حاوره أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: عبد الباري الزمزمي عالم دين مغربي، من أبرز علماء المنهج الوسطي في المغرب العربي، ورئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، وعضو مؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يشغل منصب عضو في مجلس النواب المغربي، وهو النائب الوحيد المنتمي إلى حزب النهضة والفضيلة.
يعتبر الشيخ من ألد أعداء العلمانيين والاشتراكيين في المغرب، بسبب الاشتباكات اللسانية والفكرية التي تقع بينهم.
والزمزمي واحد من الدعاة الأكثر إثارة للجدل في المغرب بسبب فتاويه، التي كانت آخرها جوزا شرب الخمر للمرأة الحامل.أعاد الزمزمي أصل الفتوى إلى quot;سؤال من امرأة غربية نشأت على شرب الخمر مع عائلتها قبل أن تسلم وتتزوج، وفي مراحل حملها الأولى، أي الوحم، توحمت على الخمر بالنظر إلى الماضي الذي كانت تعيشه، فسألت عن هذه الواقعة، عما إذا كان بامكانها أن تشرب الخمر وإلا فإن الولد سيولد مشوها أو سيسقط، فأتى بأن ذلك يدخل في إطار الضرورة الشرعية لحماية النفسquot;.
وكان الداعية نفسه أجاز الإفطار للاعبي الفريق المغربي لكرة القدم، خلال مباراتهم مع فريق إفريقي في إطار نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا، كما أجاز استعمال أدوات للممارسة الجنسية قبل الزواج درءا للزنا.
* لديك مجموعة من الفتاوى المثيرة للجدل، والتي كان آخرها جواز شرب الحامل للخمر، وإجازة العادة السرية قبل الزواج، بماذا تدافع عن منتقدي هذه الفتاوي؟
من ينتقد الفتوى يأتي بدليل مغاير يرد بما أتيت به، عند ذلك يمكن أخذ قول مفيد، فالناس يسمعون الرأي والرأي الآخر. ولا شك ان الناس يزنون وهو الرأي الاكثر شيوعا وقوة.
الحقيقة ان ما يقال كلام غوغاء، إذ يقولون إن الفتوى غير ممكنة ولا تمت إلى الإسلام بصلة، وهو كلام لم يصدرعن أهل العلم، ولا علاقة لهم بالفتاوى. لهذا فإن فتوى إباحة شرب الخمر للمرأة المتوحمة يدخل في إطار حكم الاضطرار، الذي هو مذكور في القرآن. هذا يعني أن المضطر للحرام يرخص له بتناول بقدر اضطراره، وليس بإسهاب. عندما أباح الله تعالى بالقرآن أكل الميتة والخنزير للمضطر، أباح له بقدر ما يسد جوعه، وليس أن يأكل حتى يشبع.
هنا إباحة الحرام كان لهذه المضطرة، كرخصة جاءت في القرآن وحكم شرعي ليس فيه خلاف، إذن فإن المنتقدين ليسوا سوى غوغائيين وليسوا أهل علم.
كذلك العادة السرية ليس في القرآن أو الحكم الإسلامي تحريم للعملية، بل إن الأمر يتعلق بآراء بعض الفقهاء الذين يحرمونها وآخرون يبيحونها، وعندما نعود إلى القرآن لا نجد دليلا على التحريم، وعلى كل حال قد يرخص للشباب القيام بهذه العملية على ممارسة الزنا، التي هي حرام من دون خلاف أو شك.
* ألا تعتقدون أن هناك من سيستغل quot;المضطراتquot; لممارسة أشياء محرمة؟
المفتي غير مسؤول عن تلاعب الناس وتحايلهم، ومن يتلاعب تحت غطاء quot;المضطراتquot; سيحاسبه ربه.
* كنت من بين أكبر المنتقدين لفيلم quot;حجاب الحبquot;، هل أنت ممن يرفضون الإبداع؟
الإبداع لا يرفضه أحد، إذا كان جيدا ولا يحرض على الفاحشة أو الإثارة الجنسية، ولا ينتهك الحرمات، فهو مقبول ومطلوب. فالإبداع علم واجتهاد. لكن عندما يتحول الإبداع إلى انتهاك حرمات الناس والمس بالدين، كما حدث في الدنمارك بالنسبة إلى رسوم الكاريكاتير التي استهزأت بالرسول عليه الصلاة والسلام تحت يافطة حرية التعبير، فهذه تعتبر أذيّة للأمة الإسلامية. الإبداع يجب أن تكون له حدود وجمالية، ولكن عندما يمس بالناس فهذا يصبح أذى وليس إبداعا.
* هل أنت من المدافعين عن إفطار اللاعبين العرب والمسلمين في رمضان؟
قلت المسافر له الحق في الإفطار في رمضان إذا شاء، كما أن هذا يشمل السائح أيضا. الحكم الشرعي في هذه النازلة يتعلق أساسا بالسفر، إذ يجوز شرعا له أن يفطر، إذا شاء طبعا، وبالتالي يمكن للاعبي كرة القدم الإفطار بحكم أنهم في عداد المسافرين، حتى لو مكثوا شهرا كاملا في تلك البلاد يحق لهم الإفطار الشهر كله اعتمادا على الحكم الشرعي للصائم المسافر، وليس اعتمادا على صعوبة المباراة أو مشاق التدريب فحسب.
وعلى اللاعبين قضاء ما أفطروه بعد انصرام الشهر الكريم، إذ إن رخصة الإفطار لدى المسافر تكون سواء كان السفر من أجل السياحة أو من أجل لعب كرة القدم.
* ألا يؤثر توجهك الفقهي في دورك السياسي، وكيف تقيم أداء الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في المغرب؟
دوري السياسي أتحكم فيه بحيث لا أكون خاضعا لأحد، وأنا أتحرك حسب توجهي الشرعي الديني وإذا كان هناك تقارب أو تداخل بين توجهي الديني والسياسي فأنا أتوقف عن المضي في هذا المجال. لكن إلى الآن لم أواجه بسبب تعارض دوري السياسي وتوجهي الديني.
أما بالنسبة إلى الشق الثاني من السؤال، ففي الواقع جميع الأحزاب في المشهد السياسي المغربي تدعي أنها ذات مرجعية إسلامية بصفة عامة لأنها جميعها تعلن إسلامها. لكن يبقى الالتزام بالإسلام دليل صدق أو العكس، فالالتزام الحقيقي والصادق بالإسلام لا نراه قائما في هذه الأحزاب، بما فيها العدالة والتنمية وغيرها.
* هل أنت مع الداعين إلى تقنين الفتوى في العالم الإسلامي، خاصة ما تشهده من فوضى؟
هذا الأمر بعيد المنال، لأن الفتوى لا يمكن السيطرة عليها كونها اقتناعا، ما يعني أن المستفتي يقصد به من يقتنع بعلمه. لهذا لا يمكن أن تحصر هذه العملية. تقنين الفتوى ممكن في ما يتعلق بالفتوى في الشأن العام، بالنسبة إلى سياسة الدولة وغيرها كما يحصل في عدد من الدول، أما في الحياة العامة للأفراد المسلمين، فمستحيل أن يسيطر عليها أو تقنن لأنها شأن خاص.
التعليقات