quot; نحن يا ابني بيت محبة ... لا تدع أحداً يزعل منك quot;
والدة سليمان ظهرت مرة عند انتخابه وأعطته وصية

والدة سليمان لدى انتخابه مع زوجته وابنته

إيلي الحاج من بيروت : لم ير اللبنانيون جوزفين أيوب الكلّاب والدة رئيس جمهوريتهم العماد ميشال سليمان إلا مرة واحدة عبر شاشات التلفزيون ، وكانت إثر انتخابه رئيساً بدقائق . سألت مراسلة تلفزيونية سليمان الذي كان خارجاً من منزله في الحازمية بماذا أوصته والدته ؟ فأجابها بلهجة أبناء بلدته عمشيت quot;يحا جَوّا سأليهاquot; ( هي في الداخل، اسأليها) . ورددت الوالدة للمراسلة الوصية، الأبسط ما يكون : quot;قلت له ، يا ابني نحن بيت محبة، لا تدع أحداً يزعل منكquot;. تلك كانت المرة الوحيدة والوصية الوحيدة . وفعلاً يبدو أن الإبن التزم وصية والدته . لا أحد في لبنان quot;زعلانquot; من الرئيس . وإذا كانت لهذا الأحد ملاحظة أو عتب يوماً فإنه يتراجع في اليوم التالي. فسليمان يعرف أن يستوعب ويتدارك ويصحح اتجاه السفينة التي يقود إذا جنحت نحو هذا الفريق أو ذاك، يمينا أو يساراً.

يشهد عارفو جوزفين الكلّاب في عمشيت أن المرأة الثمانينية مجبولة بالطيبة الريفية، أمّ مثل الأمهات اللبنانيات التقليديات، تقية ورعة تمارس نشاطات اجتماعية ودينية من خلال عضويتها مع الأعضاء النساء في أخوية عمشيت التابعة للكنيسة، ويحبها الجميع. بهذه الروح ربت أبناءها الثلاثة وابنتها . وتقيم حالياً في منزل العائلة في البلدة مع ولديها محافظ جبل لبنان القاضي أنطوان سليمان ومختار عمشيت غطاس، أما نجلها الرئيس فكان رمّم منذ أن أصبح قائداً للجيش طبقة من منزل أهل زوجته وسكن فيها، لكنه يبني حالياً منزلاً في منطقة جميلة فوق عمشيت تدعى عيدمون، ومعروف أنه يغتنم كل عطلة نهاية أسبوع ليطل إلى مسقط رأسه حيث يلتقي الوالدة والعائلة وبعض الأصدقاء. والأرجح إنها لا تكرر وصيتها البسيطة على مسمعه. حفظها منذ الطفولة.

من الرؤساء والشخصيات التي لا تزال تنعم بحضور والدة الرئيس المكلف سعد الحريري، وهو عندما يذكر زوجة والده الرئيس الحريري السيدة نازك يقول quot;الوالدةquot;. والسيدة نازك تقول إنه quot;إبنناquot;. وبين بيروت وباريس تتولى من مهمات زوجها الراحل الشق الإنساني ، من خلال الإشراف على المؤسسات التي تساعد الطلاب في تلقي العلم، والمحتاجين بأساليب متعددة .

وكان الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميّل فقد قبل سنوات والدته السيدة جنفياف التي يروي من عرفوها وتابعوا سيرتها ، التي صدرت قبل مدة في كتاب بالفرنسية، إنها كانت أول إمرأة تقود سيارة في لبنان . وعرفت بتأثيرها القوي في عائلتها التي خرج منها رئيسان للجمهورية، بشير ثم أمين ، وعايشت اغتيال ابنها الأصغر ومقتل اثنين من أحفادها، أما الثالث الوزير بيار الجميّل فكانت سبقته إلى العالم الآخر . ولم يتمكن إبنها أمين من وداعها لأنه كان ممنوعاً عملياً من العودة إلى لبنان في ظل النظام السابق تحت طائلة التعرض لحياته وعائلته. حتى اليوم عندما يستذكرتلك الحقبة يدمع.

أما النائب السابق الدكتورفارس سعيد، منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار/مارس فتولت والدته السيدة نهاد جرمانوس الموقع السياسي الذي كان لوالده الراحل النائب أنطون سعيد وانتخبت عضوا في البرلمان عام 1964 لتعود إليه عام 1996 ، وفي السنة 2000 انتخب خلفا لها الدكتور سعيد ، وفي الإنتخابات الأخيرة حكي في بعض الأوساط عن احتمال ترشيحها بدلا منه باعتبار أن شيعة بلاد جبيل يهبونها أصواتهم أكثر لعلاقات تاريخية مع العائلة، ولكون نجلها ركناً بارزا في قوى 14 آذار/ مارس، وتحالف المحسوبين على رئيس الجمهورية ميشال سليمان معها لا يثيرأي حساسية، ولكن لم يلق هذا العرض أي تجاوب.

ويبقى المثال الأقوى والأسطع لتأثير الوالدة على ابنها السياسي وفي السياسة اللبنانية ذاك الذي قدمته quot;الست نظيرةquot;جنبلاط والدة الزعيم الراحل كمال وجدة رئيس quot;اللقاء الديمقراطي quot; النائب وليد جنبلاط ، إذ تولت زعامة العائلة والطائفة الدرزية وشاركت في رسم سياسات الدولة وإيصال مسؤولين إلى السلطة واستبعادهم، إلى أن نضج ابنها فتسلم المسؤولية.