آيات من سورة الكهف :
ويسألونك عن ذى القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا (83) أنا مكناه فى الأرض وآتيناه من كل شيء سببا (84) فاتبع سببا (85) حتى
اذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغيب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذالقرنين أما تعذب وأما تتخذ فيهم حسنا (86) قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم ليعود الى ربه فيعذبه عذابا نكرا (87) وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرى (88) ثم اتبع سببا (89) حتى اذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونا سترا (90).
ذو القرنين
لم يتفق المفسرون على من هو (ذى القرنين)، فمنهم من قال انه ملك من الملائكة، ومنهم من قال انه من أهل اليمن، ومنهم من قال انه الاسكندر المقدوني. وفى تفسيرالقرطبي المتوفى سنة 671 هجرية، ذكر: وفي حديث عقبة بن عامر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لرجال من أهل الكتاب سألوه عن ذي القرنين فقال : (إن أوّل أمره كان غلاماً من الروم فأعطي ملكاً فسار حتى أتى أرض مصر فابتنى بها مدينة يقال لها الإسكندرية فلما فرغ أتاه مَلَك فعرج به فقال له انظر ما تحتك قال أرى مدينتي وحدها لا أرى غيرها فقال له الملك تلك الأرض كلها وهذا السواد الذي تراه محيطاً بها هو البحر وإنما أراد الله تعالى أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطاناً فيها فَسِرْ في الأرض فعلِّم الجاهل وثبِّت العالم) الحديث.
مغرب الشمس
باجماع التفاسير فان ذى القرنين شاهد الشمس تغرب فى عين حارة من الطين الأسود. وقد ذكر القرطبي : ( حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قرأ ابن عاصم وعامر وحمزة والكسائي (حامِيةٍ) أي حارّة. الباقون (حَمِئة) أي كثيرة الحمأة وهي الطينة السوداء، تقول : حَمَأْتُ البئر حَمْأً (بالتسكين) إذا نزعت حَمْأَتها. وحَمِئت البئرُ حَمَأً (بالتحريك) كثرت حَمْأَتها. ويجوز أن تكون حامِيةٍ من الحمأة فخففت الهمزة وقلبت ياء. وقد يجمع بين القراءتين فيقال: كانت حارة وذات حَمْأة. وقال عبد الله بن عمرو: نظر النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غربت، فقال: ( نار الله الحامية لولا ما يَزَعُها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض ) وقال ابن عباس: أقرأنيها أبيّ كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم (في عين حَمِئَة)، وقال معاوية: هي (حامية) فقال عبد الله بن عمرو بن العاص : فأنا مع أمير المؤمنين، فجعلوا كعباً بينهم حَكَماً وقالوا : يا كعب كيف تجد هذا في التوراة؟ فقال: أجدها تغرب في عين سوداء، فوافق ابن عباس.
مطلع الشمس
الآية 90 : (حتى اذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا).
فى التفسير الكبير للرازي المتوفى سنة 606 للهجرة يقول : وذكر في كتب التفسير أن بعضهم قال: سافرت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء القوم، فقيل: بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم فإذا أحدهم يفرش أذنه الواحدة ويلبس الأخرى ولما قرب طلوع الشمس سمعت كهيئة الصلصلة فغشي علي ثم أفقت وهم يمسحونني بالدهن فلما طلعت الشمس إذا هي فوق الماء كهيئة الزيت (طافية عليه) فأدخلونا سرباً لهم فلما ارتفع النهار جعلوا يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج.
وذكر ابن كثير المتوفى سنة 774 للهجرة فى تفسيره : قال أبو داود الطيالسي: حدثنا سهل ابن أبي الصلت، سمعت الحسن البصري، وسأل عن قول الله تعالى: ( لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً ) قال: إن أرضهم لا تحمل البناء، فإذا طلعت الشمس، تغوروا في المياه، فإذا غربت، خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم. قال الحسن البصري: هذا حديث سمرة، وقال قتادة: ذكر لنا أنهم بأرض لا تنبت لهم شيئاً، فهم إذا طلعت الشمس، دخلوا في أسراب، حتى إذا زالت الشمس، خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم. وعن سلمة ابن كهيل أنه قال : ليست لهم أكنان، إذا طلعت الشمس، طلعت عليهم، فلأحدهم أذنان يفرش إحداهما ويلبس الأخرى. قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن قتادة في قوله: ( وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً ) قال : هم الزنج. انتهى
(أسراب: مغارات للحيوانات، أكنان : جمع كن وهو المكان الذى يستتر فيه)
فى عصرنا هذا قد بات من المعروف والبديهي أن الأرض تدور حول نفسها وحول الشمس، والشمس ثابتة فى موقعها، وعلى ذلك فلا يوجد موضعا لشروق الشمس ولا لغروبها، وليس هناك بئر تغرب فيها الشمس. والعلم يقول ان نسبة حجم الشمس الى حجم الأرض يعادل حجم كرة السلة الى رأس الدبوس، أو أكثر من مليون مرة بقدر حجم الأرض.
