رحيل quot;منصورية غزلاويquot; والدة الرئيس الجزائري
المرأة التي طبعت المسار السياسي لعبد العزيز بوتفليقة

كامل الشيرازي من الجزائر: تعتبر الراحلة quot;منصورية غزلاويquot; (93 سنة) والدة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (72 سنة)، التي توفيت ليل الأحد، إمرأة لها وزنها الكبير في المسار السياسي لإبنها عبد العزيز وأشقائه الخمسة الذين تخرّجوا ككوادر وشخصيات معروفة في ميادين السياسة والطب والمحاماة، وعلى الرغم من سنها المتقدم، إلاّ أنّها ظلت تسود داخل العائلة، وبقي ولدها الرئيس يكن لها اعجابًا بلا حدود، ونادرًا ما أخذ التزامًا مهمًّا دون استشارتها.

ويقول مقرّبون من المحيط الرئاسي، إنّ الراحلة منصورية كان لها دور فارق في الحياة السياسية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، هذا الأخير اتخذها قدوة له، وبحسب مقرّبيه، ظلّ بوتفليقة يعتبر والدته مثله الأكبر في الحياة، لذا كان يحرص ndash;مهما كان حجم مشاغله ومسؤولياته ndash; على تمضية وقتًا كبيرًا برفقتها ولا سيما يوم الجمعة، كما حافظ على قضاء رمضان مع والدته، حيث كان يصر على تناول الافطار في بيت والدته بشارع البشير الابراهيمي بحي الأبيار وسط العاصمة الجزائرية، وينقل أحد مقربي بوتفليقة عنه ''مهم جدًا أن يكون الإفطار عند الأمquot;، وتلك كانت من الثوابت عند الرئيس الابن الذي أحب أمه الراحلة حبًا جمًا، وللدلالة على مستوى تعلق عبد العزيز بوتفليقة بوالدته، مواظبته على توصية وزرائه بأمهاهتم خيرًا.

ويقول أصلاء ولاية تلمسان (800 كلم غرب الجزائر)، أنّ الفقيدة وُلدت بتلمسان من عائلة جزائرية متصوفة تنحدر من عرش كبير بعاصمة الزيانيين هو قبيلة بن غزلي وزعيمها quot;سيد الشيخquot;، وارتحلت الحاجة منصورية برفقة عائلتها لاحقًا إلى منطقة سيدي عثمان، أين اشترت ''جبل الغار'' الواقع ما بين حي أغادير وسيدي عثمان، لتستقر الراحلة بمدينة وجدة المغربية ومرت بظروف صعبة هناك، وأفيد استنادًا إلى معلومات استقتها quot;إيلافquot; أنّ منصورية غزلاوي كانت تمتلك حمامًا بمنطقة وجدة، كما اشهرت الفقيدة بتواضعها ووقارها وتدينها الشديد، وهو ما أثرّ كثيرًا على شخصية ولدها الرئيس الذي تتلمذ بالكتاتيب، وقامت الراحلة بإرسال ولدها الرئيس لدعم الثورة التحررية الجزائرية (1954 ndash; 1962 ) واحتضن بيتها ثوار الجزائر، قبل أن تعود عامًا بعد استقلال الجزائر في الخامس يوليو/تموز 1962، إلى مسقط رأسها بضاحية ندرومة في قرية أولاد عمر بولاية تلمسان.

وفضلاً عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يناديه إخوته بـ ''سيدي حبيبي'' دلالة على المكانة التي يكنونها له في قلوبهم، ورغم أنّه ليس كبير العائلة إلاّ أنّه ظل المدلّل في عيون والدته، وللراحلة خمسة أبناء هم: ناصر المعروف باسم عبد الرحيم الأمين العام للوزارة الجزائرية للتكوين المهني، ويُعرف بكونه الأكثر كتمانًا للأسرار، عبد الغني المحامي بهيئة باريس، مصطفى المختص في أمراض الأنف والحنجرة، وهو الطبيب الشخصي للرئيس الذي ظلّ يتابع ملفه الصحي عن كثب، لطيفة البنت الوحيدة للعائلة، ربة البيت وهي من تعد أطباق الرئيس المفضلة.
لكن الشخصية المهمة جدًا بعد الرئيس، هو الابن الأصغر quot;سعيدquot; مدير الديوان الرئاسي، أو كما يلقّب (عين السلطان التي لا تنام)، إذ يتبع أخاه مثل ظله، ويجمع الكل على أنّ سعيد هو quot;عين الرئيسquot;، كان أستاذًا جامعيًا سابقًا في مادة الفيزياء، ونقابيًا، قبل أن يلتحق بشقيقه الرئيس مباشرة بعد تولي عبد العزيز بوتفليقة زمام الحكم في أبريل/نيسان 1999.

وتقول مصادر مطلّعة إنّ الراحلة أفضت الروح، بعد مرض عضال زادت حدته منذ العام 2003، ويتردّد أنّ الرئيس قضى الفترة الأخيرة في حالة نفسية سيئة تبعًا لتأثره الشديد بتدهور الحالة الصحية لوالدته، وظهر ذلك جليًا في آخر اجتماعات بوتفليقة مع معاونيه.

وتمت عصر الاثنين، مراسيم دفن quot;منصورية غزلاويquot;، حيث وُريت الفقيدة الثرى بمقبرة بن عكنون ndash;ضواحي العاصمة الجزائرية - بحضور حشد من كبار المسؤولين في الدولة تقدمهم الرئيس بوتفليقة الذي شوهد متأثرًا وهو يحمل نعش والدته الفقيدة رفقة شقيقيه ناصر وسعيد، وإلى جانب quot;عبد العزيز بلخادمquot; زعيم quot;جبهة التحرير (الحزب الحاكم) وحليفه quot;أبو جرة سلطانيquot; رئيس حركة السلم الإسلامية، حضر كل من رئيس مجلس الشيوخ quot;عبد القادر بن صالحquot; ورئيس مجلس الشعب quot;عبد العزيز زياريquot;، إضافة إلى الوزير الأول الجزائري quot;أحمد أويحيىquot; ووزرائه، ورئيس المجلس الدستوري quot;بوعلام بسايحquot;.

وفضلاً عن قوافل من السكان المحليين الذين ضاقت بهم جنبات المقبرة، تسنى رؤية الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بيلا (92 عاما) وكذا الرئيس السابق quot;علي كافيquot;، وقيادات في الجيش الجزائري بينهم القائد السابق للأركان الفريق quot;محمد العماريquot; والوزير الحالي المنتدب للدفاع quot;عبد المالك قنايزيةquot;، ناهيك عن مسؤولين فرعيين ومدراء مؤسسات وعدد من زعماء القوى السياسية وناشطي جمعيات المجتمع المدني والمنظمات الجماهيرية والنقابات، واللافت هو تغيّب أقطاب قوى المعارضة، حيث خلت وفود المعزّين من quot;كريم طابوquot; وquot;سعيد سعديquot; زعيما quot;القوى الاشتراكيةquot; وquot;التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية.