة التي تسعى لأن تحمي مصالحها في الإقليم عامة، ومنطقة الخليج خاصة.
كما استبعد الدبلوماسي الغربي الرفيع أن ينطلق الحوار الإيراني الأميركي في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية، ما لم يحدث تحول دراماتيكي في المطبخ الأميركي يقر بدور إقليمي لإيران، وهو ما تسعى إيران إلى تجسيده خلال المرحلة المقبلة، متوقعاً أيضاً أن ترفع إيران سقف مطالبها الدولية، غير أنه لا يرى إمكانية لأن تتحقق هذه التحولات الأميركية في المدى المنظور، بل أن يتخذ أوباما في الفترة الأخيرة من ولايته الرئاسية مواقف بالغة التشدد حيال طهران ربما وصلت لحد المواجهة الخشنة على حد تعبير الدبلوماسي الغربي الذي تحدثت معه (إيلاف) في القاهرة.
التعليقات