السحاب والمطر والبرد
تفسير تفسير الجلالين/ المحلي و السيوطي (ت المحلي 864 هـ)
سورة النور، آية43 :
(اَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَار) :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِى سَحَاباً : يسوقه برفق، ثُمَّ يُؤَلّفُ بَيْنَهُ : يضم بعضه إلى بعض فيجعل القطع المتفرقة قطعة واحدة، ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً : بعضه فوق بعض، فَتَرَى الْوَدْقَ : المطر : يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ : مخارجه، وَيُنَزّلُ مِنَ السَّمَاءِ، مِن : زائدة، جِبَالٍ فِيهَا : في السماء بدل بإعادة الجارّ، مِن بَرَدٍ : أي بعضه { فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ : يقرب، سَنَا بَرْقِهِ : لمعانه، يَذْهَبُ بالأبصار : الناظرة له: أي يَخْطَفَها.
تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير
يذكر تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته أول ما ينشئها وهي ضعيفة، وهو الإزجاء،، ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ، أي : يجمعه بعد تفرقه، ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً، أي: متراكماً، أي: يركب بعضه بعضاً، فترى الودق أي: المطر، يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ أي: من خلله، وكذا قرأها ابن عباس والضحاك. قال عبيد بن عمير الليثي: يبعث الله المثيرة، فتقم الأرض قماً، ثم يبعث الله الناشئة، فتنشىء السحاب، ثم يبعث الله المؤلفة، فتؤلف بينه، ثم يبعث الله اللواقح، فتلقح السحاب. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير رحمهما الله
وقوله: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ : قال بعض النحاة: ( من ) الأولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة لبيان الجنس، وهذا إنما يجيء على قول من ذهب من المفسرين إلى أن قوله: مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ معناه: أن في السماء جبال برد ينزل الله منها البرد. وأما من جعل الجبال ههنا كناية عن السحاب، فإن (من) الثانية عند هذا لابتداء الغاية أيضاً، لكنها بدل (من) الأولى، والله أعلم. وقوله تعالى: فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ، يحتمل أن يكون المراد بقوله : فَيُصِيبُ بِهِ أي بما ينزل من السماء من نوعي المطر والبرد، فيكون قوله : فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ : رحمة لهم، وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ أي : يؤخر عنهم الغيث، ويحتمل أن يكون المراد بقوله: فَيُصِيبُ بِهِ أي: بالبرد، نقمة على من يشاء، لما فيه من نثر ثمارهم، وإتلاف زروعهم وأشجارهم، ويصرفه عمن يشاء رحمة بهم. انتهى.
((البرد: هو الغمام يتجمد فى الهواء البارد ويسقط على الأرض على شكل حبيبات قد يصل حجمها الى أكبرمن حجم كرة التنس)).
ويمكن للقارىء اذا أراد الاطلاع على المزيد من التفاسيرالذهاب الى الرابط: http://www.altafsir.com/Quran_Search.asp
ان كل من عنده معلومات عن الشمس والأرض والسحاب والمطر والبرد مهما كانت ضئيلة سيجدها لا تتوافق مع التفاسير المذكورة. والعلم، كما جاء فى القرآن هو من عند الله الذى قال : (علم الانسان ما لم يعلم ).
وعسى أن يعيد مشايخنا الأجلاء تفسير القرآن الكريم، فانهم بدون شك، يستطيعون أن يتحفونا اليوم بتفاسير يتقبلها عقل ومنطق أهل هذا الزمان، بدلا من اضاعة وقتهم (بعضهم على الأقل) فى الافتاء بالقتل وتكفير الآخرين وتحريض فئة على اخرى وارسال الانتحاريين المجرمين لقتل ابناء العراق وتدميره، وأن يكف شيخنا الجليل القرضاوي عن دق (النواقيس)، كما قال فى بيانه الأخير الذى أجج فيه الخلاف بين المسلمين، وأن يدق (نواقيس) الخطر الداهم من بن لادن وعصبته الآثمة التى شوهت صورة الاسلام وأهله.
عاطف العزي
كندا
التعليقات