التقاليد غطاء سميك وخط احمر لا يسمح بمشاركتها الاجتماعية
امهات الزعماء العراقيين... غياب حتى للاسم

جلال طالباني

عبد الجبار العتابي من بغداد: ليس هنالك من صور واضحة لامهات الزعماء العراقيين، ومن يبحث في سير حياتهم لا يجد اي ذكر لهن الا ما ندر او بالاسم فقط، وبالتالي فان الغطاء الذي يغطي الصورة ولا يعطيها وضوحا اكثر هي التقاليد المحافظة للمجتمع العراقي، والتي لا تفتح الباب ولا النافذة امام هذه المرأة للدخول في الحياة الاجتماعية، وان دخلت فعلى مساحة محدودة جدا، لا تتجاوز المنطقة التي تسكنها ربما، فتظل بعيدة جدا عن مجمل الحياة الا فيما ندر. ويبقى اهتمامها الاول والاخير هو في البيت والاطفال، في المساحة التي نطلق عليها quot;الحرملكquot;، لاسيما ان السنوات التي بدأت تشهد الاندماج السياسي للأبناء كانت على الاغلب بصورة سرية، وفي زمن يجب ان نعرف ان الناس فيه لم تزل من الشرائح الفلاحية او العمالية، ونسبة التعلم فيه قليلة جدا، وفي الاغلب يكون الزواج تقليديا، وذكر احد الذين لهم اطلاع في امور السياسيين quot;اننا نتحدث عن العشرينيات والثلاثينيات، فترة لم تكن الحياة فيها كما هي عليه الان، كما ان الوضع العراقي في مراحله المختلفة لايسمح للابن ان يكشف عن دوافعه لان الام تخاف على الابن من السياسة، من منطلق عاطفي، واضاف ان quot;اغلب القادة العراقيين حاليا ليسوا من اسر لها باع طويل بالسياسة حصرا، واغلبهم من اسر محافظة ودينية ولا يمكن للمرأة الزوجة او الام فيما بعد ان يفسح لها المجال في مد رأسها من باب الدار، وتلك عادات وتقاليد تعود الناس عليها، وان كانت هناك واحدة او اثنتان على علم بنشاط ابنها السياسي فهي تمارس دورها في الخفاء، لاسباب خاصة بها، تحاول من خلالها ان تحمي ابنها من اخطائه او تدفعه الى تصرف ما تشعر انه يليق به من خلال توصيات معينة.

والدة اياد علاوي لبنانية من بيت عسيران

وحين سألته عن امهات القادة العراقيين الحاليين اللواتي على قيد الحياة، عقد حاجبيه ونظر اليّ بدهشة واستغراب، ثم قال: هل تعرف اعمار هؤلاء الزعماء السياسيين كي تعرف اعمار امهاتهم؟ وبالفعل ذهبت اتصور اعمار الزعماء العراقيين الذين لهم مكانة في الواقع العراقي الحالي، وبدأت اضيف اليها عشرين عاما على الاقل هي اعمار امهاتهم حين تزوجن، فوجدت او خمنت ان اغلبهن قد انتقل الى رحمة الله. واضاف محدثي: في العراق لايمكن ان نرى اما او زوجة تظهر الى العلن، وارى ان امهات الزعماء الحاليين لا علاقة لهن بالامر وليس لهن اي دور، لانهن كبيرات في السن اولا، وان الاعراف الاجتماعية لاتساعد اطلاقا، ويرى الاغلب ان من المعيب كشف اسم امه للناس وليس الدخول في معترك ما.

..والدة احمد الجلبي ليست عراقية أيضا

ذهبت ابحث عن امهات الزعماء، ومن المعلومات التي حصلت عليها، وبعضها تخمينات، عرفت ان اغلب امهات الزعماء الحاليين بعيدات عنهم ويسكن في المناطق التي عاش فيها ازواجهن واغلبها خارج بغداد، حيث يسكن مع اولاد اخرين لهن او مع احفادهن. وعلى الرغم ان بعضهن عربيات الا ان اغلبهن لبنانيات. قليلا من الامهات العربيات، بعد وفاة الزوج، وان كن على قيد الحياة تعدن الى البلدان التي ولدن فيها. وأخريات هجرن العراق بعد مغادرة الابناء بسبب الظروف السياسية، فكانت محطاتهن البلدان التي تنتمي اليهن امهاتهم. قال الذي الذي تحدثت معه: ما اعرفه ان والدة جلال الطالباني، الذي هو مواليد 1933، ما زالت على قيد الحياة، ولكنها امرأة كبيرة في السن، واعرف ان والدة اياد علاوي لبنانية من بيت عسيران وكذلك والدة الدكتور احمد الجلبي ومثلهما والدة عبد العزيز الحكيم، وليس هنالك اية اشارة للامهات حتى في مسألة كونهن على قيد الحياة او لا، واعتقد ان اغلب المنغمسين بالنشاط السياسي على الساحة العراقية لا يرى ضرورة بتوكيل الام بواجبات معينة او التصريح بشيء ما عنها.