والدة الرئيس السوري بشار الأسد
السيدة أنيسة مخلوف: الهدوء والارتباط بالعائلة

بهية مارديني من دمشق: لا يعرف السوريون كثيرا عن السيدة أنيسة احمد مخلوف زوجة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ووالدة الرئيس الحالي بشار الأسد إلا هدوئها وحكمتها وارتباطها بعائلتها ، ولم تظهر علانية على نحو واسع ، ولم تتدخل في القرارات السياسية كحال بعض قرينات الرؤساء وأمهات الزعماء، ولم ُيسمع عنها حب السيطرة أو عشق فرض الرأي ، وان مرّ بعض السوريين في أزمة كبرى حاولوا الوصول إليها عبر شتى الطرق لإنصافهم ، ووجهوا إليها كتبا لمساعدتهم، كما ان مساعداتها للفقراء تمضي بصمت ، حيث حاولت أن تستمر دون ضجة بنهج جدها quot;مخلوف quot; الذي ُعرف بهذا الاسم لكرمه ونتيجة يده المبسوطة بالعطاء ، وعرف انها من عائلة تتعاطف مع الحزب القومي السوري الاجتماعي ، كما تأثر السوريون لمعاناتها كأم جراء الفاجعة بوفاة ابنها الشاب باسل الأسد نتيجة حادث سيارة مريع على طريق المطار في العام 1994 ، ثم جراء خسارتها لزوجها الرئيس الراحل حافظ الأسد في العام 2000 ، والذي عرفته منذ الطفولة بحكم القرابة العائلية ، وكونا عائلة بعد زواجهما أعمدتها أبناؤهماquot; بشرى ، باسل ، بشار ، مجد ، ماهر quot; وعرفت ..

المعلومات المتوافرة عنها قليلة الا ان الكاتب المعروف باتريك سيل في كتابهquot; حافظ الأسد والصراع على الشرق الاوسط quot;كتب عنها ، واعتبر سيل في مقدمة الكتاب انه يصور العالم حسبما يُرى من موقع الحكم في دمشق متقدما بالشكر للرئيس السوري الراحل الذي أتاح له الاتصال به على امتداد عدة سنوات كما انه ثمن عاليا المحادثات التي أجراها مع ابنة الرئيس بشرى وابنه باسل ، كما شكر العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع انذاك وفاروق الشرع نائب الرئيس السوري الحالي ووزير الخارجية وقت طباعة الكتاب ، مع تسجيل امتنانه للدكتورة نجاح العطار والعديد من الشخصيات مؤكدا ان مصادر الكتاب المعلومات التي زودني بها مباشرة اولئك الذين شاركوا في الأحداث او الذين عايشوها عن كثب ، ويقول باتريك سيل عن السيدة انيسة مخلوف ...quot; كانت مدرسة ذات سلوك رزين محتشم وكانت شابة رشيقة ذات شعر بني quot;، وانهاquot; زوجة وام مخلصةquot; ، جاء ذلك خلال حديث باتريك سيل عن زواج الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ويقولquot; في العام 1958 كان الملازم حافظ الاسد مصمما على الزواج من من أنيسة مخلوف ..

ثم اختارها دون غيرها وهو في اوائل العشرينات من عمره ، كانت احدى قريباته البعيدات ، فعمته سعدى كانت قد تزوجت من آل مخلوف وهي صلة أتاحت للاسد ان يقوم بعدة زيارات الى بيت انيسة في بستان الباشا ووقع في حبها بعد عودته من دورته التدريبية في مصر وكانت هي مدرّسة ذات سلوك رزين محتشم وكانت شابة رشيقة ذات شعر بني تقاربه في العمر وتلقت ثقافة محترمة في دير راهبات القلب الاقدس الفرنسي في بانياس على الساحل السوري الا ان عقبات كثيرة كامن تقف في طريق الزواج وكانت العقبة الاولى انه رغم قرابتهما فقد كانت عائلتها ابرز واغنى من عائلته ..

ولم تكن الفجوة بين آل مخلوف وآل الأسد كبيرة جدا باي حال ولكنها كانت حقيقية، فأهل السيدة انيسة كانوا من الوجهاء المحليين المعروفين بالكرم وبالمعنى الحرفي الدقيق للكلمة فقد اصيبت المنطقة بالمجاعة خلال الحرب العالمية الاولى كان كثير من القرويين الجائعين يأتون الى منزل جد السيدة انيسة الغني للحصول على الطعام ومنذ ذلك الحين أصبحت العائلة تُعرف باسم مخلوف أي الذين أخلف الله لهم ما انفقوا وهذا مشتق من التعبير الدارج بالعامية خلف الله عليك وقد حافظت العائلة على هذا الاسم ومعه تقليد الكرم واليد المبسوطة بالعطاء فكان لدى والد أنيسة وعمها بيوت مفتوحة لإطعام الفقراء تفرد فيها غرف لايواء المعوزين ولم يكن احد يغادر باب العائلة وهو جائع.

وكانت العقبة الاخرى ، بحسب سيل، الخلافات السياسية فالرئيس الراحل بعثيا وعائلة مخلوف معروفة معروفة بتعاطفها مع الحزب القومي السوري وصمم والد السيدة انيسة على معارضة الزواج الا ان الزواج كان له حلفاء في العائلة ومنهم والدة السيدة أنيسة فقد كان الرئيس حافظ الأسد شابا يوحي بالثقة ولم تعرف عنه ارتكابه لمغامرات طائشة او غلظة في السلوك ...كما لم تسمع عنه علاقات نسائية او انه يرتاد المقاهي والملاهي فقد كان معروفا انه طالب مثالي ..وكان يتطلع منذ سن مبكرة الى زواج مستقر يتيح له ان يتفرغ للانجاز في حياته المهنية ولا ادل على ذلك ان اختياره وقع على فتاة هادئة رزينة وذات سمعة نقية مثله ، واما من جهتها هي فقد كانت تتمتع باستقلال فكري وتجيد الحكم على الناس ولا شك في انها أُعجبت بذكاء خاطبها .. وان الأسد كان يبدو مختلفا حتى عن اقرانه الشباب الذين قطعوا صلتهم بنمط حياة القرية عن طريق العلم والاحزاب العقائدية والجيش .

وتمكن الرئيس حافظ الاسد من الزواج من السيدة أنيسة في دمشق، وأقاما في بيت الزوجية على أطراف منطقة المزة الفقيرة ، وقد قدر لها أن تكون زوجة وأما مخلصة وأوثق كاتمة لأسرار الأسد .